إبّان عودتي إلى محترفي في منتصف الليل،كنتٌ غالباً ما أقفُ عند الطاولة وأسجّل في ذلك السجّل السماوي بنوداَ صغيرة لا حصر لها تؤلّف دفتر حسابات الكاتب: أحلاماَ،خُطط هجوم ودفاع،ذكريات،عناوين كتب صمَّمتُ على قراءتها، أسماء وعناوين دائنين مُحتلين،تعبيرات آسرة،مُحررّين يجب حثّهم على الإسراع في العمل،ساح ات القتال،نُصُب تذكارية، مُعتزلات رهبانيّة،وما إلى ذلك. وأتذكر بوضوح الإثارة التي انتابتني وأنأ أُدون كلمات مثل موبايل،نهر سواني، نافاخوس، الصحراء المرسومة، النحل القاتل، الكرسي الكهربائي.
كتاب "كارل ماركس وولادة المجتمع الحديث" تأليف ميخائيل هاينريخ ترجمه الى العربية ثامر الصفار والكتاب يعد سيرة ذاتية جديدة وشاملة لحياة وعمل كارل ماركس..هذا المجلد الأول يتعامل على نطاق واسع مع شباب ماركس في ترير ودراساته في بون وبرلين، كما سيدرس وظيفة الشعر في تطوره الفكري ومهنته الأولى مع الفلسفة الهيغيلية ومع ما يسمى بـ"الهغيليين الشباب" في أطروحته عام 1841. بالفعل خلال هذه الفترة، كانت هناك أزمات وكذلك فواصل في التطور الفكري لماركس دفعت ماركس إلى التخلي عن المشاريع وإعادة تصور مشروعه النقدي.
قلّما إعتادت فعالياتنا الثقافية على مقاربة موضوعات تحتفي بتفاصيل حياة الكائن البشري؛ فقد صار التقليد أن نمايز بين الأفكار وبين الكائن البشري الخالق لهذه الأفكار ونسينا في خضمّ هذا التمايز أنّ الإنسان – في واحد من أهم توصيفاته الأنثروبولوجية – هو صانع أفكار في المقام الأول وأن الأفكار غالباً ما تنبثق من مكابدات حياته اليومية وليست محض مفاهيم فوقية أو أكاديمية مغلقة، ولعل فكرة (الحب) هي أكثر الموضوعات أهمية في إشباع حياة الكائن البشري والإرتقاء بها إلى مستويات أكثر رقياً ورفعةً؛ غير أن تأريخنا وحاضرنا معاً قلما احتفيا بالحب على عكس ما فعلا ويفعلان مع الكراهية ومفاعيلها. أذكر أنني ترجمت قبل بضعة أعوام مقدمة لكتاب يتناول معاني الحب وفلسفته، ونقرأ في بدء تلك المقدمة هذه العبارات الرائعة في توصيف الحب: كم هو فوضوي ومشوّش موضوع الحب!!! إذ نراه في كل مكان يُحتفى به على أساس أنه «التجربة الأكثر أهمية في الحياة الإنسانية». أتساءل: هل يوجد ثمة من يجادل بالضد من الحب؟ وسواءٌ منَحَنا الحب متعة عظمى أم تسبّب لنا بمعاناة رهيبة فإن القليل وحسبُ هم الذين ينكرون أن الحب هو مايمنح الحياة معنى وهدفاً جديرين بالاحترام، وإن غياب الحب يحيل الحياة صحراء موحشة. ثمة الكثير من الشكوك السائدة عن الإرباكات والتناقضات التي يحتويها مفهوم الحب، وغالباً ما نتساءل: كيف يمكن لهذه الخصلة الإنسانية العظيمة أن تكون لها نتائج غير مرغوب فيها وعصية على الفهم البشري؟ وإذا كان «الحب هو كل ما تحتاجه» كما تخبرنا كلمات أغنية فرقة البيتلز فلماذا يبدو أحياناً أن الحب ينساب في مسارات خاطئة تقود إلى آلام ومعاناة مؤذية؟ كيف يمكن لشيء مثل الحب يبدو في غاية الوضوح أن يتسبّب في آلام وتناقضات على قدر عظيم من الإيذاء؟ يبدو أن السبب يكمن في أننا لا نفهم الحب على قدر واف من الكفاية.
آلي سميث كاتبة اسكتلندية، ولدت في إنفرنس عام 1962 لأبوين من الطبقة العاملة، وفي منزل هو إعانة من مجلس المدينة. التحقت بجامعة أبردين، ثم بجامعة نيونهام في كمبريدج، لكنها لم تُكمل دراستها للحصول على درجة الدكتوراه. وعملتْ كمُحاضرة في جامعة ستراثيكلايد، إلى أنْ بدأتْ تظهر عليها علامات الإصابة بالتعب المزمن، فتركت العمل وتفرّغت للكتابة. وهي الآن تساهم بمقالات في الغارديان والسكوتسمان وفي الملحق الأدبي لصحيفة التايمز. هي عضو في جمعية الأدب الملكية. نالت عدداً من الجوائز على كتبها، منها جائزة إنكور على رواية «فندق العالم»، وجائزة مجلس الفنون الاسكتلندية، ورُشّحت لجائزة الأدب وجائزة مان بوكر. وفي عام 2005 نالت جائزة وايتبريد. من كتبها الأخرى ومجموعاتها القصصية: «المُصادفة»، «فتاة وفتى»، «كان ولكن ذلك الحقيقة»، «كيف تكوني كليهما»، «حب حر وقصص أخرى»، «القصة الكاملة وقصص أُخرى»، «الشخص الأول وقصص أخرى». تعيش مع صديقتها في كمبريدج. في روايتها الشهيرة «المُصادفة»، عمدت آلي سميث إلى جعل عنوان كل فصل من فصول روايتها هو الكلمة الأولى من ذلك الفصل، على سبيل المثال، إذا بدأ الفصل: «كانت ميري تطل من نافذة غرفة نومها...»، فإنَّ عنوان الفصل هو كلمة «كان»، وإذا بدأ الفصل: «عندما فتح تشارلز الباب وجد ما لم يخطر على باله...» – فإنَّ عنوان الفصل هو «عندما»، وهكذا. ثم إنَّ العنوان كان جزءاً من النص وليس منفصلاً عنه. أما في الرواية التي بين أيدينا فإنَّ آلي سميث تمادت وجعلت مجموع عناوين فصول الرواية هو عنوان الرواية كلها، وعليه فإنّ العنوان «كان ولكن ذلك الحقيقة» ليس جملة مفيدة بل هو مجموع عناوين فصول الكتاب الأربعة وُضِعَتْ كعنوان للكتاب
ذات يوم سألني صديقي الشاعر البصريّ، الخصيبيّ الاصل، اليوسفاني المولد جمال مصطفى، المقيم في الدنمرك الآن، سؤالاً بدا لي رومانسيا جداً: ألمْ تنجب أبو الخصيب شاعراً بعدنا؟ قلت بلى، وسمّيت له بعض الأسماء، ثم نصحني بإلحاح العارفين أن أكتب معجماً للألفاظ المتداولة في أبي الخصيب. وقتذاك، كنت منشغلاً بشاغل الشعر والصحافة وتفاصيل البيت والأسرة، لكنني قلت له: والله هي فكرة ممتازة، قد اتمكن من الشروع في كتابة شيءٍ من ذلك، لعلمي بأنَّ النسيان لا بدَّ آتٍ على كثير من المفردات لدينا، والتي لم يعد الكثير منها متداولاً الآن، بحكم نزوع الناس نحو (التمدّن) وتقليد سكان المدنية، التي يجد بعض الشباب، من سكان القضاء أنها الأليق بهم، وما يلوكه آباؤهم وأجدادُهم من مفردات إنما هي محط استهزاء وسخرية سكان المدينة، الذين راحوا يلهجون بكلمات المقيمين الجدد فيها، القادمين من ريف العمارة والناصرية. وفيهم من راح يتبغدد بلسانه أيضاً، في هجران واضح لألفاظهم، ألفاظنا، نسيج أرواحنا الذي نسجته أنوال سنين طوال من العيش بين النخيل والظلال والانهار، حتى غدا حلواً متشهىً، كمثل رطبنا وتمرنا ومروءتنا، كمثل كلماتنا والفاظنا التي لا أجمل ولا أسهل منها في اللسان، ولعمري حين يقول الخصيبي: (منيّل) منّجل. (المنجل)المعروف، والمستخدم لدى الفلّاح، أجدها أطرى بين الشفتين وأسهل لفظاً، ذلك لأن حرف النون متبوعاً بحرف الياء أسهل في اللفظ من حرف النون متبوعاً بحرف الجيم.
"أما عن عبارة «كتاب الأربعاء» فالأربعاء من الأيام التي شهدت أحداثاً جساماً تكاد تكون مخالفة لمنطق المصادفة في التشابه بين حادثات الماضي والحاضر ولكثرة النّواحس فيها. وكان أهل العراق يتطيرون منه، لا يتناكحون، ولا يسافرون فيه، ولا يدخلون من سفر، ولا يبايعون فيه بشيء". رشيد الخيون هو باحث وكاتب مهتم بقضايا الفكر العربي القديم، صدرت له العديد من المؤلفات في التراث والفكر.