RSSخدمة

منتجات جديدة

الاعمال الشعرية هاتف جنابي - هاتف الجنابي - المدى

منذ سنوات يشجعني بعض الأصدقاء على ضرورة أن تكون أعمالي الشعرية مطبوعة كي تتوفر للمتابعين والمهتمين بغض النظر عن اختلاف رؤاهم ودوافعهم وحساسياتهم الجمالية والفكرية أو ندرة اكتراثهم بالشعر. كان جوابي دائما، بإيماءة إيجابية خجولة دفعا للإحراج، لكن أعماقي ترد بعكس ذلك، فمرة بالتملص وأخرى بخلق الأعذار من قبيل، أن الوقت غير مناسب أو أن تجربتي تحتاج إلى مزيد من الإضافات الجديدة وبعدها سنفكر في الموضوع. كل عمل فني حقيقي لن ينتهي مطلقا حتى لو رحل صاحبه، لأنه سيجد قناة أو أكثر للتواصل من خلالها حتى لو خضع لزحمة الأحداث المتشابكة التي لا ترحم. بيد أن حذري من وضع تجربتي الشعرية على المحك هو السبب الأساس على ما يبدو لترددي. لا أريد أن أسجن مسيرتي داخل إطار «الأعمال الشعرية» المطبوعة. كل شيء مفتوح على كافة الاحتمالات.
31.500د 30.000د

الاسطورة في السرد العربي - ناجح المعموري - المدى

كتاب الناقد ناجح المعموري «الأسطورة في السرد العربي الحديث» هذا، يندرج ضمن مساهمات نقدية جادة وعميقة في ميدان النقد الأدبي الأسطوري، بدأها الناقد بمحاولة اكتشاف الأنساق المغيبة والوصول إلى الجذور الأسطورية الثاوية داخل النصوص الأدبية والثقافية والدينية. وصرف الناقد جهداً كبيراً لتعرية وفضح ما تروج له وسائل الإعلام الأيديولوجية الصهيونية عبر توظيف النص التوراتي، كاشفاً بشكل خاص عن الأصول السومرية والبابلية لهذا الفكر الأسطوري؛ والتي سرقها الكهنة اليهود أثناء أسرهم في بابل وأدرجوها ضمن كتبهم وأسفارهم اللاهوتية بوصفها أصيلة. ويمكن أن نشير هنا إلى ما قدمه الناقد في هذا المجال من خلال مؤلفات مثل: «تأويل النص التوراتي» و«التوراة السياسي»: السلطة اليهودية: أنساقها ووظائفها و«الأسطورة والتوراة» و«ملحمة كلكامش والتوراة» و«أقنعة التوراة» و«الأصول الأسطورية في قصة يوسف التوراتي» وغيرها. وقد أشار الناقد في مقدمة «التوراة السياسي» إلى أن دراسته للأسفار التوراتية تمثل بالنسبة له مشروعاً معرفياً مهماً، وأنه حاول التصدي للعمدية التوراتية في التلاعب بالتراث المصري/السوري/العراقي وإعادة صياغته، وبما يوحي بانقطاعه مع الأصول في الشرق، ومن ثم فضح كل الذي مارسه الكهان من رجال الدين والكتبة من محاولات طمس للمعالم والأصول. فاضل ثامر.
10.500د 9.000د

خرج الصياد - ياسين النصير - المدى

أنا مجموعة أفكار ناقصة، لم أهتد إلى ناقلها، ولا إلى زمانها أو مكانها، قيلت ولم أكن منتبهاً لها، فقد كانت ممارسات لم أعد أتذكرها كاملة، ولكنها كانت من الوضوح ما جعلتني أسير في ضوئها حتى وأنا في غارب العمر. ما السبب الذي يجعل حياة شعبية عابرة مثلها مثل حياة الآلاف من أبناء القرى مميزة كي أكتبها، أو أتذكرها مع العلم أنها لم تتشكل وحدها؟. كنت في قرارة نفسي الشابة أن أجد بعض الملاذات الصغيرة لأحتمي بها، فعشت وحيداً بأفكاري ووحيداً لأسرتي، لذا لم يكن أي محاور أتحاور معه، الأم التي تفرح بأية كلمة تصدر مني حتى لو لم تفهمها، والأب الذي يقودني تحت عباءته كل ليالي رمضان كي أستمع لحكايات ألف ليلة وليلة التي يحكيها حكواتي القرية المرحوم عبيد اليوسف، ومع ذلك بقي حواري داخلي أفاجئ به زملائي في المدرسة وبعض المعلمين أيضاً عندما كنت أقول إن واحد زائد واحد يساوي واحد، وعندما كنت أقول إن الأرض كروية وتدور فيجيبني أصدقائي أن باب بيتنا لم يتغير مكانه حتى تلك الفتاة التي أحببتها عندما أقول لها إن الحب قصيدة لا تفهم معنى أن تكون العلاقة بيننا قصيدة
10.500د 9.000د

دراسات اجتماعية من العراق - لاهاي عبدالحسين - المدى

في هذا الكتاب فقد تصدرت ثلاث دراسات رئيسية تناولت فيها الإسهامة النظرية والمنهجية للدكتور علي الوردي. سجل الوردي بجهوده العلمية بداية ظهور علم الاجتماع في العراق مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وساهم مساهمة لا يمكن تجاوزها بشأن التعريف بهذا العلم وتقديمه في العراق. لم يكن قد مضى على ظهور علم الاجتماع كعلم معترف به عالمياً أكثر من عشرين عاماً عندما ظهر علي الوردي في العراق. ساهم تالكوت بارسونز (أمريكي) وبيتريم سوروكن (روسي) بتأسيس أول قسم لعلم الاجتماع في العالم في جامعة هارفارد الأمريكية عام 1924. أثارت كتابات الوردي ودراساته وآرائه ومحاضراته آنذاك نقاشات حامية على مستوى الحياة العامة في العراق وشجعت كثيرين للدخول في مضمار العلم الجديد بدراسته والتخصص فيه.
16.500د 15.000د

مظفر النواب في اعالي الشجن - حسين الهنداوي - المدى

الحبُّ والنضال الثوري، توأمان في شعر مُظفّر النوّاب، بينما همّ الحرية والعدالة والجمال، هو الأسمى والأقوى في كل ما سطره من قصائد متينة البناء الفني والجمالي ومتنوعة المضامين العاطفية والإنسانية، ومن نضال سياسي ومواقف مبدئية جريئة، ومما قاساه من سجون واضطهاد وحياةٍ زاهدة وغربة وحرمان، هذا الشاعر الرائد والفنان المجدّد الذي يندر أن نجح مبدع كبير واحد أن يجمع معاً، كل ما امتلكه من مواهب أصيلة وطاقات متنوعة وعطاء ثَرّ، والذي تبنّى أدباء عراقيون وعرب في 2017 إطلاق مبادرة تكريمية بترشيحه لنيل جائزة نوبل للآداب تقديراً لإنجازه الأدبي ومواقفه الوطنية والأممية.
12.000د 10.500د

غسق الملائكة - ياسين طه حافظ - المدى

لماذا نكتسي أجساداً وأرواحاً بشجىً، بضباب أسى، بأسف مما نرى مما نسمع ومما نقرأ عن عذابات الناس؟ نرى مزارعين طردوا، عمالاً عاطلين أو مفصولين ومثقفين حاولوا وخابوا، جنوداً انكسروا بعد انتصارهم وانتهاء المعارك ومسافرين بلا حقائب واضح عليهم شحوب العوز والضياع في بقاع العالم بلا جدوى؟.. هذا ما نراه. هو حزن لهم وهو حزن لأنفسنا التي رأت أو سمعت أو قرأت. نحن من غير أن نعلن، نخشى مثل ذلك، نخشى أن يمسنا الضر الموجع الذي مس أولئك أو نحن، وهذا ما نقول به نحن الكتاب، نعيش حياة آخرين لنضاعف حياتنا. فمن الآخرين من يفجعوننا ومنهم من نشاركهم في المتعة أو في ساعات اللهو والرفاه الجميل. هكذا نحن حيناً نلتم على أسى وحيناً نكون في جوقة المنشدين. هي المشاركة الإنسانية في العيش والشعور. هي الإنسانية تضيف شعراً وجمالاً وتضفي ألماً لا مناص منه. ونحن نعيش الحياة، قد نتقدم للعون، وقد نستسلم لا نستطيع، ونترك المنكسر بانكساره والمعوز بعوزه معتذرين باللاحول أو باللاجدوى. نستدير عن الضحية ونحن نتمتم حاملين بعض انكساره: ها إن قلباً نبيلاً قد تحطم، عمَّ مساء أيها الأمير اللطيف ولتهدهد جوقات الملائكة منشدةً، سباتك (هاملت) هذا المساء مبكرين توجهنا إلى محطة قطار كييف. قطارنا بعد العاشرة، ونحن في التاسعة. هذا دفتري الصغير بجيبي وأنا التقط ملاحظات كما مصور يسرق لقطات في غفلة عن أصحابها. كنت اتطلع بوجوه المسافرين، وكمن يفتش عن حاجة استكشف ملامحهم، حقائبهم وثيابهم ولا تفوتني طريقتهم في الكلام. لكن ما الذي يجعلني أقرب لمشاهد فقراء الناس، عمالاً، نساء حزانى، جنوداً وشيوخاً خائبين من الدنيا ولا يريدون بعد خسارتها؟
7.500د 6.000د

مواسم الانتظار - يوسف ابو الفوز - المدى

وهكذا يا وليدي، على امتداد البصر، امتدت أمامهم الرمال الكاوية، صفراء بغبرة تميل إلى الاحمرار، لا يكسر العين فيها سوى انحناءات الكثبان وتراكب أهلتها بعضها فوق بعض مثل مويجات النهر. كانت السماء زرقاء... زرقاء صافية مثل فص عقيق أزرق في محبس عروس. الريح ساكنة كأنها هي الأخرى تعيش حالة تأمل وتفكير. انتشرت هنا وهناك أزهار الدودحان الحمراء والحلبلاب البيضاء أو الدعداع الصفراء. تنام مسترخية، كسلى؛ سحالٍ، يرابيع وأفاع تحت ظلال العوسج، العرد، الحميض والطرطيع المنتشر هنا وهناك. فرَّ ضبّ عجوز من تحت لفة شوك متيبسة دحرجتها الرياح من البعيد... البعيد إلى هذا المكان المقفر، الموحش وراح يزحف، متثاقلاً، متمايلاً باحثاً عن مخبأ له، وقد فاجأته حوافر الخيل التي أنهكها مسير ساعات. حسب فواز آل تركي في باله أن الوصول إلى قرية البيضاء سيكون مع صلاة المغرب.
16.500د 15.000د

الموسيقى والحياة - احمد مختار - المدى

على الرغم من أننا نميل، فيما يخص تاريخ العود، إلى البحث العلمي الدقيق الذي يستند إلى الحقائق التاريخية الملموسة القائمة على المكتشفات واللُّقى الأثرية، كالرُّقم الطينيّة والمخطوطات، وننحو إلى الاسترشاد بمناهج البحث الحديثة التي تأخذ في الاعتبار أن الحقائق التي توصل إليها من سبقنا تبقى قائمة حتى يَظهر ما يدحضها من أدلة تجلبها مكتشفات وجهود بحثية جديدة، إلّا أننا وجدنا أن لا ضيرَ من المرور أيضًا عند تناول هذه الآلة، التي هي من أهم الآلات الموسيقية المثيرة للجدل، على الروايات التاريخية والقصص المحكية التي كان يتناولها الناس في الموروث الشعبي إلى وقتٍ قريب، وقد بلغ بعضها حدّ الأسطورة، وذلك لتقريب تاريخ هذه الآلة المحببة إلى القلوب أكثر وتقديم صورةٍ بسيطةٍ لها بعيدًا عن تعقيدات البحث في أغوار الكتب والمخطوطات. منذ عصور ما قبل الميلاد، سحَر العود، وما زال حتى يومنا هذا يَسحَر الكثير من الناس؛ يُطربُ أسماعهم، ويُثير أشجانهم، يصاحبهم في أفراحهم ولا يفارقهم في أحزانهم، يسري صوته في شرايينهم وتُسمع «دقّاتُ» أوتاره في قلوبهم؛ وهو على هذا الحال حتى غدا رفيقًا مؤنسًا لوحشتهم، وصار ترويحًا لا غنى عنه لنفوسهم إذا تكاثرت عليها الهموم. من هنا، ومن باب الاعتزاز والأهمية، حاول الكثير من الأقوام والشعوب؛ من أذربيجان حتى المغرب وإسبانيا، مرورًا ببلاد الإغريق، أن يَنسبَ هذه الآلة كلٌّ له أو يَعدَّها من العلامات الفارقة في حضارته، فقد جاء في أساطير القدماء مثلًا أن الإسكندرَ ذا القرنين كان يستمع إلى العود إذا وجد في نفسه ما يُعكّر مزاجه من انقباض، حيث يأمر تلميذه أن يعزف له، فيزول عنه، بعد ذاك، ما كان يشعر به. وفي اختراع العود أقوالٌ وأساطيرُ كثيرةٌ اختلف فيها المؤرخون حتى تباعدت آراؤهم وتباينت استدلالاتهم، فمنهم من قال: إن أول مخترع للعود هو لمك بن متوشلخ بن أخنون بن يرد بن مهليل بن قينن ابن يانش بن شيث بن آدم عليه السلام
9.000د 7.500د

موت الملك تسونغور - لوران غوده - ترجمة حازم عبيدو وايف كادوري - المدى

مُنذ أسابيعَ، وكلّ فرد من سكّان ماسابا، وكلّ بدويّ، قد وضع في الساحة الرئيسَة، هديّته للعروس المستقبليّة. ارتفَعت أكداس هائلة من الزهور، ومنَ التمائم، ومن أكياس الحبوب وجرار النبيذ. ارتفع جبل من الأقمشة ومن تماثيل مقدّسة. أرادَ كلّ واحدٍ منهم أنْ يُهدي ابنة الملكِ تسونغور عربون تقدير ودعاء مُباركة. إلّا أنَّه في تلك الليلة جرى تكليفُ خدَم القصر بأنْ يخلوا الساحةَ من جميع تلكَ الهدايا. لم يكن ينبغي إبقاء أيّ شيء. كان ملك ماسابا العجوز يريد للفُسحَةِ أنْ تظهرَ مزيّنة وفي كامل ألقها، وأنْ تنثرَ باحةُ القصر بالورود، وأن ينتظمَ حرسهُ الخاص فيها بلباس المراسم. فالأمير كوام سوف يرسل سفراءَهُ ليضعوا هداياهُ تحت قدَميّ الملك. يوم الهدايا، هو بداية حفل العرس، وينبغي لكلّ شيء أن يكون معدّاً على أحسَنِ ما يرام. لم يتوقّف خدَمُ القصر، طوال الليل، عن الجيئة والذهاب، متنقّلينَ بين جبلِ الهدايا في الساحةِ وقاعات القصر. ينقلون تلكَ المئات من صُرَرِ الزهور والحليّ. كانوا يوزّعون التمائم والتماثيل والسجاجيد على أجنحة القصر المختلفة، بأقصى تنسيقٍ ممكن، مع حرصِهم على عدَم إثارةِ الجلَبة. كان ينبَغي أن تكون الساحة الكبيرة فارغةً، وأن يكونَ القصر ثريّاً بأمَارات محبّة الشعب تلك.
10.500د 9.000د

الشوشارية - البرتو مورافيا - ترجمة نبيل المهايني - المدى

ولنبدأ بإيجاز بقصّ الأحداث الشخصيّة التي أدّت إلى كتابة رواية «الشوشاريّة». يجب أن نبدأ هنا بيوم 8 أيلول 1943، بيوم عسير على إيطاليا وعلى المؤلّف: «ذات صباح بعد 8 أيلول قال لي شخص هنغاريّ كان يترأّس رابطة الصحافة الأجنبيّة فلتعلم أنّك في قائمة الأشخاص المطلوب اعتقالهم» (من مورافيا إلى إينزو سيشيليانو ص 56). عندها أسرع مورافيا ليسافر مع زوجته إيلسا مورانتِه من روما، وتوجّها نحو نابولي، على أمل أن يعبرا الجبهة. لكنّ القطار توقّف قرب فوندي، فعزم الزوجان على الذهاب إلى الجبال الشوشاريّة تجنّباً للقصف وشِباك الاعتقالات، وهناك عاشا لثمانية أشهر في كوخ في نواحي سانت آغاتا (وهي سانت يوفيميا في الرواية) بصحبة نازحين آخرين. ولم «يتحرّرا» إلّا في نهاية أيّار 1944 عندما تمكّنا أخيراً من الوصول إلى نابولي، ثمّ إلى العاصمة روما بعد أن تحررت في حزيران. تركت هذه الأشهر الثمانية التي قضياها بين الشجيرات أثراً لا يمّحى في نفس مورافيا، وقد قال بعد مرور عدّة سنوات إنّ حدَثيْن عملا على تغيير حياته بصورة واضحة: سلّ العظام الذي أصابه وهو في التاسعة من عمره ثمّ الحرب. عاش وقتها في كوخ لدى فلّاح اسمه دافيده ماروكّو (باريده في الرواية) وقال إنّه لم يعد يفكّر إلّا في العيش كيفما اتّفق، ومن غير أن يكتب شيئاً «فلم يكن لدينا لا قلم ولا حبر»، بينما نقرأ في شهادة ماروكّو أنّه كان يقضي جلّ وقته في الكتابة على دفاتره. ومن يدري إذا كانت تلك الدفاتر ستظهر يوماً ما. ومن الممكن أنّه كان يكتب ملاحظات عن بعض الأحداث والأشخاص والأفكار التي تخثّرت بعد ذلك في ثلاثة أنواع من الكتابة عند عودته إلى روما: – كتابات سياسيّة كالتي ظهرت في كتب مثل «مذكّرات سياسيّة» و«الإنسان هدفاً». «نحو 1946» وهو كتاب عن تأكيد الثقة بمستقبل الإنسان. – كتابات سيرة ذاتيّة عن تلك التجربة وقد ظهرت منها سلسلة من الأحداث في رواية «الشوشاريّة». وهنا صرّح المؤلّف بالذات قائلاً إنّ جوقة تلك الرواية لا تحتوي إلّا على ثلاث شخصيات مبتكرة، هي: تشيزيرا وروزيتّا وميكيله. كما أنّها تساعدنا على فهم طريقة عمل هذا الروائيّ بتقنيّة اندماجيّة.
16.500د 15.000د

حقيقة - كولين هوفر - ترجمة عابد اسماعيل - المدى

أسمعُ صوتَ تهشّمِ جمجمتهِ قبل أن يصلَني رذاذُ الدّم. أشهقُ ثمّ أخطو خطوةً سريعةً إلى الوراء باتجاه رصيفِ المشاةِ. قدمي تغوصُ، وكعبُ حذائي لا يكملُ السيرَ معي ما يجعلني أمسكُ بوتدِ شارةِ ممنوع الوقوف خوفاً من فقدان التوازن. كان الرّجلُ يقفُ أمامي منذ ثوانٍ فقط. وكنّا بين حشدٍ من النّاس ننتظرُ شارةَ العبورِ كي تومضَ، حين فجأةً اجتازَ الرّجلُ الشّارعَ قبل الأوانِ، ما تسبّبَ باصطدامِ شاحنةٍ مسرعةٍ بجسدِه. اندفعتُ إلى الأمام أحاولُ إيقافَه، لم أستطعْ الامساكَ بشيءٍ، ورأيتُه يهوي أرضاً. أغمضتُ عينيّ قبل أن يصبحَ رأسَه تحت العجلةِ، لكنّني سمعتُ شيئاً يطقطقُ كصوتِ فلّينةِ الشامبانيا. اللّومُ، كلّ اللّومِ، يقعُ على هذا الرجل، إذْ كان ينظرُ لامبالياً إلى هاتفه الخليوي، ربّما لأنّه كان قد عَبرَ الشّارعَ ذاتَه مراتٍ عديدةً من قبل، من دون وقوعِ أيّ حادثٍ له. لعلّه الموتُ بفعلِ الرّوتين. الناسُ يشهقون مثلي ولكن لا أحدَ يصرخُ أو يصيح. سائقُ الشاحنةِ المعتديةِ يقفزُ من خلف مقودهِ ويجثو، على الفور، أمام الرّجل المسجّى. أبتعدُ قليلاً عن المشهدِ فيما عددٌ من الأشخاص يتدافعون نحو الأمام يريدون المساعدة. لم أكن بحاجةٍ لأن أنظر إلى الرّجلِ الممدّد تحت العجلة لأعرفَ أنه لم ينجُ من الحادث. كان يكفي أن أنظرَ إلى قميصي النّاصع البياض –بقعُ الدّم تلطّخُه الآنَ– لأعرفَ أنّ نقّالةَ النعشِ تنفعُهُ الآن أكثر من سيارةِ الإسعافِ. أدورُ حول نفسي محاولةً الابتعادَ عن الحادث –علّني أجدُ مكاناً أتنفّسُ فيه الصعداءَ– لكنّ إشارةَ المرور، الآن، تقولُ «اعبرْ»، وجمهرةُ النّاس تنتبهُ إلى الضّوءِ الأخضرِ ما جعلَ السباحةَ عكس التيار والعودة إلى الخلف أمراً مستحيلاً في خضمّ هذا النهرِ المتدفّقِ من سكّان مانهاتن. البعضُ منهم لا يرفعُ بصرَهُ عن جهازِهِ الخليوي، في أثناء العبورِ قرب موقعِ الحادث. أتوقّفُ عن السّير نحو الأمام، وأنتظرُ كي يخفَّ الحشدُ. أُلقي نظرةً إلى الخلف باتجاه الشاحنة، وأتجنّبُ مشاهدةَ الرّجل المسجّى هناك. سائقُ الشّاحنةِ يقفُ الآنَ خلف مؤخّرة سيارته، ويرمقُ هاتفاً خليوياً بين يديه.
15.000د 13.500د

تقديرا للرجل الرهيف.. ومقالات اخرى - اناييس نن - ترجمة محاسن عبد القادر - المدى

انشغلت النساء لقرون عديدة ليصبحن ملهمات للفنانين. وأعلم أن القارئ قد تتبعني في اليوميات عندما أردت أن أكون ملهمة، وزوجة لفنان، بيد أني في الحقيقة كنت أحاول تجنب النتيجة الأخيرة –والقيام بالمهمة بنفسي. فقد وجدت في الرسائل التي تلقيتها من النساء، ما وصفه دكتور رانك، المحلل النفسي، بأنه شعور الذنب تجاه الإبداع. إنه لمرض غريب للغاية، لا يصيب الرجل– بسبب الثقافة التي تطالبه أن يعطي أقصى ما عنده من مواهب. فالثقافة تشجعه ليصبح طبيباً ماهراً، وفيلسوفاً عظيماً، وأستاذاً كبيراً، وكاتباً بارعاً. كل شيء قد خُطط له حقاً ليدفعه في هذا الاتجاه. ولم يُطلب هذا الأمر من النساء لحد الآن. في عائلتي، كما هو الحال في أي عائلة على الأرجح، كانوا ينتظرون مني ببساطة أن أتزوج، أن أكون زوجة وأربي أطفالاً. لكن ليست كل النساء لديهن القدرة لهذا الدور، وأحياناً، كما قال د. هـ. لورانس، لا يقمن به بطريقة مناسبة. «لا نحتاج إلى المزيد من الأطفال في العالم، وإنما نحتاج إلى الأمل». هذا ما اعتزمت فعله، وتبنيتُ المزيج الذي بداخلي. لأن بودلير أخبرني منذ زمن بعيد أنه في داخل كلٍّ منا يوجد رجل وامرأة وطفل – والطفل هو من يقع دائماً في الورطة. يؤكد علماء النفس دوماً ما قاله الشعراء منذ زمن طويل. أتعلمون، أن حتى فرويد الجدير بالشفقة، الخبيث قد قال ذات مرة: «أينما ذهبت، وجدت شاعراً أمامي». لهذا يقول الشعراء إننا نمتلك ثلاث شخصيات، إحداها مخيّلة الطفل التي تبقى عند البالغين و تساهم بطريقة ما في تكوين الفنان
9.000د 7.500د