((ليسامح الناس تلك المرأة التي ربما كانت عاجزة، منذ أعوام الشباب، عن أن تحمل على كتفيها الضعيفتين تلك المهمة الرفيعة- أن تكون زوجة رجل عبقري وإنسان عظيم)). هذا ما كتبته صوفيا أندرييفنا تولستايا في عام 1913م عقب وفاة زوجها كاتب روسيا الكبير ليف تولستوي، بعد أن عاشت حوالي نصف قرن إلى جانبه، وشاطرته صعوبات الحياة في المجتمع القيصري المتزمت، وفي صعوده سلّم المجد حتى أصبح من أشهر كتاب روسيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. إن اليوميات هي بمثابة رواية للأحداث اليومية التي تجسد خصال الكاتب وموقف زوجته من سلوكياته معها ومع الاخرين، وأفكاره الطليعية في ذلك الزمان، ومعاناتها بسبب هذا كله. إنها تزوجت الكونت ليف تولستوي في عام 1862م، وأصبحت تحمل لقب كونتيسة، حين كانت في سن 18 عاماً، بعد أن شبّت بلا هموم في كنف أبيها اندريه بيرس طبيب الأسرة القيصرية الذي عاش مع أسرته في شقة حكومية في داخل الكرملين. واكتسبت صوفيا الكثير من العادات الأرستقراطية وحصلت على تعليم جيد من إجادة ثلاث لغات أجنبية، هي الفرنسية والإنجليزية والألمانية، والعزف على البيانو، ناهيك عن الاطلاع على الآداب العالمية. واتسمت بطبيعة شاعرية وبمواهب عدة تركت أثرها في العلاقات مع زوجها لاحقاً، حيث أحبت صوفيا سحر الطبيعة في الريف الروسي، كما أحبت الموسيقى والفن عموماً، وخالفت زوجها في تقييمه للفنون الذي ورد في كتابه “حول الفن”. وكان تولستوي قد أصبح آنذاك كاتباً معروفاً ونافس حتى تورجينيف في الشهرة، وترجمت أعماله إلى اللغات الأجنبية. وقد شق طريقه في ميدان الأدب بعد تجارب حياتية قاسية منها الخدمة في الجيش والمشاركة في حرب القرم ومن ثم في القوقاز بصفة ضابط مدفعية، وعرف كل مساوئ حياة الضباط آنذاك من سكر وعربدة ومعاشرة الغجر وبنات الهوى ولعب القمار.
في سن الثامنة عشرة رأى شون بيثل أول مرّة المكتبة الغريبة في البلدة الساحلية الاسكتلندية ويغتاون. «هذه المكتبة لن تبقى لعام آخر»، قالها حينئذٍ على نحو ساهٍ لصديق له. بعد ثلاثة عشر عاماً كانت لم تزل قائمة وشون مالكها. هو يقيم ويعمل في المكتبة، التي رفوفها المتصدّعة تحوي كل شيء من إنجيلٍ من القرن الساد س عشر إلى طبعةٍ أولى من أغاثا كريستي. جنّة عاشق كتب؟ حسنٌ، تقريباً... في يومياته الصادقة والمضحكة على نحو مرير وساخر يسجّل شون حياته اليومية في، وحَول، المكتبة، كاشفاً عن حياة تجارة الكتب بنجاحاتها وإخفاقاتها، كيف العيش كبائع كتب في عصر الديجتال، كيف التعامل مع زبائن غريبي الأطوار، مع مستخدمين يعملون وفق مزاجهم ودرج نقود فارغ معظم الأحيان. إلى جانب ذلك يأخذك في رحلات شراء إلى عِزَب قديمة وبيوت مزاد، ويقدّم لك إثارة اكتشاف اللّقى على غير توقّع. «يوميات بائع كتب» قصة حميمة عن رجل يعيش من أجل، مع، ووسط الكتب. ‹يوميات بائع كتب› دافئ (بخلاف مكتبة شون الباردة المجمِّدة) ومضحك، ويستأهل أن يصبح واحداً من الكتب البستسيلرز (الأكثر مبيعاً)، وهو التعبير الذي يزعجه كثيراً.
امبرانت، لم يكن يؤمن بالخلود. ربما حضر له كأمرٍ ديني، لكنه لم يصل عنده حد يقينيات الكائن البشري. و لم يكن عنده فاعلاً وموجِّهاً. وهذا كان سبب اكتئابه. لكنه أيضاً، لم يستطع ابعاده عن حياة الانسان المتفوق فيه. لهذا كانت استمراريته متجاوزا ما هو ادنى. هو بقي سجينَ احلامه الكبيرة وسجين فنائه وظمئه. جسد متنافر. لذا صار المكان والزمان عنده بُعدين لخلية جسدية. لم يكفّ عن قياس الفرح المر بالاضطهاد، وكما لو ان الحرمان من الابدي لم يكن الا وعياً مؤسفا اكثر بنهايتنا. مارسيل بريون 1946 MARCEL BRION رامبرانت صور نفسه بوضوح، في الرسم الزيتي وفي النقش على المعادن وفي التخطيطات، ما يقارب المائة مرة. وفي كل مرة من هذه المرات نتعلم اكثر عن رامبرانت. إلى حدٍ ما، حقّقَ رامبرانت متطلبات يونج وعرض الشخصية في رسومه كظاهرة متطورة. تقنياً، كانت سمتُه التقدم بحذق متزايد في مضمون اللوحة. تبدو النفس في رسومه تخترق القناع المرسوم وتجعل منه تسجيلا مهتزا لحياة الفنان الداخلية. لكن رامبرانت كان يشعر بوضوح ان هذه الدرجة من الكشف ليست كافية وان الشخصية تتحطم تدريجيا تحت ضغط الواقع و الوجه يفقد نعومته وتناسقه وتماسكه. هربرت ريد 1955
تحول النص الخيالي, والنص النظري, بين يدي المبدع والدارس إلى يوتوبيا, مثقلة بقناعة قابليتها للتطبيق العملي. صار الشاعر- بدل السعي للكشف عن التباسات الشرط الإنساني, وإضاءة الأركان المعتمة, أو نصف المضاءة في الإنسان يسعى -على النقيض- إلى فرض حلول سحرية بقوة الكلمة, داخلاً المعترك الأرضي, يداً بيد مع المغامر السياسي, لتطبيقها. طبعاً عادة ما يكون الشاعر أو الكاتب الخيالي, لضعف تأثيره العملي وضعف حيلته, مع السياسي, أو تحت ظله, أو خلفه, يزوده بدفق المشاعر التي يفتقدها الأخير, ثم مع الأيام يجد نفسه وقد تقزم إلى مؤيد ومطبل, للسياسي الذي تسلم زمام السلطة. حدث هذا بصورة غاية في الملموسية والتاريخية مع ثقافة رؤى البعث القومية، والثقافة المعارضة لها في العراق. خرج الشاعر الذي لا يرى إلا "جنةً عرضها الوطن العربي"، معززاً بالشاعر المعارض له الذي يراها جنة "بذلة العمال الزرقاء". وبدأت معهما مخاضة الدماء، التي انتهت بصعود الدكتاتور.