قارئ هذه المجموعة يمكن أن يتوصل إلى قاعدة ثابتة في أغلب الحكايات الشعبية الخرافية وهي أن أبطالها هم دائماً من الشبان والشابات الذين لم يتزوجوا بعد في بداية الحكاية وتنتهي الحكايات في الغالب بزواج الشاب من الشابة، ونجد أن القاص العراقي يلقب دائماً الشاب ب "الولد" والشابة ب "البنت" حتى بعد زواجهما إشارة إلى يفاعة سن أبطال هذه القصص التي يكون الحب هو موضوعها الأول وتبقى جميع الشخصيات الأخرى كالأباء والأمهات والأخوة الآخرين شخصيات ثانوية مساعدة وغالباً ما يكون الأخوة ثلاثة، يكون الأخ الصغير هو البطل وكذلك في حالة الأخوات فهن في الغالب ثلاث وتكون الأخت الصغرى هي محور القصة وبطلتها الأولى.
ولد رشدي أحمد جواد العامل في مدينة "عنة" 31-3-1934 حيث كانت ماتزال نواعيرها تداعب ماء الفرات وتهمس في ثناياه صوت المدينة الهادئة النائية. وفي ظل ديمومة تجوال والده الوظيفي، "حيث كان مديرا للمال، كما يسمى آن ذاك" تنقل العامل بين عنه وحديثة وراوه و كبيسه، والفلوجة، والعمارة، المكان الأثير لدى ذاكرته ثم بغداد، حيث أكمل دراسته في اعداديتها المركزية. بغداد التي سيبدأ معها بلحظات من عشق جميل. عشق لم ينتهي حتى بعد غياب جسده من ملامسة هوائها. بغداد إني أغار لو لامست أكتافك العارية كفا غريب في الدجى مستثار.
هذا الكتاب هو بمثابة جزء ثان من كتابي الصادرعام 2002 عن دار المدى تحت عنوان (الأمير المطرود- شخصية المرأمة في روايات أميركية). لكنه كتاب مستقل أدرس فيه شخصية المرأة في روايات بريطانية. وهو، أيضاً، شأن الكتاب السابق، إعادة نظر، إعادة قراءة، رؤية الماضي بعيون جديدة، والدخول إلى نص قديم من وجهة نقدية جديدة تؤثر تأثير افتراضات ما نقرأه فينا من ناحية الوعي والتقييم، وأعني وعي وضع المرأة في الثقافة البطرياركية، وتقييم هذا الوضع من زاوية المرأة كشخصية في الرواية. ومره أخرى أركز بحثي في هذا الكتاب على عدد من الروائيين الذين يعتبروا أساسيين في دراسة الرواية البريطانية، حصوصاً في القرنين التاسع عشر والعشرين، وهم روائيون لا تعتبر أهميتهم الفكرية والفنية موضع شك. فهم ليسوا مقروءين على نطاق واسع حسب، وإنما يعتبر تأثيرهم عتى الرواية البريطانية والرواية العالمية، وبينها الرواية العربية، تأثيراً كبيراُ. لكن تناقضاتهم في تصوير شخصية المرأة كانت، منذ زمن بعيد، موضع اهتمام النقاد في مختلف الاتجاهات. ويهمني القول إن "النفوذ في التأسيس هو يكمن وراء اختياري الروائيين في هذا الكتاب، وهو أمر أستطيع أن أقدر صعوبة أن يكون موضع إجماع. بمعنى آخر أن اختيار أعمال معينة يعود إلى أهميتها المتفردة وقيمتها النموذجية وإمكانيتها التراكمية. فهذه الأعمال مترابطة في الطرق التي تعلق بها على بعضها البعض، وهي تشكل كلاً دراماتيكياً يتجاوز معناه مجرد مجموع الأجزاء. ويقصد من الروايات موضوع البحث أن تمثل جزءاً من الرواية أكبر منها بكثير، ذلك أنه يمكن اكتشاف أغراضها واتجاهاتها في أعمال كثيرة مرة بعد أخرى وبينها، بالطبع، أعمال روائية عربية.
ليسمح لي عزيزي القارىء الكريم أن أطرح في هذا الكتاب شيئا من آرائي في الفن المسرحي عموما وفي المسرح العربي والعراقي خصوصا. هذه الآراء التي تبلورت عبر أكثر من خمسين سنة من التجربة من عملي المسرحي ومن دراستي. انها آراء ليست حاسمة بل قابلة للنقاش والتصحيح ولكنها تعكس حتما واقعا مسرحيا ساد في مراحل زمنية متتابعة من الحياة المسرحية. ومن تلك الآراء ما يتعلق بتأصيل الفن المسرحي وبلورة هوية خاصة به يدعى أمة من الأمم. وأهمية ذلك في مدى تقدم تلك الأمة وثمر حضاراتها وقد توصلنا بعد حين إن هوية مسرح أية أمة ترتبط بنتاج مؤلفيها المسرحيين، وإذا كانت بعض الأمم قد افتخرت باصالة منها المسرحي وقدم جذوره وان مثل تلك الأصالة قد لا تكون متوافرة لدى امم أخرى وليس من تراثها ما هو مختص في الفن المسرحي، وذلك ليس عيبا ولا مثلبة فقد تتميز تلك الأمم بحقول اخرى من الثقافة. وفي كل الاحوال فقد اصبح المسرح فنا كونيا لا يقتصر على هذا البلد دون الآخر واكبر دليل على ذلك ان مسرحيات شكسبير على سبيل المثال تمثل في مختلف انحاء العالم وان مؤلفقين اوربيين قد اعتمدوا في مؤلفاتهم على فنون ادبية لامم اخرى. ويكفي ان نذكر اوغست سترندبرغ في مسرحية (حذاء ابو القاسم الطنبوري) وبرتولد بريخت في مسرحية (الرجل الطيب من سشوان).
الرواية السادسة للكاتبة العراقية سميرة المانع بعنوان «من لا يعرف ماذا يريد» تدور احداثها ما بين العراق ولندن من خلال شخوصها وحوادثها بعد سقوط النظام السابق سنة 2003 وما جرى بعد ذلك للشعب العراقي، سواء داخل العراق او خارجه، ويأتي على لسان احد شخصيات رواية سميرة المانع: الجميع يحلم بزيارة العراق، البارحة في السوق من بعيد، رأت زوجين عراقيين مغتربين كانا يزورونهما في السابق، تجنبت لقاءهما او السلام عليهما، لماذا ابتعدت عنهما حتى غابا في زقاق جانبي؟ هل كانت خجلة من نفسها او خجلة منهما؟ «لا تعرف».
موضوعات وأطروحات شتى يعالجها هذا الكتاب في سياق السعي إلى تعميق الرؤية البصرية وإثرائها في الثقافة العربية المتعطشة إلى المزيد من الأنساق النظرية الضرورية لدعم الحركة التشكيلية التي بلغ تراكم نماذجها المائزة حداً متقدماً قصر عنه الدرس النظري الموازي أو المضافر الداعم في سبيل جعل التواصل مع الفن التشكيلي تقليداً راسخاً في المشهد الثقافي الراهن. حركة الصورة من المجاز إلى توضّعها المادي، ومن الانتفاع بها في سياق جعل استعراف الشيء بصرياً مقدمة لامتلاكه. والجدل بشأن الحاجة إلى الصور ومتعة تأملها، ومحاولات شحن اللوحة بالمزيد من الحمولة الاجتماعية.. وإشكالية العلاقة بين اللوحة بوصفها جزءاً من العالم المرئي والآليات التخييلية التي تنتج حالة مزدوجة من اتجادل والتواصل العميق بين العالمين المرئي وغير المرئي. وخصوصية الضوء في الثقافة العربية، عتبات يامل الكتاب أن تمكن القارئ من تجاوزها باتجاه تلك \"الرؤية المضاعفة\" الرتجى وضعها في حيز الإنجاز.
أكون أم لا أكون، هذه هي المسألة أيهما الأنبل في العقل: أن يتحمل قوس ونشاب ربَه الحظ الطائشة أو يجرد السلاح بوجه بحر من المصايب وفي كليهما موت يريحه من متاعبه أن نموت – أن ننام، لا أكثر من ذلك وبالنوم ننهي وجع القلب تلك نهاية نتمناها بخشوع أن نموت، أن ننام، أن ننام، ربما أن نحلم..." مناجاة هاملت هذه، أصبحت جزءاً أكيد من اللغة الإنكليزية، ومن الثقافة الإنكليزية، ومن الحياة اليومية في المجتمع الإنكليزي. كاب عنها النقاد بشغف وفضول عشرات الدراسات، وكل دراسة تختلف عن صويحباتها، وهذا لا ريب دليل عناها الباذخ. المناجيات التي شاعت في العصر الإليزابيثي عموماً، ومناجيات شيكسبير خصوصاً، نوع فريد من التأليف المسرحي، وحيلة أدبية بارعة لاستقطار أدق العواطف. يرى النقاد المتخصصون أنهه من أعمق الخلجات النفسية وأحكمها بناء. مرد ذلك: طبيعة المناجاة ذاتها، إذ ينفرد البطل ( في معظم الحالات) بنفسه على خشبة المسرح، يروي خلجاته بصوت مسموع لا لأحد. لنفسه فقط. لا يكتم شيئاً لأن ما من أحد يسمعه. المناجاة إذن صادقة كل الصدق وما من مزيد. لكن رغم تلك الأهمية التي تتمتع بها مناجيات شكسبير عالمياً إلا أن ما من أحد من الأدباء العرب –كما يبدو- حلل تلك المناجيات.
تعلو نغماتٌ موسيقية شجية لنغم يتدرجُ من الأحتراق إلى الهمس أرضٌ ليست أرضك لن تتعرف على ملامحك وسماءٌ غير سمائك لن تفتح لك أبوابها فأنىّ ستوجهُ أشرعتك وبحارُ الدنيا تغشاها الظلمةُ والأمواج..؟ وأيُّ فضاءٍ يتشرّبُ صوتك..؟ مُغيّبة كُلُّ المرافئ الدافئة الحنونة.. فما تستطيعُ إدراكها مأسورةٌ كُلّ ألأغاني الجنوبية بآهات مبدعيها فما تسمعُ غير الإيقاعِ الصاخبِ في ليل الديسكو.. ومحطات الغربة.. وأنين الأرصفة المنهوكة بالتجوال
على الرغم من أن العنوان "نخب النهايات السعيدة" ألا أن "عبد الستار ناصر" عندما يكتب يقول شيئاً ويعني آخر. في الكتاب (26) قصة، وتفتتح بقصة فانتازية من وحي الخيال الافتراضي ولا نقول العلمي، تدعى القصة "عام (2057)، وتوحي باستحالة التفرقة العنصرية بين البشر، وبين البداية والنهاية قصص لا تنسى ونهايات حزينة ونقد للواقع السياسي في العراق؛ ففي قصة "لماذا ينهق الحمار" ينتقد الروائي وبأسلوب شديد التهكم واقع الخلافات الطائفية في العراق، التي صارت تفرض واقعها على الناس وتمنع تواصلهم. هي قصة حب تنتهي نهاية مأساوية، لأن أبطالها بقوا أسرى تصوراتهم الطائفية، وقبلوا أن يظلوا خاضعين للإرهاب المذهبي.
عنوان المجموعة الشعرية "ألوان السيدة المتغيرة"هو أقرب إلى معرض فنيّ منه إلى ديوان شعر، وشيئاً فشيئاً، ومع مرور الصفحات، يتبيّن للقارئ البرهان الذي يضعه فاضل السلطاني على مصاحبة الشعر الحديث لفني الرسم والنحت: زرقاءَ كنتِ تحت ذراعي وكان الثلجُ الأزرقُ يُمطرُ زرقاءُ أنتِ كأنّ السماءَ قبعتُك. وكان الليلُ الأزرقُ يمطرُ لا يحتاج الشاعر الحديث الى أن يُكثر من الاستعارة والجناس والتشبيه مثل أسلافه, ذلك أن قصيدته تقوم بالأساس على ما نسمّيه اليوم بالصورة الشعرية، وهي لوحة فنية يقوم بالتفاصيل اللونية وضبط المنظور وتوزيع الظلال وغير ذلك فيها رسّام درس اللون أكثر من الحرف. المرأة تتلون بالأزرق لأن الشاعر يراها زرقاء، وكذلك الثلج الأبيض أزرق اللون، والليل أزرق، والمدينة، والعالم. عندما تُسلب منا كينونتنا بسبب الفقر أو المرض أو الشعور المكثّف بالغربة، يكون ردّ الشاعر عليه أنه يسلب من الوجود - واقعيته - ليعبّر عنه بالكلام الذي يشعر به، لا بما تأتي به صيغ التعريف وفقاً للحساب والعقل والمنطق. ثم تصاحبنا ,
وفي لحظة يحدثُ الشيءُ. يحدث صدفة: كأن تتحاشى طرأ في الكتابِ الذي كنت تقرأه أملاً بالتوافق. فتأخذ ركناً بحجة أن تتأملَ، أو حاجةٍ أن تُعيد انسجام المغنين والعازفبن بداخل أوركسترا كيانك.. وإذ بكَ، لا عن إرادة تقاومُ لحناً نشازاً بدا على آلةٍ، لم تكن في الحساب. تقاومه، أوّل الأمر، عن رغبة في العتاب، ولكنه يتفشى بلون الوشاية بين صفوف المغنين والعازفين...! وإذ بك تدخلُ لا عن يقين، خيوط الشرك وتهلك، فيمن هلك!