وعد الفجر سيرة ذاتية للكاتب الفرنسي رومان غاري يروي فيها قصة طفولته وشبابه مع والدته الممثلة الروسية السابقة ، تلك المرأة ، التي قررت أن تجعل من ابنها محور حياتها الوحيد. كانت تنظر إليه وتصرّ على أنّه «سوف يصبح شخصية مهمّة» هي التي أرادت له منذ صغره أن يكون دبلوماسياً وكاتباً في آن واحد، فـ«فكتور هوغو كان رئيساً للجمهورية» كما كانت تقول. لقد أصرّت على ذلك طيلة حياتها، كانت تتنقل بين أصدقائها وتفتخر أن ابنها هو سفير فرنسا أو سوف يصبح كذلك. كل ذلك قبل أن يبلغ رومان سن الثالثة عشرة وقبل حتى أن تطأ قدما الصبي عتبة فرنسا. الصبي تآكله حب الوالدة، ففعل المستحيل منذ صغره لإرضائها.
هل تشكل هذه المقالات بمجملها سياقاً منتظماً أو بحثاً في موضوع؟... هذا السؤال طرحته على نفسي وأنا أجمع مقالات عن فنّانين تشكيليين وسينمائيين ومسرحيين وكتّاب وشعراء عالميين لأضعها في كتاب واحد... لقد كتبت هذه المقالات في أزمنة مختلفة تقارب العشرين عاماً، وفي ثلاثة منافٍ ووطن. وقد كتبت في الغالب بدوافع الاستجابة للعمل في صحف ومجلات عديدة، وفي مناسبات يوبيلية تتعلق بالميلاد أو الموت. وبين المنافي وطوارئها التي لا تسمح بنقل الكتب والمسودات، ولا تسمح قبل ذلك بثبات المكان، أي لا تسمح بتطور الفكر الثابت والتأسيس المنساب، وبين الصحافة التي تسلّط مساحة النشر وضرورات الوقت على التأنّي والتخصّص، سألت نفسي وأنا أجمع هذه المقالات وأعيد تعديلها وتبويبها: ما الذي حكم الاختيار، وما الذي حكم المدخل؟ وفي زمن صعب وجارف تبتر فيه الأحداث سياق الثقافة وتزيحها جانباً أو إلى الخلف، يبدو البحث في أعمال فنّانين وكتَّاب كبار، أبعد من أن يجيب عن الأسئلة المُلحّة التي تطرحها المرحلة. ولكن هؤلاء الفنّانين والكتَّاب واجهوا أصعب الأسئلة التي طرحها قرننا هذا وتركوا بصماتهم عليه وعلى ركائزه الثقافية... فقد واجهوا المشاكل التي طرحها التطور الصناعي الكاسح على المثل الإنسانية. وعاشوا التحديات الفكرية التي طرحتها الثورات الكبرى في عصرنا، ومحنة الإنسان بين حربين عالميتين شهدنا صعود الفاشية والنازية... إذن فقد عاشوا قرننا وأسهموا في ثقافته بعمق. وقد بحثت وأنا أقرأ أعمالهم عن شيء أريده: كيف يمكن أن تؤثر التجربة التي عاشوها على تكوين رؤيتهم وكيف انعكست في أعمالهم، وبالتالي مواقفهم من القضايا التي طرحها عصرنا... إن عوامل معقدة ومتنوعة ومؤثرات لا تحدّ حكمت هذا التعامل بين التجربة والوعي هذه المقالات لا تدّعي الإجابة عليها، إنما تسهم في البحث عنها.
ما هي القيمة الحقيقية لقدم جنديٍّ أنقذت حياة ضبّاطٍ أعلى منه رتبة؟ كيف يضحك في الحقيقة شخصٌ اتّخذ الضحك مهنة له؟ كيف تختصر إجابات مقتضبة بنعم أو لا سعادةَ رجل؟ وما الذكريات التي ستثيرها بضع لوحاتٍ معلّقة في مدرسةٍ تحوّلت لمستشفى عسكريّ، لدى تلميذٍ مصابٍ عائد من الحرب؟ أيكون من الجيّد أن نعيش لنعمل، أم أن نعمل لنعيش؟هذه الأسئلة وغيرها، سيحرّكها الكاتب الألماني "هاينريش بُل" في هذا الكتاب. عاكساً بأسلوبه الطريف حيناً، الغاضب حيناً آخر، والحسّاس في كلّ حين، سخريّته من الظروف التي تلت الحرب، وأجبرت الناس على معاودة حياتهم كأنّ شيئاً لم يكن، واستهزاءه بالنزعة الرأسمالية التي تطالب الجميع بالعمل بأقصى طاقتهم من أجل "المستقبل"... مثمّناً التأمل والبطء، يكتب "هاينرش بُل" في هذه القصص ردّه على عالمٍ عجول، ممسوس بالجنون، وفاقد لإنسانيّته.
ولادة ثانية "، صورة شخصية متعددة الألوان لواحدة من أعظم الكتاب والمفكرين الأمريكيين، تعج بفضول سونتاغ النهم وظمئها للحياة. في هذه اليوميات، أو الاعترافات (( العظيمة ))، نراقب بشغف تفتحها على الحياة، ونشاركها لقاءاتها مع الكتّاب الذين أغنوا معارفها، وننشغل بتحديها العميق للكتابة نفسها. كل هذا، يترش ح في تفاصيل لا تضاهى للحياة اليومية. في اليوميات بوح ذاتي على نحو غير عادي، يتظافر مع وصف شغفها الفريد الى معرفة فكرية، وحسية ايضا، عندما كانت سونتاغ تتوق الى أن تغدو جديرة بالكتّاب والرسامين والموسيقيين الذين تبجل. جشع سونتاغ الاستثنائي ــ (( الإحساس الذي كانت بحاجة اليه لتسمع كل قطعة موسيقى، وترى كل عمل فني، وتلم بكل الأعمال العظيمة في الأدب )) ــ كان موجودا منذ البداية، ونحن نلمسه في هذه اليوميات " الحقيقية ".