الوردة الذهبية محاولة لاكتشاف أسرار الإبداع الأدبي استناداً إلى خبرته في إبداع أعماله الأدبية، وتأملاته حول الأعمال الإبداعية لعظماء الكتّاب، ليس من خلال التنظير، بل تحديداً من خلال سرد قصص كان شاهداً عليها أو رويت له، يستخلص منها أفكاره حول الأدب وكيف يجب العمل على كتابته، ويضيف إلى ذلك في الفصول الأخيرة من الكتاب تعريفات شيقة جداً ببعض أشهر كتاب الرواية والقصص القصيرة والشعر في زمنه، من الروس والأوروبيين بعامة، مثل الدنماركي كريستيان أندرسون أشهر كتّاب قصص الأطفال والروائي والقاص الفرنسي غي دو موباسان، والقاص الروسي والمؤلف المسرحي أنطون تشيخوف، وغيرهم ممن تركوا بصمتهم على خارطة الأدب العالمي، رابطاً بين شخصياتهم وأدبهم، سواء فيما بينها من انسجام أو تناقض. يتوصل المؤلف من خلال هذا الكتاب القصصي إلى تأملات استمرت على مدى سنوات طوال تتعلق بالمشاكل المعقدة لسيكولوجية الإبداع ومهارات الكتابة وعناصرعا المتنوعة، وإلى استنتاجات لا تخلو من عبر، مفيدة، حتى في عصرنا الحالي الذي تسود فيه الأساليب الحديثة في الكتابة النثرية أو الشعرية المتمردة على الأساليب والمدارس الأدبية السابقة. يروي باوستوفسكي قصصه ويصف الأشياء التي يتحدث عنها بأدق ما يمكن من التفاصيل، يروي ويستفيض في السرد، بما قد يوحي للوهلة الأولى بأنه يبتعد عن هدفه، أو يخرج عن الموضوع، لكن، لا شيء مجانياً فيما يكتبه، فالقارئ المتمهل، الصبور، سيشعر بكيف تتغلغل في أعماقه، شيئاً فشيئاً، بهدوء، الأفكار التي يرغب المؤلف، بطريقة غير مباشرة، أن يوصلها إليه.
الوزن الاخر للزهرة حلّ حزيران في لندن، نحن ننتظره بلهفة، مرحّبين به كشهر ودود، يقع في منتصف السنة، فهو الذي سوف يدخلنا في الصيف، عبر أصابعه الدفيئة، جلستُ مساءً كعادتي أُتابع الأخبار على محطة عربية، وإذا بالمحطة تعرض فيلماً صغيراً مصوّراً عن ذكرى الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وثمة مشاهد مصوّرة، من بيروت لشباب من المقاومة الفلسطينية، بأزيائهم الكاكية، يحملون البنادق، وهم في سيارات الجيب العسكرية، بدوا كأنهم يتنقلون في منطقة قريبة من أحياء قلبي، ومشهد آخر ظهرت فيه معارك داخل أزقة ضيقة، فأحسست أني في مكان أعرفه والزمان زماني، والمكان مكاني وأراه يقع في مركز الروح، وثمة في الأفق، دخان وحرائق وصوت إطلاقات لقذائف، ورصاص متطاير في الجو، فجأة شعرت كأنّ شظية اخترقت مخيلتي، وثقبت الذاكرة لتسيل......... كنت سعيداً حين قال السائق أنتم الآن في لبنان، فلا تقلقوا إلّا من الطيران الإسرائيلي، إنه يحوم مرات كثيرة في هذه المناطق، وقال بعد لحظات ستكونون في «شتورا» ومن يريد أن يذهب ليأكل ويذهب إلى الحمام أو مكاتب تصريف العملة فإننا سنكون في مطعم «أرزة لبنان». بدت «شتورا» مكاناً حافلاً بسيارات النقل والمصارف الصغيرة والمطاعم والمقاهي السريعة والجوالة، هناك اغتسلت في المطعم، وأكلت رزاً ومرَقاً، وشربتُ شاياً، ودخّنتُ سيجارتين، وأنا مُيمِّم بعد قليل صوب مستقبل غير منظور، ولا تلوح منه أيّة كوة، سوى كوّتي التي اخترتها، بالانتماء إلى إعلام المقاومة الفلسطينية، وكان ذلك قد تمّ بترتيب بسيط من أديب فلسطيني، يعيش في دمشق، فهو من سهّل لي هذا الاختيار، وكل هذه الأمور من قضايا السفر.
هنري فالنتاين ميلر (1891- 1980)، روائي ورسام أمريكي، نشأ في نيويورك، وعاش شبابه في باريس، منها سنوات برفقة صديقته الروائية أنايس نيَن بشكل بوهيمي حتى إندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث تُعتبر سنوات إقامته في باريس الأخصب بالنسبة لإبداعاته الأدبية؛ عاد بعدها إلى الولايات المتحدة، وعاش ما تبقى من حياته فيها. عُرف عنه كسر القوالب الأدبية التقليدية، وطوّر نوعاً جديداً من الرواية دمج فيه السيرة الذاتية والنقد الإجتماعي، الذي تنعكس فيه الفلسفة والعلاقات السريالية الحرة مع الروحانيات التي تعبّر عن الحياة الحقيقية؛ من أشهر أعماله؛ ثلاثية الصلب الوردي، مدار السرطان، مدار الجدي، ربيع أسود. ربما كانت "الصلب الوردي" هي رائعة هنري ميلر، إنها سرد موسع حول جهود ميلر لكي يصبح كاتباً وحول صراعاته، المالية والروحية؛ وفي الوقت نفسه تعيد إبداع نبرة ونسيج بيئة ميلر، وتبعث إلى الحياة أصدقاءه الحميمين.
كيف تحدثُ علاقةُ عشق بين أستاذٍ في الأدب الإنجليزيّ وامرأة بائسة من الحوشة تحلبُ الأبقار وتنظِّف المراحيض؟ أيها القارئُ الكريم، أنت أمام روائيٍّ داهية، ورواية داهية. روايةٌ جسور تخوضُ في إشكالياتٍ كبرى مثل اللون والعنصريات والدين والسياسة والجنس. ببساطة مَن يتناول فنجان قهوة تناوله في الصباح مع مطا لعة الجريدة، تُحطّمُ الروايةُ أهراماتِ التابو تلك، دون رهبة ولا أقنعة ولا حسابات سياسية. تلك الخطوطُ الحمراءُ التي يرهبها الكتّابُ في بلادنا، فيتحلَّوْن بالتقيّة الرمزية والأسلوبية حين يقاربونها، خوفاً من رجال الدولة ومشايخ الدين الذين يتحسَّسون مسدساتِهم، كلما هَمَّ كاتبٌ أن يُشارفها. يغزلُ «فيليب روث» نسيجَه الروائيَّ بخيوط الثقافيّ والجماليّ والحكائيّ، على نحو تهكميّ فريد، يجعلك تلوكُ العَلكةَ المُرَّةَ وأنت تبتسم، فيما مرارتُها تسري نحو أعماقك. سوف تركضُ بين السطور وأنت تطاردُ تلك الوصمة البشرية التي تُخيفُ بطلَ الرواية طوال عمره محاولاً محوَها، حتى توصله إلى حتفه، بسلام. تُرى ما هي تلك الوصمة؟ الروايةُ تجاورُ بين اللغة المركبة المثقفة المتعالية، وبين اللغة الفجّة التي تقتربُ من الإباحية، حدَّ البذاءة، خاصة حين يأتي الكلامُ على لسان السوقة والرعاع من قاع المجتمع الأمريكي. هنا أعترفُ أن هذه الرواية قد أرهقتني كثيراً في الترجمة إلى العربية، بسبب ذلك المزيج اللغويّ المتنافر وطبقات الحديث المتباينة، والخلط بين الإنجليزية الرفيعة والدارجة الأمريكية السُّوقية. المعادلةُ الصعبة في الترجمة بعامة، هي محاولة تحقيق أكبر قدر من الأمانة في النقل، مع الحفاظ على آجرومية اللغة المستضيفة المنقول إليها النص، وهي العربية هنا، إضافة إلى احترام أسلوبية الكاتب. لأن الكاتبَ ، أيَّ كاتبٍ، هو بالأساس أسلوبٌ، وصوغٌ وتراكيبُ لغويةٌ، وليس فكراً ومضموناً وفلسفة، فقط. الحقُّ والخيرُ والجمالُ، من وراء القصد.
يسلط هذا الكتاب الضوء على بعض الأبعاد التاريخية لهذا الصراع. وهو يركز على الشيعة الذين يشكلون أقلية في الإسلام، والذين أصبحوا اليوم في محور محاولة الولايات المتحدة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط. وتوضح الأحداث التاريخية التي تتم مناقشتها هنا كيف استجاب الشيعة في العالم العربي للاضطرابات الناجمة عن انهيار الإمبراطورية العثمانية وصعود الدولة القومية في القرن العشرين. ويطلعنا على التجمعات السياسية الشيعية التي توجب على المنتمين إليها أن تكون لهم هوية جديدة وأن يعيدوا تعریف علاقاتهم مع الدول الناشئة حديثاً، ومع النخب الحاكمة غير الشيعية المدعومة من قوى الغرب التي كانت غير مستعدة لاستيعاب الشيعة في الدولة الحديثة. وتشكل تداعيات هذا الاضطراب، وأوجه القصور في الدولة القومية، محور ما يدور اليوم في الشرق الأوسط. يوضح التحليل المقدم هنا التحول الاجتماعي - السياسي الذي عاشه الشيعة العرب في الفترة التي سبقت ظهور الدولة القومية في الشرق الأوسط واستمراره حتى الانتخابات التي جرت في كانون الثاني عام 2005 في العراق. يستعرض الكتاب انتشار موجة التشيع كقوة سياسية منذ حدوث الثورة الإسلامية الإيرانية في الفترة ما بين عامي ۱۹۷۸ - ۱۹۷۹. ويلفت الانتباه إلى التغير الجوهري الذي حدث في مواقف الشيعة تجاه الغرب، وعلى الأخص التحول الذي حدث في أوساط الشيعة منذ التسعينيات من التركيز على المواجهة مع الغرب إلى إمكانية التعايش معه - وهو تطور يتناقض بشكل صارخ مع التشدد الذي كان يتنامى في أوساط الجماعات السنية. والذي كانت له تداعيات على مساعي الولايات المتحدة لإحداث تغيرات في الشرق الأوسط. وفي الوقت نفسه، يسعى الكتاب لتنبيه القراء وصناع القرار إلى المشاعر القومية القوية التي يحملها الشيعة في العالم العربي، مؤكداً على جسامة التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في محاولاتها لفرض نظام جديد في المنطقة
لقد حاول جاهدا اللحاق بالترامواي فلم يستطع، وكل ما استطاعه هو التعلق بنافذة العربة التي يجلس داخلها منيب أفندي وصاح: (منيب أفندي… أمضيت الليل كله وأنا أقرأ كتاب الزهاوي الذي أعطيتني إياه بالأمس… وأنا أتسائل لماذا لا نحرق الزهاوي مع كتبه؟). أفلت يده من نافذة العربة، فكاد يسقط على الأرض. انطلق القطار مسرعاً من المحطة وهو يصفر صفرات متقطعة، بينما أخذ المسافرون الواقفون على الرصيف ينظرون إلى هذا الشيخ وهو يلهث. توقف قليلاً، استدار، ثم غادر بين صياح الباعة المتجولين والمسافرين وعمال المحطة، وهو ينظر هناك إلى طربوش أحمر على السكة الحديدية يعبث به الهواء.
إنها قصص حدثت بين أربعة جدران في شقة أو مكتب أو مطعم في نيويورك، أو في مطابخ أمهات ريفيات، أو انتقلن من المدينة إلى الريف. الريف منغلق، ومتخلف، وعنصري. المدينة وحش لا يروض. إنها قصص قد تصبح فيها امرأة عاجزة عن العودة إلى شقتها التي لا يفصلها عنها سوى ممر مشاة، ولا شيء يعيقها سوى ذاتها، كما أن إقدام كلب على قتل دجاجات الجيران قد يؤدي إلى اكتشاف كم من الوحشية في براءة الأطفال... إنها قصص تتحول فيها ضربة حظ إلى ضربة هلاك.
يتحرى هذا الكتاب أصول (اليزيدية في سورية وجبل سنجار)، وهو في مضمونه حصيلة بحثين أجراهما خلال عام 1939، بالتعاون مع آخرين للوقوف على الحياة الإجتماعية والسياسية للجماعات اليزيدية في جبل سنجار وسورية. ومما جاء في مقدمة الكتاب: "... في شهر نيسان عام 1936 أتاحت لنا رحلة قمنا بها إلى الجزيرة العليا الإتصال مع يزيدية جبل سنجار: البعض منهم تركوا العراق والتجأوا إلى الأراضي السورية في الحسكة، وكذلك جندنا بعض المخبرين من أفراد قبيلتي السموقة والغيران اللتين عبرتا الحدود وخيمتا على شواطئ بحيرة الخاتونية ... وفي شهر تشرين الثاني هيأت لنا إقامة لمدة ثلاثة اسابيع في إعزاز ورحلة طويلة على الحصان؛ فرصة دراسة يزيدية جبل سمعان والتجوال في بلدهم ...".
«كتابٌ غنيّ بالأفكار، سُطّرت حروفه ببراعة نادرة وبأسلوب متألق... يسبر أغوار علاقات إنسانية متداخلة، ويخاطب معاناة البشر في أفراحهم وأحزانهم ويتقصّى ذكرياتهم عن الماضي وتأثير كل ذلك على الحاضر ...» •لندن الحرة للصحافة «محاولة جريئة لتغطية رقعة واسعة من التاريخ المليء بالتفاصيل عن تجارب وجدانية ومادية ... أول رواية تكتبها المؤلفة وتنجح في أن تترك علامة بارزة على المشهد الأدبي ...» • برايري فاير «تكشف لنا الرواية الأولى لمادلين ثين التي كتبتها بأسلوب مقتدر عن هموم الناس وانشغالاتهم في فترة ما بعد الحرب والآمال التي يبحثون عنها، ومحاولاتهم التي تبدو قاصرة لفهم من يحبونهم ...» •مونتريال غازيت «رواية متأنية تشعرنا بهدوء كاتبتها، تزخر بشحنات من الأفكار التي تحفز القارئ على التأمل ...» • ناشنال بوست «عملٌ رائع يتجاوز في دقة صياغته ما بدأته مادلين ثين في مجموعتها القصصية (وصفات بسيطة)... رواية متعددة الحبكات مليئة بالمفاجآت... تستحق التوقف عندها، ولا يكاد المرء يصدق أنها أول رواية تكتبها كاتبة شابة ...» • مجلة فاست فورورد الأسبوعية. «عمل نثريّ صاغته يدُ فنانة ماهرة تُقتطع جزيئاته من رحم الأحزان ...»
وقد نُقلت أطروحته أخيراً إلى اللغة العربية عن دار المدى، وهي تنهض على ثلاثة مفاصل أساسية: اليوتوبيا وسياقاتها، اليوتوبيا معياراً نقدياً (استقى منها العنوان) وبلوخ واليوتوبيا. تميزت أطروحة شيّاع بالدقة العلمية من حيث المنهج وتنظيم الأفكار وعرضها ونقدها. بدا عمله العلمي شديد الكثافة، كما لو أنه نصٌّ م تراصّ. لم يتخذ موقفاً إيديولوجياً من الأفكار التي درسها، شُغل دوماً في مساجلة الأدبيات الغربية التي طاولت اليوتوبيا منذ عصر النهضة إلى الوقت الراهن