تحول النص الخيالي, والنص النظري, بين يدي المبدع والدارس إلى يوتوبيا, مثقلة بقناعة قابليتها للتطبيق العملي. صار الشاعر- بدل السعي للكشف عن التباسات الشرط الإنساني, وإضاءة الأركان المعتمة, أو نصف المضاءة في الإنسان يسعى -على النقيض- إلى فرض حلول سحرية بقوة الكلمة, داخلاً المعترك الأرضي, يداً بيد مع المغامر السياسي, لتطبيقها. طبعاً عادة ما يكون الشاعر أو الكاتب الخيالي, لضعف تأثيره العملي وضعف حيلته, مع السياسي, أو تحت ظله, أو خلفه, يزوده بدفق المشاعر التي يفتقدها الأخير, ثم مع الأيام يجد نفسه وقد تقزم إلى مؤيد ومطبل, للسياسي الذي تسلم زمام السلطة. حدث هذا بصورة غاية في الملموسية والتاريخية مع ثقافة رؤى البعث القومية، والثقافة المعارضة لها في العراق. خرج الشاعر الذي لا يرى إلا "جنةً عرضها الوطن العربي"، معززاً بالشاعر المعارض له الذي يراها جنة "بذلة العمال الزرقاء". وبدأت معهما مخاضة الدماء، التي انتهت بصعود الدكتاتور.
كان البحث في تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني، بارتباطه مع الكومنتون، (الأممية الشيوعية) قد شدّ في عقد السبعينيات، اهتمام عدد من الباحثين الذين توفرت لهم فرص الاطلاع على أرشيف وزارتي الخارجية والمستعمرات في لندن، وعلى أرشيف الدولة الإسرائيلية والأرشيف الصهيوني المركزي في القدس. ومع أن تقدماً كبيراً قد أحرز على طريق كشف خفايا تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني؛ إلا أن تزكية النتائج العلمي التي تمّ التوصل إليها، بفضل هذا الجهد الجماعي، بقيت، في الواقع، مرهونة بتوفر فرصة الاطلاع على الأرشيف السري للكومنترن، باعتباره المرجع العلمي الأهم لدراسة تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني، وتاريخ مجمل الأحزاب الشيوعية، في الفترة الممتدة من تأسيس الكومنترن في عام 1919 إلى حلّه في عام 1943. فطوال تلك الفترة، لم يكن للكومنترن تحالفاً بين الأحزاب الشيوعية في البلدان المختلفة فحسب، بل كان كذلك حزباً شيوعياً عالمياً، يقوده مركز واحد، على أساس مبادئ المركزية الديموقراطية، وتحدد سياساته العامة المؤتمرات والاجتماعات الموسعة للجنة التنفيذية، التي كان يعقدها بصورة دورية. هذا وبعد اطلاع ما هو الشريف على ما جاء في ذاك الأرشيف عمد إلى إعداد كتابه هذا والذي اقتصر فيه على نشر كل المواد الصادرة عن الحزب الشيوعي الفلسطيني، أو عن قيادة الكومنترن بخصوص فلسطين، والتي حملت طابعاً سرياً، أو سرياً جداً في بعض الأحيان. وقد غطى الأرشيف الخاص بفلسطين الفترة ما بين عامي 1920 و1973.
"أعرف بأنني رغم كل ما فعلته لها ولأجلها، لن تعيد لي بلاطة من أزقتها، أو غصناً من غوطتها، إنها مدينتي وأنا أعرفها، ولذلك سأشرب من ينابيعها، بكل ما أستطيع دون ظمأ، وآكل من طعامها فوق طاقتي دون جوع، وأعبّ من هوائها بكل قواي دون علة، لأسترد بعضاً من حقوقي عليها، آه... فلتذهب حقوقي وحقوقها إلى الجحيم، المهم... كيف أنساها؟ أنام على جنبي الأيمن: نوافذها وشرفاتها، على الأيسر: مطابخها ومناورها، أتمدد على ظهري: سماؤها، ولكن متى توفرت الرغبة بالانتقام، فأدواته لا تحصى، سأترك وحلها على حذائي، وغبارها على ثيابي، لأسيء إلى سمعة كتّابها، سأرش شواعها وملاعبها بالمسامير، وأرشد القمل إلى رؤوس أطفالها، والريح الثلجية إلى عظام عجائزها، واليأس إلى نفوس شبابها، وأمزق ما تطاله يدي من موسوعاتها ومجلدات آدابها وعلومها ووقائع أيامها وأطارد طلابها وقططها في الشوارع، وأنهر متسوليها على الأبواب، وأنقض الحبر على خرائطها وطرق مواصلاتها، وأحطّم مصابيحها في الظلام، وأنزع حتى اللحاء عن غاباتها في الشتاء، لا لأنني ساديّ دموي وشرير، بل لأنني مللت النوم كل ليلة، وأنا مرتاح الضمير".
الشاعر إبن تجربته؛ وممدوح عدوان من الشعراء القلائل الذين وضعوا بصمة لا تُنسى في المشهد الثقافي لعالمنا المعاصر؛ بدءاً من الشعر وصولاً إلى المسرح والدراما التلفزيونية وصولاً إلى الصحافة والترجمة. إنه المثقف الصاخب، الحاضر دائماً بحيوية بيننا يحفر في ذاكرتنا صنوفاً شتى من الفن الصعب الذي غربلته سنوات الخبرة والتجربة، حتى بات أهم ما حفلت به الساحة الأدبية ليس في المشهد السوري فحسب، بل العربي والعالمي أيضاً.
الشاعر إبن تجربته؛ وممدوح عدوان من الشعراء القلائل الذين وضعوا بصمة لا تُنسى في المشهد الثقافي لعالمنا المعاصر؛ بدءاً من الشعر وصولاً إلى المسرح والدراما التلفزيونية وصولاً إلى الصحافة والترجمة. إنه المثقف الصاخب، الحاضر دائماً بحيوية بيننا يحفر في ذاكرتنا صنوفاً شتى من الفن الصعب الذي غربلته سنوات الخبرة والتجربة، حتى بات أهم ما حفلت به الساحة الأدبية ليس في المشهد السوري فحسب، بل العربي والعالمي أيضاً.
اضطروا للانتظار على الرصيف أكثر من ساعتين. أكلوا فلافل ومخللات، وتركوا حصة ابن مالك ملفوفة في ورق الجرائد. أما الصورتان اللتان جاء بهما، فقد كانتا من حجم واحد. يظهر عبد الناصر في الأولى، وهو ينظر إلى اليسار، وقد ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيه، أما في الثانية فيمشي بالطول الكامل، وحيداً، وضاحكاً، وهو يخطو برجله اليمنى إلى الأمام ويرفع اليسرى قليلاً، استعداداً للمتابعة. كان واضحاً أنها التقطت على أساس عاطفي، وقد حاول المصور فيها أن يجسد بالأحماض والعدسة، تلك العلاقة التي تربط القائد بالناس. فمن الواضح، أنه يسير نحوهم، وأنهم يحتشدون خلف الورق الأبيض المقوى (فيما بعد سوف تتحول مشية عبد الناصر المرتجلة وضحكته البيضاء إلى نموذج يسحر شباب السماقيات الذين سيأتون إلى نازي حطاب، ليستخدم أقصى طاقاته الفنية من أجل التقاط الصور لهم، وهم ينفذون تلك المشية الرئاسية السامية، قال حليم لابن مالك: "كثر خيرك، كنا تبهدلنا لولاك". فشعر ابن مالك بالاعتذار، لا لأنه أنقذ اللجنة من ورطة فقط، وإنما لشعوره بالقرابة مع الرئيس فلم يعنه في يوم من الأيام، الخداع والرياء اللذان يظهرهما كثيرون في حبه، لأن ميثاقه الشخصي معه مكتوب بلغة تشبه رباط المشيمة. "أنا أحبك" همس من أعماقه للوجه الحنطي. (في تلك الليلة، حلم أنهما وقفا معاً أمام كاميرا نازي، وكان شعر الرئيس أسود كالليل، وحين التفتا إلى اليمين، رفعا أيديهما لتحية الناس. ثم رآه يلقي كلمة، وهو بالزي العسكري أمام حشود كالنحل، تهتف وتهلل وترفع الأيدي. وهو يقول: أيها الأخوة المواطنون، رأى نفسه جالساً في السيارة المكشوفة قربه، وحين حملوها انقلبت، فاستيقظ، وصار يقول: "خير إن شاء الله".".
ثلاث فتيات نشأن في حي شعبي في مدينة حماة يدعى "جورة جوا"، هن بطلات رواية "منهل السراج" المسماة بالاسم نفسه "جورة حوا"، تلقي الرواية الضوء على كثير من الأحداث والمنعطفات التي مرت في حياة كل منهن.. وهن على التوالي: مي، كوثر، وريمة، وعبر سيرة حياتهن سنتعرف على الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وستأتي الأحوال السياسية في الطابور الخلفي للأحداث، ملقية بظلالها على كل شيء عبر إيماءات وإيحاءات تمد برأسها، كما ورد في إحدى الصحف، على استحياء في الرواية؛ لأن الرواية أصلاً تركز على الجانب الاجتماعي، وانعكاس الأحداث السياسية في الواقع الاجتماعي، وأثرها فيه. مي: أنثى تصبو إلى تلوين الحب بألوان خاصة كألوان قطعة الحلوى.
لقد اهتمت الباحثة في دراسة الأفكار التي شاعت وانتشرت واستقرت في بداية الحضارة الإسلامية بالمقارنة مع الأفكار التي انزاحت إلى الهامش وتوارت في محاولة لفهم سبب شيوع الأولى وتهميش الأخرى. ففي الفصل الأول عقدت مقارنة بين ما جاء في كتب التفسير من أسباب النزول للآيات مع ما جاء في كتب السيرة. وفي الفصل الثاني قارنت علم أصول الفقه كما جاء في رسالة الشافعي مع تجربة عمر بن الخطاب. وفي الفصل الثالث قارنت بين محنة أهل الحديث في زمن المأمون مع محنة المتكلمين/القدرية القائلين بخلق القرآن منذ الزمن الأموي.
المجموعة الشعرية الجديدة للشاعر السوري نزيه أبو عفش، وهو أحد الأصوات المتميزة في الشعر العربي المعاصر. والذي برز في السنوات العشرين الأخيرة من القرن الماضي والسنوات الخمس من هذا القرن. صدر له حتى الآن 15 مجموعة شعرية، منها (إنجيل الأعمى، أهل التابوت. هكذا أتيت، هكذا أمضي، بين هلاكين، عن الخوف والتماثيل حوارية الموت والنخيل، وديوانه الأول الذي صدر عام 1968 بعنوان الوجه الذي لا يغيب.
بين حدود الحقيقة والوهم، على برزخ يواشج الواقع باللاواقع، ستتركنا هنرييت عبودي بعد أن ننتهي من قراءة مجموعتها القصصية، "الدمية الروسية". قصص مفتوحة، كما العقل البشري الذي وصفه الأنتروبولوجي الفرنسي كلود ليفي شتراوس، على العجائبي والغرائبي والمدهش. لكن انفتاح العقل، في رأي شتراوس، يجعله يجنح في اتجاه ما هو أسطوري، فيما تجنح القصص عند هنرييت عبودي نحو قدرها المرسوم بدقة متناهية. القدر هو وحده يلفّ لغة "الدمية الروسية" بالغموض، ويحقن الأحداث بحقنة هيتشكوكية غرائبية ومدهشة تنسحب على كامل المجموعة بقصصها الأربع عشرة التي صدرت عن "دار المدى"، بعد رواية سابقة للمؤلفة عن الدار نفسها بعنوان "خماسية الأحياء والأموات". ثمة ثلاث تيمات أساسية تتكرس على طول السرد القصصي، تدور كلها في فلك واحد. إنه فلك الموت. لكن ليس الموت بمعناه المادي الملموس، أي الفناء، بل الموت كما عبّر عنه التاو الصيني تماماً: "أن تموت دون أن تهلك يعني أن تكون أبدي الحضور". الموت الذي يلفّ مجموعة هنرييت عبودي بشخصياتها وأبطالها وأحداثها، هو صورة من ذلك الحضور الأبدي.
كتاب سيكولوجيا العلاقات الجنسية، كتاب علمي مرجعي في كل ما يتعلق بالعلاقة بين الرجل والمرأة.. قسمه الكاتب الى ثلاثة أقسام؛ الأول هو طبيعة الدافع الجنسي، الثاني هو الحب ودوافع الأنا، الثالث هو الحب والشهوة.
رواية الراية الإنجليزية المحضر تأليف إمرة كرتيس رواية رائعة حقا شيقة ومثيرة للذهن وللعواطف، تجذب عاطفتك تسرق مشاعرك تقتحمك تسيطر على كيانك حتى تنهي آخر كلماتها. وكأنها لرواية الأنسب لحلتك النفسية والمزاجية، رواية تدخلنا في جو ميتافيزيقي لذيذ. مميز بسردها السلس ولغتها الواضحة كما أن أسلوب سردها المميز ساهم فى تكوين حبكة قوية زادت من عنصر التشويق والإثارة بالرواية.