إن «الشرق الكبير» بالنسبة إلى روسيا اليوم هو إحدى وخمسون دولة شريكة في منطقة المحيط الهادئ والشرقين الأدنى والأوسط وآسيا الوسطى والجنوبية، ولا شك أن هناك تبايناً في دور كل من هذه الدول الخاص في سياسة روسيا الاتحادية الخارجية، فهناك دول يؤمها الكثير من الأثرياء الروس للاستجمام، وهناك شركاء استراتيجيو ن، تتميز العلاقات معها بعمق خاص وبمغزى كبير. يسلط هذا الكتاب الضوء على أهم اتجاهات سياسة روسيا الخارجية وإنجازاتها في «الشرق الكبير»، والكتاب يستند أساساً إلى الوقائع والأحداث، التي جرت في ولاية بوتين الثانية (2004- 2008)، وقد وضع الكاتب نصب عينيه تحقيق ثلاث مهام: الكشف عن الخصوصية المعاصرة لسياسة بوتين في الشرق (بحسب البلدان والأقاليم). تعريف القارئ بأسلوب مبسط بعض قضايا سياسة روسيا الشرقية في بعض المناطق (الأكثر تعقيداً)، بما فيها بشكل خاص: مسألة ما يعرف بــ«الترانزيت العربي» لروسيا، ومعضلة بوتين الإيرانية، بالإضافة إلى الإمكانيات والتحديات التي تواجه روسيا في سياستها تجاه الصين، كذلك محاولة استقراء السيناريوهات المحتملة لتطور السياسة الروسية في الشرق في عامي 2007- .2008
النقد التقليدي "البارع متعدد الأساليب" و"له لغة في اللغة". مهما كانت دقة أو صحة هذه التعابير، فإيتالو كالفينو واحد من الكتاب القلة البارزين، كاتب صار معروفاً بطريقته الجميلة المربكة في الكتابة، وبدهاته في ذلك، لا تقرأ له صفحات حتى تقرَّ ببراعته. روايات كالفينو مشوّقة، والقارئ يواصل قراءة القصة بعد أن يجد نفسه في خضم من المفاجآت المتتالية وقد شدّه عالم زاخر بالوهم والغموض، لكنه قبل هذا يجد فيه شيئاً يعنيه، نداء خاصاً لنقاط بعيدة غافية أو لمسألة منتظرة في ذهنه. هذا هو شأن كل كتب كالفينو يظل فيها القارئ يبحث عن الغرض، عن المغزى الذي يطرحه أو يريده الكاتب وهو يسعى وراء المعاني البعيدة التي يلفها الغموض، والتي هي "خفيّة" وهي قريبة، أيضاً من نفسه. و"مدن لامرئية" الذي اخترت ترجمته، هو أول كتاب: لإيتالو كالفينو أثار دهشتي، رواية تثير المشاكل نفسها التي أثارها الكاتب من قبل، ولكن بأسلوب مختلف وبإيجاز جميل ومذاق فيه العمق الثقافي ونكهة الشرق البعيدة والمؤثرة. ففي هذه "الرواية" نرى قبلاي خان يراقب إمبراطوريته، فيراها تتعاظم وتتباعد أطرافها، وهي متماسكة، مثل ماسة صلدة لمّاعة، واقفة في الزمن مثل صرح شامخ... إنما هو في حاجة إلى الإقتناع الأخير، إلى السر الذي يتوق لمعرفته، لكي يتأكد، لكي يقتنع، لكن المدن التي يراها ماركو يولو في هذه الإمبراطورية.
وفي هذه الرواية يصور بول وضع الناس الخارجين من الحرب العالمية الثانية، والذين يجدون أنفسهم فجأة بلا سند في عالم مخرب مادياً وروحياً.ما يميز كتابه هانير شربول أن القارئ لرواياته يتلمس عمق الجرح الذي تعانيه كل شخصية من شخصيات الرواية، وهي تتحدث لا عن نفسها
نقرأ في هذا الكتاب مجموعة حوارات أجراها الكاتب حسن ناظم مع الشاعر فوزي كريم في منفاه في لندن. يتضمن الكتاب (22) محوراً يتناول خلاله المؤلف مجالات الشعر والثقافة والسياسة والإعلام ومواقف المثقفين والشعراء من سلطات الاستبداد، وقد طرح فوزي كريم في إجاباته على الأسئلة مجموعة من الآراء في الشعر؛ وشعرية الشعر العربي تحديداً متناولاً الجواهري والسياب ومواقف الديب سعدي يوسف الأخيرة والبياتي وعبد الرزاق عبد الواحد وصلاح عبد الصبور وغيرهم.
يتعرّض المعماري العراقي المعروف رفعة الجاردجي في كتابه هذا إلى مسألتين، أولهما: كيف تطوّرت النواة الفكرية لنظرية جدليّة العمارة، وثانيتهما: وصف للأبنية التي أنجزها المؤلف مع العديد من زملائه العاملين بصفته مهندساً معمارياً. وهذا الكتاب لا يسرد تاريخ العمارة في العراق ولا يسرد تاريخ ما قام المؤلف بممارسته، وهو كتاب لا ينحصر في مسألة معمارية معينة، وإنما يشمل موضوعات عديدة ذات صلة أساسية بفن العمارة من خلال تجربة وممارسة شخصية وعامة على مدار ربع قرن.
إن اختياري لهذه الأسماء التي وردت في هذا الكتاب، (عراقيون في الوجدان)، وفاء لدين في عنقي، فقد عاصرتهم، وتتبعت سيرهم، وربطتني بهم صداقات، امتدّ بعضها إلى ما يزيد عن خمسين عاماً. والبعض الآخر، تواصلت معهم داخل وخارج الوطن، عبر قراءات ومتابعات ولقاءات في هذا البلد أو ذاك، فتشكل لديّ أرشيف شخصي، ضمّ نتا جات ثقافية، وإنجازات سياسية، وذخيرة لسِير وطنيّة، ولقادة من العرب والكورد، وفي ميادين الصراعات والانتفاضات، في إخفاقاتها وانتصاراتها، فإن غاب بعضهم عن هذه الحياة، بقيت آثارهم أمنية، تحكي مآثر هؤلاء الأوفياء، لوطن أعطى الكثير لأبنائه، فكان لا بدّ لهؤلاء الأبناء، من أن يعطوا، ولو القليل، للوطن الذي أحبّوه، وفاء لدين في أعناقهم.
“في انتظار البرابرة” هي رواية “كويتزي” الثانية التي تحوز على جائزة، فهي استعارة للحرب بين المضطهد. إنها رحلة القوة الرهيبة الغاشمة، فليس القاضي إنساناً يعيش أزمة ضمير في مكان غامض وأزمنة بعيدة فحسب، بل حالته هي حالة كل البشر الذين يعيشون، ويشتركون في جريمة لا تحتمل مع أنظمة تقيم وجودها فوق العدالة و الحياة الكريمة. روايته التي بين أيدينا عدت من أهم الأعمال الروائية في القارة الإفريقية، وحسبنا أن نعلم أن طبعها أعيد تسع مرات في عقد الثمانينات. حصل في العام 2003 على جائزة نوبل للآداب، ويعتبر حالياً من أهم الروائيين الكبار في العالم.
تتناول هذه الدراسة حقبة زمنية غامضة من تاريخ العراق وهي فترة القرن الثامن عشر حيث كان العراق جزءاً من الامبراطورية العثمانية. وتركز الدراسة على تجارة البصرة مع كل من الهند وبغداد وإيران وحلب والجزيرة العربية وتداعيات هذه التجارة على التطورات السياسية والنفوذ البريطاني في المدينة.
يهدف كتاب "فعل العمارة... ونصّها: قراءة في عمارة الحداثة... وما بعدها" إلى تجسير الهوة بين الفعل المعماريّ المتحقّق، وبين مستغلّي هذا العمل ومتلقّيه، وصولاً إلى تبيان قيمته وأهميّته المعرفيّة. من ناحية، ومن ناحية أخرى، إثراء معارف المستخدم والمتلقي لذلك الفعل بدرايات إضافية، يشتمل الكتاب على ثلاثة فصول، تضمَّنت مواضيع معماريّة شتى، إنها تسعى وراء إضاءة منجز معماريّين مهمين، يرى المؤلِّف في مقاربتهم التصميميّة أهميَّة خاصة، أغنت المشهد المعماريّ بتصاميم مميّزة. كما يعرض الكتاب "مروحة" واسعة لنماذج معماريّة مستلّة من البيئة المبنيّة، وقضايا مهنيّة متداولة في الخطاب، وفي كلّ الأحوال يحرص المؤلف على تقديم نصوصه، للقارئ، ناظراً إليها نظرة خاصة، نابعة عن قراءة ذاتية، تشي بأنَّ المنجز الإبداعي يستبطن وجهات نظر عديدة، مثلما يكتنز قراءات متنوّعة، بمعنى آخر، يتوق مؤلِّف الكتاب، لأنَّ تكون قراءته للنماذج المعماريّة المصطفاة، حافزاً لقراءات أخرى، يمكن لقارئ الكتاب أنْ يجترحها أو يستدل عليها.
متوحد وواحد رغم كثرة الحاشية والمريدين، يعرف الخديعة ولكنه يستمرئ ابتسامات التملّق وكلمات المديح لأنّها تُسمعه صوت ذاته، والحشد المصفوف تحت منصَّته يغريه ويطريه ولكنّه يزيد وحشته. ولأنّه لا يرى غير ذاته ستبدو له هذه الحشود ظلالاً باهتة، ومع ذلك يريدها لأنه يخاف وطأة الوحدة.يدري أنّه لن يملك الحب ولن يحصل عليه، فيستعيض عنه بالخوف الذي يوحّد الناس تحته. لقد جلبوا إليه، من دوائرهم ومدارسهم ومصانعهم، حشوداً كالقطعان، لا رغبة منهم، يعرف ذلك، يعرف الخديعة كاملة، لكنه يعبد الجمهور ويمسحه بعينيه من اليمين إلى الشمال، ومن أبعد واحد على عمود الكهرباء، حتى أقرب واحد في الصفوف الأمامية، قبل أن يقول أول كلماته فتدوي الهتافات والتصفيق. يعرف أن هذا الجمهور سينقلب ضده حين يتحرك الغوغاء. لكنه يستمرئ اللحظة الراهنة كأنها الأبد.لا يريد إرادة أخرى غير إرادته، ولذلك يتحتّم عليه أن يصرع النيّة قبل أن تستحيل فعلاً، وما من وسيلة لذلك غير إشاعة الخوف لإبقاء الناس تحت وطأة ذنب دائمة حتى وإن لم يفعلوا شيئاً. يدري تماماً كثرة ضحاياه، ولكنّه لا يستطيع إلّا أن يوقع أحكاماً جديدة فقد اصبح القتل حرفة الحكم اليومية التي لا عصبية فيها. قد يباغته ضميره في لحظة صفاء نادرة، ولكنّه سينحي ضميره ويوقِّع قائمة جديدة. فما دام قد قبض على جمرة السلطة في بلد يناكده فلا مجال إذاً للتراجع حتى نهاية الشوط.
كنت طفلاً قروياً مرتبكاً حين حللنا مرة ضيوفاً على أقاربنا في المدينة.. وأرسلتني صاحبة البيت لاحضار ملح من جارتها، وجدت الباب الخشبي العتيق مفتوحاً موارباً فطرقته بهدوء، لكن لا أحد يرد.. وحين هممت بالعودة تناهى الى سمعي صوت تأوه حاد، ترددت قليلاً، لكن قرويتي جعلتني أدلف الى البيت لأن ثمة خطر يلم بصاح به، ومن باب المطبخ استطعت ان ارى الجارة منطرحة وفوقها زوجها ضخم الجثة ولا يرى منها سوى ساقيها الملتفتين على عقبيه ويديها على أكتافه.. ثم يتعرف فيما بعد على زوجها فيجده نحيفاً وانه ليس هو من كان معها، بل هي الخيانة الزوجية..
لعلّنا جميعاً نعرف سعاد الجزائري القاصّة والإعلامية المعروفة والتي كانت ومازالت من أوائل اللواتي كتبن القصة القصيرة بجدارة وبجدية وحساسية عالية، ربما نكاد اليوم نتحسر عليها في زمن أصبح فيه كتابة القصة القصيرة عملة نادرة وحالة استثنائية فقلّما نجد هذا القصّ الصافي الذي يسجل الحياة بتوازن دقيق بين الم عاش والمتخيل بين المحسوس والمعبَّر عنه ذلك التمازج الخاص الذي نجده في قصص سعاد الجزائري والذي يعتمد على لعبة داخلية تجعل القصة القصيرة لديها تثير الكثير من التساؤلات الدهشية والتفكير بواقع حال الحياة في حزنها وفرحها خضير ميري