«مرحباً أيّها القارئ المجهول... هذا الكتابُ يهدُف إلى تغييرِ العالم. لا، لا تتبسَّم. ذلك ممكن... يمكنُ أنْ يؤدي بعضٌ مِنْ سببٍ إلى نتيجةٍ فادِحَة. يُقالُ بأنّ رفرفةَ جناحِ فراشة في الهونولولو تكفي لتُسَبِّبَ إعصاراً في كاليفورنيا. أمّا أنتَ فلديكَ أنفاسٌ وهي أعتَى بكثيرٍ ممّا تُثيرُهُ رفرفةُ جناحِ فراشة، أليسَ كذلك؟». بعد اكتشافِ الآخَر والاتّصال معه في الكتاب الأوّل «النّمل»، وبعدَ المُواجهة في الكتاب الثاني «يوم النّمل»، التي لم تُسفر عن نصر أو هزيمة، يتوّجُ برنار فيربير في كتابهِ الثالث «ثورة النّمل» المرحلةَ الأخيرة في سياق العلاقة مع الآخَر بالاعتراف. فهل ستتمكّن الحضَارتان الأكثر تطوّراً على الأرض، بعدَ ألفيّاتٍ من الجَهل والأحكام المُسبقة، من الالتقاء والتفاهم؟ وهل يُمكن حدوثُ ذلك دونَ ثورةٍ تُخلْخِلُ ما استقرَّ مِن الأفكار؟ الثورةُ التي يَصِفُها فيربير في كتابهِ هذا خاليةٌ من العنف، من الغرور، لا تُراقُ فيها دماء، وتتجنّبُ لفتَ الأنظار، تشتَعلُ بالرأس لا في الشارع. حيثُ تحاولُ كلٌّ من جولي بانسون، الشّابة ذات الصّوت السّاحر، والنملة 103، بطلةُ الملحَمة النمليّة، تَحريكَ المياهِ الراكدة في مجتمَعَيهِما عبرَ خطَّين سرديَّين مُتوازيين تتواترُ على مقاطعتِهِما مقالاتٌ موسُوعيّةٌ تُسهِمُ في تَعميقِ الحدَث وإدراجهِ ضِمن التجربة الإنسانيّة الطامِحة لتجاوز شَرطِها. تتجاوزُ كتابات فيربير التصنيفات الكلاسيكيّة، فما إنْ يشرعَ القارئُ بتقليب صفحاتِ كتابِه حتّى يجدَ نفسَه أمامَ لوحة فسيفسائيّة حافلة، فلا عجبَ أنْ نرى مشَاهد التشويقِ والمغامرة إلى جانب الحكاية الفلسفيّة العميقة، الخيال العلميّ إلى جانب الحقائق المُثبتة، التاريخ إلى جوار الرياضيّات... «نَحنُ لَسنا سِوى أناسٍ مِنْ قَبلِ التّاريخ. المُغامَرةُ الكبيرَة أمامنَا، وليست خلفنا. انهلوا من بنك المعلومات الهائل الذي تُمثّلهُ الطّبيعةُ المُحيطَةُ بكم. ذلكَ هَديّة. كلّ شكلٍ مِنَ الحَياةِ ينطَوي في دَاخِلهِ على عِبرة. تواصَلوا مع كلّ ما يمتُّ للحياةِ بصلةٍ. امْزجُوا المَعارِف... ليسَ المُستَقبلُ مُلكاً للأقويَاءِ ولا للشَخصِيّاتِ اللّامِعَة... المُستَقبلُ للمُختَرعِين بلا رَيب... اختَرِعوا». يُعدُّ الكاتِب الفرنسيّ برنار فيربير (المولود في تولوز 1961) واحِداً من أهمّ كتّاب الخَيال العلميّ في العالَم، مُخرِجٌ وصحفيّ وعضوٌ في معهد البحوث الخاصّ بالخبرات الخارقة، حاز لنفسه مكانَةً مرموقةً مُنذ روايته الأولى النمل 1991، والتي بِيعَ منها نحو عشرين مليون نسخة، ولم تلبثْ أنْ ترسّخَتْ مع كتابَي الثلاثيّة اللّاحقَين (يوم النمل، 1992) و(ثورة النمل، 1996) الذي تُرجِمَ إلى أكثر من ثلاثين لغة.
انصتوا إلى هزائمنا... خسرْنا. ليس لأنّنا لم نكنْ جديرين، ليس بسبب أخطائنا أو لنقصٍ في فطنتنا، لم نكن أكثرَ تعجرفاً أو جنوناً من الآخرين، غير أنّنا نعانق الهزيمةَ لأنّه ما من انتصارٍ والجنرالات الرافلةُ بالأوسمة، الطواطمُ التي تعبدها المجتمعاتُ بحماسة، يوافقون، ويعلمون بذلك منذ البداية، أوغلُوا بعيداً جداً، تاهُوا لمدّة أطولَ من أن يعود هناك مكانٌ للانتصار.» لقاء بمحض الصدفة يجمع عاصم (عميل الاستخبارات الفرنسيّة) ومريم (الآثاريّة العراقيّة)، في فندق في مدينة زوريخ السويسريّة، أو عند حافة الهاوية، إذ سرعان ما يتكشّف الوهن الذي يكتنف حياتهما. عاصم ينتابه السأم، ورغم نجاحه في جميع المهمّات التي أوكلت إليه يشعر بالهزيمة عميقة في داخله: «لماذا لا يكون هناك أبداً لحظات فرح خالص لا يعقبها شيء سوى حياة ترفل بالسلام نعيشها في دَعَةٍ؟». مريم تعمل على إنقاذ القطع الأثريّة في أكثر بقاع الأرض توتراً، حيث تستحكم الهمجيّة ويصعب تفادي الهزيمة. «لا يكتفون بمتحف الموصل. يتقدّمون، وفي كلّ مكان يمرّون فيه، يحطّمون التماثيل وينسفون الآثار... يتقدّمون... يمحون المواقع واحداً واحداً، النمرود، الحضر... بمطارق، بجرّافات...» ثمّ لا تلبث هذه السرديّة أن تتساير مع ثلاث سرديات أخرى تخرج من التاريخ (هنيبعل، أوليس غرانت، هيلا سيلاسي)، تجاور هذه السرديّات يمنح اللحظة الراهنة إمكانيّة التأمّل كما يشحن تجارب التاريخ بحرارة الراهن، ما يؤكّد على ترابط الأزمنة في صيرورة تعبر مثل نشيد ترجيديّ يتردّد صداه في مصائر البشر على خلاف أزمنتهم وأماكنهم. فما من حدود واضحة تفصل الانتصار عن الهزيمة، واللذين يخضعان في الغالب للصدفة، طالما لن تكون المحصّلة سوى موت وصدوع، ما يجعل الانتصار -أيّ انتصار- هشاً أو مرحلة من مراحل إنضاج الهزيمة التي لا فكاك منها أمام الذات، وأمام الزمن. وبالتالي يكون مبرّراً لنا التّساؤل إلى أيّة هزائم تهيئنا انتصاراتنا؟ وكيف يمكن أن نعانقها إذا بدا واضحاً زيف ما عداها؟ رواية مقلقة وقاتمة، مشغولة برهافة جارحة، وبنبرة ملحميّة غنائيّة عالية، تصدر عن تأمّل طويل وعميق في التاريخ البشري، حيث الفن والحب والشعر وكل ما تعرّف فيه الحضارة عن نفسها خير ما فيه. لوران غوديه (المولود سنة 1972 في باريس) واحد من أميز الكتّاب الفرنسيّين المعاصرين، يكتب المسرح والروايّة والقصّة القصيرة، نالت روايته «موت الملك تسونغور، 2002» جائزة غونكور للطلبة، إضافة إلى جائزة المكتبات سنة 2003، كما حازت روايته «شمس آل سكورتا» على جائزة غونكور سنة 2004، والتي تعدّ أرفع جائزة أدبيّة فرنسيّة
هذا الكتاب، هو باكورة أعمال ينتجها المركز اللبناني للدراسات والحوار والتقريب، تتمحور حول متابعة المسألة السياسية في التفكير والوعي الإسلامي الشيعي، رصداً وبحثاً وتحليلاً. ولما كان حاضر الفكر السياسي الإسلامي الشيعي لا ينفصل عن ماضيه الإسلامي ولا عن خصوصياته التي تميزه من دون أن تفصله عن العام الإسلامي، ولم يكن بالإمكان فهم أو تفسير راهن السلوك الإسلامي الشيعي المعاصر في المجال العام، إلا بالعودة إلى محددات هذا السلوك، الذي نشأ في فترات التأسيس الأولى للإسلام، ونما وتشكل في عصور التقلبات والتحول
كتاب "ابتسامة في أسفل السلم" للكاتب الامريكي الشهير هنري ميللر ترجمه الى العربية ياسين طه حافظ. الكتاب يحتوي ثلاثة نصوصٍ تتأرجحُ بين الإبداع والدراما السّاخرة، الانتحار وقلب السُّخرية فعلاً جادّاً وملاحقة الأسئلة الصعبة بعد الموت.. وقد عرف عن هنري ميللر عدم رضاه عن الاتجاه الأدبي العام في الأدب الأمريكي. وبدأ تطوير نوع جديد من الرواية والتي هي عبارة عن خليط من القصة والسيرة الذاتية والنقد الاجتماعي والنظرة الفلسفية والتصوف، يجمع هنري بين نقيضين فهو يمتلك القدرة على التعبير الواقعي ثم لا ينعدم وجود أفكار خيالية في أدبه.
«الحبّ هو ما يحدث بين اثنين يحب كلاهما الآخر» روجي قايان. قبل العشاء عند لوك، قضيتُ يومين محتملين للغاية. في النهاية ماذا لدي كي أفعله؟ المذاكرة الامتحان لن يفضي بي إلى الشيء الكثير، التسكع تحت الشمس، أن أكون محبوبة دون أن يكون ذلك مُتبادلاً من جهتي نحو برتران؟ مع أني أحبه. الثقة، العطف، التقدير لا تبدو لي أشياء بلا وزن وقليلاً ما أفكر في العشق. غياب العاطفة الحقيقيّة يبدو لي السّبيل الأكثر طبيعية للعيش. العيش في تجلياته القصوى، هو أن يرتب المرء نفسه ليكون سعيداً أكثر ما يمكن. وهذا ليس سهلاً. أسكن في نوع من الإقامات الداخلية لعائلة مُؤلفة فقط من طالبات. الإدارة مُتفهمة وفي استطاعتي العودة عند الواحدة أو الثانية صباحاً. سقف غرفتي واطي وهي كبيرة وعارية تماماً، الأن مشاريع تزويقها سقطت كلها في النسيان. لستُ مُتطلبة كثيراً فيما يخص الدّيكور إلا فيها يزعجني. تضوع في الغرفة رائحة القاطعات الفرنسية التي أحبها بشكل خاص. تفتح نافذة على ساحة سورها قصير، تقبع فوقه ساء متأكلة دائماً، أسيئت معاملتها من جانب باريس، تهرب أحياناً في شكل آفاق تعلو شارعاً أو شرفة، مُؤثر وعذبة. أستيقظ، ألتحق بالدّروس، أجد برتران، نتناول الغداء، هناك مكتبة التربون، البناء العمل، شرفات المقاهي، الأصدقاء. مساء نذهب للرّقص، أو نعود إلى شقة برتران، نتمتد اما به نارس الحب، ثمّ نظل نتحدث طويلا في العتمة. كنت بخير وكان دائاً ثية في أعاني ما و الداية الساخنة الحية، طعم الضجر، الوحدة والحماس في فترات أخرى أحدث نفسي أحياناً بأني مُصابة بالتهاب الكبد.