"لعلنا يجب أن نعد هذه الرواية متعددة الأصوات. مع ملاحظة أن كل صوت يعيد إنتاج الصوت الآخر، يفسره، ويضعه في محنة، ويسائله، ويذكره بما جرى نسيانه أو اعتقد أنه عديم الأهمية في وقته، إن لغة الاعترافات الشخصية التي تبني الشكل الروائي في "بونساي" يعاكس هذا الوصف ظاهرياً. فالاعترافات تبقى فردية، وهي تسبغ ال تبرير الذاتي على اصحابها. لكن لأنها تجري في وعي متأخر، اذ لا يمكن العودة. ولا المراجعة، كما أن الأسف لايبدو نافعاً ولا مضراً.
إن نجاحنا في الحياة يعتمد في المقام الأول على حسن تقديرنا للأمور، وعلى تمييز الطيب من الخبيث. فمهما يكن الأمر، علينا أولًا إعمال العقل؛ لأن فقدانه يعني فقدان كل شيء. هذه هي الرسالة التى أراد أن يرسلها لنا «شكسبير»؛ فلو أن الملك «لير» عقل الأمور لما انخدع في حب ابنتيه «غونوريل» و«ريغان» وفقد كل شيء. لقد عمل شكسبير على التأكيد على انتصار الشر بمقتل الملك وابنته، وأصرَّ على هذه النهاية التراجيدية كي يبقى أثرها في نفس المتلقي. وقد تجاوزت الرواية حدود المحلية الإنجليزية وانطلقت نحو العالمية، وكان لها أثر كبير في الأدب العالمي؛ فتُرجمت إلى عدة لغات لأكثر من مرة — كان منها العربية — كما مُثِّلت على المسرح العالمي والعربي، واعتبرها بعض النقاد أكثر المسرحيات المأساوية إثارة للنفس.
"هذه ليست سيرة أخرى تضاف إلى سيَر أورسون ويلز الست. فما شرعت فيه ليس رواية قصة حياته، بل تفحّص القصص التي رواها عن تلك الحياة. "لقد كان الرجل أسطورة خلقها هو ذاته، ومع ذلك فهو لم يكن قادراً على الاستمتاع بامتلاك نفسه وحده. إن شخصيته تختلط فيها الأدوار التي أدّاها – ملوك، وطغاة، وجنرالات، ورجال صناعة ، ومخرجو أفلام مستبدون – والمآثرُ المتخيَّلة التي أبهج بها الناس، أو التي نسبوها إليه. "كان" المواطن كين "إحدى سيره الذاتية المبكرة التي روت سلفاً قصة حياة لم يكد يبدأ عيشها. ومع أنه لم يظهر في الفيلم الذي عمله عن عائلة أمبرسون، فإن فقدانهم الأبهة قد روى انحطاطه الخاص. وحتى بطله هاري لايم في "الرجل الثالث" كان صورة ذاتية، مهما أبدى سخطه في إنكارها. إن أورسون العظيم، كما دعى نفسه في أثناء أداء عرض ألعاب سحرية أيامَ الحرب في لوس أنجلس، قد أشبه غاتسبي العظيم، ذلك الحالم الغريب الذي يمثّل أحلام المجتمع الرائعة المخادعة. وبالطبع فإن غاتسبي هو شخصية متخيَّلة، في حين أن ويلز موجود بالفعل: من كان يجرؤ على اختراعه؟ وثمة فرق حاسم آخر بينهما. إن عظمة غاتسبي تعتمد على اتجار الغرباء بالأساطير، وهذا ما وصف ويلز نفسه به، وكان وصفه مجرد نكتة. وبعد أن صنع أسطورته حطّمها، أو أراد أن يثبت أنه لا يستأهلها.
إن كتاب ((أنا فيلليني)) هذا هو كلام فديريكو فيلليني خلال الأربعة عشر عاماً التي عرفته فيها، والتي امتدت من عام 1980، عندما التقيته في روما، حتى الأسابيع القليلة التي سبقت وفاته من خريف عام 1993. لذلك فإنّ هذه المذكّرات هو ما حكاه لا ما كتبه. كان فيلليني، بمعنى ما، هو الذي يجري المقابلة ، وهو الذي تج ري المقابلة معه في وقت واحد. وهذه المذكرات التي تحكي ما احتفظت به ذاكرته من صور ليست حصيلة مقابلات رسمية، بل حصيلة أحاديث. لم أطرح عليه أسئلة، لأن الأسئلة تشكّل الأجوبة، وتحدّد الموضوعات. لقد كشف فيلليني في هذه الأحاديث شخصيته الخاصة إضافة إلى شخصيته العامة.
بصرف النظر عن الأدب و علم اللاهوت, فإن قلة يمكنهم الشك بأن الميزة الرئيسية لكوننا هي افتقاره للمعنى, و الهدف الواضح. غير أننا, و بتفاؤل محيّر, ماضون في حشد كل قصاصة ورق من المعلومات التي يمكننا جمعها في لفائف و كتب و أقراص كومبيوتر, في رف بعد رف من المكتبة, سواء كانت مادية , وهمية, أو غير ذلك و على نحو مثير للشفقة, بهدف إضفاء شكل من الإحساس و النظام على العالم, بينما نحن نعي , جيداً , مهما أردنا أن نصدق العكس , بأن مسعانا للأسف مآله الفشل. كانت المكتبات، مكتبتي الخاصة أو تلك العامة التي أشارك فيها جموع القراء، تبدو لي دائماً أمكنة مجنونة على نحو ممتع، وبقدر ما تسعفني الذاكرة كنت مفتوناً بمنطقها الشائك، الذي يفيد بأن العقل يحكم الترتيب المتنافر للكتب. أحس بمتعة المغامرة حين أفقد نفسي وسط الأكداس المكتظة، مؤمناً بشكل خرافي بأن الهرمية الراسخة للحروف والأرقام ستقودني ذات يوم إلى غاية موعودة.
"نهار غائم" عنوان الكتاب الثالث من ثلاثية درب الآلام للكاتب الروسي ألكسي تولستوي، وفيها يتابع الكاتب ما بدأه حول المشهد السياسي والإجتماعي لبلاده اثناء الحرب الأهلية الروسية بين الجيشين الأحمر والأبيض، حيث يتضح موقفه من الصراع أثناء حوار الشخصيات، والأمكنة وفضاء الحوادث التي تصوّر واقع الناس تصويراً يعبر عن المحتوى السياسي بما فيه من دلالات ومفاهيم أيديولوجية، يستوي في ذلك الموقف من الدولة ومن الشخوص، حيث ينفتح السرد على حوار يدور بين شخصين - رجل وامرأة - جالسين عندنا، موقدة، وريح باردة، كانا قد تعارفا في قطار كان يسير بجدول مواعيد غريب، وخط سير عجيب، ثم أخرجه القوازق البيض عن الخط، ليهرب من فيه هائماً في السُهب، فتروي المرأة حكايتها للرجل "في ذلك الوقت كان الجيش الأحمر قد اقترب من سامرا، وهربت الحكومة، كان شيئاً مقرفاً... وطلب أبي بأن أسافر معه، وجرى بيننا نقاش، وأظهر كلّ واحد مناماً في قرارة نفسه، وأرسل أبي في طلب الحراس: "ستشنقين، يا عزيزتي!... وبالطبع لم يأت أحد، فقد هرب الجميع، وخرج أبي إلى الشارع وليس معه غير محفظة للأوراق... أما أنا فهتفت له من النافذة بآخر كلماتي... لا يكره الإنسان أحداً كرهه لوالده أو بعد ذلك لففت رأسي بالمنديل، وارتميت على الأريكة! أنتحب! وبذلك انقطعت كلّ حياتي الماضية... وهكذا سارا - الرجل والمرأة - في السهب تروي له بقية الحكاية، مارين بالقرى التي أثارتها الحرب الأهلية، لا يكادان يلتقيان بأحد من الناس الذين لا يعرفون أن أحداثاً دموية كانت تجري في أماكن بعيدة، أما هما فقد قررا البدء بحياة جديدة
كان هذا مسافراً جديداً، ركب السفينة من جزيرة كونيفتس دون أن يلحظه أحد منا. وكان حتى ذلك الحين صامتاً، فلم يلتفت اليه أحد، ولكن الجميع حدّقوا به الآن، ومن المحتمل أنهم دهشوا جميعاً لأنه ظل إلى ذلك الحين لا يلفت نظر أحد، كان رجلاً هائل الطول ذا وجه أسمر مفتوح، وشعر كثيف متموج رصاصي اللون لما يخالطه من شيب على نحو غريب. كان يرتدي قمبازاً يشد عليه حزاماً عريضاً من أحزمة الرهبان ويعتمر طربوشاً أسود من الجوخ، وكان من المستحيل أن يحدس أحد هل كان راهباً أم مبتدئاً في الرهبانية، لأن رهبان الجزر في بحيرة لادوجسكويه، لا يلبسون دائماً القلنسوات السود ليس في رحلاتهم فقط، بل وفي داخل الجزر أيضاً، ولبساطتهم الريفية يقتصرون على الطرابيش، وقد تبين فيما بعد أن رفيق سفرنا هذا رجل ممتع للغاية، ومظهره لايمكن أن يعطيه من العمر غير ما يزيد على الخمسين سنة بقليل، ولكنه كان عملاقاً في المعنى الكلي لهذه الكلمة، بل نموذجاً للعملاق الروسي البسيط القلب الطيب النفس الشبيه بالجد إيليا موروميتس المصّور في لوحة فيريتشاغين الرائعة، وفي قصيدة الكونت اليكسي تولستوي.
هذا الكتاب هو دراسة حول تاريخ السينما الألمانية. لم يبدأ تطور الفيلم الألماني إلا بعد نهاية الحرب العالمية الأولى في عام 1918 حيث صعدت التعبيرية الألمانية في السينما, في موازاة التعبيرية الالمانية في الفن التشكيلي, وشهدت العشرينات في واوائل الثلاثينات من القرن العشرين ولادة روائع الأفلام الألمانية. وكانت هذه الأفلام تكشف عن المخاطر التي أدت الىصعود النازية بقيادة هتلر الذي دمر الفن والحياة وجر شعبه الى جحيم الحرب العالمية الثانية. زيغفريد كراكاور فيلسوف السينما يؤرخ لتلك الفترة التي عاشها وكتب عنها بعمق. ويتحدث في كتابه هذا عن المراحل التالية: المرحلة المبكرة, فترة ما بعد الحرب 1895-1918, فترة الاستقرار 1918-1924, مرحلة ما قبل هتلر 1930-1933.
"ضوء نهار مشرق" رواية هندية تدور أحداثها في عام 1947، حيث الاضطرابات الأهلية ذات الطابع الديني بين الهنود والمسلمين. وفي هذه الرواية تتابع "أنيتا ديساي" الشقيقيتن تارا وبيم وهما تحاولات إعادة بناء ذكريات طفولتهما في منزلهما بدلهي القديمة. تزور تارا أختها بيم في البيت القديم الذي نشأتا فيه، وتحاول المرأتان التوفيق أو المواءمة بين أحلام طفولتهما وحياتهما الراهنة لعلهما تنجوان من شعورهما بالذنب إزاء الصراعات القديمة بين أفراد العائلة والصراعات الإثنية والدينية بين مكونات الأمة الهندية التي انعكست على علاقات الأسرة، وهنا يبتدى نضال الجميع من أجل الاستقلال الشخصي والحكم الذاتي على خلفية الهند الجريحة حديثة التقسيم إلى بلدين: الهند وباكستان... وتدور ثيمات "ضوء نهار مشرق"، الأساسية حول الطفولة وحياة العائلة واكتشاف الذات وهيمنة الذاكرة وأحداث سنوات الأربعينيات بموسيقاها وثقافتها المختلطة وهيمنة الثقافة الغربية على الهند من جانب والثقافة الإسلامية الأوردية من جانب آخر مع إهمال واضح للثقافة الهندوسية، كما تتقصى الرواية ذلك الشعور بالذنب الذي يميز الأخت الكبرى بيم إزاء عائلتها التي تمثل انهيار الطبقة الوسطى الهندية إثر تقسيم البلاد، مثلما تبحث في علاقة الأخوة بالخوات، والأخوات ببعضهن وتكشف تفاصيل حياة الناس في شرق الهند وهم يواجهون التحديات النفسية والاجتماعية الصعبة، كذلك تقدم الرواية عرضاً ساحراً للتقاليد العائلية والطقوس الدينية وتقاليد الزفاف وولع الأخ راجا (شقيق الفتاتين) بالشعر الأوردي والشعراء الإنكليز... باختصار هي رواية تقدم رؤية ثقافية لهند ما بعد الكولونيالية لحظة امتزاج الثقافات وسعي الجيل الجديد للتنصل من الثقافة الأم
تعتمد المقالات التي يتضمنها هذا الكتاب على تحليل وتعريف نماذج للأفلام الأميركية على إمتداد قرن من الزمن، وقد اختار المؤلف لهذه الغاية الأفلام المدرجة على قائمة معهد الأفلام الأميركي لأفضل مئة (100) فيلم أميركي في القرن العشرين، وتضم هذه القائمة عدداً كبيراً من كلاسيكيات السينما الأميركية وأفضل وكذلك أشهر ما قدّمته هوليوود من أفلام عبر تاريخها الطويل. وتتضمن هذه المقالات سرداً للمعلومات الأساسية المتعلقة بهذه الأفلام كأسماء ممثليها الرئيسيين ومخرجيها بالإضافة إلى كتّابها وبعض الفنيين المشاركين فيها، في كثير من الأحيان، ومخلصاً لقصصها وتقويماً لأهم ما يميزها، وأهم الجوائز السينمائية التي حصلت عليها، وتكاليف إنتاجها وشعبيتها الجماهيرية كما تنعكس في إيراداتها على شباك التذاكر، وذلك حين تكون مثل هذه البيانات متوفرة.
رواية مذكرات الحجر هي قصة حياة امرأة واحدة؛ رواية تمتع الحواس، تظهر العقود المضطربة لقرننا وتلقي الضوء عليها. دايزي غودويل، المولودة عام 1905، تنجرف عبر فصول الطفولة، الزواج، الترمّل، الزواج الثاني ، الأمومة والشيخوخة. دايزي المرتبكة بسبب عدم قدرتها على فهم دورها بالذات، تسعى إلى العثور على طريقة ك ي تروي قصتها ضمن روايةٍ هي نفسها تتحدث عن قصور السِّيَر الذاتية ومحدوديتها. "أنشودة شكر مدروسة بصورة جميلة لكل القصص الخاصة التي نُجلّها ونعزّها."