دار المدى للنشر والتوزيع هي دار نشر عراقية تأسست عام 1994، أصدرت الدار العديد من المنشورات الأدبية والكتب والروايات العربية، كما شاركت في العديد من معارض الكتاب المحلية والدولية.
تاريخ الدار
دار المدى تم تأسيسها رسمياً عام 1994 وهي إحدى شركات مجموعة المدى الثقافية والتي أسسها فخري كريم عام 1960، وتخدم القضايا الأدبية والسياسية والسير والمذكرات والفكر القومي. تضم دار المدى شبكة توزيع ووكلاء في عدة دول، وعدة مكاتب في بغداد وبيروت والقاهرة ودمشق وقبرص وأربيل.
مجالات الدار
تتنوع إصدارات الدار وتغطي موضوعات مختلفة على رأسها التاريخ، وقد أصدرت الدار أعمال متنوعة في مجالات مختلفة منها:
- الدراسات النقدية - المجموعات القصصية - الروايات. - المقالات والخواطر
مساهمات ثقافية تنشر دار المدى للعديد من الكتاب والأدباء العرب مثل: ميسلون هادي، بلال فضل والتي وصلت روايته الصادرة من دار المدى «أم ميمي» للقائمة الطويلة في الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2022، محمد الماغوط، ليلى العثمان، سعدي يوسف، نزيه أبو عفش. كما تنشر دار المدى ترجمات بعض الكتب من كل اللغات العالمية
يعتمد كتاب «جنة على نهر العاصي» على تقنية مشرقية بامتياز وهي تقنية الرواية داخل الرواية التي تذكرنا في شكل واضح بعوالم «ألف ليلة وليلة» وحكاياتها المتداخلة. كما أن ذلك الانتقال الدراماتيكي من عالم الواقع الممعن في محسوسيته الى عالم السحر والتخييل هو من صلب الأسلوب الذي اعتمده الكتاب الأكثر شهرة في العالم والذي ندر أن نجا من سطوته كاتب غربي أو عالمي. فالراوي القادم من فرنسا والجالس في يوم من أيام حزيران (يونيو) 1914 في حماه على مقربة من نواعير نهر العاصي يلتقي هناك بمستشرق إرلندي مهتم مثله بدراسة الآثار السورية. وهناك يخبره الإرلندي بحصوله من أحد التجار السوريين على مجموعة من التحف والتماثيل والقطع الذهبية الأثرية إضافة الى مخطوط قديم مكتوب بخط باهت، وقد يكون مؤلفه أحد الرجال الهجناء الذين تعود ولادتهم الى الحقبة الصليبية وينتمون الى أب إفرنجي وأم سورية، أو العكس.
كتبت هذه المسرحية رداً على أدب من نوعية مغايرة بدأ بالظهور حوالي عام 1925 وكان يشوه موضوعاً مهماً ونبيلاً إذ يضعه برمته على المستوى الشهواني الجسدي. وإليكم موجزاً بسيطاً للفكرة الرئيسية في "جنوب": عشية حرب الانفصال، ثمة ملازم أميركي يفضي بمكنونات نفسه وبحبه العارم لشاب لم يكن يعرف إلا اسمه. وعندئذ يستبد به الخوف والهلع، لكنه يفلح في السيطرة عليهما. وفي محاولة للفرار من قدره، يطلب يد فتاة، هي أنجيلينا، التي لم يكن يعيرها حتى ذلك الحين سوى القليل من الاهتمام، وهكذا يتكشف بوضوح أنه ليس مغرماً بها، الأمر الذي عبر عنه ثلاثة أشخاص، كل بطريقته: أنجيلينا في بادئ الأمر، ومن ثم والدها وأخيراً جيمي، الصبي الذي بلغ الرابعة عشر من عمره ويتكلم ببراءة ودون مواربة. ويحاول الملازم فيشيفسكي الاعتراف بهواه لمن هو موضوع هذا الهوى، بيد أنه لا يتوصل إلى ذلك تماماً، فيكرر سلوك واحد من أسلافه في حالة مماثلة، ويسعى إلى قتل إريك ماك كلور. ولكي يسوقه إلى مبارزة، فإنه يشتمه ويصفعه، لكنه، عند النزال بينهما، يقدم نفسه ضحية للرجل الذي جعل منه خصماً ويلقي مصرعه على يديه.
“جنوب” عنوان الرواية الصادرة عن دار “المدى”، للشاعرة والروائية والمترجمة العراقية دُنى غالي (1963). يتحدّث العمل عن العيش في المهجر، وأيّ معنى يحتمل، خاصة أنّ غالي تعيش في الدنمارك منذ 1992.
يعد فرانك لويدرايت أهم معماري القرن العشرين ومؤسس العمارة الحديثة والعمارة العضوية، أعجب بالعراق وتاريخه. صمم للعراق والعالم جنة عدن كما يسميها. كانت لرحلته المبدعة الغريبة المتعبة مع العراق وتاريخه وعمارته حيث بدء سفره الكبير مع العراقيين. أعلن في يوم عيد ميلاده التسعين المصادف الثامن من حزيران عام 1957 في مدينة سبرنك كرين في الولايات المتحدة الأمريكية وبحضور زوجته ولكفانا وأبنته لوفانا وحشد من 125 من ضيوفه انه قد أستدعي من قبل الملك فيصل الثاني ملك العراق لتخطيط وتصميم مركزثقافي على ضفاف دجلة في بغداد، وذكرت جريدة (Saturday Post) المسائية في حينها أن فرانك لويدرايت قد ذكر معقبآ (أنها أجمل هدية عيد ميلاد).
رواية ملحمية ترصد التغيرات السياسية والاقتصادية والأجتماعية فى تركيا خلال القرن العشرين عبر الاجيال المتعاقبة فى عائلة جودت بيك، الأول مع انهيار الأمبراطورية العثمانية فى بداية القرن العشرين، والثانى مع وفاة أتاتورك نهاية الثلاثينات، والثالث مع الانقلاب العسكري فى السبعينيات. عندما سئل باموق عن التشابه بين « جودت بيك وأبناؤه» وبين ثلاثية نجيب محفوظ، أجاب « أظن أنى قد أتقاسم مع محفوظ علاقات الشخصيات بالمكان، وكتابة الأحياء والشوارع، وتناول الأحاديث الجانبية والمؤامرات التى تحكيها النساء. ولكن الأمر أكثر عمومية من هذا، يشغلنى تحول حياة العائلات الكبيرة حيث يتعايشون سويًا كما لو كانوا جماعة موحدة، ثم تتفتت الاسرة من البيت الخشبى التقليدى إلى مساكن متفرقة فى بناء موحد .. كل هذا يشكل عالمى الروائى الذى ربما يشبه محفوظ، لكنه يختلف عنه أيضًا».
ثلاث فتيات نشأن في حي شعبي في مدينة حماة يدعى "جورة جوا"، هن بطلات رواية "منهل السراج" المسماة بالاسم نفسه "جورة حوا"، تلقي الرواية الضوء على كثير من الأحداث والمنعطفات التي مرت في حياة كل منهن.. وهن على التوالي: مي، كوثر، وريمة، وعبر سيرة حياتهن سنتعرف على الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وستأتي الأحوال السياسية في الطابور الخلفي للأحداث، ملقية بظلالها على كل شيء عبر إيماءات وإيحاءات تمد برأسها، كما ورد في إحدى الصحف، على استحياء في الرواية؛ لأن الرواية أصلاً تركز على الجانب الاجتماعي، وانعكاس الأحداث السياسية في الواقع الاجتماعي، وأثرها فيه. مي: أنثى تصبو إلى تلوين الحب بألوان خاصة كألوان قطعة الحلوى.
هذه سيرة شخصية للصبي المغمور الذي وصل الى ذروة السلطة في الامبراطورية الرومانية, ولكنها تكشف عن الوجوه المختلفة للصراعات الدامية في في محيط الامبراطورية التي توسعت شرقاً, و كان على الامبراطور جوليان
ليس أي من الشخصيات في هذا الكتاب مبنية على شخص حي، وقد أخذت الخلفية الجغرافية للقصة من ذلك الجزء من أفريقيا الغربية الذي عندي عنه تجربة شخصية. وهذا أمر حتمي. ولكنني أريد أن أوضح بشكل تام أنه ما من ساكن من سكان تلك المستعمرة بالذات، في الماضي، أو في الحاضر، يظهر في كتابي. فحتى المستعمرة الخيالية لها موظفوها. قائد شرطة وسكرتير مستعمرة، على سبيل المثال لدي سبب خاص يجعلني لا أريد لشخصيات كهذه في كتابي أن تتماهى مع ناس حقيقيين، لأني أتذكر بامتنان بالغ جداً اللياقة والتقدير اللذين تلقيتهما من قائد الشرطة وسكرتير المستعمرة التي عملت فيها خلال 1942-1943.
كانت تقصد المزارع تساعد في أعمالها. في الخريف، كانت تعمل في تحطيب عيدان الشجر وأخشابها، تحزمها في ربطات. في عطلة الخميس، كنت أرافقها. ألتقط الأغصان الصغيرة، وأضعها في الكومة. كنا وحيدتين. عند الظهيرة، كانت توقد نارا صغيرة. كثيرا ما أسترجع ذكرى خريف الغابات، النار، البرد، ذكراها وأنا برفقتها في الغاب
تيرينتس فرانسيس إيجلتون (ولد في 22 شباط 1943 في مدينة سالفورد) هو أحد أهم الباحثين والكتاب في النظرية الأدبية ويعد من أكثر النقاد الأدبيين تأثيراً بين المعاصرين في بريطانيا. وهو أستاذ الأدب الإنجليزي حالياً في جامعة لانسيستر وهو أستاذ زائر في جامعة إيرلندا الوطنية, جولواي.
بدا لمارينا وقد أصبحت في الأمازون الآن أن ثمة أسباباً لا حصر لها يمكن أن تقتل المرء دون تحديد الملام، عدا ربما ذلك اللوم الملقى على السيد فوكس. «لم يخطر لي قط أنه خطؤها». شعرت باربارا بارتياح عظيم لهذا الكلام. «إنني في منتهى السعادة!» قالت. «عندما تفهمين آنيك ستعرفين مدى فرادتها. كنت أفكر لعلك بعيدة ٌ عنها منذ فترة، أو لعلك نسيت»، قالت، يبدو أنها تعرف أموراً لم تكن قادرة هي على معرفتها. «إنها شكل من أشكال قوة الطبيعة. عملها مثير، لكنه في الواقع يكاد يكون بعيداً عن الهدف. إنها مذهلة، شخصيتها نفسها، ألا تظنّين هذا؟ حاولت أن أتخيل أن يكون للمرء أم تشبهها، أو جدة، امرأةٌ لا يعرف الخوف طريقاً إلى قلبها، شخصٌ يرى الحياة بلا حدود». استطاعت مارينا أن تتذكر ذلك الشعور بالضبط. فكرةٌ عابرة بسرعة ومدفونة عميقاً لدرجة أنها بالكاد أفلحت في استدعائها من جديد: ماذا لو كانت الدكتورة سوينسون والدتي؟ وضعت في بالها الاتصال بوالدتها قبل خلودها إلى النوم هذا المساء، حتى لو كان الوقت متأخراً. «وما علاقة هذا بالسيد فوكس؟». «إنه يزعجها»، قال جاكي، كأنه قد صحا فجأةً فوجد نفسه في المطعم، وسط الحديث. شخصت عيناه الزرقاوان من خلال أطراف غرة شعره الطويلة للغاية. «أرسل لها يسألها عما تقوم به. كان يتصل بها باستمرار». «وبعدها تخلصت من الهاتف»، قالت باربارا. «حدث هذا قبل مجيئنا إلى هنا بسنوات». رفعت مارينا شريحة الأناناس عن طرف كأسها، غمستها بالمشروب ثم تناولتها. «هل يعتبر هذا حقّاً تدخلاً كبيراً؟ إذ إنها تعمل تحت إمرته في النهاية. وهو الذي يدفع المال مقابل كلّ شيء، مقابل بحوثها، وشقتها وهذا العشاء. أوَليس من حقّه الاطلاع على سيرورة الأمور؟».
(حامل الهوى) اخر اعمال الروائي والقاص احمد خلف، التي يكشف عنوانها متنها، اذا اكملنا صدر البيت (حامل الهوى تعب) أي أن الذي يحمل الافكار، ويبني هواجسه على الحق والعدل، ستكون حياته غربة ومتاعب، مع مجتمع متخلف لا يفهم الا مصالحه الذاتية، وترسيخ جهله.
يواصل الروائي جمال حسين علي سرد فصول "الملحمة العراقية" التي بدأها في رواية "أموات بغداد" (دار الفارابي - 2008)، بعد أن شكّل الكائن العراقي الجديد من أشلاء القتلى، واختار بروفيسور الجينات والاستنساخ العائد من موسكو، أجزاء هذا الكيان من كلّ منطقة عراقية. وقام هذا الكائن في روايته التالية "رسائل أمارج
على الرغم من وقوع حوادث هذه الرواية في كينيا المعاصرة فإن جميع الشخوص من نسج الخيال. وأما المجيء على ذكر أسماء من أمثال «جومو»، «كينياتا»، و«واياكي»، فقد كان أمراً لا مندوحة عنه باعتبارها تمثل قسماً من تاريخ بلادنا ومؤسساتها. بيد أن المواقف والمشكلات حقيقية تماماً – وحقيقية إلى حد مؤلم في بعض الأحيا ن بالنسبة لأولئك الفلاحين الذين حاربوا البريطانيين ويرون الآن أن كل ما حاربوا من أجله قد نُحّي جانباً. نغوجي واثيونغو ها هو ذا (ميوغو) تنهشه الهواجس مستلقياً على ظهره شاخصاً ببصره إلى السقف. ثمة خصل هامدة من الحشائش والسرخس تتهدّل من سقيفة القش وتتجه كلها صوب قلبه. وها هي قطرة من الماء الصافي تتدلى فوقه مباشرة. لقد أخذت هذه القطرة تنتفخ رويداً رويداً وتزداد اتساخاً كلما زادت تشبعاً بذرات السخام. ها قد بدأت الآن بالسقوط باتجاهه. حاول أن يطبق جفنيه ولكن هيهات... جرّب أن يزيح رأسه غير أنه وجده مقيَّداً بهيكل السرير. لقد بدأت هذه القطرة تتسع شيئاً فشيئاً كلما زادت اقتراباً من عينيه فأراد أن يغطي عينيه براحتيه إلا أن يديه وقدميه، بل كل أعضائه رفضت الخضوع لمشيئته. وأخيراً استجمع ميوغو قواه وبجهد يائسٍ أخير، هبّ مستيقظاً من نومه. وها هو الآن يلتحف الدثار نهباً للمخاوف والوساوس من أن تسملَ عينيه فجأة – كما تراءى له في الحلم – قطرة من الماء البارد. لقد كان الدثار خشناً وبالياً، كما كان وبره يخزه في وجهه وفي رقبته بل ويخز في الواقع كل الأقسام العارية من جسده. وقع ميوغو في حيرة من أمره؛ أيقفز من السرير أم يبقى فيه؟. لقد كان السرير دافئاً ولمّا تشرق الشمس بعد في الوقت الذي كانت تتسلل فيه خيوط الفجر إلى الكوخ من شقوق الجدار. حاول أن يلجأ إلى لعبة كان يمارسها دائماً كلما حاصره الأرق إبان منتصف الليل أو مع تباشير الصباح الأولى. إن معظم الأشياء في حلكة الظلام الدامس أو وقت الغسق تفقد حدودها المميزة لها ويختلط الحابل بالنابل. كانت اللعبة تتألف من محاولة تمييز الأشياء المختلفة بعضها عن بعض داخل الغرفة، بيد أن ميوغو وجد هذا الصباح أنّ من العسير عليه أن يركز انتباهه، وكان يدرك أن الأمر لا يتعدى الحلم: ومع ذلك فقد لازمه الشعور بالرعدة من فكرة قطرة الماء البارد وهي تسقط في عينيه.
كان الصوت الذي يتصادى رجعه في داخلي قد انسحب إلى بعيد. لهذا السبب لم أستطع أن أكتب ولا كلمة واحدة خلال الأشهر المنصرمة. إذ بقيت طوال الوقت متسمِّراً هكذا، جالساً خلف الطاولة. وفي الحقيقة لم أعرف أي هراء أفعل. ثم خُيّل إليَّ أن صوتي كان يراقبني عن كثب. يتأمَّلُني. وقد أدرك أنني أنادي عليه بكلمات تكوّ نت من تلقاء نفسها إثر حركات بسيطة لا أدري كيف قمتُ بها. أخرجت قلم الحبر ذا اللون اللازورديّ من علبته. فتحت غطاءه ثم أخذت أسحب الحبر إلى داخله رويداً رويداً. رفعتُه إلى أعلى كي أتأكد إن كان خزّان الحبر قد امتلأ أم لا. بعد ذلك التفتُّ إلى دفتري الذي تركته مفتوحاً، وهو باقٍ على حاله هكذا منذ عدة أشهر. وجَّهتُ قلم الحبر باتجاه نصاعة ورقه، فتأكدت من امتلاء الخزان بالحبر. تماماً في تلك اللحظة رنّ تلفوني. فوضعت القلم جانباً وقمت من فوري. وبخطوات سريعة هرعت إلى الركن القصي من الصالة.
طفل غريب يتعرض لحادث في الأهوار، جنوب العراق، يعالجه ويتبناه شيخ عشيرة حكيم، من الصابئة، فينمو وتتطور شخصيته ليتولى الزعامة، في مجتمع ذي خصوصية مميزة، في حياته اليومية وتقاليده، ولم يكن الحب بعيداً، في نسيج هذه الحياة التي تحفل بالمفاجآت.
تشكل هذه الدراسات النقدية رؤية منهجية لملامح الحركة الثانية للحداثة الشعرية العربية متمثلة بعدد من القصائد والتجارب والموضوعات الشعرية التي تحمل في أبعادها تصورات شاملة. وقد شمل الناقد في قراءاته عدداً من الشعراء من مخنلف الأجيال، مما يعني أن الحركة الثانية للحداثة الشعرية لم تبدأ بعد حركة الحداثة الشعرية الأولى (حركة الرواد) ولن تنتهي في مرحلة لاحقة محددة، وإنما هي تيار شكّل تصورات وأدوات جديدة يمكننا تسميتها بحق (الحركة الثانية للحداثة الشعرية)، وفي هذه الرؤية المنهجية طوّر الناقد نفسه أدواته النقدية ومنهجيته، رابطاً بين الشعر والمجتمع ضمن تصور فكري واسع
هذه الرواية هي واحدة من أهم أعمال الكاتب العراقي محسن الرملي، صاحب روايات (الفَتيت المُبعثَر) و(تمر الأصابع) و(ذئبة الحُب والكتب) وقد تُرجِمت إلى أكثر من لغة وترَشحَت ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية/البوكر عام 2013م. إنها رواية حافلة بالأحداث والتواريخ والمواضيع والشخصيات التي م ن أبرزها شخصية عبدالله كافكا، طارق المُندهِش وإبراهيم قِسمة. تسرد سيرتهم ومن خلالها جانباً من تاريخ العراق على مدى نصف قرن، وكيف انعكست مجرياته على حياة الناس البسطاء. الحروب، الحصار، الدكتاتورية، المقابر الجماعية وفوضى الاحتلال التي يضيع فيها دم إبراهيم، كرمز للدم العراقي، بين فلول نظام سابق وأتباع نظام تلاه. يرفض محسن الرملي اعتبار الضحايا مجرد أرقام، كما تَذكُر الصحافة، وإنما هم أناس لهم تاريخ وعوائل وأحلام وتفاصيل. كل شخص هو عالَم قائم بذاته.. ومن بين مهام الأدب تبيان ذلك. قال عنها الناقد الدكتور صلاح فضل في مقاله (النور السردي يغمر حدائق العراق): "لقد أدهشتني رواية «حدائق الرئيس» للكاتب المتميز محسن الرملي. لم أكن أتصور أن بوسعه من مَهاجِره البعيدة أن يكثف رؤيته للواقع العراقي خلال العقود الماضية بمثل هذه التقنيات السردية المُتقَنة، والكفاءة الشِعرية التي تقدم نصاً إبداعياً من الطراز الأول." وكتبت عنها الروائية الدكتورة ميرال الطحاوي قائلة:"إنها رواية مليئة بالتفاصيل.. باللوعة وبالوطن وبالثورة والأسى، وهي رواية تشكل علامة في مسيرة الأدب العراقي وقدرته على تأريخ وتحليل التاريخ القريب والبعيد للوطن... متعة الأسئلة والبحث، ولوعة الفهم، وسوداوية الواقع الذي فاق كل خيالات الكتابة.. هي ما يقدمه محسن الرملي". فيما وصفها الدكتور محمد المسعودي بأنها:" مفعمة بسخريتها وتراجيديتها وبعمق معالجتها للحال العراقي. إنها رواية فاتنة وعميقة عن العراق بأحزانه وأفراحه. إنها بحق مَلحَمة مكثَّفة عن عراق قلق دام ومتوتر".
انتجت مادة هذا الكتاب فى خضم صراع ممتد مع افكار شائعه قوته لكتاب ومفكرين وشيوخ ونساء ورجال قاوموا العملية التاريخية لتحرير المراه التى بدات فى نهاية القرن التاسع عشر وما تزال جارية ، مستهدفه الوصول بالمراة الى وضع المواطن الكامل وتحريرها من الاستغلال ولم يكن هؤلاء تعبيرا عن انفسهم فقط بل غالبا عن قوى اجتماعية وسياسية فعالة لها مشروعاتها وبرامجها التى اكتسبت شرعية اضافيه لكونها تكسب الى صفها ملايين النساء الذين يندفعن بوعى او بدون وعى اليها وقد تضافرت الجهود ضد المراه بين قوى الاسلام السياسى الذى صور جسد المراة لصورة للشرف القومى والشخصى وتعتبرها عورة وبين سياسة الليبرالية الجديدة والتكيف الهيكلى وما سمى بالانفتاحالاقتصادى الذى استغل المراه للدعاية كسلعه اقتصاديه تستخدمها فى الاعلان والترويح للبضائع ويلتقيان معا فى مد الاول الثانى بالتفسيرات الفقهية اللازمة لتحقيق المناسب للمجتمع وينتج عن هذا الواقع مقاومه تشتد وتخفت وينتج عن ذلك نتائج مثل الحركة النسائية الجديدة التى تطمع لبناء عالم قائم على العدل والمساواة والحرية .. وتثير المؤلفه فى هذا الكتاب جدلا فى الحياة الفكرية والسياسية وضمن الحركة النسائيه وحركة حقوق الانسان ليغتنى بأفكار جديده وبالنقد على نحو خاص
فكرة هذا الكتاب الأصلية قد أقنعتني بتأليف سيرة شخصية لبستاني اسقرّت صورته في ذهني منذ منت طفلاً. كان ذلك البستاني رهين حديقة واسعة الأرجاء، وجليس أنواع لا تحصى من الورود والأشجار، ونديم أجناس لا تهدأ من الطير والفراش والديدان، ومرشد أصناف شتّى من الناس. كان المنتزهون الهائمون فرادى وأزواجاً في الحديقة يطهرون وحدتهم من هواجس الحصر والكبت بالاستمتاع ببساطة التكوين الطبيعي وتناسقه وجماله، والعشاق يطقئون أوار عشقهم بسكون الطير وعناق الزهر وشباب الأرض، فإذا طال بهم الالتفاف والانزواء تلقوّا من البستاني، إينما رأوه في زاوية بالحديقة، همسات شاردات أو تلويحات صامتات.
في رواياته وقصصه القصيرة، وفي حوارياته، يظل فؤاد التكرلي يبحث في العمق، في تجربة الحياة وتجربة الكتابة، في نسيج واحد، يتداخل فيه الفرح والحزن، الحرية والقمع، النجاح والإخفاق، فالشخصيات تتحرك دائماً تبحث عن مصائرها ومساراتها التي تتغير دائماً.
حديقة بعطر رجل.. كيف تكون هذه الحديقة؟ وكيف يكون هذا العطر؟ وكيف يكون هذا الرجل؟ .. هذا مانكتشفه وندلف إليه من باب ديوان "دنى طالب غالى" الذى بين يدينا، حيث نرى الحروف والكلمات ونشتم رائحتها ونلمس بأيدينا أسطحها.. ونجد قاسمها المشترك في كل قصائدها "الحواس" .. وما يصل إلينا عبرها.. العين والأنف والشففاه والأصباع .. العطر و الرائحة والألوان، كل ما هو معنوى لابد وأن يتحول غلى ملموس محسوس مرئى .. إنه ديوان يجدل لنا المعانى فى صورة تزدحم بالأشياء والألوان والمشاعر المجسمة.. يرسمها على الصفحات وينفح فى روحها لتتشبث بذاكرتنا وقلوبنا حين تنثر الشاعرة مكنون خيالها من قصائد.. لا أدرى. عيناه تعومان فى ليل داكن.. تركنك تتسرب من بين أصابعى هذا الصباح.. نون.. وغيرها من حبات عقدها الذى إنتظم فى "حديقة بعطر رجل".
لا ضفاف للعلاقة بين المخيلة العراقية والمياه . ولا يمكن أن نفهم الفنان ناظم الغزالي حين يقول ، " غابت شمسنا والحلو ما جانا " دون التوقف في تخوم هذه العلاقة التي تتوزع مضامينها ليس على ضفاف الأنهار ، بل حتى على ضفاف السواقي أو الجداول المتفرعة من الأنهر . كما لا يمكن التفكير بأنسنة دجلة دون العودة لقصائد الجواهري أو مقاربات الروائي والقاص محمد خضير بين حركية الأنهار ولغة العراقيين ، ناهيك عن تراث إنساني هائل لم تمحوه آلاف السنين بعد السومريين . لكل هذه الأسباب أجدني هنا متوقفاً على ضفة الفنون والآداب من مواقف و حکایات ونصوص تغوص في المياه قبل الغوص في اللغة. خالد سليمان كاتب وصحفي متخصص في القضايا المتعلقة بالتغير المناخي والمياه . بدأ العمل في الصحافة الكردية في إقليم کردستان أواسط تسعينيات القرن المنصرم . یکتب لوسائل إعلام عراقية ، عربية دولية . نشرت له كتب باللغة العربية في كل من دمشق وبيروت وبغداد من بينها : حوارات مع المفكر العراقي الراحل هادي العلوي ، حالات كردية جداً وظاهرة صدام في المخيلة العربية . إضافة إلى المقالات والتحقيقات الصحفية عن المياه في العراق ومنطقة الشرق الأوسط في الصحافة العربية ، نشرت له كتب باللغة الكردية منها كتاب عن استخدام المياه كسلاح لفرض تغیرات سكانية بعنوان : استعمار المياه.
هذه رواية مزلزلة، في ما تحتويه من أفكار وما تعرضه من مشاهد، ولسوف يخرج قارؤها (كما خرج مترجمها) مبلبل البال، محيَّراً، مستمتعاً، مستهجناً... وحين يطوي صفحتها الأخيرة سيجد نفسه أمام السؤال الحتمي، وبعدُ؟... في الرواية صراع (وهل تكون رواية بغيره؟) بين معسكرين، قوتين، وقد يتبادر إلى الذهن أن الكاتب يمثل (أو يتبنى) أحد طرفي الصراع، ولكن مهارة "بارغاس يوسا" - أو إحدى مهاراته - تكمن في أسلوب الطرح الذي ينتهجه. إنك ما إن تنحاز إلى جانب، بفعل قوة الحجة أو دلالة التصرف أو التعاطف الوجداني، حتى ينتشلك الكاتب، بفعل العوامل عينها، ليحطك في صف الجانب الآخر. وقد يتساءل متسائل يسعى إلى تبسيط الأمور: هل تحاول الرواية المواءمة بين الثورية الفوضوية (في أواخر القرن التاسع عشر) والتعصب الديني المنطوي، في جانب منه، على رفض الظلم؟ هل المواءمة جادة أم ساخرة؟... إن في الرواية عشرات القرائن على هذا ونقيضه في آن واحد.
اعتادت آذاننا منذ فجر التاريخ الإصغاء إلى الأكاذيب، وتشبّعت عقولنا على مرّ العصور بخزين من الافتراضات. جعلنا الحقائق تبدو غريبة وحوّلنا القصص المزيفة إلى حقائق». هذه الكلمات كتبها قبل أربعة آلاف سنة المؤرخ الفينيقي سانشونياثون، ولا تزال تحتفظ بحيويتها حتى اليوم. كانت الحرب عاملاً ثابتاً في الحضار ة البشرية. حدثتنا الكتب عن الاضطرابات العنيفة التي هزت العالم منذ آلاف السنين، والتي ساهمت في تغيير مجر ى التاريخ، والتي كان معظمها يلمّع صورة المنتصر. لم تشر إلا قلة نادرة من الكتب إلى الارتدادات المرعبة لذلك القتال الذي لا يرحم، وإراقة الدماء والدمار اللذين تخلفهما الحروب. نحن ننظر إلى الكتب التاريخية على أنها مقاربة وثيقة مع الأحداث كما حدثت بالفعل. وإن بعض الثوابت، التي تظهر في أعمال جميع المؤرخين الذين عاشوا خلال فترة محددة، والذين تم نشر رواياتهم بمختلف الترجمات والكتب على مر العصور، ليست سوى الحقيقة. نحن لا نسأل عمن روى قصتهم. كانت السلطة الحاكمة دائما هي المؤرخ، لأننا لا نستطيع أن نخترق العالم الذي اختار أن يعرضه أمامنا إلَّا عن طريقه. على مد ى ثلاثة آلاف عام من السرد الملحمي، لم يكن دور المؤرخ إخبارنا كيف كان يتصرف ملكه، ولكن كان عليه إقناعنا أن نؤمن بما كتبه. اندلعت الحروب للدفاع عن «الخير» ضد «الشر»، ولكن عندما يتعلق الأمر بأسلوب خوض المعركة، كان من المثير للغرابة كم كان يتشابه «الخير» مع «الشر». فكلا الجانبين كانا يستخدمان الوسائل نفسها تماماً لقتل بعضهما البعض. وفي النهاية، ينتصر «الخير»، لأن كل إله (وكل كتاب تاريخ) كان يقف دائماً إلى جانب «الخير» وهو الطرف المنتصر.
رواية حرير بقلم ألساندرو باريكو.. تكشف رواية "حرير" للروائي الإيطالي أليساندرو باريكو، حكاية غرام رائقة لتاجر فرنسي عمل بتجارة ديدان القز خلال ستينيات القرن التاسع عشر. كانت بلدة لافيلديو هي موطن صناعة الحرير في ذلك الوقت، لكن أصيبت ديدان القز بوباء "التفلفل" وانهارت الصناعة. فانطلق هيرفي جونكور برحلة غير شرعية إلى اليابان لتهريب الديدان من هناك. وتدور الدائرة. ولد باريكو في تورين عام 1958. وحازت رواياته على عدد من الجوائز في بلده، إيطاليا: جائزة بريكس ميديكس اترانجيه وجائزة سيليزيون كامبيلو وجائزة فياريجو وجائزة بلازو ديل بوسكو. من رواياته: قلعة الراهب، البحر المحيط، حرير، مدينة. بالإضافة إلى مؤلفات عن الموسيقى. وصاحب أكثر مبيعات الرواية في إيطاليا.
رواية حصيلة الايام تأليف إيزابيل الليندي يعتبر البعض أن هذه الرواية هى استكمال للسيرة الذاتية للكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي،وتقدم الليندي في روايتها هذه حصيلة ثلاث عشرة سنة بعد باولا، الرواية التي حققت لها الشهرة الأوسع بين روايتها جميعًا. ولإن إيزابيل الليندى استرجعت من الذاكرة سيرة الروائي السوري حنّا مينة في باولا، فهنا يبدو الشبه أشدّ وأكثر وضوحًا في قدرتها الكبيرة على السرد والوصف، وتجسيدها لعدد هائل من الشخصيات في حياتها بأسلوب قصصي مميز، إضافة إلى بساطة اللغة، وما زادها جمالًا قدرة المترجم على إيصال ذات المعنى المضمّن في اللغة الأم للرواية
حفنة من تراب (بالإنجليزية: A Handful of Dust) هي رواية للكاتب البريطاني إيفلين وو. نُشرت للمرة الأولى في عام 1934، وعادةً ما تصنف إلى جانب الروايات الكوميدية الهجائية المبكرة للكاتب التي اشتهر بها في السنوات السابقة للحرب العالمية الثانية. ومع ذلك، فقد سلط المعلقون الضوء على ما يسودها من نبرات خفيضة جادة، واعتبروها عملًا انتقاليًا مهد لأعمال وو الخيالية الكاثوليكية ما بعد الحرب. بطل الرواية هو توني لاست، مالك أراضٍ ريفي إنجليزي قانع ضحل التفكير، ينضم -بعد تعرضه للخيانة من قبل زوجته ورؤيته لأوهامه تتحطم واحدًا تلو الآخر- إلى بعثة متجهة إلى الأدغال البرازيلية، لكي يجد نفسه عالقًا في محطة حدودية نائية، سجينًا لدى شخص مجنون. أدخل وو عدة عناصر من السيرة الذاتية في الحبكة، من بينها هجران زوجته له مؤخرًا آنذاك. في عام 1933-1934، سافر متنقلًا في الداخل الأمريكي الجنوبي، واستخدم عددًا من الحوادث التي تعرض لها خلال الرحلة في روايته هذه. وقد استخدم وو مصير توني الاستثنائي في الأدغال قبل ذلك موضوعًا رئيسيًا لقصة قصيرة مستقلة نُشرت في عام 1933 تحت عنوان «الرجل الذي كان يحب ديكنز». كان تلقي النقاد للكتاب متواضعًا أول الأمر، لكنه حظي بشعبية بين العامة ولم تتوقف طباعته. ثم تزايدت شهرة الكتاب في السنوات اللاحقة لنشره، ويُعتبر عمومًا واحدًا من أفضل أعمال وو، وورد أكثر من مرة ضمن قوائم غير رسمية لأفضل روايات القرن العشرين.
"ولأن المطر، منذ أن جئت تسكن في تلة الضاحية -خامل دائم ماثل مثل باب الحديثة أو مدخل البيت، مثل جذوع الشجر... صرت تحلم، مستيقظاً، بالمطر... مطر يتكون من وردة متناثرة في الرذاذ مطر القطرات الكبيرة، مطر الموج يغمر قمصان بحارة تائهين، مطر الرحمة الاستوائي في الزوبعة مطر لست تملك أن تسمعه: مطر من جراد مطر في عروق البلاد، مطر من رماد...".
أسمعُ صوتَ تهشّمِ جمجمتهِ قبل أن يصلَني رذاذُ الدّم. أشهقُ ثمّ أخطو خطوةً سريعةً إلى الوراء باتجاه رصيفِ المشاةِ. قدمي تغوصُ، وكعبُ حذائي لا يكملُ السيرَ معي ما يجعلني أمسكُ بوتدِ شارةِ ممنوع الوقوف خوفاً من فقدان التوازن. كان الرّجلُ يقفُ أمامي منذ ثوانٍ فقط. وكنّا بين حشدٍ من النّاس ننتظرُ شارةَ العبورِ كي تومضَ، حين فجأةً اجتازَ الرّجلُ الشّارعَ قبل الأوانِ، ما تسبّبَ باصطدامِ شاحنةٍ مسرعةٍ بجسدِه. اندفعتُ إلى الأمام أحاولُ إيقافَه، لم أستطعْ الامساكَ بشيءٍ، ورأيتُه يهوي أرضاً. أغمضتُ عينيّ قبل أن يصبحَ رأسَه تحت العجلةِ، لكنّني سمعتُ شيئاً يطقطقُ كصوتِ فلّينةِ الشامبانيا. اللّومُ، كلّ اللّومِ، يقعُ على هذا الرجل، إذْ كان ينظرُ لامبالياً إلى هاتفه الخليوي، ربّما لأنّه كان قد عَبرَ الشّارعَ ذاتَه مراتٍ عديدةً من قبل، من دون وقوعِ أيّ حادثٍ له. لعلّه الموتُ بفعلِ الرّوتين. الناسُ يشهقون مثلي ولكن لا أحدَ يصرخُ أو يصيح. سائقُ الشاحنةِ المعتديةِ يقفزُ من خلف مقودهِ ويجثو، على الفور، أمام الرّجل المسجّى. أبتعدُ قليلاً عن المشهدِ فيما عددٌ من الأشخاص يتدافعون نحو الأمام يريدون المساعدة. لم أكن بحاجةٍ لأن أنظر إلى الرّجلِ الممدّد تحت العجلة لأعرفَ أنه لم ينجُ من الحادث. كان يكفي أن أنظرَ إلى قميصي النّاصع البياض –بقعُ الدّم تلطّخُه الآنَ– لأعرفَ أنّ نقّالةَ النعشِ تنفعُهُ الآن أكثر من سيارةِ الإسعافِ. أدورُ حول نفسي محاولةً الابتعادَ عن الحادث –علّني أجدُ مكاناً أتنفّسُ فيه الصعداءَ– لكنّ إشارةَ المرور، الآن، تقولُ «اعبرْ»، وجمهرةُ النّاس تنتبهُ إلى الضّوءِ الأخضرِ ما جعلَ السباحةَ عكس التيار والعودة إلى الخلف أمراً مستحيلاً في خضمّ هذا النهرِ المتدفّقِ من سكّان مانهاتن. البعضُ منهم لا يرفعُ بصرَهُ عن جهازِهِ الخليوي، في أثناء العبورِ قرب موقعِ الحادث. أتوقّفُ عن السّير نحو الأمام، وأنتظرُ كي يخفَّ الحشدُ. أُلقي نظرةً إلى الخلف باتجاه الشاحنة، وأتجنّبُ مشاهدةَ الرّجل المسجّى هناك. سائقُ الشّاحنةِ يقفُ الآنَ خلف مؤخّرة سيارته، ويرمقُ هاتفاً خليوياً بين يديه.
حينما يُذكر اسم الأخوين غريم، تتبادر إلى الذاكرة، مجموعة «حكايات الأطفال والبيت» التي تُعد منذ قرابة قرنين من الزمن، مصدراً مهماً من مصادر متعة الصغار والكبار على حدٍ سواء، ليس في المنطقة الجغرافية الناطقة بالألمانية فحسب، بل في معظم بقاع العالم، عبر العديد من الترجمات والإصدارات المتعاقبة، بما فيها ترجمات متفرقة إلى العربية. إنّ معظم هذه الحكايات يحمل طابعاً تعليمياً أخلاقيّاً، يُمرِّر موعظته عبر المبالغة في تصوير الشخوص والحوادث والأفعال. إنها تتمحور حول قطبي الخير والشر اللذين يهيمنان على حياة الإنسان ويُسيّران مصيره منذ الولادة وحتى الموت. والحكايات على الرغم من توجهها إلى الأطفال، لا تستهين بالشر أو تستخف به، بل إنها تصوره جبّاراً بشعاً عاتياً وقوياً، لكن الخير إذا ما واجهه بجرأةٍ وذكاءٍ وتعاون فإنه قادر على تحقيق النصر، وغالباً ما تتدخل الطبيعة في لحظة لتُحقِّق النصر، ولتوقع بأطراف الشر عقوباتٍ فظيعةٍ ومروعة، من حيث وقعها على خيال المستمع أو القارئ. وتفسير هذه المبالغة الشديدة في تصوير عقوبة الشرـ سواء كان إنساناً أم حيواناً ـ أنها تقوم بدور الترهيب والردع عن الإقدام على فعل الشر، في حين تبدو أطراف الخير المنتصرة وهي ترفل بعد عناء في أثواب السعادة والهناء.
رواية حكايات إيفا لونا تأليف إيزابيل الليندي "إن الكلمات مثل العصافير، تمضي طليقة دون نظام ولا وعي وبإمكان أي كان بقليل من السحر أن يحبسها ليتاجر بها" رواية رائعة حقا شيقة ومثيرة للذهن وللعواطف، تجذب عطفك تسرق مشاعرك تقتحمك تسيطر على كيانك حتى تنهي آخر كلماتها. وكأنها الرواية الأنسب لحلتك النفسية والمزاجية، رواية تدخلنا في جو ميتافيزيقي لذيذ. مميز بسردها السلس ولغتها الواضحة كما أن أسلوب سردها المميز ساهم فى تكوين حبكة قوية زادت من عنصر التشويق والإثارة بالرواية.
قارئ هذه المجموعة يمكن أن يتوصل إلى قاعدة ثابتة في أغلب الحكايات الشعبية الخرافية وهي أن أبطالها هم دائماً من الشبان والشابات الذين لم يتزوجوا بعد في بداية الحكاية وتنتهي الحكايات في الغالب بزواج الشاب من الشابة، ونجد أن القاص العراقي يلقب دائماً الشاب ب "الولد" والشابة ب "البنت" حتى بعد زواجهما إشارة إلى يفاعة سن أبطال هذه القصص التي يكون الحب هو موضوعها الأول وتبقى جميع الشخصيات الأخرى كالأباء والأمهات والأخوة الآخرين شخصيات ثانوية مساعدة وغالباً ما يكون الأخوة ثلاثة، يكون الأخ الصغير هو البطل وكذلك في حالة الأخوات فهن في الغالب ثلاث وتكون الأخت الصغرى هي محور القصة وبطلتها الأولى.
أن الحكايات العشر المجموعة تحت هذا العنوان لا تتيح بدقة الترتيب الزمني لأعمال تولستوي، فنشرها جاء بعد آنا كارينينا 1877، لكننا نضعها، لأسباب عملية في المجلد نفسه الذي يضم كتب القراءة الأربع، وإن كانت تتباين فيما بينها تبايناً موحياً: إننا نرى تولستوي صاحب النهج الثاني الذي تُهيمن عليه هموم التثقيف ه و الذي يظهر فيها. لسنا هنا بإزاء مدوّن وقائع طبقات المجتمع الراقية - كما هي الحال في الحرب والسلم وآنا كارينينا - لكننا بإزاء الكاتب الذي تتملكه الآلام الإنجيلية وحياة سواد الشعب الذي يرى فيه وحده الخلاص والذي يرغب به، من أجل ذلك بالذات، أن يساعده فكرياً بكتب القراءة الأربعة وأخلاقياً بحكايات الإنجيل الذي يعتقد أنه قد فهم رسالته فهماً كلياً بعد أزمته الدينية في سنوات 1880. ولذلك، يَعْزم، كما نعلم، أن يتنكر لنهجه السابق، أنه لا يريد بعد الآن أن يكون الروائي الشاهد والحكم على المجتمع الراقي: إنه يرغب بحرارة أن يكلّم الذين ينتظرون من الكتّاب رسالة جوهرية، لا تسلية. ولقد أسرّ ذات يوم إلى الكاتب دانيلف سكي: أن ملايين الروس الذين يعرفون القراءة، يظلّون أمامنا فاغري أفواههم مثل صغار الغربان، ويقولون لنا: أيها السادة الكتاب، ألقوا في أفواهنا غذاء فكرياً جديراً بكم وبنا، اكتبوا لنا نحن أيضاً، نحن العطاش إلى الكلمة الحية والأدبية.
هذا الكتاب دعوة للإبحار في فن القصص الفارسية حيث تمتزج الأسطورة بالحكمة والفتوة والخصال الحميدة. جامع هذا الكتاب وناقله عن الفارسية هو الدكتور مصطفى البكور الباحث السوري في الدراسات الفارسية. يفتتح الكاتب عمله في المقدمة بمقولة للحكيم أبي القاسم الفردوسي 330-416هـ. تتعلق بالقصص والحكمة من ورائها: لا تظن هذه القصص كذباً وخرافة أو مصبوغاً بالسحر والأعذار: فكل ما تعارض مع العقل، أمكن حمله على سبيل الرمز. ولم يرد ذكر الفردوسي على سبيل المصادفة، لأن مجمل الحكايات الشعبية المنقولة ليست إلا مجموعة من تصورات الناس ورؤاهم الفكرية الحاصلة من خلال تفاعلهم الطويل مع شاهنامة الفردوسي الشهيرة في الأدب الفارسي والمترجمة إلى لغات العالم. وجدير بالذكر إن شاهنامة الفردوسي التي ألفها الفيلسوف الحكيم من سنة 370-402هـ. تعرض لخمسين ملكاً يمتدون على طول أربعة سلاسل ملكية ووفق ثلاثة مراحل هي: المرحلة الأسطورية، ثم البطولية، فالحماسية. كما يؤمل أن يكون الاهتمام بالثقافة الفارسية رداً مهذباً على كتابات بعض الإيرانيين المتغربين الذين يتنافسون في الإساءة إلى الثقافة العربية ويؤرثون الأحقاد القديمة.
في ذلك الوقت، عندما كنت لا أزال أتسلق الأشجار – وهذا منذ زمن بعيد، بعيد جداً، قبل سنوات وعقود كثيرة، حينها كان طولي لا يتجاوز المتر إلا قليلاً، وقياس قدمي ثمانية وعشرين، وكنت خفيفاً لدرجة أنه كان بوسعي الطيران – لا، هذا ليس كذباً، فقد كان بوسعي حقاً أن أطير آنذاك – أو تقريباً على الأقل، أو يُفضل أن أقول: يُحتمل حقاً أنه كان بإمكاني حينذاك أن أطير، لو أني عندها قد أردت ذلك فعلاً وبإصرار، ولو أني حاولت حقاً، إذ... إذ ما زلت أذكر تماماً، أني ذات مرة كنت على وشك أن أطير. كان ذلك في الخريف، في سنتي المدرسية الأولى. كنت عائداً من المدرسة إلى البيت وكانت تهب ريح بالغة الشدة، لحد أنه كان بمقدوري دون أن أفرد ذراعيَّ، أن أميل عليها، مثل القافزين من على منصة الثلج بل وأكثر، دون أن أقع... وعندما ركضت في وجه الريح عبرالمروج منحدراً على جبل المدرسة – إذ كانت المدرسة مبنية فوق جبل صغير خارج محيط القرية – وأنا أقفزعن الأرض قليلاً، فارداً ذراعي، رفعتني الريح، فصار بوسعي القفز دونما جهد لارتفاع مترين وثلاثة وأن أخطو مسافة عشرة أمتار بل اثني عشر متراً ـ ربما ليس بهذا الارتفاع ولا بهذا الطول، وما الفرق في ذلك –!.
حين أواجِهُ موتَ الورقة، أتوقّفُ، ثم أبدأ بإزاحَةِ بياضها غير مطمئنٍ على استحقاق ما أسكبُه عليها، فأنا أُرقِّشُها برسوم مشوّهة وطوارئِ أفكار. لا أدري تماماً، لكنّي أُخمِّن أني أشعرُ بما هو قابل للنسيان، فألْتَقِفُهُ وهو يترك أثراً على يدَيَّ وظلالاً على الورقة. استمرُّ مفترضاً أننا نبدأ كلَّ شيءٍ بأخطائنا. وما أُريدهُ لا تُسعفُهُ الكلمات إلا قَدْرَ التنفّس. أُحسُّ اعتراضاتهِ، صيحاتِ الرفض في رأسي تُرعشُ يدي وتوقف القلم، يتحركُ وتوقفُه! أقل