هذه الرواية هي واحدة من أهم أعمال الكاتب العراقي محسن الرملي، صاحب روايات (الفَتيت المُبعثَر) و(تمر الأصابع) و(ذئبة الحُب والكتب) وقد تُرجِمت إلى أكثر من لغة وترَشحَت ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية/البوكر عام 2013م. إنها رواية حافلة بالأحداث والتواريخ والمواضيع والشخصيات التي م ن أبرزها شخصية عبدالله كافكا، طارق المُندهِش وإبراهيم قِسمة. تسرد سيرتهم ومن خلالها جانباً من تاريخ العراق على مدى نصف قرن، وكيف انعكست مجرياته على حياة الناس البسطاء. الحروب، الحصار، الدكتاتورية، المقابر الجماعية وفوضى الاحتلال التي يضيع فيها دم إبراهيم، كرمز للدم العراقي، بين فلول نظام سابق وأتباع نظام تلاه. يرفض محسن الرملي اعتبار الضحايا مجرد أرقام، كما تَذكُر الصحافة، وإنما هم أناس لهم تاريخ وعوائل وأحلام وتفاصيل. كل شخص هو عالَم قائم بذاته.. ومن بين مهام الأدب تبيان ذلك. قال عنها الناقد الدكتور صلاح فضل في مقاله (النور السردي يغمر حدائق العراق): "لقد أدهشتني رواية «حدائق الرئيس» للكاتب المتميز محسن الرملي. لم أكن أتصور أن بوسعه من مَهاجِره البعيدة أن يكثف رؤيته للواقع العراقي خلال العقود الماضية بمثل هذه التقنيات السردية المُتقَنة، والكفاءة الشِعرية التي تقدم نصاً إبداعياً من الطراز الأول." وكتبت عنها الروائية الدكتورة ميرال الطحاوي قائلة:"إنها رواية مليئة بالتفاصيل.. باللوعة وبالوطن وبالثورة والأسى، وهي رواية تشكل علامة في مسيرة الأدب العراقي وقدرته على تأريخ وتحليل التاريخ القريب والبعيد للوطن... متعة الأسئلة والبحث، ولوعة الفهم، وسوداوية الواقع الذي فاق كل خيالات الكتابة.. هي ما يقدمه محسن الرملي". فيما وصفها الدكتور محمد المسعودي بأنها:" مفعمة بسخريتها وتراجيديتها وبعمق معالجتها للحال العراقي. إنها رواية فاتنة وعميقة عن العراق بأحزانه وأفراحه. إنها بحق مَلحَمة مكثَّفة عن عراق قلق دام ومتوتر".
تجري أحداث الرواية في آن واحد وفي مكانين مختلفين يبعد أحدهما عن الآخر ألف كيلومتر. المكان الأوّل ملهى في برشلونة حيث لا يُسمى أحد باسمه، وحيث تموت الراقصات قتلاً أو انتحاراً على خشبته، وكلّ من فيه سعى إليه هرباً من ذاته وبحثاً عن فردوس مفقود. والمكان الثاني حي شعبي في مدينة مالقا الأندلسية. الأحداث يرويها شاهد وحيد كان أثناءها على وشك أن يتفتّح على عالم المراهقة، أحداث الملهى من خلال الرسائل والصور التي كان يرسلها أخوه الذي ذهب إلى هناك ليكون راقصاً وفنانا، ومن خلال ما حكاه هذا الأخ بعد أن اختُتمت مغامرته البرشلونية. وأحداث الحي من خلال معايشته رفاقه في الحي وسكان الحيّ بأطيافهم كلّها. رواية تستوي فيها الواقعية والشاعرية، وكل ذلك مغلّف بفكاهة حلوة.
تمثل هذه الحوارات مع نخبة معاصرة من الروائيات والروائيين إضمامة عولمية تجتمع فيها الرؤى المختلفة والتلاوين الفكرية ومصادر الإلهام اللامحدودة التي تجعل من الرواية موسوعة العصر الثقافي والشكل الإبداعي المتغير والذي يبقى في حالة صيرورة دائمة وحركية ومفعمة بالحيوية والطموح والقدرة على بعث الإلهام، الروا ية كجنس أدبي دائمة التغير لكونها منفتحة على احتمالات لاتحصى تفرزها الحياة الإنسانية وترتبط في الوقت ذاته باللحظات الفلسفية الفارقة والتغيرات الدراماتيكية في الإقتصاد والسياسة، وانعكاساتهما على الأوضاع الديموغرافية والنفسية للكتلة البشرية في عموم العالم.
تدرك نهى من تتابع الإشارات الغريبة على وعيها أنّ جذورها تمتد لأكثر من عرق وأكثر من بلاد وأكثر من عصر ، لاتعلم حقيقةَ منْ أية نطفة أتت ومن أي صلب تحدّرت . أيُّ البشر يعلم حقيقة أصوله ونسبه ؟ لاأحد ... هي لاتريد أن تعرف ، ماجدوى أن تعرف ؟؟ فلتعش حاضرها حسبُ . إنها في قلب الحياة ولها أن تتقبل وجودها مه
كان د.هـ لورنس صغيراً جداً ومغموراً جداً عندما باشر بكتابة المسوّدة الأولى لهذا الكتاب في خريف عام 1906. كان حينئذٍ في جامعة نوتنغهام يقضي دورة إعدادية مدتها عامان لكي ينال شهادته كمُدرِّس للمرحلة الابتدائية. كان قد التحق بالجامعة بجهوده الخاصة، ذلك أنَّ والده، عامل المنجم ذو الأطفال الخمسة، لم يكن
يقترح برنار فيربير في أعماله نوعاً جديداً من الكتابة الأدبية يدعوها "الخيال الفلسفي"، والتي هي مزيج من الخيال العلميّ والفلسفة والمعتقدات الروحيّة، وعمله في ثلاثية (النمّل)، والتي تشكل هذه الرواية كتابها الأول تنتمي إلى المتخيل الغرائبي من دون ان تنقطع عن عالم الواقع، لا بل أن بعض الوقائع على غرابته ا يمكن أن تترجم إلى لغة العلم أو ما يُعرف بـ "المعرفة المطلقة"، أو كما يقول بوذا يلزم العديد من الحيوات لتكتمل الروح..." ما يعني أن الرواية تكتسب طابعاً روحانياً، فضلاً عن تأرجحها بين الواقع والخيال. وفي الرواية، يُطرد جوناثان من عمله في شركة الأقفال في فرنسا، وينتقل للإقامة بعد يومين إلى شقة تحت الأرض في شارع السيباريت مع زوجته لوسي، وابنهما نيكولا وكلبهم "ورزازات" كان هذا المنزل إرث العم إدمون فرصة تفوق كلّ توقع بالنسبة إلى جوناثان العاطل عن العمل... بعد فترة يذهب جوناثان إلى جدته يريد معرفة شيئاً عن "أدمون" الذي ترك له هذه الشقة بأسرارها العجيبة، فأخبرته بأنه كان شخصاً غريب الأطوار، منذ طفولته، يتفحص كل شيء يقع في يده، وكان مولعاً ببناء الأوكار والمخابئ لنفسه، يبنيها من الأغطية والمظلات داخل علية المنزل وعندما كبر كان يتصرف كالمجنون أو "خارج المتعارف عليه" وعندما كان يُسأل لماذا؟ يجيب: "يلزم التفكير على نحو مختلف، إذا فكرنا بالطريقة التي اعتدنا على التفكير بها لن نصل إلى شيء". وكان له من العمر أحد عشر عاماً عندما كانت تخرج منه هذه الأفكار، ومنذ ذلك الوقت انقطعت أخباره عن أهله، ليتبين لاحقاً أنه أنهى الدكتوراه بألمعية، وأنه عمل لصالح شركة منتجات غذائية، ثم تركها ليغادر إلى أفريقيا، وبعد عودته... قضت على حياته (الزنابير) كان يسير في الغابة بمفرده، ودفع سهواً حشداً من الزنابير، فسارعوا جميعاً بالقضاء عليه... لكن الشيء الهام بالنسبة إلى جوناثان الباحث عن الحقيقة أن "أدمون" ترك له بعد مماته ظرف أبيض مكتوب عليه بخط محموم: "إلى جوناثان ويلز": (إياك والنزول إلى القبو)؟ تُرى لماذا حذره أدمون من النزول إلى القبو.. فهل تنتظره جيوش النمل في القبو؛ أم أنه سيكتشف عالماً آخر تحت الأرض لا يعرف عنه شيئاً؟؟... وعليه، تكون "النمل" رواية فريدة في موضوعها، تتقاسم البطولة فيها الناس والحشرات في آن معاً، ولكن لأيهما ستكون الغلبة؟.
ليس هناك"استبداد شرقي"او"استبداد غربي"، لكن هناك استبداد بل استبداد بشع في الشرق كما في الغرب.هذا هو الاستنتاج المحوري الذي يسعى الى اثباته هذا الكتاب محاولا تعميق الجدل حول مفهومي “الاستبداد” و”الاستبداد الشرقي”، منها ان السلطة الاستبدادية تتضارب بجو
ثمة علامة فارقة تميز الآداب عامة، والأدب الروسي خاصة. وهي ازدهار الأدب الساخر، أو ما يمكن أن ندعوه مجازاً بـ «أدب العدسة المكبرة»، في المراحل الانتقالية الصعبة التي يمر بها هذا المجتمع أوذاك. وهذه ظاهرة طبيعية إيجابية. فمن الملاحظ في الآداب عامة، أن ازدهار السخرية والفكاهة، وانتشار التورية والعبارات القارصة والتلميحية، والمبالغة، يتزامن أكثر ما يتزامن، مع مراحل التحولات. الثورية والتغيرات الاجتماعية الكبيرة، والانتقال من نظام اجتماعي- سياسي إلى نظام آخر. ولم يشذ الأدب الروسي عن هذه القاعدة. فقد ازدهر الأدب الروسي الساخر، والقصة الروسية القصيرة الساخرة تحديداً، وانتشر انتشاراً واسعاً في السنوات العشر الأولى التي أعقبت ثورة أكتوبر عام 1917 ، وفي أعقاب «البيريسترويكا» وانهيار الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتعد هذه الفترات الزمنية المذكورة بحق) العشرينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين والعقد الأولى من القرن الحادي والعشرين (من الفترات النادرة والفريدة في مجال الأدب الساخر، والقصة الروسية القصيرة الساخرة والانتقادية الفكاهية. ولعل أصدق دليل على ازدهار هذا الأدب الساخر، في المراحل المذكورة، صدور الأعداد الكبيرة من المجلات الساخرة والفكاهية فيها. ورغم انتشار الأدب الساخر في الأجناس الأدبية المختلفة) الرواية، المسرحية، القصة، القصة القصيرة إلخ لكنه كان أكثرانتشاراً وتركيزاً في أدب القصة القصيرة.
ستكونين يا ابنتي كالسمكة في الماء؛ ولو تشهّيت طيورَ السماءِ فستحصلينَ عليها...» من دون أن تنسى أن تحثها على الكلام وتعنّفها على سكوتها وتمنّعها: «ألا تقولين شيئا!…هلاّ رددتِ عليّ بكلمة...!» وتقف البنت مشتتة الفكر حائرة القلب والهة الفؤاد لا تجد من تبث إليه حزنها وتستودعه سرّها غير وصيفتها: وتقف البنت مشتتة الفكر حائرة القلب والهة الفؤاد لا تجد من تبث إليه حزنها وتستودعه سرّها غير وصيفتها: «لو أنّك رأيتِ أمّي… إنّها مصمّمة على أن أحبّ ذاك الرجل… لو أنّها تعلم ما تعلمين لما طلبت منّي أشياء مستحيلة...» لكن المستور سرعان ما ينكشف، والأوراق سرعان ما تختلط لتظهر الحقيقة ويعود الحق إلى مثابته. فيثور الشيخ في البدء: «ألومُ مَن؟ وأصبّ غضبي على مَن؟» ثمّ يتراجع ويتأمّل: «أهذا هو ما ندعوه تربية الفتاة تربية جيدة؟ أن نعلمها الكذبَ والخداعَ والمداراة على مشاعرها البريئ
سيخرج مع ساعات النهار ا لأولى، يتجول في مدينته لآخر مرة، ثم ينطلق صوب الساحة الكبرى، يقف تحت لوحتها الصخرية، فيعدد الأسماء كلها، يأتي عليهم واحداً واحداً، أصحاب العمائم والخواتم واللحى والبدلات الأنيقة والسراويل، يذكرهم بأسمائهم وألقابهم الصادقة والكاذبة، فإذا انتهى من آخرهم، يشعل أعواد الثقاب. تناول علبة الكبريت، هزها عدة مرات، جلس على الأرض، يستعين برطوبتها الباردة على حرارة أحزانه، يريح على صلابتها متاعب سنينه المرهقة، عمره الذي ضاع ما بين جبهات الحروب وعذاب السجن ومتاعب ما بعده، فصار كائناً موجوعاً في نومه ويقظته، مسكوناً بالحزن والألم، حتى ذكرياته انقلبت ضده، عدواً شرساً لا يرحم، يجلده كلما وجده مسترخياً، يمزّق صمته بصيحات مرعبة كلما أراد الانقطاع عن هذا العالم.
لضائعة نُشِرَت رواية «الضائعة» للمرة الأولى في إنكلترا عام 1920؛ في شهر أيلول وِفقاً إلى إفادة ناشر لورانس، وفي شهر تشرين ثاني وِفقاً لواضع بيان مؤلفاته. غير أنه كان قد باشر العمل فيها قبل ذلك بثماني سنوات، والمسوَّدة الأولى للجزء غير النهائي من الكتاب كُتِبَ ما بين عامَيّ 1912 – 1913، مع المسوَّدة الأولى من رواية «قوس قُزَح». وطبعاً أعادَ كِتابتها بالكامل في عام 1920. تقول «الضائعة»، «لن يتمكنوا من المغادرة إلى إيطاليا إلاّ في أوائل شهر تشرين ثاني»، وفي شهر تشرين ثاني من عام 1919 غادرَ لورانس إنكلترا، في حركة نفي ذاتي وهو حزين. وخلال الحرب، وبسبب خِلاف بيروقراطي، طُرِدَ من كورنوال بتهمة الاشتباه بالتجسس – وشعر بحسرة ساخطة. فعندما تنظر ألفينا وهي في القارب في القنال خلفها إلى «الجروف الرمادية بلون الرماد، بلون الجثث» تشاهد بلدها للمرة الأخيرة كـ «تابوت طويل رمادي يغرقُ ببطء»، والقلب الذي انفطرَ بحبٍ وجحودٍ غاضبَين كان قلب لورانس. هو، «الرجل الضئيل الأشدّ إنكليزيّة»، اتَّهمه أهل بلده بالجاسوسية. ولم يستطع أبداً أنْ يغفر لهم هذا. ولِمَ يغفر؟ «يا لهم من حمقى!». ريتشارد ألدينغتُن
هنا تكمن الصعوبة في الانتحار: إنه فعل طموح لا يمكن أن يُرتكَب إلّا حين يتجاوز المرء حدود الطموح». تشيزاري بافيزي في 23 حزيران 1950، تسلّم بافيزي، اعظم كُتّاب ايطاليا المعاصرين، الجائزة الأدبية المرموقة، ستريغا، عن روايته "الصيف الجميل". في 26 آب، في فندق صغير في مسقط رأسه تورينو، أقدم على الانتحار. قبل فترة وجيزة من موته، أتلف على نحو منهجي كل أوراقه الخاصة، وأبقى على يومياته، ولهذا الصنيع سيظلّ القارئ شديد الامتنان. "مهنة العيش"، يوميات مريرة وحادة، مؤثرة ومؤلمة معا في قراءتها، وتُعَدّ واحدة من أعظم الشهادات الأدبية في القرن العشرين. هي يوميات معركة خاسرة، مع الذات، مع الحب، ومع السياسة. إنها مونولوغ متعدّد الأصوات: صوت كاتب موسوس، صوت عاشق فاشل، صوت كاثوليكي، صوت شيوعي. تكشف هذه اليوميات عن رجل كان فنه وسيلته الوحيدة لكبح شبح الانتحار، الذي كان يسكنه منذ طفولته: وسواس قَهَرَ الشاعر في النهاية. هذا كتاب يمكن أن يتبيّن فيه القارئ كيف يمكن أن يكون الأدب، دون أن يقصد أن يكون أدباً.