تحول النص الخيالي, والنص النظري, بين يدي المبدع والدارس إلى يوتوبيا, مثقلة بقناعة قابليتها للتطبيق العملي. صار الشاعر- بدل السعي للكشف عن التباسات الشرط الإنساني, وإضاءة الأركان المعتمة, أو نصف المضاءة في الإنسان يسعى -على النقيض- إلى فرض حلول سحرية بقوة الكلمة, داخلاً المعترك الأرضي, يداً بيد مع المغامر السياسي, لتطبيقها. طبعاً عادة ما يكون الشاعر أو الكاتب الخيالي, لضعف تأثيره العملي وضعف حيلته, مع السياسي, أو تحت ظله, أو خلفه, يزوده بدفق المشاعر التي يفتقدها الأخير, ثم مع الأيام يجد نفسه وقد تقزم إلى مؤيد ومطبل, للسياسي الذي تسلم زمام السلطة. حدث هذا بصورة غاية في الملموسية والتاريخية مع ثقافة رؤى البعث القومية، والثقافة المعارضة لها في العراق. خرج الشاعر الذي لا يرى إلا "جنةً عرضها الوطن العربي"، معززاً بالشاعر المعارض له الذي يراها جنة "بذلة العمال الزرقاء". وبدأت معهما مخاضة الدماء، التي انتهت بصعود الدكتاتور.