يشكل هذا الكتاب شهادة على زمن عاصف وجوانب من سيرة ذاتية للمناضل العراقي "عبد الرزاق الصافي" الذي يعد، أحد الوجوه المعروفة في الحركة الشيوعية العراقية، والذي عمل في صفوفها قرابة الستين عاماً وشغل مواقع قيادية فيها على مدى يزيد على الثلاثين عاماً، عضواً في اللجنة المركزية ومكتبها السياسي ورئيساً لتحرير جريدة الحزب الشيوعي العراقي المركزية "طريق الشعب" وغيرها من المواقع القيادية.
أردت في هذا الكتاب أن أثبت بالكلمات واقعا هاربا، ومن خلال الكلمات أعطي هذا الواقع معنى ما. المكان كان هاجسي ووسيلتي، لكنه يهرب مني حين أغيب عنه إو أعود إليه. بين ذاكرة الصور وذاكرة الكلمات لم تأتني هذه الأمكنة وحكاياتها وأنا مستلق على قفاي، ولا هي اخترقتني وأنا أسير في منفاي ساهياً عنها. لكي أتذكرها وأدرك جوهرها الخفي ذهبت أنا إليها، وبالأصح غرزت رأسي فيها ووجدت أن الأمكنة ليست وجودا شعريا ساكنا وحسب، هي في جدل مع الزمن ومع ساكنيها. التقاطع والتوازي بين الزمان التاريخي والزمان الآني، بين المتذكر والمتخيل.. هذا ما يعطي للزمان والمكان الذي يحتضنه لحما ودما. هل يمكن للتأريخ أن يخرج من التجريد ويصبح عيانيا أقرب للرواية؟ ما يعطي المعنى للأمكنة في هذا الكتاب هو ما فيها من رموز وذكريات، إنجذابات، واتصالات. أحببت وأنا أكتب عن الأمكنة أن تكون حاضرة أمامي لذلك عدت إليها ماشيا لوحدي وأحيانا من دون رفقة وفي جو الخطر لأفرغ حواسي فيها ولها. أردت أن أمشي الهوينى مع الأفعال اليومية العادية على إيقاع الناس وهم يتجولون في شوارع (الكرادة) أو (البتاويين) أو في مولات (زيونة) أو بين باعة الخردة الجالسين في يوم جمعة شتائي مشمس في (الميدان). تابعت أفعال البيت والشارع التي تشكل رتابة واستمرارية الأفعال العادية، كما أردت أن أمسك في ذاكرتي الأحداث الكبيرة التي غيرت التأريخ الذي عشته مثل سقوط الصنم في (ساحة الفردوس) الانفجار في(الكرادة) والتظاهرات في (ساحة التحرير).. أرى المشهد في اتساعة وأنزل لأدقق في تفاصيله ورموزه. وخلافاً للرؤية الوجودية في توصيف الآخر ب «الجحيم» وجدت الثراء في علاقات الفرد بالناس الأخرين في المكان الذي يجمعهم. كل فرد بذاته إنما هو نقطة تقاطع لعدد من العلاقات التي تتداخل عبر الأفراد وتقوم فيهم وتتجاوز حياتهم.
كان تسفايغ شاعراً وفيلسوفاً ومؤرخاً وروائياً، جمعته علاقات صداقة مع كبار معاصريه ومنهم فرويد ودالي، وهو هنا يؤرخ لعصره في مذكرات حية ذكية، صريحة، وكأنها أهم رواياته.. لم يحظَ الأديب النمساوي ستيفان تسفايج، المولود في فيينا عام 1881 م، بحياة مستقرة آمنة، فالحياة التي بدت في بدايات الطفولة والصبا رخية، هادئة سرعان ما كشفت عن أنيابها الحادة لصبي غر يتلمس أول الطريق في عالم الكتابة؛ والإبداع؛ والفن. إن السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين شهدت استقرارا في القارة الأوربية. لكن وتيرة الأزمات بدأت مع نشوب الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) لتؤذن بدخول هذه القارة الهانئة مرحلة من الصراعات القاتلة. صعود النازية في ألمانيا، والفاشية في إيطاليا. اشتعال الحرب الأهلية في أسبانيا. ومع نهاية الثلاثينيات ساد الخواء الثقافي، والانهيار الاقتصادي وتكلل ذلك بنشوب الحرب الكونية الثانية (1939 ـ 1945) التي لم يرَ تسفايج نهايتها لإقدامه على الانتحار في مدينة بتروبولس البرازيلية في 23 شباط 1942م.
يعود تاريخ نشوء «عالم لورنس» إلى عام 1932 في باريس، وذلك عندما اقترح جاك كاهين من دار أوبيلسك للنشر، والذي كان قد وافق حديثاً على نشر كتاب «مدار السرطان»، اقترح على ميللر أنه سيكون تصرفاً سياسياً إذا ما ظهرَ على الساحة الأدبية كمؤلفٍ لدراسةٍ نقديةٍ قصيرةٍ عن لورنس أو جويس قبل أن ينشر مثل تلك الرواية الصادمة. وربطُ اسمه باسميّ تينك الكاتبين الشهيرين وأن يُعرف كناقد سوف يمنحه موقعاً كمفكّر جادّ- ومثل هذه السمعة هي التي ساعدت كُلاًّ من لورنس وجويس على النجاة من الرقباء. وزيادة على ذلك، في نظر كاهين، فإنّ من المنطقي تماماً أن يكتب ميللر عن لورنس، بما أنّ تأثير لورنس على أفكاره شديد الوضوح.
بسرعة تتغير الحياة. في لحظة تتبدل الحياة. تراك جالساً تتناول العشاء وإذ بالحياة التي تعرفها تنتهي. أي شفقة على الذات تلك ! تلك كانت أولى الكلمات التي دونتها بعد أن حدث ما حدث. تاريخ التحديث الأخير کما يبين الملف الذي يحمل عنوان « أفكار عن التغيير » هو ۲۰ « مايو ، ۲۰۰4 ، الساعة ۱۱:۱۱ ليلا » لكن لا بد وأن هذا التاريخ يعود إلى آخر مرة فتحت فيها الملف وضغطت أمر الحفظ بلا تفكير قبل إغلاقه. لم أكن قد أجريت أي تغيير على النص في شهر مايو. في الحقيقة، لم أجر أي تغيير على الملف منذ أن كتبت هذه الكلمات في يناير ۲۰۰4، أي بعد يوم أو يومين، أو ربما ثلاثة، من الواقعة. مرّ وقت طويل بعد ذلك لم أكتب خلاله أي كلمة.
إن اختياري لهذه الأسماء التي وردت في هذا الكتاب، (عراقيون في الوجدان)، وفاء لدين في عنقي، فقد عاصرتهم، وتتبعت سيرهم، وربطتني بهم صداقات، امتدّ بعضها إلى ما يزيد عن خمسين عاماً. والبعض الآخر، تواصلت معهم داخل وخارج الوطن، عبر قراءات ومتابعات ولقاءات في هذا البلد أو ذاك، فتشكل لديّ أرشيف شخصي، ضمّ نتا جات ثقافية، وإنجازات سياسية، وذخيرة لسِير وطنيّة، ولقادة من العرب والكورد، وفي ميادين الصراعات والانتفاضات، في إخفاقاتها وانتصاراتها، فإن غاب بعضهم عن هذه الحياة، بقيت آثارهم أمنية، تحكي مآثر هؤلاء الأوفياء، لوطن أعطى الكثير لأبنائه، فكان لا بدّ لهؤلاء الأبناء، من أن يعطوا، ولو القليل، للوطن الذي أحبّوه، وفاء لدين في أعناقهم.
المعروف أن فيليس تشيسلر، عالمة النفس الأميركية في أفغانستان، تزوجت وعاشت لأكثر من خمسين عاما هناك، وفى هذا الكتاب، قدمت رؤيتها خلال الفترة التى عاشتها فى أفغانستان، باعتبارها أجنبية، وغير مسلمة، تعيش فى مجتمع ذات طابع خاص.ففى هذا الكتاب يتعرف القارئ على فيليس تشيسلر، الفتاة اليهودية الأمريكية من بروكلين، ومغامراتها التى استمرت لأكثر من نصف قرن. في عام 1961، عندما وصلت إلى كابول مع عريسها الأفغاني، واستولت السلطات على جواز سفرها الأمريكي. كانت تشيسلر ملكًا لعائلة زوجها وليس لديها حقوق المواطنة. بالعودة إلى أفغانستان، عاد زوجها، وهو طالب جامعي أجنبي ثري ذي طابع غربي ويحلم بإصلاح بلاده، إلى العادات التقليدية والقبلية.وهناك وجدت تشيسلر نفسها محاصرة بشكل غير متوقع في عائلة فاخرة متعددة الزوجات. ناضلت ضد عزلتها وانعدام الحرية، ومحاولات أسرتها الأفغانية لتحويلها من اليهودية إلى الإسلام، ورغبة زوجها في ربطها بشكل دائم بالبلاد من خلال الولادة. بالاعتماد على مذكراتها الشخصية، تروي تشيسلر محنتها، وطبيعة الفصل العنصري بين الجنسين - وشوقها لاستكشاف هذا البلد والثقافة الجميل والقديم والغريب.
كافة الدراسات التاريخية التي تناولت تطور مفهوم القومية العربية، في مصر تحديداً وفي العالم العربي عموماً، بالدور الهام الذي لعبه عبد الرحمن عزام، والذي اكتسب شهرة عالمية تحت اسم "عزام باشا" لدى توليه منصب أول أمين عام لجامعة الدول العربية بين عامي 1945-1952. إلى أن مدى أهمية هذا الدور، علاوة على طبيعة ومنشأ هذه القومية العربية ذاتها، تبقى أموراً يكتنفها الغموض، كما تظل إلى يومنا هذا موضوعاً لجدل أكاديمي احتدم حيناً وخبا بعد ذلك، لكنه لم يظهر أية دلائل على إمكانية حسمه وانتهائه. يتناول هذا الكتاب بالدراسة السنوات المبكرة في حياة عبد الرحمن عزام، منذ ولادته عام 1893 وحتى تعيينه وزيراً مصرياً مفوضاً مطلق الصلاحية لدى العراق وإيران عام 1936. كما يسعى إلى تقديم صورة غنية عن حياته في تلك الفترة، محاولاً التركيز على رسم الخطوط العريضة لأصل ومنشأ ومجمل السمات الرئيسة لمفهوم القومية العربية الذي تبناه عزام وغيره من ممثلي النخبة السياسية والفكرية في مصر قبل تأسيس جامعة الدول العربية بعهد بعيد.
في هذا الكتاب نحس بنبضات التاريخ المعاصر ونرى تموجاته: مسراته وأوجاعه خلال السيرة الذاتية لهوبزبوم المفكر اليساري، والمؤرخ الأشهر في العالم خلال العقود الأخيرة.. يقول"لقد عشت تقريباً معظم سنوات قرن يعــد أكثر قرون التاريخ الإنساني روعة وترويعا". اختص "هوبزبوم" بنبش وتحليل وتقويم التاريخ الحديث، بدءاً من القرن الثامن عشر، من منظور منهجي علمي، يرتع من الماركسية ولا يكتفي بها، بل يستفيد من كشوفات المناهج الحديثة في حقول العلوم الإنسانية المختلفة، لاسيما علم الاقتصاد حيث اختصاصه الدقيق هو التاريخ.
كان عليّ أن أخترق أول التابوهات مطوّقة بخوفي وحده؛ فكيف لمخترق المحظور أن يكفّ عن الخوف وهو أمام كشف مدهش؟؟ شهوة مواجهة المجهول هي ما يجعل الخوف - وليس الإقدام - دافعاً لاختراق المحرّمات: الحواسّ البِكر تنقذف في التجربة وتجعلنا نبصر ونشمّ ونسمع ونتذوق ونلمس وفي الغالب نشمّ أكثر في الصمت، الخوف من الإنفضاح هو ذاته سرّ لذتنا في الإكتشاف، الإنفضاح وحده لا يكفي. مع أوّل كتاب لمسته يداي - غير كتب المدرسة - فغمت أنفي رائحة التبغ الخام ممتزجة برائحة الكتب الصفراء - الورق الهشّ والطباعة الحجرية، مزيجٌ من روائح كانت تفور من نبع سرّيّ في حجرة معتمة تسلّلتُ إليها ذات ظهيرة صيف أنا الصبية الصغيرة التي تتصبّب عرقاً وترتعش وهي تعبر الغرفة إلى كشوفها الأولى لتمزق أوّل الحجب. الخوف من انكشاف تسلّلي إلى حجرة المُحرّمات يرعش يديّ النحيلتين وهما تقلّبان الكتب الشهيّة في بصيص نور يتسلل من كوّة وسط السقف يدعونها (السمّاية)، والكلمة تصغير عاميّ لصفة منسوبة للسماء. كانت السماء سندي في الإنغماس بالخطيئة الأجمل: إستراق قراءة الممنوع والمحظور. مفارقة جعلتني وأنا صبية أتمزق بين أشواق أرضية ونزوع سماوي؛ فدخلت ظلال الكلمات وأطياف المعاني وترحلّت في خفاء الحلم دون أن أفقد ظلي. أبي كان ماركسياً حالماً باليوتوبيا والعدالة موه وماً - شأنه شأن الكثيرين - بالنظرية التي سحرتهم وعودها الفردوسية، هو وصحبه كانوا يتداولون كتباً ومجلات وصحفاً تعذّر عليّ - وأنا إبنة التاسعة - أن أعي مضامينها، وكانوا يتعمدون إغوائي بقراءتها وما كنت أحفل بها آنئذ، أقلّبها بعجالة وأهجرها إلى أحلامي وقصصي الطفولية التي كنت أكتبها وأرسم وقائعها في الصفحة المقابلة وأتمتع بخلق شخصيات لا وجود لها في عالم الكبار المقنّن حتى ملأت دفاتري المدرسية كلها بالحكايات والرسوم ونلت عقاباً من معلّماتي وزجراً من الوالدين. مقابل ضلال أبي الماركسيّ - كما كان يقال - كان زوج خالتي تاجر التبغ المتدّين يحظى باحترام العامة ونفور المتعلمين والمثقفين، ومقابل كتب أبي التي تتخطّى فضاء المقدس إلى مدى حرية الفكر وتفنيد ماهو مستقرّ وثابت من الأحكام كان زوج خالتي يقيم أذكاراً دينية كلّ ليلة جمعة في داره أو في خان البلدة القديم، ويؤمّ الذكرَ دراويشٌ ومشرّدون ومتصوّفة ومشايخ وجياعٌ ولصوص يتقمّصون توبة لليلة واحدة، وكان يرقي المرضى والمصروعين ويعوّذ الأطفال بالأحجبة ويقوم هو وجمعٌ من المريدين وعوائلهم بزيارات لمراقد الأولياء لتقديم الولاء والصّدقات وفكّ أسر المأخوذين واستنزال الخصب لأرحام النساء العواقر.
بينما كنت أكْبُر، كنت أدرك أنّني مختلفة عن الأطفال الآخرين، لأنه لم يكن هناك قُبُلات أو مواعدات في حياتي. دائمًا ما كنت أشعر أني وحيدة وأنني أريدُ أن أموت. كنت أحاول أن أُسرّي عن نفسي بأحلامِ اليقظة. لم أكن أحلم أبدًا بأيّ شخصٍ يعشقني مثلما كنت أرى أطفالًا آخرين يُعشَقون. تلك الرّغبةُ في اجتذاب الانتباه كان لديها دورٌ ما لتقومَ به، أظنُّ مع مشكلتي في الكنيسة أيّام الآحاد. فلم أكَدْ أصبحُ داخل المقصورة أثناء عزف الأورغون، والجميع يُنشِدون ترنمية؛ حتى تأتيني الرّغبة في أن أنزع جميع ملابسي. كنت أريدُ على نحوٍ يتّسمُ بالتهوّر أن أقف عاريةً من أجل الرّب، ولأجْلِ الجميع أيضًا كي يروني. نزوتي بأن أظهر عاريةً وأحلامي عن ذلك لم تتضمّن أيَّ شعورٍ بالخزي أو بالذنب. الحُلم بالناس يتطلّعون إليّ جعلني أشعر أنّني أقلَّ وحدة. أظنُّ أنّي أردتُ أن يرَوْني عارية لأنني كنت أخجل من ملابسي التي كنت أرتديها-فستانُ الفقر الأزرق الباهت الذي أبدًا لا يتغيّر. أمّا حين أكون عارية؛ فأنا أكون مثل الفتيات الأُخْرَيات، وليس مثل شخصٍ يرتدي الزيَّ الموحَّدَ للأيتام. هوليوود التي عرفتُها كانت هوليوود الفشل. تقريبًا كلُّ شخصٍ قابلته كان يعاني من سوء المأكلِ أو لديه نزواتٍ للانتحار. هوليوود مكانٌ حيثُ سيدفعون لك آلاف الدولارات مُقابل قُبْلة، وخمسين سِنتًا من أجل رُوحك. كانت مكانًا بشريًّا أكثرَ منه جنةً قد حلمتُ بها ووجدتُها.
كتاب (قِمَم عِراقية) هو جزء آخر مستقل يضم 28 ترجمة لمن عرفتهم ولي ذكريات معهم سجلت شطراً منها في هذا الكتاب. – ولا بدّ لي من تكرار الاعتذار عن ترداد كلمة (أنا) التي أمقتها، لكن السياق يقتضي ذلك وأنا أعيد مقولة العلامة (آينشتاين): إن القيمة الحقيقية للإنسان، تقاس بمدى تحرره من كلمة (أنا). – أؤكد هنا بأن كتابي يشتمل على تقريظ (مدح) المترجم لهم.. أي إنه يعكس الوجه الإيجابي الناصع لهذه الكوكبة المنتقاة من المبدعين العراقيين الأفذاذ، ولعل لبعضهم جوانب (سلبية)، لكنهم في جميع الأحوال بشر ليسوا معصومين من الأخطاء و(السلبيات)، لكنني أؤمن أنهم قدموا معظم حياتهم لخدمة المجتمع والناس. – لقد فكرت في كيفية ترتيب الكتاب، وبعد تفكير عميق آثرت أن أرتبه حسب تواريخ وفيات المترجم لهم هكذا: – أولهم علي الشرقي -المتوفى سنة 1964 . – آخرهم يوسف عز الدين المتوفى سنة 2013 . وأشير هنا إلى أنني أهملت الألقاب كالشيخ والدكتور والأستاذ وما أشبه قدر الإمكان. وبعد: فإنّ هذه المراثي المتواضعة التي يحتجنها هذا السفر الصغير ليست مجرد أكاليل ورد تنثر فوق أجداثهم الشامخة، فهذه الكوكبة المتألقة من رموز العراق وأعلامه تستحق منا التثمين والإقرار بما قدموا من خدمات جليلة للوطن والمواطن.
"قوة العمر" وهو جزء من مذكرات سيمون دي بوفوار التي صدرت باربعة اجزاء وستصدر ترجمتها الكاملة عن دار المدى.. نشرت "سيمون دي بوفوار" رواية "المثقفون" في عام 1954 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية والتي بفضلها حازت على الجائزة الأدبية الأعلى في فرنسا "جائزة غونكور"، وكتبت "سيمون دي بوفوار" 4 مجلدات من السيرة الذاتية تحتوي على "مذكرات فتاة مطيعة"، و"قوة العمر"، و"قوة الأشياء"، إضافة إلى "كل شيء قيل وانتهى". خلال السبعينيات أصبحت ناشطة في حركة تحرير النساء الفرنسيات.
نعيش مع هذا الكتاب القصير أنواع من حالات ومفردات ولحظات الحب؛ شوق، لهفة، انتظار، مواعيد، لقاءات، قوة، ضعف، ابتعاد، صبر، تضحية، نصيحة، تفاهم، تحليل، تأمل.. إلخ من مزيج مشاعر إنسانية تمر بنا ونبدو في أغلب الأحيان عاجزين عن التعبير عنها كما نريد، لكننا نجد حسن مطلك يعبر عنها هنا بشكل بالغ الدقة والجمال، وربما هذا من بين الدوافع التي حدت بنا إلى اقتحام خصوصياته ونشرها، فهو بكل تأكيد لم يكن ليضع بحسبانه جعل ما نقرأه الآن من يوميات وذكريات و(كتابة حرة) كتاباً للنشر، لأن الكتاب في مفهومه هو جهد وعمل آخر يعمل على صوغه وإعادته ومراجعته أكثر من مرة.. إلا أن قيمة حسن مطلك الأدبية والإنسانية، ومسؤوليتنا عن إرثه، ورحيله المبكر قبل إنجاز أكثر مشاريعه.. هي التي تجعلنا نتلقف ونهتم بكل ما دونه. هذا ومن الأمور المهمة الأخرى التي دفعتنا إلى كشف هذه التجارب، هو أن حسن مطلك قد صاغ شخصياته الأدبية عن طريق استيحائها من شخصيات حقيقية عاش وتفاعل معها وكان -كما يلاحظ المتابع لأدبه - يوظف العديد من مقاطع يومياته داخل نصوصه الأدبية. شخصية (عزيزة القطان) في روايته (دابادا) وشخصية (سارة) في روايته (قوة الضحك في أورا) وشخصيات بعض قصصه القصيرة الأخرى مثل (تشرين الثالث) و(المذكر والمؤنث) هي مزيج من حبيبتيه (م) و(هـ) وقد أشار هو إلى ذلك في أكثر من موضع، الأمر الذي سينفع الباحثين والدارسين والمتتبعين لأدبه وسيرته ويعينهم على استيضاح المزيد عن شخصياته وأبعادها ومن ثم طبيعة أسلوبه في التوظيف الأدبي للمعطيات الشخصية الواقعية.
حاولت جهدي أن التزم باختيار ما كتبته عن مكوناتي وذكرياتي العراقية، لتكون مادة هذه الكتيب الذي أقدمه للقارئ دليلاً على اني أتعدى واجب الوفاء لهذه المكونات والذكريات، إلى ما يكاد أن يكون إشهاراً لمواطنتي العراقية التي لا تقل عن مواطنتي اللبنانية عمقاً ووهجاً. وكلما شاهدت صورة قاتمة من العراق أو صورة مشرقة، يحتدم الجدل في أعماقي وأعضائي. فأقوم إلى قلمي وأكتب واكتشف اني لن أشبع من الكتابة عن العراق حتى يشبع العراق ظلماً وجوراً.. وحرية. ولسوف أبقى أكتب عن العراق حتى يعود العراق إلى..
حاولت جهدي أن ألتزم باختيار ما كتبته عن مكوناتي وذكرياتي العراقية، لتكون مادة هذا الكتيب الذي أقدمه للقارئ دليلاً على أني أتعدى واجب الوفاء لهذه المكونات والذكريات، إلى ما يكاد أن يكون إشهاراً لمواطنتي العراقية، التي لا تقل عن مواطنتي اللبنانية عمقاً ووهجاً. ولكما شاهدت صورة قاتمة من العراق أو صورة مشرقة، يحتدم الجدل في أعماقي وأعضائي، فأقوم إلى قلمي وأوراقي، وأكتب وأكتشف أني لن أشبع من الكتابة عن العراق حتى يشبع العراق ظلماً وجوراً... وحرية. ولسوف أبقى أكتب عن العراق حتى يعود