دار المدى للنشر والتوزيع هي دار نشر عراقية تأسست عام 1994، أصدرت الدار العديد من المنشورات الأدبية والكتب والروايات العربية، كما شاركت في العديد من معارض الكتاب المحلية والدولية.
تاريخ الدار
دار المدى تم تأسيسها رسمياً عام 1994 وهي إحدى شركات مجموعة المدى الثقافية والتي أسسها فخري كريم عام 1960، وتخدم القضايا الأدبية والسياسية والسير والمذكرات والفكر القومي. تضم دار المدى شبكة توزيع ووكلاء في عدة دول، وعدة مكاتب في بغداد وبيروت والقاهرة ودمشق وقبرص وأربيل.
مجالات الدار
تتنوع إصدارات الدار وتغطي موضوعات مختلفة على رأسها التاريخ، وقد أصدرت الدار أعمال متنوعة في مجالات مختلفة منها:
- الدراسات النقدية - المجموعات القصصية - الروايات. - المقالات والخواطر
مساهمات ثقافية تنشر دار المدى للعديد من الكتاب والأدباء العرب مثل: ميسلون هادي، بلال فضل والتي وصلت روايته الصادرة من دار المدى «أم ميمي» للقائمة الطويلة في الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2022، محمد الماغوط، ليلى العثمان، سعدي يوسف، نزيه أبو عفش. كما تنشر دار المدى ترجمات بعض الكتب من كل اللغات العالمية
الجحيم عالم الهاوية والخطيئة، ودنيا الأسى والعذاب الأبديّ. والمطهر عالم الصعود فوق الجبل الشاهق، للقيام بالتكفير والتطهر من الخطايا، مع الأمل في الخلاص والطوباوية. والفردوس عالم الصعود في معارج السماوات، وعالم السموّ والسلام والطوباوية، والاقتراب رويداً رويداً من جوهر الحقيقة الكبرى. وتتشكل الأرواح الطوباوية بهيئة النور الصافي، الذي تخيلته البشرية رمزاً للروح من قديم الأزمان. وبصفة عامة لا تبدو أرواح الطوباويين بصورتهم في الأرض، بل يظهرون في غلالة من أنوار طوباويتهم، حتى لتكاد تختفي مميزاتهم الفردية، والنور كالظلمة يحجبان كلاهما الرؤية، ويثيران خيال الشعراء. ويظهر الطوباويون وقد أحس كلٌّ منهم بالتعادل الروحيّ، وتملكهم السلام النفسيّ، وامتزجوا بعضهم ببعض، وتآلفوا في محبة الله، وتساموا معاً في بحر الوجود الشامل.
والمطْهر كائنٌ بين الجحيم والفردوس. وهو حال وسط تصبح فيها الجحيم كذكرى للخطايا السابقة، ويشعُّ فيها الفردوس كأملٍ تتطلع إليه الأرواح النادمة التائبة. والجحيم سوداء، مظلمةٌ، خانقة، منعزلة، مليئة بالضوضاء والصراخ والعويل أما المطهر فناصعٌ مضيءٌ تسطع فيه الشمس، ويطلع عليه البدر، وتظهر في سمائه النجوم، وهو مكان هادئٌ وادعٌ، يسوده جوٌ عذبٌ رقيقٌ وحينما تتطهر الروح من الخطايا يرتجف جبل المطهر ويتزلزل، ويرسل صوتاً مدويّاً ابتهاجاً بانتصار الروح الآثمة على ذاتها. وليس في الجحيم غناء أو إنشاد لأنه تعوزها المحبة الشاملة، وتميل الكراهية إلى العزلة والانطواء على النفس، بينما يتردد في أرجاء المطهر الإنشاد والترتيل والترنم والموسيقى، حيث تخرج الأرواح من إحساسها بذواتها، وتطلق أنغامها وأصواتها المتنوعة، وتندمج في شعور واحد من التعاطف والمحبة ومادة الترنم والترتيل أناشيد مقدّسة وصلواتٌ وابتهالات وآيات من الكتاب المقدس، وتعبير عن الألم والأمل والبهجة، والتمدّح بالعذراء وبالسيد المسيح. ويبدو الملائكة أنهم أطيافٌ تكسوهم ألوانٌ من البهجة الصوفية، وتنعكس عليهم أضواء السماء والفردوس.
والمطْهر كائنٌ بين الجحيم والفردوس. وهو حال وسط تصبح فيها الجحيم كذكرى للخطايا السابقة، ويشعُّ فيها الفردوس كأملٍ تتطلع إليه الأرواح النادمة التائبة. والجحيم سوداء، مظلمةٌ، خانقة، منعزلة، مليئة بالضوضاء والصراخ والعويل أما المطهر فناصعٌ مضيءٌ تسطع فيه الشمس، ويطلع عليه البدر، وتظهر في سمائه النجوم، وهو مكان هادئٌ وادعٌ، يسوده جوٌ عذبٌ رقيقٌ وحينما تتطهر الروح من الخطايا يرتجف جبل المطهر ويتزلزل، ويرسل صوتاً مدويّاً ابتهاجاً بانتصار الروح الآثمة على ذاتها. وليس في الجحيم غناء أو إنشاد لأنه تعوزها المحبة الشاملة، وتميل الكراهية إلى العزلة والانطواء على النفس، بينما يتردد في أرجاء المطهر الإنشاد والترتيل والترنم والموسيقى، حيث تخرج الأرواح من إحساسها بذواتها، وتطلق أنغامها وأصواتها المتنوعة، وتندمج في شعور واحد من التعاطف والمحبة ومادة الترنم والترتيل أناشيد مقدّسة وصلواتٌ وابتهالات وآيات من الكتاب المقدس، وتعبير عن الألم والأمل والبهجة، والتمدّح بالعذراء وبالسيد المسيح. ويبدو الملائكة أنهم أطيافٌ تكسوهم ألوانٌ من البهجة الصوفية، وتنعكس عليهم أضواء السماء والفردوس.
الأوركسترا – عليكم ألا تنسوا ذلك – قائمة على الترتيب الهرمي. لا بد أن تكون كذلك، وهي بهذا الترتيب الهرمي صورة طبق الأصل للمجتمع البشري. ليس صورة لمجتمع بشري معين، بل للمجتمع البشري عموماً... لا تعتقدوا أنني أتحدث عن حسد وغيرة. لا، الحسد شعور غريب لا أعرفه، لأنني أعرف قيمة ذاتي. ما يهمني هو العدل، و بعض الأشياء في مجال العزف الموسيقي هي الظلم بعنيه. الجمهور يفيض على السوليست بالتصفيق الغامر، فالناس يعتبرون الأمر عقوبةً لهم شخصياً، إذا لم يُسمح لهم بالتصفيق. التهليل والتقدير يكون من نصيب المايسترو، والمايسترو يشد على يد عازف الكمان الأول على الأقل مرتين، في بعض الأحيان تنهض الأوركسترا كلها ... ولكن حتى عازف الكونترباص لا يستطيع حتى النهوض بطريقة لائقة. عازفو الكونترباص – أعذروني على التعبير – هم زبالة الزبالة! ولهذا أقول إن الأوركسترا صورة طبق الأصل للمجتمع البشري. إن الذين يقومون بأقذر الأعمال – هنا وهناك – لا يجنون إلا احتقار الآخرين ... (من المسرحية) "عمل نادر لمؤلف ألماني فريد، في ترجمة عربية رشيقة."
في لحظة السكون الغامر تلك تذكر ما كانت تقوله أمه مكية الحسن للنساء اللائي يجلبن لها أطفالهن المرضى لمعالجتهم بالأعشاب ويسألنها عن علامة الشفاء. روت لهن قائلة إن علي عندما كان صغيرا مرض ذات مرة. ارتفعت درجة حرارته فأخذتْ تغذيه بشراب أعدته من أعشاب هندية، وتبرِّد جبينه بكمادات مبللة، وتضعه في المهد عاريا. في اليوم الثالث أضناها الخوف لأن الطفل لم يُظهِر أي تحسن وقررت أن تأخذه إلى الطبيب في الغد، وطلبت من سلمان اليونس أن يستعد لمرافقتها. أمضت النهار كله جالسة قرب المهد. وعند الغروب قفزت من الفرح وصاحت على زوجها أن يسرع ويرى بنفسه. هرع نحوها. وقبل أن يصلها هتفت: «علي سيشفى». سألها عما يجعلها تعتقد بذلك فأشارت إلى عضو الطفل. كان منتصبا. قالت إن هذه علامة على شفاء قريب. وبالفعل مع شروق شمس اليوم التالي استيقظ الطفل سليما معافى.
يقتحم الروائي الكبير فؤاد التكرلي المشهد العراقي بجرأة، ويرسم لوحة روائية مبهرة، عن تحولات عائلة عراقية صغيرة منذ الثمانينات الماضية الى منتصف التسعينات، هي تحولات العراق كله، لا أحد يطرح الأسئلة عما يحدث ولا أحد يجيب!ا . . كان صوتها المشروخ يأتي من بعيد.. بعيد جداً. كانت تصرخ صرخات مبحوحة، تتناهى إلى سمعه كأنها همسات خافتة، والألم والغضب والهياج لا يتركون له أن يتوقف. أراد أن يفتح عينيه فلم يستطع وكان يصدر حمحمة وحشية حيوانية. ليس من فمه بل من صدره وكيانه كله. والألم يزداد وكفاه تحترقان، وهو في قبضة حديدية لا فكاك منها. كأنه في صندوق مغلق مظلم. ثم ارتفع الصراخ وتعددت الأصوات، كلها تتعالى إلى عنان السماء. تصرخ وتصرخ. وهو، في سورة الحمحمة تلك، يريد أن يفتح عينيه وان يهرب مما لا يدري ما هو. كان مرة أخرى، مشلولاً مختل التصرفات. ثم.. ثم وعلى حين غرة سكنت روحه وشعر بنفحة من البرودة تغطي وجهه وجبهته وقمة رأسه.. ففتح عينيه
ربما كانت قصة أصلنا السحرية هي أكثر ما فتن المخيلة البشرية على مرّ العصور. ومع ذلك، لم يكرس الكتاب المقدس لهذه القصة سوى أربعين آية تستعرض قصة آدم وحواء في العهد القديم. ولكن، كيف كانت حياة هذين الكائنين البريئين والشجاعين، وكيف كان ذلك العالم الذي يتوجب عليهما أن يعيشا فيه. يشترك الشعر والغموض في ه ذه الرواية ليقدمنا لنا الرجل الأول والمرأة وهما يكتشفان محيطهما، ويختبران القلق والحيرة حيال العقاب، والقدرة على منح الحياة، وقسوة القتل من أجل البقاء، ودراما حب الأبناء وغيرتهم. نالت اللامتناهي في راحة اليد جائزة بيبلوتيكا بريفي الإسبانية عام 2008 لتفردها وقدرتها على إستحضار عوالم ما قبل العالم. فقد خلقت جيوكندا بيللي عالماً جديداً استخرجته من الكتب المقدسة الكبرى، ومن النصوص المنحولة أو المحظورة، لتصوغ أكثر الحكايات العجيبة التي يمكن تصورها.
ولد صامويل باركلي بيكيت في 13 أبريل 1906 بدبلن في أيرلندا. في عام 1923 التحق بيكيت بكلية ترينيتي بدبلن وتخصص في الآداب الفرنسية والإيطالية وحصل على الليسانس فيهما عام 1927. في عام 1928 توجه بيكيت إلى باريس وعمل أستاذاً للغة الإنجليزية بإحدى المدارس هناك، وفي هذه الأثناء تعرَّف إلى جيمس جويس (1882 - 1941). في عام 1935 كتب روايته الأولى (مورفي). في عام 1947 كتب بيكيت مسرحيته (في انتظار جودو). عام 1969 حصل بيكيت على جائزة نوبل للأدب، ولما سمعت زوجته بالخبر قالت: إنها كارثة، واختفى بيكيت تماماً ولم يذهب لحفل تسليم الجائزة. في 22 ديسمبر 1989 مات بيكيت بعد تعرضه لأزمة في جهازه التنفسي. -السّارد في هذه الرّواية هو الكلام في حدّ ذاته، صوت لا صاحب له، لا اسم له، ينتقل من جسد إلى آخر إشباعا لنهم الاستمرار في القول. «لأنّ القضيّة هنا قضيّة كلمات، قضيّة صوت،لا ينبغي نسيان ذلك... ». هنا في سياق التجرّد من الأجسام والمحسوسات يجدر التّنويه إلى أنّ الّلامُسمّى هي خاتمة ثلاثيّة روائيّة (مولوي، مالون يموت، اللاّ مُسمّى)، راحت من رواية إلى أخرى تضيق دائرتها؛ فمن مولوي الأعرج العجوز الذي أصبح يزحف في النّهاية إلى مالون منتظرِ الموت الذي لا يكاد يتحرّك، إلى انعدام الجسد تماما في آخر المطاف. نحنُ إذًا إزاء انسياب كلاميّ لامتناهٍ لا يُشبعُ جوعَه للكلام سوى تفسير وجوب عدم الكلام، الأمر الذي يرفع تناقضا ويزجّ بالمُتلقّي في حلقة مفرغة، دوّامة محورها الكلام ومادّتها الكلام ومُحرّكها الكلام. «سأتكلّم لأقول لا أدري ماذا...». ثمّ في خضمّ عاصفة القول هذه تلتقي شخصيّات بيكيت وتنصهر كما لو أنّها تضرب موعداً في أرض غير الأرض التي نعرفها.
يحمل هذا الكتاب بين صفحاته تعريفاً بكل أنواع اللانهاية: المُحتمَلة والفعلية، الرياضية والفيزيائية، اللاهوتية والدنيوية. وسيقودنا ذلك إلى العديد من المفارقات المذهلة. وبتفحُّصنا هذه المفارقات عن كثب، سنتعلم الكثير عن العقل البشري وقدراته وحدوده. سنرى أن دراسة اللانهاية أمر يتجاوز البحث الأكاديمي الجاف والممل، وأن المسعى الفكري لمعرفة اللانهائي المطلق هو شكل من أشكال بحث النفس عن الإله، كما أدرك "جورج كانتور" سابقاً. وسواء وصلنا للهدف أم لم نصل، فإن وعينا سيضيء في كل خطوة نجتازها في طريق البحث. "اللانهاية والعقل" هو رحلة تمثِّل عملية تحول. أهديه بكل حب واحترام لكل من يسير على هذا الطريق. «رودي روكر».
رواية " اللعبة " للكاتب الروسي الكبير يوري بونداريف، الذي عرفه القارئ العربي من خلال رواياته " الثلج الحار" و " الاختيار" و " الطلقات الأخيرة"، يكرسها لموضوع الانتيليجنتسيا الروسية والعبقرية وصدامها الحتمي بالبيروقراطية والنظام الشمولي. عبقري في مواجهة منظومة بيروقراطية مسيطرة هي كالأخطبوط، ومن العسير جداً، بل من الممتنع أحياناً على من يقع في شباكها أن يفلت منها، مهما كان موهوباً – تلك هي اللعبة التي تحكي قصتها هذه الرواية. بطل الرواية مخرج سينمائي مبدع تنقله أفلامه من المستوى المحلى إلى المستوى العالمي، تتنازعه شركات السينما العالمية الكبرى.فتلعب الأوساط البيروقراطية والإدارية لعبتها القذرة، مدفوعة بدوافع قذرة لاإنسانية تشمل الكذب والافتراء والزيف والحسد والفساد. وتأخذ اللعبة أبعاداً إنسانية فيطرح المؤلف قضايا الخير والشر، والجمال والإبداع والفن، والحب والحرب، والإيمان والعدالة، وصراع الأجيال
يرصد موسى الخميسي خصوصية التجربة الفنية الأكثر تأثيراً في حركة الفن، لعدد من كبار الفنانين في العالم، من أجيال واتجاهات وانتماءات مختلفة، تجارب فردية أغنت الابداعات الانسانية وأعطتها قدرة على التأثير في انماط التعبير، وانعكست على ايقاع الحياة نفسها.
تلال صغيرة، نبات قصب وأسل، أجمة شجر ملتف، في الخلفية شبح زقورة يمتد أمامها سور أوروك في جو مغبش. تمثال أحد الالهة إلى يسار الزقورة يُضاء بنور أحمر. في مقدمة المسرح مشهد يمثل مايشبه قبوراً سوداء. ثمة سلّم يتجه نحو نوع من كهف مرتفع. قرع طبول، صرخات استغاثة، ضجيج جموع بشرية، عواء، تخفت الأصوات تدريجياً وتستمر موسيقى حزينة على الناي مع ضرب طبول:تهبط من أعلى المسرح ملابسُ بيضاء مضرجة بالدماء، يرافقها عويل نساء..
يضم المجلد الثاني من (المؤلفات المختارة) لتورغينيف روايتين هما (رودين) (1856)، و (عش النبلاء) (1859) وفيهما حصيلة تأملات الكاتب لحقبة الثلاثينات والأربعينات من القرن التاسع عشر. و (رودين) - الرواية الأولى لتورغينيف - تتحدث عن المثقفين النبلاء لأعوام 1830-1840 ، أولئك الذين لم يجدوا لهم قضية ومكانا ف ي الحياة ، لأنهم لم يستطيعوا أن يهادنوا الواقع المعاصر لهم، ويطرح تورغينيف قضية الأهمية الإجتماعية لهؤلاء الناس من مثل رودين ، ودورهم في تاريخ الفكر الإجتماعي الروسي. تتمحور رواية (عش النبلاء)حول قصة حب عميق في مأساويته. وهي في الوقت ذاته رواية عن الواجب الخلقي، والإيثار، والسعادة، ومغزى الحياة.
هذا الكتاب هو حصيلة أبحاث تناولت فيها الباحثة المأثورات الشعبية تعريفاً وتحليلاً، وأكدت فيه على دور الإبداع الشعبي الفاعل في تشكيل ملامح الأمة وتحديد هويتها القومية؛ على ضوء ما تقف من نظريات ومناهج كان لها فضل تتبع الجذور الأولى للفولكور، واكتشاف وظيفته الهامة في بناء وحفظ التاريخ البشري. ما يزال عدد كبير من المعنيين بدراسة المأثور الشعبي في العالم العربي يستخدمون المفاهيم القديمة في مؤلفاته ويرددون مصطلحات لم تعد مناسبة لدراسة الأنماط الشعبية في عصرنا الحاضر.
" تنهض الأطروحة الأساسية لهذا الكتاب النقدي على فرضية أنّ أشكال البناء الميتا-سردي أو الميتا-روائي والذي يُسمّى أحياناً بـ"ما وراء الرواية" في الرواية العربية ، وقبل ذلك في الرواية العالمية هي تنويعات وتمثلات لرواية ما بعد الحداثة في الثقافة العالمية . إنّ هذا الخرق المقصود لعمود الكتابة الروائية ال حديثة الذي أسّس له روّاد الرواية الأوربية والغربية منذ سبعينيات القرن الماضي ، والذي وصف في حينها بأنّه - موت للرواية - إنّما هو ولادة جديدة للسرد الروائي بآفاق وفضاءات سردية جديدة يتمثّل أساساً في الوعي الذاتي المقصود بالكتابة الروائية وفي الاشتغال على كتابة رواية داخل الرواية أو نشر مخطوطة موازية أو الاعتماد على مدوّنات وخطاطات كتابية أو شفاهية من خلال توظيف ضمير المتكلّم الأوتوبيوغرافي غالباً لصياغة خطاب سردي ما بعد حداثي . وقد تناولت في هذا الكتاب أكثر من خمسين رواية عربية تنتمي إلى هذا اللون التجريبي بالفحص والتحليل للكشف عن تشكلات البنى الميتا-سردية فيها وارتباط ذلك بإنتاج الدلالة والرؤيا والمعنى في الخطابات الروائية ." مؤلِّف كتاب "المبنى الميتا-سردي في الرواية" فاضل ثامر
الكتاب يبحث عن المتمرد في حياة عدد من الفلاسفة والادباء والفنانين ابرزهم كولن ويلسون، برنارد شو، يوجين يونسكو، رامبو، ألبير كامو، دوريس ليسنج، تروتسكي، سلفادور دالي، هنري ميللر، عبد الرحمن منيف وآخرون. والكتاب يتناول الهدف الذي يسعى اليه الانسان المتمرد، حيث يعلن ألبير كامو "أنا متمرد إذا أنا موجود".. من هو الإنسان المتمرد؟ إنه الإنسان الذي يقول "لا".
في كتابها (المثقف بين السلطة والعامة) تبدأ الدكتورة "هالة أحمد فؤاد" بالبحث في الذاكرة التاريخية العربية الإسلاميَة فتتخذ من القرن الرابع الهجري، عصر الدويلات نموذجاً لدراسة مأزق المثقف الذي لا يزال يرزح ما بين سندان السلطة، ومطرقة العامة، هر إشكالية قديمة حديثة، تقليدية بقدر ما هي متجددة، ولكنها، لا تزال تطرح نفسها باستمرار، وتعلن عن حضورها في الواقع الراهن. تقدم المؤلفة في هذا الكتاب الاستشرافي رؤيتها المبدئية لظاهرة معقدة ومتشابكة، حيث تطرح تساؤلاتها وتقدم تحليلاتها، وتقارب تخوم المشهد، لتكشف عن هواجسها الخبيئة، ونوازعها. يتكون الكتاب من الأقسام التالية: مدخل: يحتفي بإشكاليات الكتابة السالبة من وجهة نظر تحليل الخطاب، ونموذجها المثير للانتباه مجسداً في كتاب أبو حيان التوحيدي (مثالب الوزيرين). حيث تسعى المؤلفة إلى تقديم قراءة لنص المثالب، بوصفه نصاً سردياً تخليلياً ينطوي على شيء من العجائبية الصادمة والمدهشة في آنٍ!! وبينما تعمل الباحثة على كشف العمق الإشكالي المراوغ لكتابة الثلب (أي الكتابة التي تبرز العيوب)، فإنها ترحل عبر مراياها النصية المخايلة لفهم مدى تعقيد وتشابك علاقة المثقف بالسلطة من خلال ما كتبه التوحيدي عن الوزيرين الصاحب بن عباد، وأبو الفضل بن العميد في كتابة المثالب. ناهيك عن أبي الفتح ابن العميد الإبن. ثلاثة فصول، بل ثلاث مرايا كاشفة لمدى تعقيد الظاهرة وعلاقاتها المتشابكة، ونموذج مثير، بل مستفز لمثقفي القرن الرابع الهجري، التوحيدي، مثقف كبير من مثقفي عصره، ورغم هذا عانى التهميش على مستويات عديدة وعاش علاقة مركبة مليئة بالتناقض والمفارقة مع أصحاب السلطان من جانب، والعامة من جانب آخر، ناهيك بأقرانه من المثقفين الكبار على اختلاف انتماءاتهم وتنوع مناهجهم ومشاربهم، وتباين مواقعهم من السلطة. تكتسب هذه الدراسة أهميتها من كونها تشكل آلية لتفسير وفهم بنية اللاوعي الجمعي لحاضرنا الإشكالي المتردي على مستوى النخب يتنويعاتها المتباينة، أو على مستوى العامة والبسطاء من الناس، وهو ما نجحت المؤلفة في الكشف عنه
ولد رشدي أحمد جواد العامل في مدينة "عنة" 31-3-1934 حيث كانت ماتزال نواعيرها تداعب ماء الفرات وتهمس في ثناياه صوت المدينة الهادئة النائية. وفي ظل ديمومة تجوال والده الوظيفي، "حيث كان مديرا للمال، كما يسمى آن ذاك" تنقل العامل بين عنه وحديثة وراوه و كبيسه، والفلوجة، والعمارة، المكان الأثير لدى ذاكرته ثم بغداد، حيث أكمل دراسته في اعداديتها المركزية. بغداد التي سيبدأ معها بلحظات من عشق جميل. عشق لم ينتهي حتى بعد غياب جسده من ملامسة هوائها. بغداد إني أغار لو لامست أكتافك العارية كفا غريب في الدجى مستثار.
"بعد هذه الأشهر من إنتهاء الحرب، أجلس رويداً في البيت أفكر في حياة المحرقة التي سلمتها إلى محمود نوري عندما تسلمت أمر تسريحي من الخدمة، لقد جاهدت كثيراً وأنا أقتلع من هناك، وربما علي أن أفسر بعض الأمور التي بقيت تشغلني حتى هذه اللحظات. فمنذ أن عدت من الحرب قبل أشهر وأنا أضاف الخروج، أفكر بليليان التي هربت منها بسرعة من دون أن أبدي أية مقاومة للتمسك بها، أفكر بأصدقائي الذين لم أرهم منذ أن عدت، بدا أنني بحاجة إلى البقاء لوحدي، لقد تركت العالم في الخارج يحتفل بنهاية الحرب، ولم أشاركهم مشاعرهم تلك، لأنني لم أزل أخوض حرباً ضاربة مع نفسي، والذي لا أفهمه هو هذا الحنين لأيام السجن والمحرقة، وصدى نغمات ناي كما نتدفق حزينة تمزق لحن حياتنا التي خربت بمنتهى الوحشية. لم أعد من الحرب بشيء سوى قلب مجروح ومكتبة محسن وليليان المكدستين في مخزن البيت في الطابق العلوي، طلبت من ليليان ذلك قبل أن تنتهي الحرب فكنت أنقل منها صندوقاً كلما جئت إلى بغداد، أما محسن فلم أر حرجاً من تجميع تلك الكتب التي بقيت الشاهد الوحيد عليه وشحنتها في القطار إلى بغداد.
تندرج رواية «المد الهائل» ضمن أدب الخيال العلمي، وقد نشرها «ألكسندر كي » عام 1970 . وهي تحكي قصة كونان، صبي يعيش بمفرده على جزيرة صغيرة بعد أن أحالت الحرب العالمية الثالثة الأرض دماراً بفعل الأسلحة المغناطيسية. حينها انقلبت محاور الكرة الأرضية، وغَرِقَت القارات في المحيط، ولم يبقَ منها سوى بضع جزر صغيرة. بعد أن نجا كونان من تلك الكارثة المؤلمة التي حلت بالأرض، وجد نفسه في عالم جديد مختلف تماماً عن العالم الذي عرفه من قبل. تتنقل أحداث الرواية بين عالَمَي كونان ولانا عقب انتهاء الحرب المُدَمِرة. كان كونان يعيش وحيداً في جزيرة نائية، ولانا تعيش في «هاي هاربور» مع خالتها مزال وعمها الطبيب «شان» زوج «مزال». بعد مرور خمس سنوات على النجاة، يعثر طاقم سفينة النظام الجديد على الجزيرة التي يقيم فيها كونان، وقد ناهز السابعة عشرة حينها، فيسوقونه أسيراً إلى مدينة «إندستريا » للعمل فيها وخدمة المسؤولين عنها. يلتقي هناك ب «تيتشر» المتخفي بشخصية باتش، الرجل العجوز الذي يصنع القوارب في «إندستريا»، ويجيد التواصل عن بُعد مع ابنته «مزال». وقد تعمّد «تيتشر » إخفاء اسمه الحقيقي، «برياك روا»، ذلك أن قادة النظام الجديد في بحث مستمر عنه، بغية أَسْرِه والحصول على ما لديه من معارف لإعادة ابتكار التكنولوجيا التي كان العالم القديم يمتلكها
النقد التقليدي "البارع متعدد الأساليب" و"له لغة في اللغة". مهما كانت دقة أو صحة هذه التعابير، فإيتالو كالفينو واحد من الكتاب القلة البارزين، كاتب صار معروفاً بطريقته الجميلة المربكة في الكتابة، وبدهاته في ذلك، لا تقرأ له صفحات حتى تقرَّ ببراعته. روايات كالفينو مشوّقة، والقارئ يواصل قراءة القصة بعد أن يجد نفسه في خضم من المفاجآت المتتالية وقد شدّه عالم زاخر بالوهم والغموض، لكنه قبل هذا يجد فيه شيئاً يعنيه، نداء خاصاً لنقاط بعيدة غافية أو لمسألة منتظرة في ذهنه. هذا هو شأن كل كتب كالفينو يظل فيها القارئ يبحث عن الغرض، عن المغزى الذي يطرحه أو يريده الكاتب وهو يسعى وراء المعاني البعيدة التي يلفها الغموض، والتي هي "خفيّة" وهي قريبة، أيضاً من نفسه. و"مدن لامرئية" الذي اخترت ترجمته، هو أول كتاب: لإيتالو كالفينو أثار دهشتي، رواية تثير المشاكل نفسها التي أثارها الكاتب من قبل، ولكن بأسلوب مختلف وبإيجاز جميل ومذاق فيه العمق الثقافي ونكهة الشرق البعيدة والمؤثرة. ففي هذه "الرواية" نرى قبلاي خان يراقب إمبراطوريته، فيراها تتعاظم وتتباعد أطرافها، وهي متماسكة، مثل ماسة صلدة لمّاعة، واقفة في الزمن مثل صرح شامخ... إنما هو في حاجة إلى الإقتناع الأخير، إلى السر الذي يتوق لمعرفته، لكي يتأكد، لكي يقتنع، لكن المدن التي يراها ماركو يولو في هذه الإمبراطورية.
"بعد ظهيرة أشد أيام الربيع دفئاً ونضارة انتهت تدريبات حفل التخرج في المدرسة الثانوية، وتدفق الفتية والفتيات، والآباء والأستاذة، خارج البناء الجديد للمدرسة الجيورجية الطراز القديمة. انفصل جيم ويلارد عن الحشد، وتوقف برهة على الدرجة العليا ومدّ بصره بحثاً عن بوب فورد، لكنه لم يتبينه وسط حشد الفتية بالسترات الداكنة والسراويل البيضاء، والآباء بقبعات القش (كانت تلك موضة ذلك العام في فرجينيا). كثير من الرجال كانوا يدفنون السيجار، وهذا يعني أنهم من السياسيين. كان ذلك هو المقر الريقي وهو غني بشكل خاص
المرأة المحطّمة: ثلاثيّة روائيّة قصيرة مثّلت علامة فارقة في عالم سيمون دو بوفوار الابداعيّ ، حيث قطعت بها مع كتابة السّيرة للمرّة الأولى ، لتدخل عالم المتخيّل ، عالم الآخرين من وجهة نظر مُحايدة. ولئن بدا أن الكاتبة قد فسحت المجال لثلاثة نماذج من النساء للتعبير عن أنفسهنّ بحرّية وحياد كما أسلفنا ، ف إنها في الواقع قد منحتهنّ قلمها وهمومها لتُبدي من خلالهنّ رأيها في الوجود وفي أعداء المرأة الثلاثة : المجتمع والأخرى والسنّ. جراحة دقيقة نجحت فيها سيمون دو بوفوار بأسلوبها السلس والسهل والعميق ، وبفلسفتها الملموسة المتاحة للجميع. هي روايات قصيرة لكنّها قاسية ومؤثرة للغاية ، حاولت فيها المرأة وبكت وتوعدت وتمزّقت وخارت قواها وقاومت وانهارت في الأخير ، لكن لاتهرب أيها الرجل ، هذه ليست كتابة نسوية مبتذلة حيث المرأة تصرخ في سعار غير مفهوم مطالبة بالألوهية على الأرض ، نحن إزاء واحدة من أعظم وجوه الثقافة الفرنسيّة ، التي لم تكتسب لقبها محاباة او مجاملة ، بل لأنها كشفت للمجتمع وللمرأة على وجه الخصوص عيوبها و جانبها من المسؤولية في فشلها أو عجزها أو تشييئها. لقد تحدثت عن العلاقة الزوجيّة ، ما يعني أن الرجل سيجد نفسه أيضاً في هذه الروايات ، سيرى نفسه بعيون نسائيّة ، سيكتشف أنه رجلٌ لأن المرأة في الوجود ، فكأن نجاحه ورغباته وثراءه وقوّته ميّتة بلا روح لولا المرأة. فهي التي إن شاءت كانت السائل الذي يتخذ شكل الإناء أو الخزّاف الذي يحدد للإناء شكله. ألم تقل دو بوفوار في إحدى المناسبات عبارتها الشهيرة : (( نحن لا نولد نساءً ، نحن نصبح كذلك )) ،
يقدم الكتاب حصيلة نشاط متميز لمنظمة المرأة من أجل حقوق المرأة الإنسانية ويرصد إنتهاكات حقوق المرأة في الريف والمدينة ومن خلال شهادات وكتابات نادرة لنساء يعشن في ظل القمع الجنساني المستمر على مدى قرون.
يروي هذا الكتاب قصة انسانية ومهنية لتجربة متفردة خاضتها مؤسسة اعلامية كبيرة ارادت من خلالها ان تنقل الاعلام من جهة الضحية امام الارهاب الى جهة الند الذي لا يضحي بمهنيته بسبب (الظروف السائدة) كما كان يتداول الجميع. هذا التحدي الذي وضع سلامة المراسلين في المرتبة الاعلى, كسبه الاعلام باعداد فريق يجيد ك ل فرد فيه القيام بمهمة فريق صحفي كامل من خلال برنامج تدريبي عرف بالصحفي الشامل, الجزء المتبقي من قصة النجاح هذه التي اوصلت (العربية) في العراق الى مناطق لم يصلها اي اعلامي من قبل (بالمعنى الحرفي للعبارة) كان وراء نجاحه المراسلون انفسهم وشجاعتهم النادرة, (المراسلون الجريئون) قصة تجربة طويلة اختلط فيها الشخصي بالمهني وبأشياء اخرى كثيرة يعرض الكتاب تفاصيلها الدقيقة. نوفل الجنابي: كاتب صحفي يعمل في قناة (العربية) منتجا للمهمات الخاصة والبرامج الافلام الوثائقية ويتولى في الوقت نفسه مسؤولية الملف العراقي في القناة, له حول العراق ومناطق اخرى في العالم سلسلة وثائقيات تعرضها (العربية) منذ عام 2004 منذ ان غادر العراق في نهاية السبعينيات, عمل مع وفي صحف ومجلات كثيرة وأقام في دول عدة عربية وغير عربية. جمال بنجويني: مصور من مدينة السليمانية في كردستان العراق درس في معهد التصوير الفوتوغرافي في استراليا, نشرت صوره الصحفية في كبرى الصحف والمواقع الالكترونية العالمية, نيويورك تايمز, الغارديان, فايننشال تايمز, شيكاغو تربيوت, ياهو نيوز, وعمل أشهر مع وكالات الانباء في العالم.
هذه المدينة الحجرية جادة أكثر من اللازم، ومستقيمة أكثر من اللازم. صممت لأناس يكون البيت مأواهم الأول والأخير، بعد عمل يوم طويل. ولأنه شرقي تعود أن يقضي شطراً من استراحته خارج البيت، تعود الرفاق والمقهى والحانة والسير في الدروب الضيقة وحلزونيات الحياة العلنية والسرية، فقد كان يحس بشيء يفتقده في هذه المدينة المغلقة المكشوفة، ولاسيما وأنه في حالته العاطفية الراهنة، والمختصرة إلى تلك السويعات التي يقضيها إلى جانب سرير ابنه. كان يحتاج إلى ما يستند إليه، ويبدد قتام وحدته. الشوارع عريضة، والبيوت عالية، مكعبات ومستطيلات من الحجارة والإسمنت والزجاج، والفراغات هائلة، والمسافات جبارة يتيه فيها الإنسان الوحيد، إذا لم يكن له دور في هذا الزحام الهائل العجول الراكض إلى غايات شتى. يحس بالضآلة وانعدام الوزن.
«المرتكزات الأساسية للتصميم والإخراج الفني» للباحثة والفنانة التشكيلية غادة العاملي قضية هامة ندر أن التفت إليه الباحثون. فالحديث عن التصميم والإخراج الفني للصحف والمجلات يأتي، غالباً، بصورة عابرة في سياق دراسات وكتب تتناول، بشكل رئيسي، مواضيع أخرى. انطلاقا من هذا الواقع، فإن كتاب العاملي يأتي ليسد فراغا في المكتبة العربية أولا، وهو من ناحية ثانية يقدم معلومات وافية للمتخصص في مجال الإخراج الصحافي بالدرجة الأولى، كما انه يقدم، في قالب يسير وسهل، معلومات للقارئ العادي تتمحور حول أسس الإخراج الصحافي، والشروط التي يجب توفرها في الشخص الذي يعمل في هذا المجال، وابرز المدارس الإخراجية التي ظهرت في مجال الإخراج الصحافي.
المرض هو الجانب المظلم من الحياة. إنه مواطَنَة مرهقة وشاقة، فكل شخص ولد مواطناً في مملكة الأصحاء، وفي الوقت نفسه يُولد مواطناً أيضاً في مملكة المرضى. ومع أننا جميعاً نفضل أن نحمل جواز سفر مملكة العافية، فنحن مجبرون آجلاً أم عاجلاً على الأقل لفترةٍ من الزمن، أن نعد أنفسنا مواطنين في مملكة المرض. أري د أن أتكلم، ليس عن معنى الرحيل إلى مملكة المرض والعيش هناك، ولكن عن الأوهام العقابية أو العاطفية الملفقة عن المرض، وليس عن الانتقال مكانياً، بل عن نماذج لهذه الأوهام التي أخذت طابعاً أو صفاتٍ قومية. إن موضوعي ليس المرض نفسه، بل استعمالات المرض كاستعارة. موضوعي هو أن المرض ليس استعارة، وأن أصدق نظرةٍ إلى المرض، وأكثر الطرق صحةً في نظر الشخص المريض لمرضه، هي أن يتطهر منه، وأن يكون أشد الناس مقاومةً للتفكير البلاغي واستعمال الاستعارات. إلا أنه من الصعوبة بمكان النظر إلى السكن في مملكة المرض دون تحيُّزٍ، باستعمال الاستعارات التي وَصَفت المرض وصورته. إنني أكرس هذا التحقيق لشرح هذه الاستعارات وتفنيدها، وتحرير النظرة إلى المرض منها.
في لقاءات لاحقة فسر إبراهيم لمحمود صعوبة العيش منفياً بلا وثيقة ما. حدثه عن البواخر التجارية وعن البحر في دلمون حيث عمل هناك وعن أبناء وطنه غرباء نجارين وبنائين وعمالاً أجراء يسعون إلى تشييد سقف مالي فوق رؤوسهم. حدثه عما قرأه في مسرحية أوديب لسوفوقليس قال فيها كريون “ لم أولد وعندي الرغبة في أن أكون ملكاً بل ولدت وعندي الرغبة أن أعيش كذلك!” شغلت الفكرة ذهن إبراهيم مفكراً باغواءات التمَّاهي وتعامل الإنسان منذ خلق آدم و الآلهة والأديان ثم الحياة ما بعد الموت ولازم هذا التماهي الولاء له، الكفران به يساوي الزندقة. والآن تبدو لإبراهيم فكرة أن تعيش ملكاً أو كملك، لا بد من آثار تتركها في علاقات الإنسان بنفسه ومع الآخر والعالم ولم يستبعد تأثير ذلك في السياسة وهذه بدورها تطالب بولاءات وإغواءاتها متنوعة. داخل المقهى رائحة ظل بارد وأصوات غسيل للاستكانات والرصيف ساخن وفي الهواء رائحة غبار وأصوات أتوبيسات سطوحها حمراء لماعة في ضوء الشمس.
مؤسسة وموظفون وقصص وحكايا يلتقطها غائب طعمة، يزرعها بألوان الطيف، فتغدو للعين صوراً بألوان الحياة. ففي كل حكاية شجن وإحباط وأمل، حنين وشوق، وعواطف وإحساسات تلقي بظلالها على الأحداث فتعكس مدى مقدرة الإنسان على احتواء ظروفه، أقداره التي تجعل منه شيئاً أو لا شيء. بين الخارج والداخل، بين النفس والآخر ين سج غائب طعمة عالمه الروائي الذي يموج بالشخصيات، والحوارات في رواية بطلها الحقيقي والخفي الضمير.
ترتبط مواضيع الأشعار المُغنّاة اليوم في أعراس العالم العربي بتقاليد ضاربة في القدم ترقى إلى الحضارات الرافدينية خاصة، وإلى الحضارة الفرعونية, أيضاً تدفع تقاليد بلاد الشام والخليج ومصر العرْسيّة للتفكير أن طريقة الاحتفاء بالمعرِّسين ليست سوى نسخة حديثة لتقاليد الاحتفاء بالخصوبة االرافدينية خاصة، وأن العروس ليست سوى نسخة من عشتار القديمة المعروفة عبر نصوصها أو النصوص المرتلة لأجلها ولأجل خطيبها دمّوزي (تموز). الماء، التطهُّر والاستحمام شرط أساسي في التقاليد السابقة في المنطقة وفي الممارسات القائمة اليوم. هناك أصول رافدينية ومصرية عن شعائر الاستحمام العُرْسيّ والشعر الإيروتيكي المرتبط به. الحب هو مصدر هذه الأيروتيكا في النصوص الأدبية القديمة، قبل أي أمر آخر. الإيروس يتضمن الحنان كما خلص اليونانيون إلى الاستنتاج لاحقاً. هناك الكثير من النصوص الرافدينية التي تبرهن على ذلك. وهناك العديد من التمثيلات البصرية لهذا الحب الحنون بين ذكر وأنثى، ومنه تنطلق البداية الحقيقة لأي عرس حقيقيّ أو طقوسيّ في بلاد الرافدين، إذ لا معنى للوجود من دون هذا الحنان حسب الرواية الرافدينية على لسان سيدوري صاحبة الحانة التي تخاطب كلكامش "أما أنت يا جلجامش فاجعل كرشك مملوءاً، وكن فرحا مبتهجاً ليل نهار، وأقِم الأفراحَ في كل يوم من أيامك، وارقصْ والعبْ ليل نهار، واجعلْ ثيابك نظيفة زاهية، واغسلْ رأسك واستحم في الماء، ودلل الطفل الذي يمسك بيدك، وافرح الزوجة التي بين أحضانك، هذا هو نصيب البشر"