تهافت الستينيين - أهواء المثقف ومخاطر الفعل السياسي الكاتب فوزي كريم الهوة بين النص الشعري وخبرة الشاعر الداخلية ظاهرة عربية، امتدت من الشعر الجاهلي حتى اليوم. عرضتُ لها بتفصيل في كتابي "ثياب الامبراطور". هذا الكتاب الجديد امتدادٌ له، ولكنه يُعنى بوجوه أخرى إضافية من الظاهرة، وفي عصرنا الحديث بالذات. هذه الوجوه العصرية استجابة ليست متعافية لنشاطات الغرب بالغة الكثافة والتعقيد. محاولة منها لإشعار نفسها بالتكافؤ مع الغرب، وتجاوزه أيضاً. وبالتالي كراهيته وتنشيط فعالية العداء غير العقلاني له. وكما بدت الجملة العصرية مترجمة، وبدت القصيدة مترجمة، بدا الوعي الثقافي والأدبي مترجماً هو الآخر. قناع مورد باللأصباغ، يخفي الوجه الحقيقي الشاحب. هذا واضح في أصوات شعرية كثيرة، يمكن لقصيدة النثر أن تكون أوسع أوعيتها. وأصوات نقدية أكثر، تحت راية البنيوية والتفكيكية. فورة الستينيين كانت محاكاة، ولكن صادقة العواطف. وهنا يكمن موطن مخاطرها. لأن أهواءها الخيالية طمعت بأن تكون فعلاً، وفعلا سياسياً بالدرجة الأولى. وإذا كان مفكرٌ أصيل مثل هادي العلوي صادقاً وغير محاكٍ، إلا أن أفكاره التي تسعى الى الفعل لا تقل خطورة بسبب هذه الأصالة وهذا الصدق. في الشعر لم أسع الى شعراء الظاهرة، بل انتخبت، في المقابل، عيّنات من شعراء الخبرة الداخلية. شعراء التيار الذي حفر مجراه ضيقا، ولكن عميقاً، الى جوار التيار الأغلب. احتل هذا المسعى القسم الثاني من الكتاب.
يعد فرانك لويدرايت أهم معماري القرن العشرين ومؤسس العمارة الحديثة والعمارة العضوية، أعجب بالعراق وتاريخه. صمم للعراق والعالم جنة عدن كما يسميها. كانت لرحلته المبدعة الغريبة المتعبة مع العراق وتاريخه وعمارته حيث بدء سفره الكبير مع العراقيين. أعلن في يوم عيد ميلاده التسعين المصادف الثامن من حزيران عام 1957 في مدينة سبرنك كرين في الولايات المتحدة الأمريكية وبحضور زوجته ولكفانا وأبنته لوفانا وحشد من 125 من ضيوفه انه قد أستدعي من قبل الملك فيصل الثاني ملك العراق لتخطيط وتصميم مركزثقافي على ضفاف دجلة في بغداد، وذكرت جريدة (Saturday Post) المسائية في حينها أن فرانك لويدرايت قد ذكر معقبآ (أنها أجمل هدية عيد ميلاد).
تيرينتس فرانسيس إيجلتون (ولد في 22 شباط 1943 في مدينة سالفورد) هو أحد أهم الباحثين والكتاب في النظرية الأدبية ويعد من أكثر النقاد الأدبيين تأثيراً بين المعاصرين في بريطانيا. وهو أستاذ الأدب الإنجليزي حالياً في جامعة لانسيستر وهو أستاذ زائر في جامعة إيرلندا الوطنية, جولواي.
رواية حصيلة الايام تأليف إيزابيل الليندي يعتبر البعض أن هذه الرواية هى استكمال للسيرة الذاتية للكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي،وتقدم الليندي في روايتها هذه حصيلة ثلاث عشرة سنة بعد باولا، الرواية التي حققت لها الشهرة الأوسع بين روايتها جميعًا. ولإن إيزابيل الليندى استرجعت من الذاكرة سيرة الروائي السوري حنّا مينة في باولا، فهنا يبدو الشبه أشدّ وأكثر وضوحًا في قدرتها الكبيرة على السرد والوصف، وتجسيدها لعدد هائل من الشخصيات في حياتها بأسلوب قصصي مميز، إضافة إلى بساطة اللغة، وما زادها جمالًا قدرة المترجم على إيصال ذات المعنى المضمّن في اللغة الأم للرواية
لستُ أُخفي رغبتي المقترنة بأملي في أن يكونَ هذا الكتابُ- السيرةُ الذاتيّة نوعاً من مرجعيّةٍ تخدمُ طيفاً واسعاً من القرّاء المُحبّين للأدب والفلسفة، وقبل هذا أولئك الّذين يّحرصون على متابعة نتاجات الكُتّاب ذوي الإشتغالات المعرفيّة الكثيرة و المشتبكة مع بعضها و الّذين يصلحُ وصفهم بِـ (الهايدرا المعرفي ّة) كما وصفتْهم إحدى مقالات هذا الكتاب، و تملأني رغبةٌ جامحةٌ في أن يكون هذا الكتابُ بمثابة مرثيّة وداعٍ جميلةٍ لكاتبٍ سيثْبِتُ مع الأيّام أنّ أعمالهُ- وبخاصّة الفلسفيّة منها- تستحقُّ الإشادة الكاملة و التقدير الواجب و بطريقةٍ تليقُ بكاتب وفيلسوف إنكليزيٍّ متفرّد تمرّدَ على التّقاليد الثّقافيّة الأنكلوسكسونيّة والفرانكوفونيّة السّائدة وَإمتلك رؤيةً بطوليّة لعصرنا ولم يتخاذل أمام الصّعاب وحافظ على روح التفاؤل الشّجاعة تحت أقسى الظّروف حتّى غدا رمزاً يستحقُّ البحث المُعمّق و القراءة الجادّة
الممثل الذي لامس تخوم العبقرية، وتخطاها، كان مخرجاً لامعاً مُجدداً، حدد من خلال عروضه جماليات الإخراج في القرن العشرين، ورأى كثير من النقاد والفنانين، أن ستانيسلافسكي المخرج صار من الكلاسيكيين في سيرورة مسرح موسكو الفني والمسارح الأخرى، ومعرفته العميقة بسيكولوجية الممثل، وخبرته المسرحية العملية، أعط ته إمكانية الكشف عن مكنون النصّ، الذي يسمح لكل مؤد، بأن يُعلن عن نفسه، وعن فرادته، وبالتالي عن ذاته كمبدع، ما كان يردد، ولم يتعب من ترديده أبداً، ضرورة تجسيد حياة الروح الإنسانية، ولم يخلُ عمل من أعماله الإخراجية من الجمال الحقيقي للعلاقات الإنسانية، وفي السياق نفسه، كان يصرّ على إبراز الوعي العميق للوضع التاريخي أو المعاصر، الذي تحركت في إطاره، وعاشت وعانت وكافحت وأحبت شخصيات البطلة، سواء كانت تراجيدية أو كوميدية. لم يكن ليتجاهل ما ندعوه اليوم بالإرشادات المسرحية، التي يبثها المؤلف في ثنايا مسرحيته، كان يسعى إلى ترجمة كل ملاحظة، من ملاحظات المؤلف، إلى لغة المسرح، تسعفه في ذلك الفانتازيا المجنحة، التي لا حدود لها، متجاوزاً الحواجز كلها في الفضاء المسرحي، وفي الزمن أيضاً، تستوي في ذلك موسكو نهاية القرن السادس عشر، أو قبرص، حيث جرت تراجيديا عطيل، أو القرية الروسية، أو المدينة، أياً كانت طبيعتها، كل هذا كان قريباً من ستانيسلاسفكي المخرج، ولم يكن على دراية بالعوالم الداخلية للممثلين فحسب، وإنما بكل تفصيل من تفاصيل آلية المسرح، ولم يكن يهمل أي جزء من أجزاء العرض، أو يؤجل البت فيه. وفي كتابه (حياتي في الفن)، يتحدث ستانيسلافسكي عن الديكور والملابس والإضاءة والموسيقى والإكسسوار، ويؤكد أنها كلها تخضع لسيطرته.
أنا مجموعة أفكار ناقصة، لم أهتد إلى ناقلها، ولا إلى زمانها أو مكانها، قيلت ولم أكن منتبهاً لها، فقد كانت ممارسات لم أعد أتذكرها كاملة، ولكنها كانت من الوضوح ما جعلتني أسير في ضوئها حتى وأنا في غارب العمر. ما السبب الذي يجعل حياة شعبية عابرة مثلها مثل حياة الآلاف من أبناء القرى مميزة كي أكتبها، أو أتذكرها مع العلم أنها لم تتشكل وحدها؟. كنت في قرارة نفسي الشابة أن أجد بعض الملاذات الصغيرة لأحتمي بها، فعشت وحيداً بأفكاري ووحيداً لأسرتي، لذا لم يكن أي محاور أتحاور معه، الأم التي تفرح بأية كلمة تصدر مني حتى لو لم تفهمها، والأب الذي يقودني تحت عباءته كل ليالي رمضان كي أستمع لحكايات ألف ليلة وليلة التي يحكيها حكواتي القرية المرحوم عبيد اليوسف، ومع ذلك بقي حواري داخلي أفاجئ به زملائي في المدرسة وبعض المعلمين أيضاً عندما كنت أقول إن واحد زائد واحد يساوي واحد، وعندما كنت أقول إن الأرض كروية وتدور فيجيبني أصدقائي أن باب بيتنا لم يتغير مكانه حتى تلك الفتاة التي أحببتها عندما أقول لها إن الحب قصيدة لا تفهم معنى أن تكون العلاقة بيننا قصيدة
وهو مجموعة من المقالات نشرها الراحل خلال اكثر من أربعة عقود من مسيرته المهنية.. وشخصية خلف الدواح هي الشخصية المحورية لكتاباته. في بيئة ريفية في محافظة واسط قضاء الحي ولد- شمران يوسف الياسري في نهاية عشرينات القرن الماضي
للمرة الأولى منذ مغادرته لقصر الإليزيه ، يتحدث فرانسوا هولاند عن تجربته ويعبر عن رأيه فيها إنه يستخلص الدروس والعبر الإنسانية والسياسية من تجربة فريدة . كيف يعيش رئيس البلاد حياته اليومية ؟ كيف يمجسم القرارات في اللحظات العصيبة والحرجة ؟ كيف يتصرف على المسرح الدولي ؟ كيف يتخذ القرار في سبيل إعادة إنعاش البلاد ، ومواجهة تدني الشعبية وعدم الفهم وسط المقربين منه وعائلته السياسية ؟ في مواجهة المحن الدموية التي ضربت بلادنا ، يعبر عن مشاعره الحميمية ويقاسمنا ، من خلال وصف شخصية القادة الرئيسيين في العالم ، التحديات الكبرى التي تواجه الكوكب . ويبدي وجهات نظر وآراء حادة حول الأزمة التي تضرب الديمقراطية الأوروبية وحول مستقبل اليسار الاصلاحي . في حياته العامة ، كما في ثنايا حياته الخاصة ، يعترف بأخطائه ويعبر عن ندمه على بعض المواقف من دون تهور ، ولكن أيضا من دون مواربة . ثم يكشف عن الأسباب التي قادته إلى الامتناع عن الترشح لولاية رئاسية ثانية ، ويتحدث بالتفصيل عن العلاقات المعقدة التي تربطه مع إيمانويل ماكرون . يعد هذا الكتاب وثيقة نادرة حول ممارسة السلطة والتي سوف يقرأها بشغف كل مواطن وكل قارئ متشوق المعرفة التجربة الإنسانية لكبار القادة.
فى الرواية ينقل الراوى جان بلومارت رد فعل صديق طفولته مارسيل تجاه كلمة ( ثورة) يقول "كانت محاولة تغيير أى شىء فى العالم أو الحياة بلا معنى، لقد كانت الأمور سيئة بما فيه الكفاية دون أن يتدخل الإنسان بها. لقد دافعَت بشكل متطرف عن كل ما أدانه عقلها وقلبها: الأب، الزواج ، الرأسمالية لأن الخطأ لا يقبع فى المؤسسات بل فى عمق كياننا. علينا أن ننكفئ على أنفسنا ونكون أصغر قدر المستطاع. فمن الأفضل أن نرضى بكل شيئ على أن نبذل جهداً محكومٌ عليه مسبقاً بالفشل".
يتحدث هذا الكتاب أو الرواية الصادرة حديثاً والمبنية على أحداث حقيقية لمؤلفة أفضل الكتب مبيعاً وفقاً للنيويورك تايمز، ديانا كليهاني، عن الأميرة ديانا وعن حادث السيارة الذي وقع لها عام 1997 والذي أدى إلى وفاتها المأساوية. بينما ينتظر العالم أخباراً عن مصير الأميرة ديانا بعد الحادث الذي سببه المصورون ا لمرتزقة تستيقظ ديانا من غيبوبتها لتكتشف أنّها نجت من الحطام ولكن وجهها المشهور الذي كان هدف كل الكاميرات في العالم تغيّر إلى الأبد. وبالاستناد إلى أحداث حقيقية أتت الرواية المتخيلة لحياة ديانا بعد الحادث أنيقة ونابضة بالحياة تجمع قصص الماضي وما سيحصل معها في المستقبل كأيقونة وحبيبة وأمّ الملك المستقبلي. عملت ديانا كليهاني، مؤلفة كتاب (ديانا: أسرار أناقتها)، كمُعلقة على أخبار العائلة الملكية لصالح محطة ال (سي. إن. إن.)وبرنامج (أكسيس هوليوود) و(سي. بي. إس. نيوز). كتبت عن المشاهير والثقافة العامة في مجلة فانيتي فير وفوربس وبيبل. عملت كمراسلة أمريكية لصالح مجلة بريتش هيرتيدج. تناولت في عمودها الأسبوعي (لانش) على موقع أدويك المشهد الإعلامي في مانهاتن. ساعدت في كتابة أفضل الكتب مبيعاً وفقاً لمجلة النيويورك تايمز ويحمل عنوان (أوبجكشن)، وحررت مجموعة (أحبك يا أمي) أفضل مجموعة مقالات وفقاً للنيويورك تايمز أيضاً
نصف قرن من الأحداث يسردها بطي في كتابه بحساسية أدبية وسياسية. وبلغة سلسة صافية. وليس غريباً على رجل أمضنى سنين عمره في ميدان الكتابة الصحفية. وخاض حروباً طويلة وشاقة في ميدان (مهنة المتاعب). فاكتسب عبر هذه الممارسة الطويلة أسلوباً يعنى برشاقة العبارة. وبلاغة الجملة. وسلاسة المفردة.. وهاهو الآن يقدم كتابه لا من باب التباه والتفاخر. بل من موقعه كشاهد عاصر الأحداث. وراح يختزنها في ذاكرته الخصبة التي تتدفق الآن. بعد أن بلغ من العمر عتياً. يعود كشيخ وقور يضج بالحكمة والخبرة. إلى ذلك الأرشيف المخبوء في ثنايا الذاكرة ليستحضر منه محطات مشرقة واخرى مظلمة في تاريخ العراق وانعكاساتها على حياة العائلة. وعلى رفاق الدرب وما أكثرهم في هذه الصفحات.
قد تناولنا في هذا الكتاب تجربة اليمن الديمقراطية الشعبية منذ 30 نوفمبر 1967 وحتى مايو 1990م بسلبياتها وإيجابياتها كما تحدثنا عن الرؤساء في الجنوب الذين حَكموا في تلك الفترة وليس الهدف من ذكر هذه الأحداث التي مرت بمثلها شعوب كثيرة إلا الإستفادة من دروس وعبر هذه التجربة بسلبياتها وإيجابياتها. وذلك بهدف إطلاع القارئ والمواطن والباحث على هذه التجربة التي كانت خلاصة وعصارة تجربتنا من محافظ إلى رئيس. نتصالح ونتصارح ونتقاتل ونتسامح ومن ينجو من لحظات العنف والتطرف أثناء الأحداث فتكتب له الحياة... أما الشهداء في هذه الأحداث فلهم الجنة ويمنحون الأوسمة والميداليات ولكن بعد الممات، وهذه رسالة لشباب المستقبل الذي قاد عملية التصالح والتسامح ولكل الأجيال القادمة
ينقسم هذا الكتاب إلى جزأين. الجزء الأول عن فترة الحكم الذاتي بين 1970 و 1974 والتحاقي بالحركة المسلحة التي اندلعت إثر فشل المفاوضات بين القيادة الكردية والحكومة العراقية في آذار 1974 لحين انهيارها في آذار 1975. الجزء الثاني يتناول الفترة منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي، تحديداً منذ بداية عملي في جريدة «الحياة» اللندنية عندما جعلتني الصدفة أتحول من صحافي إلى لاعب» القضية الكردية، وهو دور لم أخطط له أو أطمح إلى ألعبه بل هو دور شاءت الصدف أن ألعبه وأستمر فيه بشكل أو بآخر حتى توقيع اتفاق واشنطن برعاية أميركية في أيلول 1989 بين زعيمي الحزبين الكرديين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكردستاني والديموقراطي الكردستاني، وهو الاتفاق الذي أنهى رسمياً الاقتتال الداخلي وأعادة توحيد الإدارة الكردي
نشر الدكتور زين العابدين عبد الكلام هذه المذكرات (رحلتي: تحويل الأحلام إلى أفعال) في كتاب صغير عام 2013 ، ويمكن النظر إلى هذا الكتاب- المذكرات على أنه إستذكارات جميلة لتفاصيل صغيرة لم يأتِ عبد الكلام على ذكرها في سيرته الذاتية المنشورة في كتبه السابقة ومنها كتابه الشهير (أجنحة من نار)، نستشعر في هذه المذكرات ذلك الحس الروحاني السامي إزاء الناس والطبيعة والزمن كما نتلمس العاطفة الجياشة التي تملأ روح الكاتب وعقله وهو يأتي على ذكر تفاصيل من طفولته وصباه ساهمت في تشكيل وعيه المبكر وشخصيته الإيثارية ذات الطموحات الملحمية العابرة للذات والساعية لتكريس الهند كقوة عظمى على الساحة العالمية. تمتاز هذه المذكرات بغلبة الطابع الحميمي فيها وتركيزها على الجوانب الإنسانية النبيلة التي تعدّ ضرورة لازمة تفرضها متطلبات العيش وإدامة الحياة في البيئات الفقيرة من العالم، يؤكد عبد الكلام هنا على القيمة العليا للجوانب الإيثارية الرائعة التي حازها شخوص كثيرون في حياته إبتداء من أبيه التقيّ وأمه وأخته وإبن عمه وحتى بائع الكتب في مدينة مدراس وإنتهاءً بالعلماء الكبار الذين عمل معهم في وقت لاحق من حياته المهنية.. يكتب عبدالكلام عن عطاء الروح دون انتظار مقابل: (تطلّع في الزهرة وهي تنشر بكرمٍ عبيرها الفواح وعسلها الشهي، هي تمنح الجميع بركاتها المجانية النابعة من جوهر روحها المتسربلة بالحب، وعندما تنتهي من عملها ترتمي على الأرض في هدوء كامل. إجتهد بكل قدرتك المتاحة أن تكون مثل الزهرة التي تمنح من غير مقابل رغم عظمة ماتحوزه من صفات.
يعد الدكتور بهنام ناصر نعمان أبو الصوف (1931 - 2012) من أساطين الجيل الثاني للآثاريين العراقيين المرموقين في المحافل المحلية والعربية والدولية وقد اقتفى خطى اساتذته الكبار من جيل الرواد في مجال الآثار وفي مقدمتهم العلّامة طه باقر والاستاذ فؤاد سفر وآخرين سعوا حثيثاً من اجل بناء خبرات عراقية للنهوض ب قطاع الآثار الناشئ والذي لبث على مدىً طويل موكولاً لمنقبين وإداريين أجانب. هذا الكتاب ربما من المؤلفات القليلة التي تضمّها المكتبة العراقية لعالم آثاري بمكانة الدكتور ابي الصوف، حيث يضم بين دفتيه سرداً شيّقاً لحياته، ما بين نشأته في مدينته العريقة الموصل وتفصيله لجوانب من الحياة الاجتماعية فيها خلال النصف الاول من القرن المنصرم، وبعدها انتقاله الى بغداد، التي استغرقته دراسةً وعملاً وحياةً عائليةً. سيجد القارئ ايضاً شهادة نزيهة وحيّة عن جهود الآثاريين الرواد في القرن المنصرم، وتكتسب هذه الشهادة أهميتها من كونها تقدم منهاج عمل رصين مسند بالخبرة النظرية والميدانية للمعنيين في قطاع الآثار العراقي، بغية تطويره وتمكينه من استعادة عافيته وحضوره السابق، ليكون بحق امتداداً للمدرسة الآثارية العراقية التي مثلت احد أبرز وجوه الجانب العلمي المشرف لعراق الحضارة والتاريخ.
إذا كانت البئر تحتاج إلى ماء، وإذا كان السلاح يحتاج إلى ذخيرة، وإذا كان القبر يحتاج إلى بكاء، وإذا كان العرس يحتاج لأهازيج.. فإن الكتابة بحاجة إلى موهبة وإلى صبر، وإلى رغبة، وإلى معاناة. منذ صغري كنت اقرأ لمحمدأخي.. اقرأ ما يكتبع وما ينشره.. وكنت أتمنى أن أكتب مثله، ولكن لم أكن أملك موهبته، ولا صبره، ولا معاناته.
الكتاب، هو ذكريات ابن، ملأى بالحنين، عن أبيه في خريف عمره، دوّنها عندما بلغ هو نفسه هذه المرحلة من العمر، عمراهما المتقدمان أنتجا، بشكل مؤثر، مزيجاً مؤثراً من الحنين للماضي. غلب على كتاب "أبي رينوار" طابع المرح واتسم أحياناً باللهجة الفظة، التي ميّزت أفلام ما بعد الحرب لجان رينوار، أكثر مما اتسم بالجدّة النقدية لأفلامه العظيمة، مثل "الوهم الكبير" و"قواعد اللعبة" لكن حين يبلغ الكتاب زمن أحداث الحرب الأولى، يأخذ طابعاً أكثر مباشرة، ربما لأن جراح جان التي أصيب بها في رجله، جعلته يتعاطف أكثر مع حالة أبيه الصحية. لا يمكن للمرء أبداً ان ينظر ثانية بلا مبالاة إلى رسوم وبورتريهات رينوار، بعد أن يقرأ ذكريات جان عن معاناة أبيه الكارثية من مرض الروماتزم، بالرغم من عجزهن فإن رينوار نادراً ما توقّف عن الرسم. إنه وصف مثير للمشاعر، ذاك الذي يصف فيه جان محاولات أبيه المبكرة في تفادي مرض الروماتزم، الذي شلّ في النهاية يديه، عندما كان يلعب البيلبوكية (لعبة كرة القَرْن)، وحين لم يعد هذا ممكناً صار يستخدم جذعاً خشبياً ناعماً.
ترافقتْ موسيقى المايسترو الكبير انيو موريكوني مع فكرة أفلام الوسترن. غالبا ما يُعَدّ موسيقي الأفلام الأعظم والأوسع شهرة في العالم بموسيقاه الخلّاقة لأفلام مثل "حفنة دولارات"، "الطيب، الشرير، والقبيح"، "كان يا ما كان في الغرب"، "كان يا ما كان في أمريكا"، "المهمة التبشيرية"، و"سينما باراديزو". قضى موريكوني ستين عاما في تجديد صوت السينما. في "سعيا وراء الصوت"، يتبادل المؤلفان الموسيقيان انيو موريكوني واليساندرو دي روسا أحاديث دامت أربع سنوات عن الحياة والموسيقى والطرق المدهشة وغير القابلة للتنبّؤ التي تواصلا بها وأثّرا في بعضهما البعض. في هذا الكتاب يفتح موريكوني للمرّة الأولى باب مختبره الإبداعي ليقدم وصفا وافياً وثرياً لحياته، من سنواته المبكرة في الدراسة الى المشاركات المتميّزة مع أهم المخرجين السينمائيين الايطاليين والعالميين، بما فيهم ليوني، بازوليني، برتولوتشي، تورناتوري، مالك، ستون، وبولانسكي. النتيجة كانت كما عرّفها موريكوني بنفسه، «هذا الكتاب هو بلا أدنى شك الأفضل الذي كُتِبَ عني، الأكثر أصالة، الأكثر إسهاباً وحسن تنظيم. الأصدق.» خلال حياته المهنية الطويلة والمتميّزة، أثبتَ انيو موريكوني على الدوام كونه واحدا من المؤلفين الموسيقيين الأكثر سعة خيال واستثنائيةً في تاريخ السينما. يكشف هذا الكتاب الشخصية القوية وراء عمله الرائع وسيكون من المجزي قراءته لأي أحد مهتم بسحر الموسيقى في الأفلام.» جون ويليامز «أنا بالمطلق أكنّ احتراما كبيرا جدا لأخي انيو وسأكون دائما واحدا من أشدّ معجبيه. حين كنت أدرس في فرنسا، كانت معلمتي ناديا بولانجيه تقول دائما إن «موسيقاك لا يمكنها أن تكون أبدا أكثر أو أقل منك كإنسان،» وأنا أؤمن بحق أن لهذا السبب موسيقى انيو هي مميّزة جدا: هو ببساطة إنسان عظيم! انيو هو التعريف الدقيق لكلمة «أصالة» ومؤلفاته هي مثل نافذة في عقله: الجميل على نحو مذهل والعبقري!» كوينسي جونز.
في العراق يحتاج الصحفي الـمُجدّ والمثقّف إلى أن يستدخل شيئاً من أخلاق رواقية تنأى عن التراجيديا ولا تتبنى الآمال ولا اليأس بل تثابر بتقليل الألم، وعدم الابتلاء بمرض الإنجاز والدخول بسباقات متهورة. إذا ما كان المرء صحيح القلب والعقل فإنه ما إن ينجو حتى يكون عليه أن ينسى. وبافتراض إنه لا ينسى، والآلام لا تُنسى، وطموحات الشباب المغدورة تظل تلدغه حتى بوصوله لعمر الشيخوخة، فسيكون سجين آلامه وآماله المحبطة إذا لم يقاومها بالفكاهة. أنا وقلة من الأصدقاء الموهوبين استبدلنا أحزان الشفقة على النفس بالقدرة على الاختراعات، وبناء صيدلية تحوّل السم الذي يفور في أمعائنا إلى ترياق.
كانت هنالك على الدوام تلك الصرخة التي استطعت أن أسمعها ، الصرخة التي بدت لي صادرة عن شخص آخر ، الصرخة في وجه شيء ما لم أستطع أن أتذكر وجهه قط ، على الرغم من أنني كنت قادراً على الشعور بحضوره الخبيث - صرخة تلو الأخرى في الظلام ، في قلب الوحدة المطلقة . ثم فجأة كان النور . كان هنالك أشخاص يلاطفونني ويضعون كمادات باردة على رأسي لأنني كنت ما أزال عالقاً في شراك رعبي . سمعت أصواتهم المطمئنة تخاطبني : « اهدأ ، اهدأ يا شارلي . كل شيء على ما يرام . استيقظ ؟ استيقظ ! . » ا كانت أصوات أناس ، أناس حقيقيين . لم أعد وحيداً . أصبحت قادراً على فتح عيني والابتسام لأنهم كانوا ، جميعاً ، حولي - جدتي ، والدة جدتي ، والدتي ، بل وفي بعض الأحيان والد جدي . أما سيدني ، شقيقي الأصغر ، فكان جالساً في سريره ، يحدق بي وعيناه ترمشان بذهول . كنت وسيدني مختلفين للغاية . فقد بدا أفضل استعداداً مني لمقاومة الوحدة . كان ، في الواقع ، أكثر استقلالاً . فعندما كان في الثانية من عمره ، أحسّ ، ذات يوم ، بالضجر من المنزل فخرج منه بكل بساطة . وقد تم العثور عليه فيما بعد يتجول حول الكتلة السكنية التي نقيم فيها . أما أنا ، فلم يكن لي أن أتصرف على هذا النحو أبداً . ' لكن كان هنالك شيء واحد مشترك بيننا . لقد كنا عنيدين . كان سيدني يتمتع بنوع من العناد يجعله صعب المراس ، فيما يتميز عنادي بالهدوء .