"ملحمة القرن العشرين" هذه، كما سمّيت، في غاية الصعوبة، ومغاليقها مستغلقى لدرجة اليأس والإحباط وانقطاع النفس مرة بعد مرة. العزاء الوحيد أن القارىء الإنكليزي ليس أكثر خطأ. لتكن هذه الرواية – الأعجوبة، امتحاناً لقدراتك على الصبر والجلد، ومحكاً لقابلية إصغائك الكامل وبكل الجوارح والحواس، إنها مثل مرا قبة نمو نبتة. عملية بطيئة بلا شك، أي أنك لا تستطيع أن تقرأها دفعة واحدة أو بدفعات كبار فتصاب بالتخمة. لا مفر من التعامل مع هذه الرواية، على أنها مركبات أدوية، الإكثار منها يؤدي إلى عطبك. قراءة مقطع، التأمّل فيه، التمعّن في أبعاده، ثم إعادة قراءته مرات ومرات. لا يمكن الإنتقال إلى مقطع آخر من دون التأكد من هضم المقطع الأول وتمثّله، أي أن هذه الرواية تتطلب تغييراً أساسياً في العادات التي تعوّدناها في القراءة سابقاً. لا بد للقارىء الذي وطن نفسه على قراءتها من تخصيص وقت ينقطع فيه إليها انقطاعاً كاملاً، كما لا بد له من الإطلاع على أوديسة هوميروس، بالدرجة الأولى وعلى التوراة والإنجيل، وقصص “DUBLINERS” القصيرة لجيمس جويس نفسه
منذ عمر السادسة عشرة، ولج برنار فيربير (المولود سنة 1961 في مدينة تولوز) عالم الأدب. فكتب قصصاً قصيرة، وسيناريوهات، ومسرحيّات. وبعد أن أنهى دراسته في علم الجريمة والصحافة، عمل محرّراً في الصحافة العلميّة. أصدر سنة 1991 روايته الأولى (النمل) التي حظيت بنجاح منقطع النظير، وهو لم يتجاوز بعد الثلاثين من عمره. يقترح برنار فيربير في أعماله نوعاً جديداً من الكتابة الأدبيّة يدعوها “الخيال الفلسفيّ”، والتي هي مزيج من الخيال العلميّ والفلسفة والمعتقدات الروحيّة. يصبو فيربير إلى فهم مكانة الإنسان داخل هذا الكون عبر وجهات نظر، متعدّدة وغريبة، خارجة عنه: حيوانات، أشجار، آلهة قديمة، وحتّى سكّان محتملون من خارج الكوكب. تستقبل أعمال برنار فيربير بحفاوة ليس في فرنسا فحسب، وإنّما في العالم. غير أنّ ثلاثيةّ النمل -والتي تشكّل هذه الرواية كتابها الأوّل، إذ لحقها يوم النمل 1992، وثورة النمل 1996 -تبقى هي الجوهرة في تاجه الإبداعي، والسمة التي منحت تجربته النكهة الفريدة التي اختصّ بها، وألهمت كتّاباً آخرين.
صدر للكاتب زهير الجزائري كتاب بعنوان " يوميات الالم والغضب " يروي فيه حكاية انتفاضة تشرين في ضوء مشاركته ومراقبته ومعايشته لساحات الاحتجاج، وفي الكتاب يشير زهير الجزائري الى العوامل التي ادت الى اندلاع الانتفاضة متسائلا؛ما الذي أشعل الانتفاضة؟ وأجاب، هنالك عدد من العوامل مثلت مقدمات لاندلاع الانتفاضة ، ويرى المؤلف ان مستقبل التظاهرات الاحتجاجية بالعراق سيظل مرتبطًا بمدى تطبيق مقتضيات الدستور والعدالة الاجتماعية في توزيع الثروة والعدالة الانتقالية عـلى وجـه صحيح؛ ووجـود إرادة حقيقيــة مــن الدولــة إزاء مكافحــة الفســاد ، ودعــم اســتقلالية القضــاء وتجــاوز تحكم الفصائل المسلحة وتدخل القانون العشائري .
ذلك إننا يجب أن نسعى بجهد إلى معنى كل كلمة وكل سطر، لأننا نفترض دائماً أن هناك مهنى أكبر من الاستعمال الشائع الذي تتيحه لنا الحكمة والشجاعة وسماحة النفس التي نتحلى بها. هناك كتب نتصفها بمتعة ناسين الصفحة التي قرأناها ما أن ننتقل إلى الصفحة التالية. وكتب نقرأها بخشوع دون أن نجرؤ على الموافقة أو الاعتراض على فحواها. و أخرى لا تعطي سوى معلومات ولا تقبل التعليق. وهناك كتب نحبها بشغف ولوقت طويل، لهذا نردد كل كلمة فيها لأننا نعرفها عن ظهر قلب. القراءة عبارة عن محادثة، تماماً مثلما يبتلى المجانين بحوار وهمي يتردد صداه في مكان ما في أذهانهم، فإن القراء يتورطون أيضاً بحوار مشابه، يستفزهم بصمت من خلال الكلمات التي على الصفحة. في الغالب لا يدون القارئ ردود أفعاله، لكن أحياناً تنتاب قارئ ما رغبة بإمساك القلم والتواصل مع هذا الحوار بكتابة الهوامش على النص. هذا التعليق، هذه الهوامش، هذه الكتابة الظل التي ترافق أحياناً كتبنا الأثيرة توسع من النص وتنقله إلى زمن آخر، وتجعل من القراءة تجربة مختلفة وتضفي واقعية على الأوهام التي يرويها لنا الكتاب، ويريدنا (نحن قرائه) أن نعيشها.