"بعد هذه الأشهر من إنتهاء الحرب، أجلس رويداً في البيت أفكر في حياة المحرقة التي سلمتها إلى محمود نوري عندما تسلمت أمر تسريحي من الخدمة، لقد جاهدت كثيراً وأنا أقتلع من هناك، وربما علي أن أفسر بعض الأمور التي بقيت تشغلني حتى هذه اللحظات. فمنذ أن عدت من الحرب قبل أشهر وأنا أضاف الخروج، أفكر بليليان التي هربت منها بسرعة من دون أن أبدي أية مقاومة للتمسك بها، أفكر بأصدقائي الذين لم أرهم منذ أن عدت، بدا أنني بحاجة إلى البقاء لوحدي، لقد تركت العالم في الخارج يحتفل بنهاية الحرب، ولم أشاركهم مشاعرهم تلك، لأنني لم أزل أخوض حرباً ضاربة مع نفسي، والذي لا أفهمه هو هذا الحنين لأيام السجن والمحرقة، وصدى نغمات ناي كما نتدفق حزينة تمزق لحن حياتنا التي خربت بمنتهى الوحشية. لم أعد من الحرب بشيء سوى قلب مجروح ومكتبة محسن وليليان المكدستين في مخزن البيت في الطابق العلوي، طلبت من ليليان ذلك قبل أن تنتهي الحرب فكنت أنقل منها صندوقاً كلما جئت إلى بغداد، أما محسن فلم أر حرجاً من تجميع تلك الكتب التي بقيت الشاهد الوحيد عليه وشحنتها في القطار إلى بغداد.
يتضمن هذا الكتاب "أوراق" الندوة التي نظمها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى بدمشق، يومي 19 و20 حزيران 2007، حول السير الذاتية في بلاد الشام بوصفها موضوعاً للدراسة ومصدراً للبحث في العلوم الإنسانية؛ وقد انطلقت فكرة هذه الندوة من القناعة بوجود فجوة بين ندوة الدراسات العلمية حول هذا الموضوع وبين وفرة السير الذاتية، والمذكرات، وروايات السيرة الذاتية، والأوراق الخاصة المنشورة باللغة العربية. وعليه، فقد كان الهدف من عقدها تعميق البحث في تاريخ هذا الجنس الأدبي ودراسة التحوّلات التي طرأت عليه في سورية ولبنان وفلسطين والأردن، مع التركيز بوجه خاص على المرحلة المعاصرة التي انطلقت مع حركة النهضة العربية، وشهدت تطوّراً غير مسبوق لكتب السيرة الذاتية، وقد توخينا، لدى إعداد هذه الندوة، أن تتنوّع تخصصات المشاركين فيها، بحيث يساهم فيها مختصون في الأدب العربي وباحثون في العلوم الإنسانية. وتوزعت أعمال الندوة على محاور خمسة، وهي: "نشوء جنس السيرة الذاتية وتعريفها"، و"كتابة السيرة الذاتية: دراسة حالات"، و"السير الذاتية كمصدر للدراسات التاريخية"، و"قصص حياة معاصرة: ممارسات وإستخدامات"؛ و"حفظ المذكرات والأوراق الخاصة وإصدارها".
قصة حُب تجمع على نحوٍ استثنائي، خلافاً للسائد، أطرافاً ثلاثة تمثل، كل على حدة، هويات إثينية مختلفة ومتعارضة: ملائكة يهودية ، نعيم مسلم لام صابئية، ونور صابئي الأب والأم، هؤلاء الثلاثة ينشئون في "عماريا" جنوب العراق، ويكبرون فيها ليواجهوا لاحقا أقدارا مأساوية متشابهة
بغداد نهاية سبعينات القرن الماضي، تفيض بالنازحين من المثقفين المصريين والفلسطينيين والعرب، الذين غادروا أوطانهم لأسباب سياسية اجتماعية، وتلقتهم بغداد واحتضنتهم بالحب العميق. فترة تاريخية حاسمة أعقبت حرب أكتوبر وعاصرت اتفاقيات السلام التي وقعت بين الرئيسين السادات والعدو الإسرائيلي، ماجت بأحداث جسام، شهدت سطوع أزمة الفكر القومي واليساري، وبزوغ الديكتاتورية وقبضتها الدامية. وحبلت بالمقدمات المفزعة لما جرى في ما بعد. البطلة من الأهوار والبطل صحفي مصري يعيش انهيار عالمه القديم من حوله، والكاتبة قاهرية تزوجت في ربوع بغداد، فعشقتها وحملت هموم المدينة العريقة وحروبها على كاهلها، وداومت على زيارتها عبر سنوات الجمر والنار، لتلتقي أبطالها وشخوصها في أرجاء العراق العظيم. مطر على بغداد رواية ضخمة من خلال عيون مصرية، حكايات عن روعة الأمكنة بين الجنوب العربي وساحات الأهوار، والشمال الكردستاني الساحر، وشخوصه المفعمة بالجمال الإنساني وثقافاته المتنوعة في زمن الحب والدمار وسؤال يلح عليك طوال فصول الرواية هل ما حدث كان حتمياً؟
حاولت جهدي أن ألتزم باختيار ما كتبته عن مكوناتي وذكرياتي العراقية، لتكون مادة هذا الكتيب الذي أقدمه للقارئ دليلاً على أني أتعدى واجب الوفاء لهذه المكونات والذكريات، إلى ما يكاد أن يكون إشهاراً لمواطنتي العراقية، التي لا تقل عن مواطنتي اللبنانية عمقاً ووهجاً. ولكما شاهدت صورة قاتمة من العراق أو صورة مشرقة، يحتدم الجدل في أعماقي وأعضائي، فأقوم إلى قلمي وأوراقي، وأكتب وأكتشف أني لن أشبع من الكتابة عن العراق حتى يشبع العراق ظلماً وجوراً... وحرية. ولسوف أبقى أكتب عن العراق حتى يعود
الكتاب نص أدبي كثيف لرحلة المؤلف إلى جبال الهيمالايا الهندية، تلك البقعة النائية الزاخرة بألف أسطورة و حكاية تحولت إلى القدسية المطلقة. ليدون مشاهداته وتجربته في ستة وعشرين فصلا ضمنها هذا الكتاب، قدمها بقوله «هذه كتابة أولية، لرحلة قصيرة، إلى شمال شرقى الهند، تطمح كمحاولة، إلى ترميم العلاقة المفقودة بين القارئ، وهذا اللون الأدبى، الغائب عن حياتنا الثقافية بما يسمى «أدب الرحلات». يتناول خصائص بعض الولايات الهندية، وهو وصف أدبي للولايات والمدن والقرى والأرياف والأمطار والثلوج والإنسان الهندي، الذي يجمع في داخله أكثر من حضارة في ملحمة روحية نادرة. الكتاب، سياحة أدبية بامتياز، زاخرة بتفاصيل غريبة و صادمة و أخاذة ، تبدو كملحمة حضارية منسوجة من الخرافات والأساطير، والتي كوّنت روح وخصوصية هذا المكان عبر تمازج فريد بين الطبيعة الغنية والبشر الغارقون في ملاحم الإيمان و تراتيل المعابد .
إن الحضارة الأمريكية في ورطة يشعر بها ويحسها ملايين الأمريكيين مع إطلالة القرن الواحد والعشرين، وبعض المئات منهم يكتبون الكتب والمقالات عنها، موثقين إتجاهاتها ومحللين أسبابها. ومؤلفات مثل (إنتظار البرابرة) للويس لإبهام أو (إمبراطورية قفر) لروبرت كابلان، تملأ رفوف المكتبات، وتجد نصوصٌ كثيرة من هذه المؤلفات والمقالات طريقها إلى بعض أفضل مجلاتنا القومية.
كرَّستْ روايةُ بيت الأرواح الكاتبةَ التشيليَّةَ إيزابيل ألليندي في صدارة روائيّي الأدب الحديث، وأكثرهم موهبةً في سرد الحكايات وابتكار ملحمةٍ تمزج الخاصَّ بالسياسيّ، والحبَّ بالسحر والقدَر. تتناول الروايةُ انتصاراتِ عائلة «ترويبا» وانهزاماتِها عبر ثلاثة أجيال. يسعى «إستيبان» إلى السُّلطة المتوحِّشة، ولا يخفِّف من حدَّة هذا السعي سوى غرامِه بزوجته الرقيقة «كلارا»، وهي امرأةٌ لها اتِّصالاتُها العجيبةُ بعالم الأرواح. تُبْحر ابنتُهما «بلانكا» في علاقةٍ مُحرَّمة، تتحدَّى من خلالها جبروتَ والدها، وتكون النتيجة أجملَ هديّة لـ «إستيبان»: حفيدةً جميلةً وقويّةً، سوف تقود عائلتَها ووطنَها نحو مستقبلٍ ثوريّ. «عمل باهر... مشوِّق ومُميَّز. رواية بيت الأرواح إنجازٌ فريدٌ بسبب حساسيتِها الإنسانيّة والمعلومات التي تقدِّمها إلى القارئ على الصعيدين الشخصيّ والاستعاريِّ ـ لتاريخ أميركا اللاتينيَّة، وحاضرِها، ومستقبلها
"ملحمة القرن العشرين" هذه كما سميت، في غاية الصعوبة، ومغاليقها مستغلقة لدرجة اليأس واﻹحباط وانقطاع النفس مرة بعد مرة، العزاء الوحيد أن القارئ اﻹنجليزي ليس أكثر حظًا. لتكن هذهِ الرواية- الاعجوبة امتحانًا لقدرتك على الصبر و الجلد، و اختبارًا لقدرتك على الاصغاء الكامل و بكافة الحواس، إنها مثل مرافبة نمو نبتة، عملية بطيئة بلا شك، أي أنكَ لا تستطيع أن تقرأها دفعة واحدة أو بدفعات كبار فتصاب بالتخمة، لا مفر من التعامل مع هذهِ الرواية على أنها مثل مركبات
تتعرف من خلال قصص هذا الكاتب المبدع على وصف دقيق للمجتمع الأمريكي وخصوصاً الطبقات الدنيا من هذا المجتمع في فترة أواخر القرن التاسع عشر. يسلط الكاتب الضوء على حالات إنسانية عميقة ومؤثرة، وأعتقد أن السمة المشتركة بين القصص المختارة في هذه المجموعة هي عنصر التضحية والفداء والبطولة والشهامة التي يتمتع بها أبطال هذه القصص.
يضم المجلد الثاني من (المؤلفات المختارة) لتورغينيف روايتين هما (رودين) (1856)، و (عش النبلاء) (1859) وفيهما حصيلة تأملات الكاتب لحقبة الثلاثينات والأربعينات من القرن التاسع عشر. و (رودين) - الرواية الأولى لتورغينيف - تتحدث عن المثقفين النبلاء لأعوام 1830-1840 ، أولئك الذين لم يجدوا لهم قضية ومكانا ف ي الحياة ، لأنهم لم يستطيعوا أن يهادنوا الواقع المعاصر لهم، ويطرح تورغينيف قضية الأهمية الإجتماعية لهؤلاء الناس من مثل رودين ، ودورهم في تاريخ الفكر الإجتماعي الروسي. تتمحور رواية (عش النبلاء)حول قصة حب عميق في مأساويته. وهي في الوقت ذاته رواية عن الواجب الخلقي، والإيثار، والسعادة، ومغزى الحياة.
القصص والروايات القصيرة المنشورة في هذا الكتاب لليف تولستوي (1828 - 1910) كتبها هذا الكاتب الروسي العبقري على مدى نصف قرن، وتشمل نماذج من مجمل إبداعه. في عام 1851 يسافر تولستوي، وهو في الثالثة والعشرين من العمر، إلى القفقاس لزيارة أخيه الضابط في الجيش الروسي، الذي كان يقوم بعمليات حربية هناك. والحيا ة في القفقاس تغني ليف تولستوي كإنسان، وككاتب، فيتعرف عن كثب على طباع الجنود والضباط التي صورت بعد وقت قصير في قصص القفقاس الحربية. وينضم ليف تولستوي إلى الجيش كطالب عسكرية، ويشترك في العمليات القتالية. وبعد إحدى الطلعات القتالية في الجبال يكتب قصة "غارة" التي يستهل بها هذا الكتاب. كتب الكسندر بوشكين: «كلمات الشاعر هي أفعاله». وهذه حقيقة عظيمة تنطبق بدرجة غير اعتيادية على ليف تولستوي الذي ظل يتحدث ويكتب بإخلاص متناه عما توصل إليه بضروب الاستقصاء الروحي المجهد، والمعاناة المضنية. ونحن نقرأ في كتاب يومياته: «يقتطع الشاعر من حياته أفضل ما لديه، ويضعه في إبداعه» و«كتابتي هي أنا». ما حدثنا ل. تولستوي عن الحياة الروسية يقارب ما حدثنا به أدبنا كله... وكتبه تظل مدى القرون تذكاراً لعمل دؤوب قام به عبقري.