مختارات من القصص الإشراقية تقترب في بنيتها من حكايات القرون الوسطى الرمزية، نطلع عليها من خلال كتاب"كلمات الصوفية"لمؤلفه شيخ الإشراق شهاب الدين السهروردي، والصادرة عن دار المدى للثقافة والنشر بتحقيق وتقديم قاسم محمد عباس.. وفيه نجد الرمز يمثل أحد مفاصل الرؤيا والمجاز في التجربة الروحية الاسلامية بحسب تعبير السهروردي المعروف بسعة اطلاعه وعمق معرفته بالعلوم الدينية والفلسفية. إلا إن جرأته وصراحته جعلتاه في صدام مباشر مع الفقهاء الذين ظهروا في موقع لا يحسدون عليه، في المناظرات التي كان يدعو إليها الملك الظاهر بن صلاح الدين الايوبي. مما أوغر صدورهم حقدا عليه وراحوا يحوكون له تهمة الخروج عن الدين.. وفي مناظرة علنية خطط لها الفقهاء سأله أحدهم: هل يقدر الله إن يخلق نبيا آخر بعد النبي محمد (ص)؟ فأجاب السهروردي: بأنه لا حد لقدرته. وكان التأويل جاهزا بان السهروردي يجيز خلق نبي آخر بعد النبي محمد (ص) وهو خاتم النبيين.
ترسم الكاتبة لوحة عائلية في رواية من شخصيات حية، بألوان متفرقة، ومن زوايا مختلفة، تتحرك في أجواء حميمة، تحمل خصوصية الحياة اليومية في المجتمع الكوردي الجديد، بما فيه من اختلاف المفاهيم والعلاقات بين الأجيال، وبين الرجل والمرأة، في رواية مكتوبة بأنامل تعيش التجربة بعمق ووعي وحرية.
هذهِ بإختصار بطاقة تعريفية أقلُ مِنْ مُوجزة لشخصية يوحنا، بطلُ رواية “فكتوريا” للأديب النروجيّ كنوت هامسون ، الرواية التي حازتْ جائزة نوبل لا لحساسيتها الشعرية ، إنَّمَا للشجن الإنسانيّ الذي احتوتهُ . وأمّا فكتوريا الجميلة ، فهي التي قال عنها يُوحنا : فكتوريا ! فكتوريا ! لو تعلمُ أنّها تملكُ كلّ لحظة من لحظات حياتهِ يرغبُ في أنْ يُصبحَ خادماً مُطيعاً لها، عبداً يُكنسُ بأكتافه الطريق أمامها ، يُقبلُ راضياً حذاءها الصغير ، يجرُّ عربتها ، ويضعُ الحطب في مدفأتها ليالي الشتاء – حطبٌ مُذهبٌ في مدفأتكِ ، فكتوريا. وإذا كانَ معروفاً عن كنوت هامسون حذرهُ الشديد في رسم شخصياته الروائية ، فإنَّ شخصية يوحنا في هذه الرواية أكثرُ مِنْ لوحة ، وأعمقُ مِنْ قصيدة ، وأشرحُ مِنْ مُوسيقى . تقومُ الرواية على حُبٍ طفوليّ بين يوحنا العامل البائس، والأرستقراطية فكتوريا ابنة صاحب القصر التي اجبرها والدها على الزواج من الملازم أول “أوتو” otto ، بيدَ أنَّ الرواية تبدأ بالإستطرادِ قبلَ الزواج ، وباستثناء الأدبيات التشويقية، فإنَّ التوترَ السرديّ في هذه الرواية يتزاحمُ كلَّ بضعَ صفحات، بينَ مدٍّ وجزرٍ في القشعريرة التي أسمُها : الحُب .
على الرغم مما يشير إليه عنوان الرواية "كوابيس هلسنكي" إلى عاصمة دولة أوربية هي فلندا، إلا أن أحدائها ترتبط بالعنف والارهاب في العراق وهموم شخوصها العراقيين ومعاناتهم مع عسف النظام الديكتاتوري السابق في ذلك البلد وبقدر ما حاولت الرواية أن تعكس تفاصيلاً عراقية شفافة لكنها تبدو في جوانب منها مفزعة في حقائقها، من هنا جاء عنوان الكوابيس التي يعيشها الإنسان العراقي في حياته اليومية. الرواية تتناول أيضاً حياة وأفكار الجماعات المتأسلمة المتطرفة المقيمة في أوربا، وتحديداً فنلندا التي تغذي وتساند العنف الطائفي في العراق وخطط ومخاطر هذه الجماعات على الحياة الديمقراطية في أوربا. وفي هذا الفضاء الروائي حاول الكاتب استعارة شيء من حرفيات السينما وعمل على خلط الواقع بالخيال والأحلام بالوثائق بقصد استقراء موضوعة العنف وهويته وجذوره ومخاطره، والتحذير من التطرف محاولاً القول: أن العنف يمكن أن يندلع في أي مكان لأسباب لا علاقة لها بالدين فقط.
الجسور، والمضائق والأصوات مروراً بأقسام المدينة وضواحي معجون الأسنان ولوجاً إلى امتداداتٍ في الأرض والسماء التي لا يمكن إ أنْ تُسمّى بالمسافة السحيقة. لم يعرف ماذا يريد. كان الليل لا يزال مُهيمناً على النهر، بل نصف ليل، وكانت أبخرة رمادية تتمايلُ مرتفعة فوق المداخن على الضفة البعيدة. وتخيَّل أنَّ العاهرات سيكنَّ الآن قد هربنَ من الزوايا التي تضيئها أعمدة النور، وهنَّ يهززنَ مؤخّراتهنّ الشبيهة بمؤخّرات البط، وهناك مِهنٌ قديمةٌ أخرى توشك أنْ تبدأ نشاطها؛ شاحنات المنتجات تخرج من الأسواق، وشاحنات جديدة تخرج من أرصفة التحميل، وشاحنات الخبز تقطع المدينة وبضع سيارات متفرّقة تخرج من مستشفى المجانين وتتهادى على الجادّات، ومكبرات الصوت تضخُّ أصواتاً صاخبة. أما المشهد الأشدّ نُبلاً فهو الجسر الممتد عبر النهر، والشمس التي بدأتْ تهدر من خلفه. راقبَ مائة طائر نورس ينتشرون في إثر ماعونٍ يتهادى في النهر. إنها تتمتع بقلوب كبيرة وقوية. يعلمُ ذلك، وهو أمرٌ لا يتلاءم وحجم الجسم. ذات يوم كان يهتمّ بها وتضلَّعَ في التفاصيل الغزيرة للتركيب البنيوي للطيور. تضلَّعَ في أدقّ المسائل خلال جزءٍ من فترة بعد الظهر. لم يكن يعرف ماذا يريد. ثم عرَفَ. لقد أراد أنْ يقصَّ شعره. أطال مدة وقوفه قليلاً، وهو يراقب طائر نورس واحداً مرتفعاً ومتماوجاً في وجه هبّة ريح، مُعجباً بالطائر، وينفذ بفكره إلى داخله، في محاولة لمعرفته، شاعراً بالوجيب الثابت والرصين لقلب الطائر القَمَّام النَّهِم. ارتدى بذلة ووضع ربطة عنق. وقد خفَّفَتْ البذلةُ احْدِيْدابَ صدره الشديد الانتفاخ. كان يحب ممارسة التمارين الرياضية ليلاً، فيرفع أثقالاً حديدية، ويؤدي تمارين الالتفاف والضغط على المقعد بحركات رزينة متكررة تستهلك توترات النهار وضغوطه. أخذ يتمشى في أرجاء الشقة، المؤلفة من 48 غرفة. كان يفعل ذلك حين يكون متردّداً ويشعر بانقباض القلب، ويمرّ بخطى واسعة على طول بركة السباحة المُخصصة للمسابقات، ثم بصالون لعبة الورق، والصالة الرياضية، مروراً ببركة أسماك القرش وغرفة عرض الأفلام. وتوقّفَ عند بيت الكلاب وتحدث إلى كلابه. ثم توجّه إلى المُلحق، لكي يُتابع حالة العملات ويتفحَّص التقارير.
روايّة كو فاديس إلى أين ، للكاتب البولوني هنريك سنكوفيتش . قصة حب تدور أحداثها في زمن نيرون روما. نتعرف من خلالها على الاوضاع السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة والثقافيّة في ذلك العهد، ونقف فيها على الاسباب الحقيقيّة لإحراق روما، وعلى شخصيّة نيرون وحاشيته الامبراطوريّة من أمثال بترونيوس بطل الروايّة ، وسينيكا وغيرهما من الادباء والمفكرين . ثم وهذا أهم ما في الروايّة كيف تأسس التبشير للدين المسيحي من خلال أهم حواريين من تلامذة المسيح بولص، بطرس.
رواية كومنولث للروائية الامريكية آن باتشيت، وهي روايتها السابعة نشرت عام 2016 تبدأ الرواية بقبلة غير مشروعة تؤدي الى علاقة غرامية تتسبب بدمار عائلتين.. الاحداث تدور في ستينيات القرن الماضي وتستغرق اكثر من 50 عاما. صحيفة واشنطن بوست وصفت الرواية بانها قصة ملحمية، وقائع مترامية الاطراف للاحداث والعلاقات موزعة على عشرات الفصول.. لقد طغت احداث الماضي على خطوط القصة الحالية فالمشاهد الاكثر حداثة فيها موجودة اساسا كمدخل الى الذكريات القديمة.. آن بتشيت حصدت الكثير من الجوائز الادبية ابرزها جائزة كافكا وجائزة فوكنر. وتعد الروائية الاكثر مبيعا في امريكا.
ن لندن في عقود الستينيات والسبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي والفترة ذاتها في العراق، وبين دمشق خلال القرن الثالث عشر أثناء سنوات المُتصوِّف ابن عربي الأخيرة، ينسج «لؤي عبد الإله» روايته «كوميديا الحب الإلهي» (دار دالمون- دمشق) جاعلاً من مقولة سقراط «الحياة غير المختبَرة لا تستحق أن تُعاش»، صِراطه في رسم شخصيات عمله الروائي على اعتبارها من ممكنات الوجود التي يستطيع الحب، وحده، أن يجعلها قادرة على صياغة منعطفات حياتية، سواءً أكان ذاك الحب موجّهاً تجاه الجسد فقط، أم مُندغماً مع عاطفة الأمومة، أم متجسداً من خلال سطوته على عالم الأفكار التي في إمكانه أن يُحلِّلها من جميع عناصر قوتها، وجعلها مطواعة بين يديه. أربع شخصيات أساسية جمعتهم العاصمة البريطانية: «عَبْدِلْ» الطامع بكسب المال والوصول إلى الثراء بعد أن كشفت طفولته عن قدرات ذهنية تجارية عالية، و«بيداء» التي لم تفكِّر البتة بالخروج من بغداد، لكن زواجها من «عبدل» جعل منها امرأة تعيش وفق القيم العراقية في لندن، و«شهرزاد» ابنة عمة بيداء، طبيبة متحررة من كل التقاليد وتعيش على هواها في عاصمة الضباب، التي التجأت إليها إثر خروج عائلتها من العراق بعد ثورة الرابع عشر من تموز ١٩٥٨، و«صالح» الهارب من رجال الأمن في بغداد، والطامع بخوض غمار التجارب الحياتية لإغناء شخصيات روايته. من خلال لقاءات هذه الشخصيات الأربع وحواراتهم، وعبر تداعيات أحلامهم وهواجسهم وتناقضات أفكارهم، استطاع «عبد الإله» أن يُقدِّم لنا صورة عن تاريخ العراق المعاصر، من خلال الربط المتواصل بين ماضي الشخصية وحاضرها، والمتغيرات الحاصلة في أسلوب عيشها وتفكيرها، مع رصد المخاوف وانعكاساتها في مُضارع كل منها، إلى جانب التأكيد على أن «الشخصية هي مصيرها» عارضاً لمروحة الخيارات التي فُتحت أمام كل منها، وكيفية اتخاذ القرار وفق الخصوصية النفسيّة التي طرّزها بعناية، مع تحليل عميق لمكامن الضعف والقوة في كل شخصية، وكأننا أمام جلسات لعلم النفس يقوم فيها الروائي بتشريح علمّي دقيق لشخصياته والمآلات التي وصلت إليها، لكن من دون أن تفتقد، ولو جزءاً يسيراً من حيويتها، إذ تستشعر بأسلوب الكتابة ضيقها وفرحها، حيرتها وجنونها، نبضها وأصوات تنفسِّها، حتى إنك تُحسّ كأنك تعيش في تيارات وعيها، وتفتُّح خياراتها على الحياة، ومن ذلك تلمُّس الفارق الكبير بين عبدل وبيداء بعد ولادة ابنهما البكر «سليم» الذي يُعاني متلازمة داون، فعبدل استدعى غيبياته الخاصّة وغضب والده منه، معوّضاً الغرابة التي استشعرها من ابنه بمزيد من الجنس مع زوجته لولادة أبناء معافين يليقون به، وكانت النتيجة توءماً وبعدها مباشرة طفلة، في حين أن بيداء كانت تستشعر قوّتها في تعاطيها الإيجابي مع ابنها «سليم»، وفي الوقت ذاته في الرضوخ لرغبات زوجها ومزاجيته، على قسوتها في كثير من الأحيان.
نظم "غابرييل غارسيا ماركيز" ورشات عمل لكتابة السيناريو كان يقوم بها بدور المايسترو الذي يضبط إيقاع فريق العمل، ويطرح الأفكار الجديدة، ونقاط الإنطلاق في كتابة السيناريو، ويصحح مسار الحكايات الواقعية والخيالية التي تختلط بالأحلام. وفي كل مرة تبدأ الحكاية من فكرة عارية، ثم تتطور، لتصبح سيناريو فيلم ينتظر التصوير. وقد ضم هذا الكتاب هذه الورشات التي أعد لها وأدارها الكاتب "غابرييل غارسيا ماركيز" فيها الكثير من مختلف البلدان ككولومبيا، بنما، البرازيل، المكسيك، الأرجنتين، أسبانيا، كوبا
"لكن حان الآن موعد موتك." لِمَ تقول "موت"؟ لا تجعل الأمر مأساوياً. قل الأمر كما هو –"حان الآن موعد عودة مادتك إلى المصدر الذي جاءت منه أساساً." ما الرهيب في ذلك؟ وما الذي سيخسره العالم، وأي حدث غريب وغير مسبوق هذا؟ أهذا ما يرعبنا الطغاة به؟ ألهذا تُشحذ سيوف الحراس؟ دع الآخرين يقلقون بشأن ذلك. بعد أن فكرت في هذا كله، أجد أنه ما من سلطة لأحد عليَّ. لقد حررني الإله، وتعرفت على أوامره، ولا يملك أحد قدرة على استعبادي؛ هذا هو الانعتاق الحقيقي من قِبَل القاضي الحقيقي. المُحادثات 4.7.7-17
في هذه الرواية الثالثة لآلي سميث، بعد "المُصادفة" و"كان ولكن ذلك الحقيقة" اللتين أصدرتهما دار المدى، وهما مغامرتان جديدتان تماماً في مجال الأدب، تبتعد الروائية عن السرد الروائي التقليدي، وتقدّم لنا عملاً يعتمد بالكامل على التداعيات الفكرية والانطباعات الشخصية والاستطرادات. هذا العمل يخصّ آلي سميث؛ إ نه ذاتيّ بامتياز. خطرت لها فكرة كتابته وهي تقوم بزيارة لبلدة فيرارا الإيطالية التي تحتوي قاعات أثرية وقصوراً تضم لوحات جدارية جصّية (فريسكو) لرسامين مغمورين من القرن الخامس عشر، حين كانت عائلة إيست العريقة تحكم البلدة والدوق بورسو يستعد لتنصيبه حاكماً على البلدة. وكان الحكّام وأصحاب الألقاب والقصور يحبّون الظهور والفخامة والأبهة، ويُجنّدون لتحقيق ذلك أفضل الرسامين لتزيين قصورهم بالرسوم التي تبيّنهم جنباً إلى جنب مع الآلهة اليونانيين المشهورين. وكان بورسو هذا صاحب القصر المُسمّى "القصر الذي لا يعرف الملل" أو "قاتل الملل" Palazzo Schifanoia قد عيَّن رسّاماً شاباً موهوباً يُدعى فرانشيسكو ديل كوسا Del Cossa. وكان الرسم يتم على هيئة غرف تُسمّى بأسماء أشهر العام، وتمثّل كل غرفة إلهاً من الآلهة اليونانيين.