"لعلنا يجب أن نعد هذه الرواية متعددة الأصوات. مع ملاحظة أن كل صوت يعيد إنتاج الصوت الآخر، يفسره، ويضعه في محنة، ويسائله، ويذكره بما جرى نسيانه أو اعتقد أنه عديم الأهمية في وقته، إن لغة الاعترافات الشخصية التي تبني الشكل الروائي في "بونساي" يعاكس هذا الوصف ظاهرياً. فالاعترافات تبقى فردية، وهي تسبغ ال تبرير الذاتي على اصحابها. لكن لأنها تجري في وعي متأخر، اذ لا يمكن العودة. ولا المراجعة، كما أن الأسف لايبدو نافعاً ولا مضراً.
كرَّستْ روايةُ بيت الأرواح الكاتبةَ التشيليَّةَ إيزابيل ألليندي في صدارة روائيّي الأدب الحديث، وأكثرهم موهبةً في سرد الحكايات وابتكار ملحمةٍ تمزج الخاصَّ بالسياسيّ، والحبَّ بالسحر والقدَر. تتناول الروايةُ انتصاراتِ عائلة «ترويبا» وانهزاماتِها عبر ثلاثة أجيال. يسعى «إستيبان» إلى السُّلطة المتوحِّشة، ولا يخفِّف من حدَّة هذا السعي سوى غرامِه بزوجته الرقيقة «كلارا»، وهي امرأةٌ لها اتِّصالاتُها العجيبةُ بعالم الأرواح. تُبْحر ابنتُهما «بلانكا» في علاقةٍ مُحرَّمة، تتحدَّى من خلالها جبروتَ والدها، وتكون النتيجة أجملَ هديّة لـ «إستيبان»: حفيدةً جميلةً وقويّةً، سوف تقود عائلتَها ووطنَها نحو مستقبلٍ ثوريّ. «عمل باهر... مشوِّق ومُميَّز. رواية بيت الأرواح إنجازٌ فريدٌ بسبب حساسيتِها الإنسانيّة والمعلومات التي تقدِّمها إلى القارئ على الصعيدين الشخصيّ والاستعاريِّ ـ لتاريخ أميركا اللاتينيَّة، وحاضرِها، ومستقبلها
بيت الدمية (بالنرويجية: Et dukkehjem) (بالإنجليزية: A Doll's House)؛ هي مسرحية نثرية من ثلاث فصول كتبها هنريك إبسن في عام 1879، عُرِضَت لأول مرة على المسرح الملكي الدنماركي في كوبينهاجن في الدنيمارك في الواحد والعشرين من ديسمبر عام 1879، وكانت قد نُشِرَت في أوائل هذا الشهر. تكمن أهمية المسرحية في الموقف الحاسم الذي تتخذه تجاه أعراف الزواج في القرن التاسع عشر. فقد أثارت جدلًا واسعًا في ذلك الوقت، حيث تنتهي الرواية بترك البطلة نورا زوجها وأبنائها بحثًا
غراتسيا ديليدّا 1871 - 1936 روائيّة وشاعرة ومؤلّفة مسرحيّة، اشتهرت بخصوبة إنتاجها الأدبي. ذاع صيتها في إيطاليا وفي أنحاء العالم، حتّى إنّها أصبحت في عام 1926 ثاني امرأة في العالم تحصل على جائزة نوبل العالمية للآداب، وذلك تقديراً لأدبها الذي «أبرز بشكل متميز مُثلاً سامية وقدرةً على تصوير واقع الحياة والإنسان بعمق وحرارة ». وقد جاء في سياق خطاب تقديم الجائزة: «نجد في روايات ديليدّا أكثر ممّا نجد في غيرها وحدةً فريدة بين الإنسان والطبيعة. حتّى قد يمكن للمرء أن يقول إنّ البشر في رواياتها هم نوعٌ نباتيّ ينمو في تراب جزيرة سردينيا. كانت غراتسيا ديليدا امرأة قوية مبدعة، لا تخاف الأحكام المسبقة، ومؤلفة لنوع خاص من الكتابة، يضرب جذوره في أعماق معرفتها بتقاليد موطنها جزيرة سردينيا وثقافتها. إن هذا الرباط الوثيق بين الأدب والموطن، الذي تمكّنت على كلٍّ من التحرر منه، يسري عبر إنتاجها على هدى أنموذج مشحون بقوة استثنائية وبقدرة تعبيرية فائقة، كما يحمل بين طياته نغماتها الغنائية وسيرتها الذاتية، ويمثل شخصيات تعكس غالبا الحياة التي كانت تحلم بها. لقد ترجمت ديليدا مشاعر القلق الوجودية التي ميزت القرن التاسع عشر، وتمكّنت من الدخول بكل جدارة في أوليمبوس المشهد الأدبي العالمي. وكان ذلك بفضل أصالة إنتاجها، ونفاسة أعمالها الأدبية، هذا رغم انحدارها من منطقة ريفية من مناطق بلادنا. في رواياتها نستطيع أن نشاهد الأثر الحاسم للمذهب الروائي الواقعي الذي رسم نقطة تحول أساسية في طراز كتابتها، ومكّنها من أن ترسم بيد بارعة شخصيات تعاني من صراعات باطنية عميقة. إن أعمالها تمثل حجر الأساس في بناء تاريخ الأدب، وإن إعادة نشر الكثير من أعمالها اليوم، ليشهد بالاهتمام المتزايد بإنتاجها. وهذا يساهم في نشر ثقافتنا داخل إيطاليا وفي الخارج، ويعمل كذلك على تمثيل أنموذج لا شك في قيمته بالنسبة للأجيال الجديدة.
ينبغي أن يكون حذراً معها، فهي ليست مثل أية امرأة أخرى. يرفع يده عن خدها ويضعها على مرتفع فخذها.. يضعها متردداً، ثم يتركها ساكتة في مكانها. ترنو إليه في حياء. ثم تغمض عينيها ولا تتكلم. يمر الوقت وهما يرقدان هكذا متلاصقين، يده على مرتفع فخذها، وعييناها مغمضتان، كأنها نائمة تنتظر وجلة. عندما يحرك يده أخيراً يتصلب جسدها. تفتح عينين مفزوعتين، ثم تنتفض جالسة في الفراش. حركتها المباغتة، تجعله يجلس هو أيضاً، يتأملها حائراً. “ماذا حدث!؟ لماذا!؟”، “أشم رائحة حريق، كأنه عند الجيران!” يتشمم الهواء، ثم يقول، “معك حق، الرائحة قوية، كأن المدينة كلها تشتعل!
يتناول هذا الكتاب سيرة الأديب الروسي الفذ والذي لقّب بأبي الأدب النقد الروسي، على غرار بوشكين الذي لقّب بأبي الشعر الروسي، ويستعرض هذا الكتاب للدكتورة حياة شرارة حياة هذا الكاتب التي أحاطها الفقر والعوز المادي وصعوبات الحياة لكنها كانت غنية على الجانب الإبداعي النقدي الذي جعل من اسم بيلينسكي مشهورا في روسيا والعالم فيما بعد. وسأتناول حياته وآرائه النقدية والأدبية في السطور القادمة، معتمدًا على ما وردَ في الكتاب نصًّا..
توقف منجل الزمن بين يديه مشدوهاً، كيف يفيض قرن الوفرة بيدها، بباكورة كل شيء، بإجلال، في حين يكدح البسطاء في المناجم البعيدة...؟... وتُشكِّل الأواني المصبوغة من الأرض البربرية؟... تلبية لطلبي، يضع المحارب المسلح درعه جانباً؛ يغادر الوثني بخور المذبح بأضحية آثمة، تتداخل زهرات البنفسج والورد الياقوتي في الأرض المحترقة، لا خوف للتائه الغافل من الأفاعي السامة، أما النحل فيسكبُ عسله الذهبي في الخوذة". توقفت... طابور طويل من القرويين بأقمشة الخيش يخرجون من بين الأشجار خلفها. يحفرون، ينقبون، يحرثون، يبذرون... يغنون، لكن الرياح تسلبُ كلماتهم بعيداً. تحت ظلّ ثوبي المنساب تتبع الفنون، تتجلى الموسيقا في كينونتي بإنسجام سماوي. وصيتي أن يغادر البخيل ما كنزّ عذرياً، فترى الأم أطفالها، بسلام يلعبون... أطفالها يلعبون...".
رواية من الروايات التي يصعب على الإنسان قراءتها، دون الإنغماس فيها ودون الإحساس مع أبطالها، ويصعب على الإنسان أيضاً أن يتساءل لماذا جُعلت واحدة من روائع الأدب الأميركي. "ويليام فوكنر" رابح جائزة نوبل للآداب، قالت النقاد فيه ما لم تقله بكاتب أميركي آخر؛ خلال ستة أسابيع من صيف عام 1929، كتب المؤلف روايته هذه التي تهز المشاعر والأحاسيس، هي رواية جمعت بين البساطة والتألق، بحيث اعتبرها النقاد من روائع الأدب العالمي. عبر "ويليام فوكنر" في روايته هذه عن أحاسيس المجتمع الأميركي وموقفه من الموت، فإذ بنا نرى أناساً يرهبونه وآخرين يقفون حيارى أمامه، إنما ما من أحدٍ وقف هازئاً ضاحكاً. إنها رواية تُقرأ من الصفحة الأولى حتى نهايتها ولا يمل منها.
"ولكن الماضي قد مضى. لماذا تريد أن تستخلص عبراً أخلاقية منه؟ عليك أن تنساه. أنظر هاهي شمسك المشرقة قد نسيت كل شيء والبحر الأزرق، والسماء الزرقاء؛ هذان قد قلبا صفحات جديدة" أجاب بعزيمة واهنة: "لانهما دون ذاكرة، ولأنهما ليسا بشريين."
مؤلف هذا الکتاب هو "هانس إبرهارد ماير" الذي يُعَدّ ولا ريب – وکما تذکر الدکتورة/ نجاح القابسي صاحبة التقديم لهذا العمل من أکبر المختصين الألمان في دراسة الحروب الصليبية، حيث يشغل کرسي التاريخ الوسيط بجامعة کيل بألمانيا الغربية، وقد کرس الشطر الأوفر من حياته لدراسة هذه المرحلة الهامة من تاريخ أوروبا والشرق الإسلامي، إذ أنه نشر منذ حوالي ثلاثة عقود ثبتا وافيا بالکتب والأبحاث التي صدرت باللغات الأوروبية حول الحروب الصليبية، أضف إلى ذلک العديد والعديد من الموضوعات التي تدور في ثنايا الحروب الصليبية مثل کتابه: "الصليبيون والشرق اللاتيني" وکذلک کتابنا موضوع الدراسة التحليلية النقدية: تاريخ الحروب الصليبية" الذي أتم کتابته في ستينات القرن العشرين. حظي کتاب: "تاريخ الحروب الصليبية للألماني "هانز إبرهارد ماير" منذ صدوره على اهتمام الأوساط العلمية الألمانية، وکذلک الأوروبية وليس أدل على ذلک من تکرار طبعته إلى ست طبعات منذ سنة 1965 وحتى سنة 1985، وترجم إلى الإنجليزية سنة 1972م، ثم ترجمت أيضا طبعته السادسة المنقحة سنة 1988، وأخيرًا تم ترجمته للغة العربية مع مقدمة للدکتورة نجاح القابسي، (منشورات مجمع الفاتح للجامعات) سنة 1990.
حرّض العنف المنفلت في عراق ما بعد صدام ويحرض المثقف خصوصاً للتساؤل عن أسبابه الثقافية الدفينة أو بناه الثابتة. فبعد أن هوت بنا موجاته المتواصلة منذ حوالي خمس سنوات إلى عتبات الجحيم والعدم، أججت في نفوس ضحاياه المحتملين المؤجلين مزاجاً تطهيرياً نقيضاً. صار كلنا أو أغلبنا ينظر إلى نفسه كروح هائمة أو ملاك بريء في عالم وحشي مدنّس. هذا القلق الوجودي وضع أقواساً من الشك على عباراتنا وواقعنا ومخيالنا. محنة الإستمرار بالحياة التي أطبقت علينا حفزتنا للتمعن في الوجه الآخر للتاريخ بصفحاته المسطّرة بلغة القسوة والإستباحة، والثقافة بسجلها المشؤوم المتواطئ مع العنف والمروج له. لكن ما جدوى وقفة كهذه محمولة على إقتفاء ما يسند حلمنا الإنساني المهدد بالانكسار كل لحظة والتاريخ الحي يخذلنا بوقائعه والثقافة السائدة تسلبنا فعل الوعي؟ هل بوسعنا الهروب من الماضي، تاريخاً وثقافة، بعد أن تجلى كمستودع لمعان سود؟ أيلزمنا الانتساب إلى حضارة أخرى غير موجودة إلا في كتب المدن الخيالية؟ لا هذا ممكن ولا ذاك، يلزمنا عملياً الرهان على مناورات السياسي ودهائه وأجهزته الأمنية لمواجهة العنف بأشكاله كالإرهاب والقتل على الهوية والإختطاف والتهجير والجرائم العادية. ويلزمنا، على المستوى الأعمق، الرهان على بث الحياة المدنية المشتركة من خلال طرق باب القيم الأخلاقية. أقول القيم الأخلاقية وأعني تلك النابعة من مجتمع سياسي حر لأنه ما عاد هناك دور كبير للأفكار الصحيحة لزحزحة هيمنة الجهل والتعصب والأساطير، لتجاوز القناعات المتجذرة في عقولنا وخطابنا، وللتخلص من شراك صراع الماضي مع نفسه. العنف الذي إجتاحنا بقوته الكاسحة دفعة واحدة، لم يكن فقط، كما أشار السؤال، إبن لحظة عابرة طوّعت السياسة لتكون إستمراراً للحرب. بيد إنه أيضاً دليل قدر إنساني جليل ووضيع في آن واحد، سبب قاهر يثقل علينا بتجلياته القصوى وكثافته التي تغشي البصر فتؤدي بنا إلى متاهة فعلية دون مخلّص. وبصفته تلك جعلنا كذلك ننسى التاريخ والثقافة معاً: ليس هناك سوى قوة عمياء، وشرط ميتافيزيقي سابق ولاحق. كشف تحيزات اللغة وتطهيرها قد لا يعني الكثير من دون مراجعة «رومانسية » النظرة الإنسانوية وتفكيك مسلماتها وكسر ثنائياتها ودون العمل على الخروج من النرجسية الثقافية والتمركز على الذات وإلغاء الآخر ومثلنة الماضي والأصول وحكمة الأسلاف. نحتاج إلى يقظة أخلاقية مسؤولة وإلى أجيال وأجيال تمتلك ناصية التفكير النقدي. ذلك إن «أعداء المجتمع » هؤلاء هم بناة مستقبله.