"مئات من النصوص القصيرة جداً تشتمل عليها هذه المجموعة الشعرية بعنوان "أنا أقرأ البرق احتطاباً" للشاعر العراقي "حسب الشيخ جعفر". كل منها مكون من ثلاثة أسطر فقط. لا يفصل بين أحدها والآخر عنوان. لا فرق في الشكل بينها جميعاً. لا حواجز تعوق الانتقال من نص إلى آخر. لا صعوبة في المرور بين ضفة أحدها والأخرى. ولكنها من ناحية أخرى تتوحد بالرؤية الشعرية. عادة ما تتوهج هذه الأخيرة في السطر الثالث. السطران الأولان يمهدان، بشكل أو بآخر، لهذه النقلة التي تحدث على وقع المفاجأة. التوهج المشار إليه لا يطرق باب النص بهدوء. لا يستأذن طلباً للدخول. لا يقيم اعتباراً لشيء من هذا القبيل. نراه، بدلاً من ذلك، يقتحم النص اقتحاماً محدثاً جلبة مدوية، على الأغلب، ولكن من خلف جدار الصمت. السطر الثالث في مئات النصوص المتضمنة في الكتاب، هو الضربة القوية التي يعيد بها الشاعر انتاج المشهد واللغة والعالم على حد سواء. بالسطر الثالث، يؤرخ بالرؤيا كل الأشياء والمشاهدات والأحداث والتفاصيل وأجزاء التفاصيل وجزئياتها والوجوه والحكايا وما يتفرع منها جميعاً من سيناريوات يستلزم ايقاظها ضربة قوية كهذه. لا ينفر الشاعر من شيء ولا يستبعد شيئاً بعينه من تحولات الرؤيا. الكون بتفاصيله الصغيرة. واللغة بمفرداتها الصغيرة والمتناثرة..." من هذه النصوص نقرأ: "ما للفتاة وما ليا / تُبدي الستائر من عجائبها وتخفي / وأنا أقص حباليا؟" "قُل أي شيء يا ربيع / الطرق موحلة الى قلبي / وفي الطرق الصبايا يُسرعن بالخبز الدفيء، وبالصقيع.." - جهاد الترك -
تتضمن عدد من النصوص التي تطرح من خلالها الشاعرة قضايا المرأة المعاصرة والتحديات التي تواجهها، كما تنطلق من التراث الكردي وتوظفه في إبراز قوة وشجاعة المرأة في هذه المنطقة عبر العصور. عن المضامين والدلالات التي تحملها المجموعة الشعرية "أنا خارج البيت"
بعدَ ثمانية عشر عامًا من السُّخرة المُهينة لدى وكيل مزرعة "ميري"، يتمكن جودبيارتور جونسون مِن شِراء مزرعته الصغيرة الخاصة به، وَيصير "بيارتور صاحب البيت الصيفي". وَلم يعد يطمح بعد ذاك سوى بتربيةِ قطعانه وزيادتها دون أن يكون لأحدٍ عليه مِنّة ولا فضلُ. بيدَ إن ابنته آستا سوليليا الجريئة المفعمة بالحيو
طرأ شيء من التوقف على أعمال تولستوي الأدبية المُبدعة، بعد «الحرب والسلم». وذلك لا يعني أن الكاتب يظل خالياً من العمل، على العكس: إنه يقرأ بكَثرة، ويعمل على تأليف، «كتب القراءة الأربعة» التي يَعُدّها أعظم الأعمال الأدبية شأناً في حياته. وتتفتّق في ذهنه مشروعات روايات جديدة. لكن صوفيا تولستوي تُدوَّن في 24 شباط 1870 مايلي: «قال لي البارحة مساء أن قد ظهر له نموذج امرأة متزوجة، من الطبقة الارستقراطية. ضلّت سبيلها. وقال لي: إن مهمته تنحصر في عَرض هذه المرأة على أنها جديرة بالعطف وليست مذنبة، وما إن مَثُل هذا النموذج بين يديه حتى وَجدت جميع الشخصيات والطباع المذكّرة التي ظهرت له من قبل مكانها وانتظمت من حول هذه المرأة. «لكن ذلك لم يكن سوى فكرة عارضة؛ وبدا المشروع كأنه لا مستقبل له. وبالفعل، فإن تولستوي، في السنوات الثلاث التي تلت، يُنجز كتب القراءة الأربعة، ويدفعها إلى الطباعة في 1872، وتشغل بالَه، قبل كل شيء، فكرة كتابة رواية تجري في عهد بطرس الأكبر، رواية يُحرّك فيها جدَّه بطرس تولستوي، تلك الشخصية الملتبسة التي تنتهي حياتها نهاية جدّ مثيرة. وهو يحيط نفسه بمجموعة من الوثائق ويقرأ كتب التاريخ، ويُعيد كتابة البداية نحو عشر مرات، ثم يَعجز، في نهاية الأمر، عن الانتقال بالخيال إلى عصر العاهل العظيم، السحيق البعد، فيَهجُر مشروعَه ليعود إلى المخلوقات التي تُحيط به. إلى الوسط الاجتماعي الذي يعرُفه حق المعرفة والذي يستطيع أن يصفه بوضوح أعظم.
وثّقت الذاكرة الشعبية العراقية منذ 100 عام ما ظل خالداً من أهازيج وهوسات ثورة 1920 ضد الاحتلال البريطاني كإهزوجة (الطوب أحسن لو مگواري) و(يلترعد بالجو هز غيري) و(حل فرض الخامس گوموله) و(تندار الدنيه وهذا آنه) و(حطوني إبحلگه وگلت آنه) و(رد لا تتدهده إبحلگ آفه) و(هزيت ولوليت لهذا) و(الشر يتلبد وإحنه أندور إعليه) وصولاً إلى إهزوجة ثوار الناصرية في تلك الحقبة الزمنية (شرناها وعيّت باهيزه) و(باهيزه) منطقة ريفية تقع بين الناصرية وناحية الغراف (30 كم شمال الناصرية) تسكنها عشيرةُ ال أزيرج، إذ يقول (المهوال) إننا استشرنا منطقة (باهيزه) بقبول أو رفض مرور المحتل الإنكليزي عليها فرفضت لذا قاتلنا لأجل رفضها هذا. ورغم ما وصلنا من تلك (الهوسات) والأهازيج إلا أن ما ضاع منها هو كثير، فما ردّده المهوال والثوار العراقيون من أهازيج و(هوسات) في تلك المناسبة والمناسبات الوطنية الأخرى أضعافاً مضاعفةً
السويد على حافة "النهائي": ذلك ما أسمعه من المجادلات "المرئية" في كلمات هذا الشعر. أزعم ذلك. كثيرٌ من الهمس. كثيرٌ من براعة النطق همساً، أو الصخب باعتدال. للجليد طباعُ الناري هنا... شعر أهل "الشمال النهائي"انتقام من الهدوء "اللامنصف"، شريك الوحدة المعذّب؛ امتداح للناري في جمرة الجليد. لا شيء يبدو بارداً. لا شيء يبدو دافئاً: ثمِّت إقامة في الشعر كعزلة، أو توثيق للشعر كعقد ممهور بختم العزلة النبيلة. عدل الكلمات يتدبّر الحكم بين كلمات لا تتهوّر كثيراً، وبين المشهد منقسماً على نفسه في حصار "الشاعري" للشعر داخل الشعراء: حصار حر لايقوّض المحاصر، بل يستصلح فيه دفاع التأمل على جبهات الألم المتسامح
إن الحضارة الأمريكية في ورطة يشعر بها ويحسها ملايين الأمريكيين مع إطلالة القرن الواحد والعشرين، وبعض المئات منهم يكتبون الكتب والمقالات عنها، موثقين إتجاهاتها ومحللين أسبابها. ومؤلفات مثل (إنتظار البرابرة) للويس لإبهام أو (إمبراطورية قفر) لروبرت كابلان، تملأ رفوف المكتبات، وتجد نصوصٌ كثيرة من هذه المؤلفات والمقالات طريقها إلى بعض أفضل مجلاتنا القومية.
في المقبرة المتهدّمة تجمَّعَ حول القبر عدد من زملائه السابقين في مجال الدعاية في نيويورك، وأعادوا إلى الذاكرة حيويته وإبداعه وأخبروا ابنته، نانسي، عن مدى سرورهم في العمل معه. وكان هناك أيضاً أناسٌ جاؤوا من ستارفيش بيتش، قرية مساكن التقاعُد على ساحل جرسي حيث كان يُقيم منذ عيد شُكر عام 2001 - العجوز ا لذي كان حتى عهدٍ قريب يُعطيه دروساً في الفن. وكان هناك ولداه، راندي ولوني، رجلان في منتصف العمر من زواجه الأول المضطرب، يُشبهان أمهما كثيراً، ونتيجة لذلك لم يجِدا فيه ما يستحق الثناء ووجدا الكثير مما هو شنيع وحضرا بدافع أداء الواجب لا أكثر. وأخوه الأكبر، هوي، وزوجة أخيه كانا حاضرَين، بعد أنْ وصلا بالطائرة في الليلة السابقة، وكانت هناك إحدى زوجاته الثلاث السابقات، الوسطى، والدة نانسي، فيبي، الممشوقة، الشديدة النحول ذات الشَّعر الأبيض، التي تتدلّى ذراعها اليُمنى بارتخاء إلى جانبها. وعندما سألتها نانسي إنْ كانت تريد أنْ تقول شيئاً، هزّتْ فيبي رأسها نفياً باستحياء لكنها مضتْ قُدُماً لتتكلَّم بصوتٍ ناعم. خرج منها الكلام مُبهماً ومُشتتاً: «ببساطة من الصعب التصديق. لا أستطيع أنْ أنسى مرآه وهو يقطع المرفأ سباحةً». ثم جاء دور نانسي، التي كانت قد قامت باستعدادات جنازة والدها واتصلتْ هاتفيّاً بأولئك الذين حضروا حتى لا يقتصر الحضور على أمها، وهي نفسها، وأخيها وزوجة أخيها. كان هناك شخص واحد لا صِلة له بالدعوة، إنها أثقل النساء وزناً ذات أشد الوجوه المستديرة سماحة والشَّعر المصبوغ باللون الأحمر التي ظهرت ببساطة في المقبرة وقدّمتْ نفسها باسم مورين، الممرضة الخاصة التي كانت تعتني به بعد أنْ أجرى عمليّة في قلبه قبل سنين خلتْ. وتذكّرها هوي وتقدَّمَ ليُقبّل وجنتها.