إنَّ الذين يجدون الدِينَ مُمِلّاً، أو لا حاجة إليه أو مُهيناً لن يروا في عنوان كتابي عائقاً. إنَّ هذا الكتاب ليس عن الله بل عن الأزمة التي نشأت عن اختفائه الواضح. والخوض في هذا الموضوع يبدأ بعصر التنوير وينتهي مع بروز الإسلام المتطرِّف وما يُسمّى بالحرب على الإرهاب. وأبدأ بإظهار نجاة الله من عقلانيّ ة القرن الثامن عشر، وأنتهي مع اختفائه المُفاجئ من عصرنا المُفترَض أنه بلا إيمان. والسرد الذي لجأتُ إليه، بالإضافة إلى أشياء أخرى، يتّصل بحقيقة أنَّ الإلحاد ليس سهلاً كما يبدو. لطالما كان الدِّين إحدى الوسائل القوية لتبرير السلطة السياسية. ولا شك في أنَّ من السُخف اختزاله إلى هذه الوظيفة. فإنْ كان قد قدَّم اعتذاراً جباناً إلى السلطة، فإنه أيضاً عمل بين حين وآخر عمل الشوكة في جنبها. لكنَّ الله لعبَ دوراً حيوياً في الحفاظ على السلطة السياسيّة بحيث إنَّ ضعف دوره في عصرٍ عِلمانيّ لا يمكن حتى لمَنْ لديهم أوهى إيمان به أنْ يُرحّبوا بذلك الضعف باتزان. ولذلك، بدءاً بفكر عصر التنوير وحتى الفن الحديث، تتولّى سلسلة كاملة من الظواهر مهمّة التزويد بأشكالٍ بديلة للتسامي، لتملأ الفجوة التي كان يشغلها الله سابقاً. إنَّ جزءاً من حجّتي هو أن أشد البدائل قُدرة كان الثقافة، بالمعنى الأوسع وليس الضيق للكلمة.
ثمة علاقة قديمة بين الثقافتين العربية والروسية، أخذت خصوصية واضحة منذ عهد بطرس الأكبر، وفي القرن العشرين كان التبادل الثقافي العربي الروسي مزدهراً، وكان للمستشرقين الروس نشاطات واسعة في قراءة الثقافة العربية، وبعد التحولات الكبرى في روسيا في نهاية القرن العشرين والتحولات العاصفة في الساحة العربية، كان المشهد يحتاج إلى قراءة جديدة بأقلام روسية حادة.
تعدّ موضوعة الثقافتين: العلمية والأدبية واحدة من الموضوعات الجوهرية التي ألقت بظلالها على مجمل التطور الإنسانيّ وبخاصة بعد عصر التنوير والأنسنة الأوربية، وتفاقمت مفاعيل هذه الموضوعة بعد عصر الثورة الصناعية (بأطوارها المختلفة) وتعاظم دور العلم وتمظهراته التقنية في الحياة البشرية وتغلغله في قلب السياسات الحكومية على مختلف الأصعدة. إنّ الحديث عن ثقافتين متمايزتين: ثقافة علمية وثقافة أدبية هو بعض حديث الزمن الذي مضى جارفاً معه الكثير من مخلّفات الأفكار المتكلّسة التي رسخت طويلاً في العقول، وممّا لاشكّ فيه أنّ الممارسات التعليمية والأعراف المجتمعية السائدة رسّخت كثيراً من تلك الأفكار عبر تقسيم التخصصات الثانوية المدرسية إلى فروع علمية وأدبية؛ بل مضى العقل المتكلّس لوسم الدراسات الأدبية بأنها خليقة بكلّ من أوتي حظاً كبيراً من القدرة على الحفظ واستظهار المعلومات!! وأنّ الدراسات العلمية مصمّمة لهؤلاء الذين يأنسون للفهم التحليلي والقدرة الرياضياتية المميزة. إنّ هذه المواضعات ماهي إلا أباطيل شائعة، وترى الدراسات الخاصة بسايكولوجيا الإبداع البشريّ أنّ الإبداع في كلّ أشكاله ينبع من منبع واحد هو الشغف، وأنّ التمايزات النوعية بين شكل الإبداع الموصوف بالأدبيّ بالمقارنة مع نظيره العلميّ ليست سوى أقنعة تخفي وراءها المنبع الذي يتدفّق منه الشغف والرغبة في إثراء المعرفة البشرية. المترجمة
الرواية التي وضعت مؤلفها في مرتبة قائد أدب الحرب دون منازع. وهي أفضل ما كتب عن أدب الحرب. Yuri Bondarev يوري بونداريف كاتب روسي ولد سنة 1924. شارك في الحرب العالمية وكان ضابط مدفعية، انتسب للحزب الشيوعي سنة 1944، تخرّج من معهد غورغي مكسيم للآداب عام 1951. نشرت له أول مجموعة قصص بعنوان على نهر كبير ف ي عام 1953. من بين الجوائز والأوسمة العديدة التي نالها نذكر: وسام لينين مرتين. ووسام الشجاعة مرتين. وسام ألكسندر فادييف للأدب العسكري. جائزة الدولة الروسية عن سيناريو "الثلج الحار". جائزة ليو تولستوي للآداب. جائزة ميخائيل شولوخوف للآداب. -في عام 1994 رفض وسام "الصداقة بين الشعوب" من بوريس يلتسين.
تأتي رواية «الثوب»، الصادرة عن «دار المدى» أخيراً، للروائي الكويتي طالب الرفاعي لتوسّع المنجز الروائي المتمثّل في ثلاثة أعمال: «ظل الشمس، رائحة البحر، سمر كلمات». كذلك توازي تجربة الرفاعي الإبداعية، إضافة الى الممارسة الروائية، بين كتابة القصة القصيرة والمسرحية والدراسة، بمعنى أن التجربة لا تقتصر على جنس أدبي وإنما تنفتح على صوره وأشكاله النثرية. اقرأ المزيد:
الموضوع الذي خاضه هذا الكتاب، هو موضوع تأسيس جمهورية \"مهاباد\" الكردية وأسبابه ودوافعه، والتنظيمات السياسية السرية والعلنية التي مهدت له، والرجال الذين لعبوا دوراً مهماً فيه، كما يتناول سقوط هذه الجمهورية التي لم تدم سوى عام ونصف تقريباً، والأسباب التي قادها إلى السقوط السريع. على الرغم من الغنى ال تاريخي المزدحم بالحوادث والوقائع المهمة التي يخطب الباحثون ود الحصول عليها، فان المصادر المتوفرة عنها قليلة، ولا تتناسب مع أهميتها السياسية والاجتماعية، ولا مع دورها الفعال في حركة التاريخ، وتأثيرها الكبير على مجرى الأحداث في هذه المنطقة ذات الأهمية الستراتيجية، وما كتب بصدد ذلك في اللغة العربية، على الرغم من قلته التي ذكرناها قبل قليل، فانه كثير الاعتماد على ما ألّفه الأجانب الذين أهلهم تطور بلادهم الحضاري وسبقها الثقافي على سبر أغوار الأحداث التي مرت بالمناطق الكردية ، مما جعلها بحاجة دائمة إلى ترجمة تلك الكتب التي سنحت لها الفرصة بتسجيل ما فاتنا تسجيله من تلك الوقائع.
كان هذا الأسبوع الثاني له في المنزل. فقد أخبر الأطباء في المستشفى أنه لا يريد أن يموت هناك. كانت ثمة أسباب أخرى لم يعرفوها، ويجب ألّا يعرفوها. على الرغم من أنّه قد أحبَّه الجميع في تلك المستشفى ذات السرعة العالية والشبيهة بمقصف للأكلات السريعة، حتى الأطباء الذين لم يكن لديهم الوقت للنظر في وجوه المرضى بل كانوا ينظرون في أفواههم أو مؤخراتهم أو في أعضائهم الأخرى التي تؤلمهم. كانت شقتهم مثل فناء (بين المنازل) متاحة لكل مَن هبَّ ودَبّ، مزدحمة من الصباح حتى الليل، وفي الليل كان لا بد للبعض أنْ يبقى. المكان هنا ممتاز لحفلات الاستقبال، ولكنه لا يُطاق للحياة الاعتيادية: دورٌ علوي، مستودعٌ مُحوّرٌ بقواطع قُسِّمَت لحصر مطبخ صغير ومرحاض فيه دش وغرفة نوم ضيقة بشريحة للنافذة. واستوديو رسم كبير ثنائي الإضاءة. يقضي الضيوف المتأخرون والأشخاص الطارئون الليل هناك في الزاوية، على السجادة. عددهم في بعض الأحيان يصل إلى خمسة أشخاص.
هى رواية للكاتب الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيث الحاصل على جائزة نوبل في الأدب. فهى رواية ذات طابع تاريخي حيث توثق الأيام الأخيرة من حياة الجنرال سيمون بوليبار، الذي يعتبر واحدا من الزعماء الذين شاركوا في حركة الاستقلال السياسي لدول أمريكا الجنوبية في الربع الأول من القرن التاسع عشر. ونشرت عام 1989، وتدور القصة حول الفترة الأخيرة من حياة بوليبار: رحلة المنفى من بوجوتا إلى الساحل الكاريبي لكولومبيا في محاولة لمغادرة أمريكا والذهاب إلى منفاه في أوروبا. وتدور الرواية في إطار الحديث عن روايات الحكام المستبدين، وأنه لابد وأن يتغلب اليأس والمرض والموت على الحب والصحة والحياة.
ما زالت الأساطير العراقية القديمة تثير اهتمام الدارسين والمتابعين للأدب القديم وتاريخ الحضارات في الشرق المتوسطي. وخصوصاً الأساطير السومرية، لأنها تمثل عتبة مهمة تضيء المستوى الروحي والثقافي الذي أُبدع في جنوب العراق، وظل مستمراً ومتمركزاً في تاريخ الحضارة العراقية الطويل، وصاعداً نحو الديانات المجاورة، وتبدّى في العناصر الدينية ونظامها في سورية. ولشدة التطابق بدت وكأنها منقولة عند ارتحالها، لذا فإن للأساطير السومرية مساحة واسعة في التداول والاتصال من هنا كان حجم تأثيرها وهيمنتها. وأكثر الأساطير تعمقاً وتداولاً تلك التي كانت فيها الألوهة المؤنثة ذات دور فعال، ومتأت من طبيعة بلاد وادي الرافدين وخصائصها الطبيعية التي تستدعي اهتماماً بنظام الألوهة المؤنثة، وعبادة الأم الكبرى، وصلتها مع عقائد الحياة والخصوبة/ التجدد والانبعاث. ولعب الجنس، كنظام دلالي، دوره الحيوي في هذه العقائد والشعائر، لأن البنية الذهنية الأسطورية، لم تتعامل معه باعتباره استهلاكاً للرغبة والنشاط بل كونه فاعلاً في تطوير الحياة والحفاظ عليها وتحقيق التوازن في الطبيعة والكون، وحركة الأوقات وانتظام الفصول، وأضفى الفكر العراقي القديم صفة القداسة على طقوس الجنس التي صارت فعلاً إلهياً، يحتفل به. وأنتجت المرحلة السومرية كثيراً من الأساطير والقصائد والأناشيد في هذا المجال الحيوي. بحيث صارت هذه النصوص رأسمالاً ثقافياً، ساهم بقوة في الاستدلال على طبيعة الحياة وعقائدها.
كان هذا مسافراً جديداً، ركب السفينة من جزيرة كونيفتس دون أن يلحظه أحد منا. وكان حتى ذلك الحين صامتاً، فلم يلتفت اليه أحد، ولكن الجميع حدّقوا به الآن، ومن المحتمل أنهم دهشوا جميعاً لأنه ظل إلى ذلك الحين لا يلفت نظر أحد، كان رجلاً هائل الطول ذا وجه أسمر مفتوح، وشعر كثيف متموج رصاصي اللون لما يخالطه من شيب على نحو غريب. كان يرتدي قمبازاً يشد عليه حزاماً عريضاً من أحزمة الرهبان ويعتمر طربوشاً أسود من الجوخ، وكان من المستحيل أن يحدس أحد هل كان راهباً أم مبتدئاً في الرهبانية، لأن رهبان الجزر في بحيرة لادوجسكويه، لا يلبسون دائماً القلنسوات السود ليس في رحلاتهم فقط، بل وفي داخل الجزر أيضاً، ولبساطتهم الريفية يقتصرون على الطرابيش، وقد تبين فيما بعد أن رفيق سفرنا هذا رجل ممتع للغاية، ومظهره لايمكن أن يعطيه من العمر غير ما يزيد على الخمسين سنة بقليل، ولكنه كان عملاقاً في المعنى الكلي لهذه الكلمة، بل نموذجاً للعملاق الروسي البسيط القلب الطيب النفس الشبيه بالجد إيليا موروميتس المصّور في لوحة فيريتشاغين الرائعة، وفي قصيدة الكونت اليكسي تولستوي.