يفتتح الباحث ناجح المعموري كتابه الجديد «اليومي والمتكرر في ملحمة كلكامش» بنافذة، عدّها تجربة ثقافية، وفي مجال حيوي كبير، تنطلق من البحث عن اليومي وغير المألوف، وتُشرع بجميع المصادر الاجتماعية والمعرفية لتغذي هذه التجربة، وفي الواقع يعد كتاب المعموري وفقاً لذلك، أحد المصادر التي تكشف عن الذات الرافدينية وتواصلها التاريخي حتى اللحظة الراهنة، وهو ما يميز هذا الكتاب من أنه يقوم على محور محلي وشرقي غير عابئ بالمركزة الغربية وشكل جديد من البحث الخارج عليها.
لا أدري متى بالضبط لمعت تلك الفكرة النميسة في ذهن شعراوي، لكن أغلب الظن أن ذلك حدث حين رأى نظراتي الشبقة التي استقرت على منحنيات ومنعطفات جسد رحاب وهي ترقص بذمة وضمير في فرح أختها سامية، مع أنني لم أكن وحدي الذي انبهرت برحاب التي رأت في الفرح فرصة لإعلان إمكانياتها التي تؤهلها ببراعة لتجاوز أختها، ولم يكن ذلك الإعلان عاماً لكافة من حضروا الفرح وهم قلة على أي حال، بل كان موجهاً نحو ثلاثة من أقارب العريس حضروا في الأغلب لإسعافه في حالة حدوث مضاعفات في ليلة الدخلة، لكن رحاب لم تحظ باهتمامهم، ليس فقط لأنهم لم يكونوا سعداء بالزيجة إيماناً منهم بمبدأ إعلاني كان منتشراً في تلك الأيام يقول "ليه تدفع أكتر لما ممكن تدفع أقل؟"، ولكن لأنهم شعروا أن تسليط نظراتهم على جسد أخت العروسة وإن كان فائراً مثل بركان فيزوف، سيغضبه أو سيحرجه، والواقع أنهم صبروا ونالوا، لأن "أبو سامية" كان قد قرر إكرام ضيوف صهره بـ "نِمرة" خاصة كان ذكرها يمرّ علي أحياناً في بعض ما أقرأه عن أخبار المجون والليالي الحمراء التي ينفق فيها الأثرياء آلاف الجنيهات والدولارات، ولم أكن أتصور أنني سأشهدها عياناً بياناً دون أن أدفع مليماً أحمر.لم يكن حجم الشقة يتسع لحضور فرقة غنائية، فقد كان يكفي بالكاد للعشرين ثلاثين كرسي التي جلس عليها المعازيم المنتقون على الفرازة، لكن الكاسيت الذي انبعثت منه أكثر الأغاني ترقيصاً وهشتكة قام بالواجب وزيادة، ليتم إسكاته فجأة، ثم يقوم أبو سامية وشخصان من أقاربه أو من شركائه لا أدري، بوضع ترابيزة خشبية متوسطة إلى جوار الكوشة الصغيرة التي جلس عليها العروسان، في الوقت الذي كانت أم سامية ورحاب قد دارا علينا بأطباق كبيرة تحوي قطعاً منتقاة من الكفتة والكباب وخرطة مكرونة باشميل وبعض أصابع محشي الكرنب وورق العنب، وبعد أن انتهى أغلبنا من التهام ذلك الأكل البيتي اللذيذ، قام أبو سامية بإطفاء أنوار الصالة التي ظلت مضاءة إلى حد ما بالأنوار المنبعثة من باقي الشقة، وفور أن أعاد تشغيل الكاسيت ليصدح بمطلع أغنية "حبيبي يا عيني"، اندفعت من مكان ما امرأة ترتدي عباءة سوداء فضفاضة، وقام أبو سامية بمساعدتها على الصعود إلى الترابيزة التي كانت أعلى من أن تقفز عليها لوحدها. بعد أن بدأت ذات العباءة في التمايل من باب التسخين على الترابيزة التي ثبت متانتها، أضاء أبو سامية أنوار الصالة وبدأ في التصفيق فتبعناه دون حماس في البداية، لكننا سرعان ما تحمسنا، حين اكتشفنا أنها لا ترتدي العباءة لكونها من أقارب سامية الراغبين في المجاملة، بل كانت على وشك تقديم وصلة رقص استربتيز، حيث بدأت بفك أزرار العباءة على مهل، وانتهت بعد فترة من الزمان مرت كأنها ثواني، بالشروع في خلع ورقة التوت الكلوتّي التي كانت آخر ما ترتديه، لولا أن أوقفتها صرخة العريس الذي أمرها بالتوقف عن ذلك، لأن لكل شيئ حدوداً كما قال.
امرأة Una Donna تعتبرُ أوَّلَ رواية نسويَّة في إيطاليا. نُشرتْ في عام 1906 وكان لها أثرٌ كبير في تهشيم ثوابت كثيرة في الوعي الإيطالي حظيت الرّواية باهتمام عالمي وتُرجمتْ للغاتٍ عِدّة. كتبتُها سيبيلا أليرامو واسمُها الحقيقي رينا فاتشيو (1876 – 1960)، والتي تقول إنْها عاشت ثلاث حيوات. الأولى، كأمُ وزوجة، وسطّرت تفاصيلها في هذا الكتاب الثّْانية، تطوَّعتْ فيها لخدمة المعوزين في أحدِ ملاجئ روما، الثّالثة، وهي الثلاثون عاماً الأخيرة من حياتها والتي أمضتْها في الكتابة والعمل. عاشت سيبيلا خمسينَ عاماً بعد رواية امرأة. وواجهت العقَبات، وعايشتْ صراعاتٍ وحروباً، لكنّها تخطّتها جميعاً. حاولت الانتحار في لحظات ضعف، لكنّها استنتجت بعد موت زميلها تشيزاري بافيزي أنّها تهاب الموت: «أجل. أنا خائفة، والحريّة الوحيدة التي لا يمتلكها الشيوعي هي: الانتحار»، فآثرت العمل، وإلقاء المحاضرات، والسّفر، والكتابة حتّى آخر أيّام حياتها. ومع ذلك، لم يجلبُ لها أيُّ كتابٍ من كتبها الشُهرة التي حظيت بها بعد هذه الرّواية. المترجمة
في أحد أيام شهر شباط البارد, التقى صديقان قديمان ليقدمان التعازي بوفاة ((مولي)). كلاهما كان عشيقا لمولي في السابق: ((كلايف)) المؤلف الموسيقي الأنجح في بريطانيا, و ((فيرون)) محرر في جريدة مرموقة. في الأيام التي ستلي الجنازة, سيوقع الصديقان لا يعرفان نتائجها الرهيبة. و سيتخذان قرارا أخلاقيا كارثيا يض
هذا الكتاب هو بمثابة جزء ثان من كتابي الصادرعام 2002 عن دار المدى تحت عنوان (الأمير المطرود- شخصية المرأمة في روايات أميركية). لكنه كتاب مستقل أدرس فيه شخصية المرأة في روايات بريطانية. وهو، أيضاً، شأن الكتاب السابق، إعادة نظر، إعادة قراءة، رؤية الماضي بعيون جديدة، والدخول إلى نص قديم من وجهة نقدية جديدة تؤثر تأثير افتراضات ما نقرأه فينا من ناحية الوعي والتقييم، وأعني وعي وضع المرأة في الثقافة البطرياركية، وتقييم هذا الوضع من زاوية المرأة كشخصية في الرواية. ومره أخرى أركز بحثي في هذا الكتاب على عدد من الروائيين الذين يعتبروا أساسيين في دراسة الرواية البريطانية، حصوصاً في القرنين التاسع عشر والعشرين، وهم روائيون لا تعتبر أهميتهم الفكرية والفنية موضع شك. فهم ليسوا مقروءين على نطاق واسع حسب، وإنما يعتبر تأثيرهم عتى الرواية البريطانية والرواية العالمية، وبينها الرواية العربية، تأثيراً كبيراُ. لكن تناقضاتهم في تصوير شخصية المرأة كانت، منذ زمن بعيد، موضع اهتمام النقاد في مختلف الاتجاهات. ويهمني القول إن "النفوذ في التأسيس هو يكمن وراء اختياري الروائيين في هذا الكتاب، وهو أمر أستطيع أن أقدر صعوبة أن يكون موضع إجماع. بمعنى آخر أن اختيار أعمال معينة يعود إلى أهميتها المتفردة وقيمتها النموذجية وإمكانيتها التراكمية. فهذه الأعمال مترابطة في الطرق التي تعلق بها على بعضها البعض، وهي تشكل كلاً دراماتيكياً يتجاوز معناه مجرد مجموع الأجزاء. ويقصد من الروايات موضوع البحث أن تمثل جزءاً من الرواية أكبر منها بكثير، ذلك أنه يمكن اكتشاف أغراضها واتجاهاتها في أعمال كثيرة مرة بعد أخرى وبينها، بالطبع، أعمال روائية عربية.
أن تبقي الشمس حية" للكاتبة والمترجمة الايرانية رابعة غفاري، وبترجمة علي عبدالأمير صالح. وبطل الرواية هو "شازديبور" مغترب إيراني مسن في باريس، يتذكر، خلال يوم واحد، حياته الماضية في نيسابور، إيران. كانت أسرته تتندر عليه وتسميه "فوكولي" أي "الأفندي صاحب ربطة العنق" المولع بالغرب وثقافته، يحب الموسيقى الغربية ويفضلها على الموسيقى الفارسية الكلاسيكية، إلا أنه مسكون بإحساس عميق بالفقدان. ورابعة غفاري كاتبة وممثلة وصانعة أفلام، غادرت إيران صحبة والديها قبل شهور من نشوب الثورة، رسمت خرافات محلية ووهبت حتى أصغر شخصياتها الروائية الكثيرة خلفية قصصية تراجيدية.
"آن تكون شاعراً" هو الديوان الأخير، من الدواوين الخمسة والعشرين، التي نشرها الشاعر التشيكي "ياروسلاف سيفرت"، الذي توفي في براغ في 10 كانون الثاني من العام 1986 عن عمر يناهز 84 عاماً. كان كتابه هذا، قد صدر العام 1983، في عدد من النسخ لم تصل إلا لقلة من المعجبين بالشاعر، قبل ذلك بسنة، كانت مذكراته "كلّ جمال العالم" قد صدرت في طبعة لم تنجُ مطلقاً من قسوة مقص الرقيب.