تظهر رواية «تسارع الخطى» للروائي العراقي الرائد احمد خلف في ظروف باهظة الحرج، لم يشهد التاريخ لها مثيلا لا في العراق ولا في العالم. إنها بهذا المعنى تأخذ من الجنس التسجيلي بعض سماته ومن الجنس التاريخي سمات أخرى. لكننا لا نستطيع إسناد «تسارع الخطى» إلى احد الجنسين ليس لأن التسجيلي والتاريخي متداخلين بطبعهما فحسب بل لأن الرواية ولدت في حضن ظرف ملتبس من الصعب تحديد مميزاته التاريخية سياسيا واجتماعيا. فلا نستطيع مثلا تحديد هوية الصراع على انه صراع بين الجديد والقديم كما يحصل في العادة في ظل ظرف صار الجديد يستع?ر ادوات القديم البربري ذاته لرسم هويته، في القتل والاختطاف والسلب وبيع النساء واتخاذهن محظيات ووضع آدمية البشر في الدرك الاسفل من اولويات التقييم وكأن القائمين على هيستيريا اللامعقول يرومون نفي المجتمع عبر نفي آدميته والعبور به الى برسخ الموت، فلم يحصل الموت بمعنى الإماتة اي القتل على وسائل تبرير بالسهولة التي يحصل بها اليوم...
قلب الدين قال إنها عملية لها أربعة رجال. قالها بالباشتونية لأن لغتي الفارسية رديئة. « أكثر من أربعة » ، قالها لي ولضيا وداود ونحن نجلس ما بين قن الدجاج وغلال الكاموت « سنبدو كتجمهر مخالف للقانون، غير أن أي عدد أقل يعني أننا قد نتعرض لهجوم مباغت أو يجري سلبنا ونهبنا.» جلس على رأس دائرتنا وهو يفتل أحد طرفي الشارب الأسود الكث، ذلك الذي حاولت شقيقاته الأكبر دوما انتزاعه من شفير شفتيه لأنه يجعله أشبه ما يكون برجال العصابات الأتراك بجمالهم في خضم بهجة مسلسلاتهم التلفزيونية. قلب الدين كان خالي الصغير. في نحو الرابعة عشرة. هو الأكبر في ثلتنا. « ماذا لو كنا أربعة ونصفاً ؟ » . قلتها، وأنا أفكر في شقيقي. « ما الذي قلته لتوّي يا مروند ؟...) أكثر من أربعة يكون تجمهراً »، أجاب داود. « لكن نصفاً زيادة عله يكون مفيداً »، قلتها. « ليس النصف الذي تتحدث عنه »، قال داود، جالساً القرفصاء عند أقصى حافة لدائرتنا، ليشغل فضاءً كبيراً للغاية. داود كان خالي الصغير الآخر. في نحو الثانية عشرة. عمره هو عمري نفسه.
يعد كتاب "تضحية راديكالية" آخر ما كتب المفكر والناقد البريطاني "تيري إيغلتن"، وهو بمثابة دراسة معمقة عن التضحية، كجزء لا يتجزأ من مجتمعاتنا القديمة والمعاصرة، مركزاً على معانيها الدينية والفلسفية اعتمادا على النصوص الدينية وكتابات الفلاسفة والأدباء. يذكر أن "تيرينتس فرانسيس إيغلتن" هو أحد أهم الب احثين والكتاب في النظرية الأدبية ويعد من أكثر النقاد الأدبيين تأثيراً بين المعاصرين في بريطانيا، وهو أستاذ الأدب الإنجليزي حالياً في جامعة لانسيستر وهو أستاذ زائر في جامعة أيرلندا الوطنية في غالواي.
يمكنُ اعتبار هذا الكتاب تركيباً من مباحث عدة : فهو يتناول جوانب من نظرية الرواية الحديثة وفلسفتها في الفصول الأربعة الأولى، كما يتناول علاقتها بالعالم المعاصر في الفصول التالية ، وفي كلّ الأحوال فإن الكتاب يقاربُ هذه الموضوعات بطريقة سلسة هادئة ومن غير مغالاة في التفصيلات التقنية و التخصصية وفي سياق
مؤلف هذا الكتاب هو الباحث والأكاديمي الفلسطيني ماهر الشريف الذي يقيم في دمشق. حاز على درجة دكتوراه دولة في الآداب والعلوم الإنسانية من معهد تاريخ الحركة النقابية التابع لجامعة باريس الأولى ـ السوربون عن رسالته المعنونة بـ «الشيوعية والمسألة القومية العربية في فلسطين 1919 ـ 1948 م». نشر العديد من الكتب والمؤلفات، ومنها: «الأممية الشيوعية وفلسطين 1919 ـ 1928»، و«البحث عن كيان»، و«رهانات النهضة في الفكر العربي»، و«فلسطين في الأرشيف السري للكومنترن»، و«تيار الإصلاح الديني ومصائره في المجتمعات العربية» بالاشتراك مع سلام الكواكبي، وغيرها من المؤلفات التي تناولت، في غالبيتها، حركة اليسار العربي، وتاريخ الحركة الشيوعية في فلسطين. له مساهمات قيّمة في مجال الترجمة، ولعل من أهم ترجماته كتاب: «تأسيس المجتمع تخيليا» لكورنيليوس كاستورياديس، وهو، إلى جانب جهوده في مجال نشر الكتب، تأليفا وترجمة، يتابع باهتمام القضايا السياسية والفكرية الملحة؛ المثارة في المشهد الثقافي والسياسي العربي، إذ ينشر باستمرار في الصحف والدوريات العربية. ولعل كتابه الأخير «تطور مفهوم الجهاد في الفكر الإسلامي»، الذي نحن بصدده، والصادر، أخيرا، عن دار المدى (دمشق ـ 2008)، يأتي في سياق اهتمامه بالمسائل التي تفرض نفسها على الباحث، في المرحلة الراهنة، كمسألة «الجهاد» التي تثار، الآن، في مختلف المناسبات والمؤتمرات والندوات، لارتباطها العميق بالظروف والوقائع التي تمر بها المنطقة والعالم.
«يتميز هذا الكتاب بأهميته وحسن توقيته، حيث تستقرئ فيه ويندي مدى تعقيد العيش مع شخص نرجسي بأفضل صورة ممكنة، وبعبارات واضحة وأنيقة. يوفّر كتاب «تعرية النرجسي » كنزاً من الملاحظات والاستراتيجيات الثاقبة لمساعدة الأشخاص الذين يعملون مع شخص نرجسي أو يعيشون معه. وتستعين الكاتبة بحكمتها وإنسانيتها من جهة، وفهمها العميق وتعاملها الناجح مع علم البيولوجيا العصبية الشخصية والعلاج التخطيطي من جهة ثانية، بغية تقديم منظور جديد يساعد القارئ على فهم العلاقات التي غالباً ما تبدو محيّرة، وتسليحه بالأدوات اللازمة للتصرف حيالها. أنصح بقراءة هذا الكتاب من كل قلبي .» •
تضع ديمة ونوس شخصيات قصصها «تفاصيل» تحت المجهر، تدرسها بعدسة مقرّبة لتكشف آلامها الداخلية في لحظة مفصلية من حياتها. الشخصيات التسع التي تتناوب فضاء المجموعة، هي نماذج من مجتمع يعيش تناقضات فرضتها قيم جديدة، تبدو في سطحها الأول صورةً راسخةً على جدار صلب. وإذا بها فجأة تتعرض إلى زلزال يطيح ثباتها لتجد نفسها في العراء. من هذا الباب الموارب، تدخل ونوس إلى هجاء واقع مرير، وفضح آلياته التي أفرزت نماذج هجينة تنتسب إلى ثنائية «القامع والمقموع»، وفق ما يشير فيصل دراج في تقديم المجموعة. في التفصيل الأول الذي يحمل اسم «جعفر» صورة لرجل السلطة بكل جبروته، يجد نفسه في نهاية المطاف «وحيداً في المنزل»، بعيداً من عالمه القديم، فهو لم يعد يناسب متطلبات المرحلة.
تعلو نغماتٌ موسيقية شجية لنغم يتدرجُ من الأحتراق إلى الهمس أرضٌ ليست أرضك لن تتعرف على ملامحك وسماءٌ غير سمائك لن تفتح لك أبوابها فأنىّ ستوجهُ أشرعتك وبحارُ الدنيا تغشاها الظلمةُ والأمواج..؟ وأيُّ فضاءٍ يتشرّبُ صوتك..؟ مُغيّبة كُلُّ المرافئ الدافئة الحنونة.. فما تستطيعُ إدراكها مأسورةٌ كُلّ ألأغاني الجنوبية بآهات مبدعيها فما تسمعُ غير الإيقاعِ الصاخبِ في ليل الديسكو.. ومحطات الغربة.. وأنين الأرصفة المنهوكة بالتجوال
انشغلت النساء لقرون عديدة ليصبحن ملهمات للفنانين. وأعلم أن القارئ قد تتبعني في اليوميات عندما أردت أن أكون ملهمة، وزوجة لفنان، بيد أني في الحقيقة كنت أحاول تجنب النتيجة الأخيرة –والقيام بالمهمة بنفسي. فقد وجدت في الرسائل التي تلقيتها من النساء، ما وصفه دكتور رانك، المحلل النفسي، بأنه شعور الذنب تجاه الإبداع. إنه لمرض غريب للغاية، لا يصيب الرجل– بسبب الثقافة التي تطالبه أن يعطي أقصى ما عنده من مواهب. فالثقافة تشجعه ليصبح طبيباً ماهراً، وفيلسوفاً عظيماً، وأستاذاً كبيراً، وكاتباً بارعاً. كل شيء قد خُطط له حقاً ليدفعه في هذا الاتجاه. ولم يُطلب هذا الأمر من النساء لحد الآن. في عائلتي، كما هو الحال في أي عائلة على الأرجح، كانوا ينتظرون مني ببساطة أن أتزوج، أن أكون زوجة وأربي أطفالاً. لكن ليست كل النساء لديهن القدرة لهذا الدور، وأحياناً، كما قال د. هـ. لورانس، لا يقمن به بطريقة مناسبة. «لا نحتاج إلى المزيد من الأطفال في العالم، وإنما نحتاج إلى الأمل». هذا ما اعتزمت فعله، وتبنيتُ المزيج الذي بداخلي. لأن بودلير أخبرني منذ زمن بعيد أنه في داخل كلٍّ منا يوجد رجل وامرأة وطفل – والطفل هو من يقع دائماً في الورطة. يؤكد علماء النفس دوماً ما قاله الشعراء منذ زمن طويل. أتعلمون، أن حتى فرويد الجدير بالشفقة، الخبيث قد قال ذات مرة: «أينما ذهبت، وجدت شاعراً أمامي». لهذا يقول الشعراء إننا نمتلك ثلاث شخصيات، إحداها مخيّلة الطفل التي تبقى عند البالغين و تساهم بطريقة ما في تكوين الفنان