دار المدى للنشر والتوزيع هي دار نشر عراقية تأسست عام 1994، أصدرت الدار العديد من المنشورات الأدبية والكتب والروايات العربية، كما شاركت في العديد من معارض الكتاب المحلية والدولية.
تاريخ الدار
دار المدى تم تأسيسها رسمياً عام 1994 وهي إحدى شركات مجموعة المدى الثقافية والتي أسسها فخري كريم عام 1960، وتخدم القضايا الأدبية والسياسية والسير والمذكرات والفكر القومي. تضم دار المدى شبكة توزيع ووكلاء في عدة دول، وعدة مكاتب في بغداد وبيروت والقاهرة ودمشق وقبرص وأربيل.
مجالات الدار
تتنوع إصدارات الدار وتغطي موضوعات مختلفة على رأسها التاريخ، وقد أصدرت الدار أعمال متنوعة في مجالات مختلفة منها:
- الدراسات النقدية - المجموعات القصصية - الروايات. - المقالات والخواطر
مساهمات ثقافية تنشر دار المدى للعديد من الكتاب والأدباء العرب مثل: ميسلون هادي، بلال فضل والتي وصلت روايته الصادرة من دار المدى «أم ميمي» للقائمة الطويلة في الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2022، محمد الماغوط، ليلى العثمان، سعدي يوسف، نزيه أبو عفش. كما تنشر دار المدى ترجمات بعض الكتب من كل اللغات العالمية
السويد على حافة "النهائي": ذلك ما أسمعه من المجادلات "المرئية" في كلمات هذا الشعر. أزعم ذلك. كثيرٌ من الهمس. كثيرٌ من براعة النطق همساً، أو الصخب باعتدال. للجليد طباعُ الناري هنا... شعر أهل "الشمال النهائي"انتقام من الهدوء "اللامنصف"، شريك الوحدة المعذّب؛ امتداح للناري في جمرة الجليد. لا شيء يبدو بارداً. لا شيء يبدو دافئاً: ثمِّت إقامة في الشعر كعزلة، أو توثيق للشعر كعقد ممهور بختم العزلة النبيلة. عدل الكلمات يتدبّر الحكم بين كلمات لا تتهوّر كثيراً، وبين المشهد منقسماً على نفسه في حصار "الشاعري" للشعر داخل الشعراء: حصار حر لايقوّض المحاصر، بل يستصلح فيه دفاع التأمل على جبهات الألم المتسامح
إن الحضارة الأمريكية في ورطة يشعر بها ويحسها ملايين الأمريكيين مع إطلالة القرن الواحد والعشرين، وبعض المئات منهم يكتبون الكتب والمقالات عنها، موثقين إتجاهاتها ومحللين أسبابها. ومؤلفات مثل (إنتظار البرابرة) للويس لإبهام أو (إمبراطورية قفر) لروبرت كابلان، تملأ رفوف المكتبات، وتجد نصوصٌ كثيرة من هذه المؤلفات والمقالات طريقها إلى بعض أفضل مجلاتنا القومية.
في المقبرة المتهدّمة تجمَّعَ حول القبر عدد من زملائه السابقين في مجال الدعاية في نيويورك، وأعادوا إلى الذاكرة حيويته وإبداعه وأخبروا ابنته، نانسي، عن مدى سرورهم في العمل معه. وكان هناك أيضاً أناسٌ جاؤوا من ستارفيش بيتش، قرية مساكن التقاعُد على ساحل جرسي حيث كان يُقيم منذ عيد شُكر عام 2001 - العجوز ا لذي كان حتى عهدٍ قريب يُعطيه دروساً في الفن. وكان هناك ولداه، راندي ولوني، رجلان في منتصف العمر من زواجه الأول المضطرب، يُشبهان أمهما كثيراً، ونتيجة لذلك لم يجِدا فيه ما يستحق الثناء ووجدا الكثير مما هو شنيع وحضرا بدافع أداء الواجب لا أكثر. وأخوه الأكبر، هوي، وزوجة أخيه كانا حاضرَين، بعد أنْ وصلا بالطائرة في الليلة السابقة، وكانت هناك إحدى زوجاته الثلاث السابقات، الوسطى، والدة نانسي، فيبي، الممشوقة، الشديدة النحول ذات الشَّعر الأبيض، التي تتدلّى ذراعها اليُمنى بارتخاء إلى جانبها. وعندما سألتها نانسي إنْ كانت تريد أنْ تقول شيئاً، هزّتْ فيبي رأسها نفياً باستحياء لكنها مضتْ قُدُماً لتتكلَّم بصوتٍ ناعم. خرج منها الكلام مُبهماً ومُشتتاً: «ببساطة من الصعب التصديق. لا أستطيع أنْ أنسى مرآه وهو يقطع المرفأ سباحةً». ثم جاء دور نانسي، التي كانت قد قامت باستعدادات جنازة والدها واتصلتْ هاتفيّاً بأولئك الذين حضروا حتى لا يقتصر الحضور على أمها، وهي نفسها، وأخيها وزوجة أخيها. كان هناك شخص واحد لا صِلة له بالدعوة، إنها أثقل النساء وزناً ذات أشد الوجوه المستديرة سماحة والشَّعر المصبوغ باللون الأحمر التي ظهرت ببساطة في المقبرة وقدّمتْ نفسها باسم مورين، الممرضة الخاصة التي كانت تعتني به بعد أنْ أجرى عمليّة في قلبه قبل سنين خلتْ. وتذكّرها هوي وتقدَّمَ ليُقبّل وجنتها.
في البدء أضعُ بين أيديكم نبذةً عن الشعر الأفغانيّ الحديث: للبتّ في أمرِ تحديدِ الفترة الزمنية التي دخل فيها الشعر الحديث إلى أفغانستان، وجبَ عليّ – بوصفي مترجمة - أنْ أعمدَ إلى التمحيص وتحرّي الدّقة، وقد أصبتُ يقيناً مفاده أنّ ثمّة مصادر مختلفة، بعضُها يُشير إلى العام1922 كبداية لتحولات كثيرة طرأتْ على الأدب الأفغاني، بعد ثورة (الثور) عام 1979 ودخول الحزب الديمقراطي الشعبي في الحكومة الأفغانية بدعم من الاتحاد السوفييتي. كان لهذه التغيرات السياسية أبلغُ الأثرِ في نحتِ ملامحَ جديدةٍ للأدب والشعر المعاصرَين، بالتحديد منذ تلك الأعوام حتى عام 1992 كان الأدباءُ يُعرَفون بكتابة الشعر الذي سمِّي آنذاك «شعر المقاومة »، حيث كان جميعُ نتاجِ الشّعراءِ له لونُ الدّم ورائحةُ الحربِ ومشاعرُ الغربة، حقيقةً، إنّ هذا النوع من الشعر بعد مرورِ الزمن وجدَ طريقَه للالتحاقِ بركْبِ الأدب العالمي الحديث. في كتاب طبع عام 1973 الذي يحمل عنوان: (مختارات من الشعر الحديث الأفغاني)، تحدّث (محمد سرور مولايي) عن الشعر الأفغاني الحديث الذي دخل إلى أفغانستان بتأثير من (الشعر النيمايي) الذي أسّسه الشاعر الإيراني (نيما يوشيج)، هذا النوع من الشعر الذي يسمَّى أيضاً بالشعر (السبيد)، أي الحديث، يُكتب في أفغانستان باللغة (الدَّريه).
أنطولوجيا شعرية مهمّة ستنضم إلى المكتبة العربية أخيراً عن «دار المدى». الكتاب الضخم الذي يقع في 900 صفحة يحمل عنوان «أنطولوجيا الشعر البولندي في خمسة قرون – من كوهانوفسكي حتى 2020»، جمع فيه الشاعر المترجم العراقي هاتف الجنابي 400 قصيدة من نتاجات الشعراء البولنديين، على مدى خمسة قرون. فضلاً عن المقدّ مة الوافرة، ترجم الجنابي قصائد 63 شاعراً وشاعرة من مختلف الأجيال والحساسيات والحقبات التي تتضمّن شعراء العصر الباروك وعصر التنوير، والحرب العالمية الثانية وما تلاها، وصولاً إلى الأجيال اللاحقة بالتزامن مع تحوّلات بولندا الحديثة.
منذ بدايات الشعر الفارسي الحديث ظهر شكلان أساسيان مهمان هما: الشعر النيمائي ويحمل هذا الشكل قالباً ووزناً جديداً , بينما يدعى الشكل الثاني (السبيد) أوالشعر الحر ،وهوشكل خال من الوزن والقافية لكن الإيقاع الداخلي له أثر واضح عليه . لقد اتجه الشاعر الإيراني المعاصر في قصيدته مفارقاً لتقنيات القصيدة الكلاسيكية ومنها التشفير ,مقترباً بذلك نحو الواقعية, مبتعداً عن المجاز وتمثيلاته، بحيث صار أكثر احساساً بما يدور حوله مما جعله أكثر ابداعاً وحرية في التعبير عن تجربته الإنسانية، وطموحاته التي تتجاوز الممنوعات التي تصنعها الأنظمة القمعية المتخلفة القادمة من ظلام القرون الوسطى. من جانب آخر فالشاعر الكلاسيكي الإيراني مستمر في شكله الشعري لاتفارقه الأساليب البلاغية ذاتها من الاستعارات والتشبيهات ونزولها في المحتوى نفسه وهو التعبير عن العشـق والفــراق والحب الحقيقي والمجازي والرثاء والتصوف
هذا الكتاب يتوجه إلى الذين لديهم ما يقولونه، غير أنهم لا يعرفون كيف يقولونه بشكل جيد. بمعنى أن هذا الكتاب لا يحد من مغامرة الروائي، بل يساعده على معرفة الهيكل الداخلي، الذي يحكم حركة تقدم الروايات إلى الأمام. حتى أولئك الذين يفكرون دوماً بكسر القواعد وتهديم الأنماط لكي يأتوا بالجديد، عليهم أولاً معرفة ما هي هذه القواعد والأنماط من أجل تجاوزها وكسرها. ليس مهماً التوقف عند الأنواع العشرة التي يطرحها المنهج، المهم معرفة كيف تجري كتابة القصص على منوالها، كيف تعمل في نظام تتخلله لائحة النقاط الخمس عشرة، وكيف نضع مخططاً لكتابة الرواية إذا كنّا من النوع الذي يخطط قبل الكتابة، وأخيراً كيف نراجع رواياتنا على ضوء هذا المنهج، إذا كنا من النوع الذي يكتب وينطلق دون خريطة طريق كما هي الحال معي شخصياً. المترجمة.
"..أنام وأحلم بأن الموت الجديد سيحصد روحي بصورة لا مثيل لها لسخفها وعبثها ويتداعى في رأسي كل الموت الذي اختزنته ذاكرتي... كنت أستعيد كمن يجرك شريطاً سينمائياً متآكلاً التفاصيل نفسها والكلام نفسه... كنت أمرن نفسي على القطع النهائي مع هذه الحياة... اختزلت حياتي ببضع محطات وكبستها مع بعضها، ووضعتها في حقيبة، خططت أن أتركها في بيتنا المتهالك لتأكلها الجرذان والأرضة بعد رحيلي..." تعتمد هذه الرواية على الشخصية المحورية (نديم) بوصفه شاهداً على كل الأحداث التي جرت خلال العقود الثلاثة الماضية، وقد صقله المؤلف من عدة جوانب (اجتماعية ونفسية ومكانية وزمانية).
صحفي ألكسندر كريفيتسكي مراسلٌ حربيٌّ لجريدة "كراسنايا زفيزدا" ("النجم الأحمر"). وهو أول من تحدث في عام 1941 على صفحات جريدته عن مأثرة الـ 28 محارباً من فرقة الجنرال بانفيلوف الذين كانوا يدافعون عن طريق فولوكولامسك العام عند مشارف موسكو. وقد حظي هذا "الأوتشراك" بشهرة، وطبع عدة مرات بطبعات مستقلة. وأل كسندر كريفيتسكي مؤلف كتب شعبية عن أحداث الحرب الوطنية العظمى: "الليل والفجر"، "لن أنسى إلى الأبد" وغيرهما. هناك شيءٌ مشتركٌ في هذه الأعمال التي تؤلف المجموعة، وهو أن مؤلفيها وجدوا أبطالهم من صميم الحياة، وكل ما عاشوه كأنما عاشوه بصورة مشتركة. ولن تجد في أي مكان تأملاً فارغاً. ولكن لم ذاك؟ لأن كلَّ إنسان سوفييتي التقى بفكرة ممارسة صداقة الشعوب السوفييتية لقاء عيان، وكان في استطاعته أن يتحدث عن هذه الظاهرة العظيمة للحياة الاشتراكية بشيء يخصه، وقريب إليه.
تحكي الرواية عن روبرت و جلوريا اللذين فشلا فى العثور على عمل فى هوليوود، فقررا الاشتراك فى ماراثون رقص حتى يلاحظهم أحد المنتجين هناك، وماراثونات الرقص هي نوع من المسابقات يتنافس فيها المشاركون في الرقص واقفين على أقدامهم لأيام طويلة…
"إنيارا" مجموعة شعرية للشاعر هاري مارتينسون هي وليدة زمنها، فعندما خرجت للقراء في العام (1956) تحولت إلى ظاهرة ثقافية في غضون السنوات الخمس التالية، اعتبرها مارتينسون مقياساً لأعماله المستقبلية اللاحقة، في مقابلة أجراها في هلسنكي عام 1963، الشاعر الذي لم يخفِ شكواه، وإن بشيء من المزاح، بأنه يعتبر كتابه (إنيارا) أشبه بصناعة سجادة اسكندنافية ضخمة وكل ما بوسعك فعله، بعد ذلك، هو أن تجلس وتقوم بصنع وسائد صغيرة، وسيقول الناس: لماذا لا يقوم بصنع سجادة اسكندنافية ضخمة عوضاً عن هذه الوسائد الرديئة؟
رواية عبقرية. بل نظلمها إن قلنا رواية. هي ملحمة عظيمة. كتبتها امرأة. الأمر الذي يشي بالفخر. فصدقت حين قالت : أن الحب كالحرب. يفعلها الرجال و تؤرخها النساء. و هاهي بكل عبقرية تكتب عن غزو الأسبان لأمريكا اللاتينية و احتلالهم لأرض تشيلي الخصبة. تكتب الرواية على لسان المرأة الأسبانية التي حكمت تشيلي مع عشيقها الفارس الغازي بيدرو دي بالديبيا الذي غزا تشيلي و ارتكب من الجرائم في حق أهلها ما يشيب له الولدان. تكتبها و هي التشيلية التي تنحدر من سلالة لا بدا و أن تعُذّبت على يد بيدرو دي بالديبيا وتكن الكُره للشيطانة خليلته.
"هل سبق لك أن التقطت كتاباً من أحد متاجر الكتب المستعملة وحصلت منه على إيصال ما، أو اكتشفت رقم هاتف مكتوباً على ورقة غافية بين طياته، أو قرأت نقشاً عن مشاعر دافئة لشخص لم تصله؟ هل جعلك تتساءل عن حياة أولئك الذين قلبوا تلك الصفحات قبلك؟".
تتعرف من خلال قصص هذا الكاتب المبدع على وصف دقيق للمجتمع الأمريكي وخصوصاً الطبقات الدنيا من هذا المجتمع في فترة أواخر القرن التاسع عشر. يسلط الكاتب الضوء على حالات إنسانية عميقة ومؤثرة، وأعتقد أن السمة المشتركة بين القصص المختارة في هذه المجموعة هي عنصر التضحية والفداء والبطولة والشهامة التي يتمتع بها أبطال هذه القصص.
مرة أخرى أجد نفسي مأخوذاً بحدث يدفعني خارج التتابع المألوف لدورة الأشياء. بل وخارج حدود المعقولية القائمة على افتراض وجود تطابق لا مفر منه بين تمفصل الواقع وتمفصل الفكر. ما أجابهه هنا هو اكتشافي حضوراً تفرضه المفاجأة غالباً، تعجز الأسباب الفعلية أو المفترضة التي في حوزتي عن إيقاف مشاعر القلق واللايقين في ازاءه . ما أجربه هنا – يبدو أقرب الى مايسمى بالوعي الشقي، أي ذلك الوعي الذي يرى سلبيته او عدميته عبر إدراكه ان ما يهدف الى إمتلاكه هو في الحقيقة منفصل عنه دائماً. ولكن ما هذا الحدث القادرعلى خلخة يقين (أوعادة) ربط الأشياء ببعضها وتوقع احتمالاتها المستقبلية، الحدث الذي يحث على الذهاب أبعد قليلاً او كثيراً من مجال التحديات الفعلية أو المفترضة؟ انه من النوع الذي يمس، وان بدرجات مختلفة، كل واحد منا، كرؤية صورة انسان مختلف او كتاب ذي مؤلف وتاريخ مجهولين أو ربما لوحةً فنية لا نستطيع الجزم ان كانت حقيقية أو مزورة. لنتوقف هنا عند المثال الأول، فصورة انسان مختلف، كما نظن، ليست صورة ككل الصور. فهي عندما تعلن مثلاً إختفاء صبية ما – لاتوضع إلا في الأماكن العامة – تستوقفني لأتمعن في ملامحها، لأقرأ أوصافها، … انها تدعوني دعوة مفتوحة الى المساعدة وتستفز في شعور تضامن لا أعرف كيف أقدمه ولمن. ولكن أهم من هذا كله أن هذه الصورة تتحدى قدرتي على تصنيف معطياتها. فهل لي ان أضعها في عالم الصور وهي المشدودة الى أصلها بعلاقة متوترة لا تصف ولا تكرر بل تستغيث؟ أو هل لي ان أضعها في عالم الواقع وواقعها (أصلها) محكوم بتحديد ناقص، تأجيل قسري بين الحضور التام والغياب التام؟ في الحالة الأولى لا تنقل الصورة الا ما لا تستطيع نقله: إختفاء غير طبيعي وغير منتظر. فعلى رغم تكراره بين حين وآخر في حالات مجهولي المصير في الحرب او المختطقين لأسباب سياسية أو اجرامية، فإنه – اي الإختفاء – يظل شاذاً لا يغري احداً بتعايش مريح معه. والأكثر من هذا انه لا يسمح بامتلاكه معرفياً ولا بتجاهله على رغم انه حادث في هذا العالم ومن هذا العالم. فعندما أحاول معرفته – لأجمع معلومات عنه – أجد نفسي مستدرجاً في فائض من الإحتمالات والتقابلات غير القابلة للحسم. وعندما أحاول تجاهله، بعد خيبة المعرفة عادة – أكتشف جهلي به. لا تجاهل مع الجهل! أما في الحالة الثانية فإن الصورة تشعرني بنوع من غياب مختلف عن ذلك الذي يتحدد عبر تناقضه مع الحضور، كما يتحدد الموت من خلال الحياة مثلاً. فإذا أخذنا بالفكرة القائلة ان وجود الشيء يعتمد على إمكانية تحديده فإن أصل الصورة يحيلني الى أمر حدث ويحدث ولكن ليس في وسعي تحديده… الثالث المرفوع كما يقال في علم المنطق. ومبدأ التحديد هذا هو، في المناسبة، مبدأ ضروري ليس للوجود فقط بل للمعرفة أيضاً على رغم وجاهة بعض الإعتراضات التي يثيرها ضده دعاة التفكير النسبي المعاصرين من شكاكين وسفسطائيين. المهم هنا هو عدم تجييره لصالح أنطولوجيا حتمية، مثالية كانت أم مادية.
"هذه ليست سيرة أخرى تضاف إلى سيَر أورسون ويلز الست. فما شرعت فيه ليس رواية قصة حياته، بل تفحّص القصص التي رواها عن تلك الحياة. "لقد كان الرجل أسطورة خلقها هو ذاته، ومع ذلك فهو لم يكن قادراً على الاستمتاع بامتلاك نفسه وحده. إن شخصيته تختلط فيها الأدوار التي أدّاها – ملوك، وطغاة، وجنرالات، ورجال صناعة ، ومخرجو أفلام مستبدون – والمآثرُ المتخيَّلة التي أبهج بها الناس، أو التي نسبوها إليه. "كان" المواطن كين "إحدى سيره الذاتية المبكرة التي روت سلفاً قصة حياة لم يكد يبدأ عيشها. ومع أنه لم يظهر في الفيلم الذي عمله عن عائلة أمبرسون، فإن فقدانهم الأبهة قد روى انحطاطه الخاص. وحتى بطله هاري لايم في "الرجل الثالث" كان صورة ذاتية، مهما أبدى سخطه في إنكارها. إن أورسون العظيم، كما دعى نفسه في أثناء أداء عرض ألعاب سحرية أيامَ الحرب في لوس أنجلس، قد أشبه غاتسبي العظيم، ذلك الحالم الغريب الذي يمثّل أحلام المجتمع الرائعة المخادعة. وبالطبع فإن غاتسبي هو شخصية متخيَّلة، في حين أن ويلز موجود بالفعل: من كان يجرؤ على اختراعه؟ وثمة فرق حاسم آخر بينهما. إن عظمة غاتسبي تعتمد على اتجار الغرباء بالأساطير، وهذا ما وصف ويلز نفسه به، وكان وصفه مجرد نكتة. وبعد أن صنع أسطورته حطّمها، أو أراد أن يثبت أنه لا يستأهلها.
هي حكاية "فيتا ساكفيل ويست"، عشيقة فرجينيا بين أعوام 1925 إلى 1928؛ التي كانت روائية بوهيمية، أرستقراطية، ثنائية الجنس، لدرجة أن هناك عبارة تختزل الرواية إلى حد كبير على لسان نجل ساكفيل، بأنها: "أطول رسالة حبّ في الأدب، وأكثرها سحرًا". من الصعب الحكي عن رواية كتلك في سطور قصيرة، لكن يمكن القول إنها رواية ممتدة لزمن طويل يصل حوالي ستمائة عام. حكاية أورلاندو التي تبدو إنسان خالد، وُلدت ذكر، طفل وصبي وشاب، من أجمل الشباب الذين عاشوا في تلك الحقبة حتى أن الملكة فقدت أعصابها في حضوره واتخذته عشيقا صغيرا لها. يؤلمه الحب ويدمي قلبه فينعزل طويلا قبل أن يتحول فجأة إلى شابة جميلة. تتغير حياته بأكملها وتنطلق أورلاندو في كل مكان، تجرب كل شيء، تكتب وتنشر وتعيش مع الغجر وترتدي الفساتين والسراويل وتركب السفن والأحصنة والسيارات. حياتها الطويلة الممتدة عبر العصور وهي فقط في الخامسة والثلاثين من عمرها، تتأرجح بذكاء على أجنحة الأنظمة والاختراعات الحديثة بينما تدير أملاكها وتحب وتعشق وتعد نفسها لزواج سعيد. ليس الحديث هنا عن المرأة أو عن النسوية وأسئلة الهوية الجنسية والجندرية، رغم أن الرواية حافلة بهذه الأسئلة، التي قد تبدو كلاسيكية في نظر المجتمع الغربي، وإن كنا لا نزال بحاجة إلى طرحها في ثقافتنا العربية، بسبب قوانين الزمن الغريبة، والتي تقول عنها وولف في هذه الرواية: "لكن لسوء الحظ فإن الزمان، رغم أثره على الحيوانات والنباتات التي تزهر أو تذبل، لا يمتلك القدرة ذاتها على العقل البشري. عقل الإنسان عجيب، يؤثر بدوره على جسد الزمان. ساعة زمن، بمجرد أن تسكن الروح البشرية الملغزة، قد تصير خمسين أو مائة ضعفًا، ومن الممكن لنفس الساعة أن تمر على العقل البشري كثانية واحدة". هذه القوانين الغريبة للزمان، والتي تعد من تقنيات هذه الرواية، هي التي تجعلنا لا بد أن نقرأ الأسئلة السابق ذكرها؛ لأن ساعة الزمن أيضًا حين تسكن المجتمعات، فإن أمرها يختلف من مجتمع إلى آخر، وقد تمضي بهذا المجتمع أسرع أو أبطأ.
وُلد إيفان تورغينيف في 28 تشرين الأول (9 تشرين الثاني في التقويم الجديد) عام 1818 في مدينة أوريول. وكان أبوه سيرغي نيقولايفيتش يخدم في فوج يلزافيتغراد الذي كان يرابط في أوريول، وتقاعد برتبة عقيد. وأمّه فارفارا بتروفنا، من مواليد لوتوفينوف. وكان إيفان سيرغييفيتش الابن الأوسط من ثلاثة أبناء. والأخ الأصغر توفي في ريعان الصبا، والأكبر يعيش في موسكو. فقَدَ تورغينيف أباه، وهو في السابعة عشرة، إلا أنّ أمّه عاشت حتى بلغت السبعين، وتوفيت عام 1850. في عام 1822 سافرت عائلة تورغينيف إلى الخارج، وزارت، فيما زارت، سويسرا. وأثناء إحدى الزيارات كاد إيفان الطفل ، وهو في الرابعة من العمر، يقع في حفرة الدببة الشهيرة في برن، وربما كان سيدفع ثمناً غالياً لتهاونه، لو لم يفلح أبوه في إخراجه فوراً من هناك. وبعد العودة إلى الوطن أقامت العائلة فترة طويلة في ضيعتها، في قضاء متسينسك من ولاية أوريول. وفيها بدأ تورغينيف يتعلّم على أيدي أساتذة من مختلف القوميات ما عدا الروسية. ومن أوائل الكتب الروسية التي قرأها «روسيادا» لمؤلفه خيراسكوف. وهو مدين بتعرفه على هذا الكتاب إلى واحد من أقنان أمه، كان شغوفاً جداً بالشعر. وفي عام 1828 انتقل إيفان تورغينيف مع والديه إلى موسكو، وفي عام 1834 دخل جامعة موسكو، حيث أنهاها بأطوحة «مرشح». وفي عام 1838 سافر إلى الخارج، وكاد يودى به بحريق شب على الباخرة «نيقولاي الأول» قرب ترافيميونده. وحضر تورغينيف في برلين محاضرات في التاريخ واللّغتين اللاتينية واليونانية وفلسفة هيغل.
عرف هوارد زين، كاتب هذه المسرحية، "إيما" تلك الشخصية من خلال زميله المؤرخ ريتشارد درينون، الذي أخبره، وفي أوائل الستينات، بأنه كتب سيرة لحياتها بعنوان "متمردة في الجنة"، وعند قراءة هوارد زين لذاك الكتاب ازداد افتتاناً بهذه الشخصية الذي يقول عنها بأنها المدهشة في التاريخ الأمريكي، وما أدهشه أن اسمها لم يرد عليه أثناء عمله على التاريخ الأمريكي. وقاده ذلك لقراءة السيرة الذاتية لإيما "أعيش حياتي"، ليقوم بعد ذلك بكتابة مسرحية عن إيما غولدمان الرائعة تلك لتعرض المسرحية في العام 1967 في بوسطن، إلا أن الكاتب أعاد كتابتها، ليتلقى بعدها تعليقات متألقة حولها.
في تلك الليلة ونحن نتناول العشاء، جلستُ ما بين عبارات بابا وماما «نحن فخوران بكِ جدّاً » و «إنّها ذكيّة »، إلى أن ساد الصمت. «تعرفان ماذا يعني هذا »قلتُ، «الأمر الكبير الذي يعنيه ». عبس بابا وماما، وألقى كلّ منهما إشارات الاستفهام صوب الآخر. «ألا تتذكّران؟ » قلتُ، «عندما بدأتُ الدراسة في غايلر ستريت قلتما إنّني لو حصلتُ على علامات تامّة في جميع الموادّ طوال فترة الدراسة، يمكنني الحصول على أيّ شيء أرغب به كهديّة تخرّج» . «أتذكّر » قالت ماما. «لقد كان ذلك من أجل صرف انتباهك عن موضوع المُهر» . «المهر هو ما أردتُه عندما كنتُ صغيرة، أنا أريد شيئاً مختلفاً الآن. ألا تشعران بالفضول لمعرفته؟ »، قلتُ. «لستُ متأكّداً » أجاب بابا، «هل نشعر بالفضول؟ ». «رحلة عائليّة إلى القارّة القطبيّة الجنوبيّة! »، وسحبتُ البروشور الذي كنتُ جالسة عليه. إنّه بروشور من شركة سياحة تنظّم رحلات بحريّة إلى أماكن بعيدة. فتحته على صفحة القارّة القطبيّة الجنوبيّة، ومددته عبر الطاولة. «يجب أن نسافر خلال الكريسماس إن كنّا سنذهب ». «الكريسماس هذا؟! » سألت ماما، «أي بعد شهر؟ » ثمّ نهضت، وأخذت تحشر علب الطعام الجاهز الفارغة في الأكياس التي وصلت بها. كان بابا مستغرقاً في قراءة البروشور، «إنّه الصيف هناك » قال، «وهو الوقتُ الوحيد الذي يمكن الذهاب فيه .» «الأمهار ظريفة »، عقدت ماما فوهات الأكياس. «ما رأيكِ؟ » نظر بابا إلى ماما. «أليس التوقيت سيّئاً بالنسبة لكَ بسبب العمل؟»، سألتْه. «نحن ندرس القارّة القطبيّة الجنوبيّة» قلتُ، «لقد قرأتُ كلّ يوميّات المستكشفين، وسأقدّم عرضاً عن شاكلْتن». بدأتُ أتلوّى في مقعدي ثمّ قلتُ: «لا أصدّق هذا! لا أحد منكما قال: لا!».
في هذا الكتاب من سلسلة "مكتبة نوبل" باقة مختارة من قصائد الكاتب السويدي "هاري مارتينسون" حيث تم اختيارها من ستة دواوين شعرية مختلفة "لمارتينسون"، وما يميزها أنها تتحلى بطلق لغوي، بهي مثير، وتنزلق ووفق سجية مفرداتها، مثل سفينة تمخر عباب بحر هادئ، وتشعر أن الأشياء حية ومرنة وعطرة مثل عشب ينام تحت الماء. قصائده في اللغة السويدية تذكر قليلاً بشعر لورانس في "الزهور البافارية" أو ببعض مقاطع ويتمان عن بومونك التي تشبه السمكة.
بعد تلقى الجيش البيروي شكاوى كثيرة حول اعتداءات الجنود في مناطق الأدغال النائية على نساء الفلاحين وبناتهم، تجد القيادة العسكرية الحل في تأسيس خدمة زائرات تتكفل بتوفير المتعة للجنود. فيكلف النقيب حديث الترقية بانتاليون بانتوخا بتأسيس خدمة دعارة للقوات المسلحة. ولأن بانتوخا من أشد ضباط الشوون الإدارية
السيرة الذاتية لكارل بوبر عملٌ جليل فخم زاخر بالمتعة العقلية الفائقة لأنها نتاجُ عقل فلسفي رصين يعدُّ أحد أعمدة فلسفة المنهج العلمي الذي طوّر أسسه في كتابه المرجعي (منطق الاكتشاف العلمي)، كما ترك لنا كتبا مرجعية أخرى (مثل: المجتمع المفتوح وأعداؤه) أودعها ذخيرة عقله الشغوف.
يضم هذا الكتاب لوحات - متصلة منفصلة - تتقاطع في خطوطها وألوانها، حول شخصيات اغترابية من جنسيات مختلفة، تبحث عن نفسها في زحام سوق العمل، وهي مثقلة بالأحلام والأوهام، وطعم الكتشاب ورائحة الكاري. يقترب منها المؤلف، أو يندمج معها، في غواياتها، وهي تتصادم، أو تنسحق، تتمدد أو تتكور، وتعلن عن نفسها، وتكشف عن نزعاتها الفطرية، تكرع الدخان والموبقات، وتنفلت من قيودها، تركض وراء السراب، أو تبحث عن رائحة الجلود البشرية البيضاء، في أكثر مدن العالم انشغالاً بالتحديث والانفتاح على كل جهات الأرض
يتحدث الروائى الألمان "ألفريد دوبلن" فى روايته "برلين.. ميدان الإسكندر" عن حياة المهمشين والباعة الجوالين، إضافة للصوص والمجرمين والمومسات، وكذلك يعرض صورة للحياة الاجتماعية والسياسية والعمرانية بمدينة برلين في نهايات العقد الثالث من حياة المدينة، غداة انتهاء الحرب العالمية الأولى التي لا يتم ذكرها إلا بشكل عرضي كشبح يلقي بظلاله على الحياة في المدينة. كل ذلك يجري من خلال استعراض حياة بطل الرواية الخارج من السجن للتو محاولاً استعادة الإمساك بزمام حياته بعيداً عن تاريخه السابق والبدء من جديد حياة عنوانها الاستقامة؛ بعد أن أقسم اليمين على هذا الشيء. تمتاز شخصية البطل بالبساطة، ومحاولة إصلاح الغير، وسرعة الوثوق بالأشخاص؛ رغم أنهم من أوساط سيئة السمعة يعمل في مهن شريفة ويقاوم محاولات عديدة رغم ظروف العيش القاهرة لإدخاله مجددا في عالم النصب والاحتيال.
لا يتضمن هذا الكتاب أي تلميح عن حياة وموت بروست الأسطوريين، ولا عن الثرثرة الشائخة حول رسائله، ولا عن الشاعر، ولا عن مؤلف المقالات، ولا عن ماء سولزيان (Eau de Selzian) المرتبطة بقنينة ماء الصوداء الجميل لـ«كارليال» (Carlyle's Beautiful bottle of soda–water) كنتُ أحبذ الاحتفاظ بالعنوان الفرنسي. أنا من قام بترجمات النص المراجع مأخوذة عن الطبعة الرديئة التي نشرتها المجلة الفرنسية الجديدة (Nouvelle Revue Française)، بستين مجلداً. المعادلة البروستية ليست سهلة أبداً. فالمجهول (Unknown)، الذي اختار أسلحته من مخزون القيم، هو كذلك ما لا يمكن معرفته (is also the unknowable). كما يمكن لتوعية أفعاله أن تقع تحت توقعين (two signature). عند بروست يمكن أن تكون كل حرية بمنزلة حرية تيلفوس (Telephus) سيتمّ فحص هذه الثنائية في تعدديتها عن قرب عبر علاقة بروست بالمنظور (Perspectivism). من أجل الحصول على مركب كهذا، من الأفضل اتّباع التسلسل الزمني الداخلي للبرهنة البروستية، والقيام أولاً بفحص المسخ المزدوج الرأس للإدانة والخلاص – الزمان.
واصلت الكاتبة السورية نسرين الطرابلسي مشروعها الإبداعي الذي بدأته قبل سنوات ، والذي جمع بين الكثير من الخبرة في الحياة والعمل الإعلامي ، وتجاهلت الجمهور عبر تلفزيون الكويت ، وحاولت السير بنفس الوتيرة على طريق الكتابة. مكاسب العمر ورؤية الرغبة ، أضافت مكاسب جديدة للعقيدات
حكم البريطانيون العراق من الحرب العالمية الأولى إلى عام ۱۹۳۲ ، وكانت طريقتهم في حكمه تعتبر طريقة جديدة بنظر كثيرين . فهم مارسوا سلطتهم ، بانتداب من عصبة الأمم ، عن طريق سلاح الجو الملكي وشبكة من المستشارين والمسؤولين في الدوائر الحكومية ، والسيطرة على أهم موارد البلد الاقتصادية ، النفط ، واستخدموا ه ذه السلطة لبناء إدارة ونظام سياسي يكونان قادرين على الوقوف بقدراتها الذاتية على المدى البعيد . وكان يعتقد عموما ، في ذلك الوقت ، أن التجربة ناجحة ، وبحلول عام ۱۹۳۰ ظنت الحكومة البريطانية أنها في موقع يتيح لها تأمین مصالحها من خلال معاهدة يجري التفاوض بشأنها بين أنداد ، وتقديم توصية إلى عصبة الأمم بإنهاء الانتداب وقبول العراق عضوا في العصبة .