لا يعمل المؤلف، وهو يصف الأحداث الحقيقية، في فراغ. إن نقده للأحداث التي تتسبب في (أو أحياناً تمنع) حدوث نتائج مثيرة، يعتمد على أعمال من سبقوه، ابتداءً من الكتبة اللاتينيين القدماء إلى المراسلين الصحفيين في وقتنا الحاضر، على الرغم من تعرضهم إلى محاولات التقليل من شأنهم أو قمعهم في كثير من الأحيان. وم ع ذلك، فقد تم سرد كل شيء جرى بعد الحدث! يمكن مقارنة التأثير التاريخي الذي أحدثته بعض الأحداث، على الرغم من أنها كانت صغيرة نسبياً، بتأثير المعارك الضخمة التي لا تزال تختزنها الذاكرة الحديثة. وعلى سبيل المثال، في حين أن معركة غابة تويتوبورغ، الحاسمة بين الألمان والرومان التي جرت وقائعها في سنة 9 م شهدت مواجهة بين حوالي أربعين ألف محارب قاتل بعضهم البعض الآخر، لكن معركة موسكو في عام 1941، شهدت تدمير أربعين ألف مدفع، وموت الملايين من الجنود. ومع ذلك، وسواء كانت تلك الأحداث كبيرة أم صغيرة، فإن كل واحد منها شكل منعطفاً تاريخياً. لقد طلبت النصيحة من المؤرخين البارزين في الوقت الحاضر لتوجيهي في خياري. واعتمدت على أعمال أخرى، مثل أعمال المؤرخ الروماني تاسيتس، فهي محفوظة جيداً ويمكن العثور عليها في المكتبات الرئيسية.
موضوعات وأطروحات شتى يعالجها هذا الكتاب في سياق السعي إلى تعميق الرؤية البصرية وإثرائها في الثقافة العربية المتعطشة إلى المزيد من الأنساق النظرية الضرورية لدعم الحركة التشكيلية التي بلغ تراكم نماذجها المائزة حداً متقدماً قصر عنه الدرس النظري الموازي أو المضافر الداعم في سبيل جعل التواصل مع الفن التشكيلي تقليداً راسخاً في المشهد الثقافي الراهن. حركة الصورة من المجاز إلى توضّعها المادي، ومن الانتفاع بها في سياق جعل استعراف الشيء بصرياً مقدمة لامتلاكه. والجدل بشأن الحاجة إلى الصور ومتعة تأملها، ومحاولات شحن اللوحة بالمزيد من الحمولة الاجتماعية.. وإشكالية العلاقة بين اللوحة بوصفها جزءاً من العالم المرئي والآليات التخييلية التي تنتج حالة مزدوجة من اتجادل والتواصل العميق بين العالمين المرئي وغير المرئي. وخصوصية الضوء في الثقافة العربية، عتبات يامل الكتاب أن تمكن القارئ من تجاوزها باتجاه تلك \"الرؤية المضاعفة\" الرتجى وضعها في حيز الإنجاز.
حصل مرة أن راح زوسكيند ينقب في الكتب بحثاً عن مادة يوظفها في كتابة سيناريو لفيلم يعمل عليه وأنتج عام 2005، فقاده البحث المضني للبحث عن سؤال جوهري لطالما شغل البشرية واالفلاسفة منذ أزمنة بعيدة : ( لماذا الحب متصل بالموت وعلى نحو جوهري لا فكاك منه ، منذ القديم وحتى يومنا هذا ؟ ) و هنا كانت نقطة
صدر عن دار المدى كتاب "عن الطبيعة البشرية" للفيلسوف والروائي الإنكليزي روجر سكرتن الذي ألَّف اكثر من ثلاثين كتابا في مختلف فروع الفلسفة: من فلسفة الجمال إلى فلسفة السياسة، مرورا بفلسفة الثقافة، وفلسفة الاجتماع، وفلسفة الدين. ويتكوَّن كتاب "في الطبيعة البشرية" من مقدمة وأربعة فصول (الفصل الأول: الجنس البشري، الفصل الثاني: العلاقات البشرية، الفصل الثالث: الحياة الخلقية، الفصل الرابع: الإلزامات المقدسة)؛ فيكون الكتاب بذلك دائرا على أربعة مباحث فلسفية: "الأنثربولوجيا الفلسفية"، و"الأنطولوجيا الاجتماعية"، وفلسفة الأخلاق وفلسفة الدين. ترجمت الكتاب الى العربية رشا صادق.
لاأظنّ أنّ أحداً سيتخالف معي بشأن قلّة الأدبيات الخاصة بمبحث علم المستقبليات Futurology في عالمنا العربي، وربما يمكن للمرء بعد طول تفكّر في هذه الحقيقة أن يخلص إلى قناعة بأننا نفكّر ليومنا بأكثر ممّا نفكّر في مآلات الغد. قد يرى بعضٌ أننا لسنا لاعبين مؤثرين في الجغرافيا السياسية للعالم؛ وعليه فليس من ضرورة ملزمة لأن نتفكّر في مآلات عالمٍ لانساهم في صناعته وتشكيله لأنّ هذا الأمر إختصاص حصري لكبار اللاعبين السياسيين وعمالقة العلم والتقنية في العالم. أرى أنّ هذا الرأي فاسدٌ يجانب أمثولات التأريخ وحقائق الجغرافيا السياسية، وينطلق من قناعات راسخة إستطابت واقع الحال وفترت عزائمها على النهوض بواقعها –مهما بدا عصياً على التغيير–؛ فالأمم –كما الأفراد– تستطيع إحداث إنقلابات جذرية في أحوالها متى ماامتلكت الرؤية والرغبة في التغيير، وليس مثال رواندا عنّا ببعيد. إنّ العالم العربي، وبرغم كلّ الصور الأقرب إلى العوالم الديستوبية، يحفل بالكثير من البؤر المضيئة والمحاولات الجادة التي تتطلّع لأن تكون مثاباتٍ عالمية في مستقبل لاأحسبه بعيداً عن يومنا هذا. ثمّة أمرٌ آخر بشأن أهمية المباحث الخاصة بالدراسات المستقبلية: المعرفة تسبق الفعل، وهذه حقيقة أظنها تصحّ في كلّ المجالات؛ وعليه إذا أردنا أن نرتفع بوتيرة تطورنا العلمي والتقني لابدّ من معرفة مآلات التوجهات العلمية والتقنية الحالية والتي سيكون لها الأثر الأعظم في تشكيل صورة العالم في المستقبل القريب. هنا تلعب الدراسات المستقبلية دوراً حاسماً في إعادة ترتيب أولويات الإنفاق الإقتصادي على القطاعات التي يُتوقّعُ أن يكون لها الأثر الأعظم في تمكين الإقتصاد وتعظيم دور الفرد والمجتمع معاً. لاينبغي أن نتناسى بالطبع أنّ بعض جوانب التطوّر العلمي والتقني الحالي والمستقبلي تنذرُ بمفاعيل مهدّدة للحياة البشرية –وربما بلغت مبلغ الكارثة–؛ وعليه سيكون من المناسب –بل الضروري للغاية– معرفة الوسائل التي تتيحُ لنا تفادي مثل هذه المخاطر المعوّقة؛ فنحن –العرب– في النهاية جزءٌ من هذا العالم ولسنا سكّان جزيرة معزولة، والكوارث المستقبلية –إن حدثت– لن تستثني أحداً لأنها كوارث عالمية الطابع globalised بالضرورة.
إن تاريخ أية أمة من الأمم قد لا يخلو عبر مسيرتها التاريخية الطويلة من أحداث تتصف بالعنف والقتل والظلم والدمويّة والسلوك العدواني لأن مثل هذا السلوك وما يرافقه من عنف وتطرّف ودمويّة لدى الإنسان يكاد يكون صفة ثابتة معروفة وموجودة في تاريخ المجتمعات البشرية كلها. إن ما نجده في تاريخ العراق منذ أقدم العصور وحتى الآن هو أمر مختلف، فهذا التاريخ لا يزدحم بأحداث العنف الدموي والظلم والقسوة الشريرة فحسب بل إن تلك الأحداث والوقائع التاريخية المشحونة بالعنف الدموي تميل على نحو ظاهر للاتصاف بالمبالغة والتطرّف والتصعيد اللامعقول في أداء هذه المعاني جميعاً والإيغال في تطبيقها وممارستها إلى الحد الأقصى، أي المبالغة بالعنف الدموي والمبالغة بالقسوة والظلم والمبالغة في الشراسة والدمويّة خلال التعامل مع القضايا والنشاطات الإنسانية بمختلف أشكالها ومستوياتها. قدمت الأساطير العراقية تفاصيل غزيرة جداً عن الاستبداد الذي مارسه جلجامش على سبيل المثال وصاغت شخصيته أنموذجاً أدبياً، ملحمياً رفيعاً، صاغ أصل الملحمة في التاريخ وتعاملنا مع ظواهر الظلم الاجتماعي والعنف كتمظهرات أولى لهذه الظاهرة المميزة لحضارة العراق القديم والتي كانت الآلهة وخصوصاً البانثيون العراقي هم مصدر الحروب والتدمير والتعسف والعنف، وهذا أمر مثير للدهشة لأن المقدس هو الحامي الروحي والمولّد للأمان النفسي، واستطاع من خلال طقوسه وشعائره وثقافته اللاهوتية، والكهنة الأكثر مهارة بدورهم المركزي في تكريس نظام الآلهة والاعتراف به.
إن «الشرق الكبير» بالنسبة إلى روسيا اليوم هو إحدى وخمسون دولة شريكة في منطقة المحيط الهادئ والشرقين الأدنى والأوسط وآسيا الوسطى والجنوبية، ولا شك أن هناك تبايناً في دور كل من هذه الدول الخاص في سياسة روسيا الاتحادية الخارجية، فهناك دول يؤمها الكثير من الأثرياء الروس للاستجمام، وهناك شركاء استراتيجيو ن، تتميز العلاقات معها بعمق خاص وبمغزى كبير. يسلط هذا الكتاب الضوء على أهم اتجاهات سياسة روسيا الخارجية وإنجازاتها في «الشرق الكبير»، والكتاب يستند أساساً إلى الوقائع والأحداث، التي جرت في ولاية بوتين الثانية (2004- 2008)، وقد وضع الكاتب نصب عينيه تحقيق ثلاث مهام: الكشف عن الخصوصية المعاصرة لسياسة بوتين في الشرق (بحسب البلدان والأقاليم). تعريف القارئ بأسلوب مبسط بعض قضايا سياسة روسيا الشرقية في بعض المناطق (الأكثر تعقيداً)، بما فيها بشكل خاص: مسألة ما يعرف بــ«الترانزيت العربي» لروسيا، ومعضلة بوتين الإيرانية، بالإضافة إلى الإمكانيات والتحديات التي تواجه روسيا في سياستها تجاه الصين، كذلك محاولة استقراء السيناريوهات المحتملة لتطور السياسة الروسية في الشرق في عامي 2007- .2008
كتاب عين الزهور -سيرة ضاحكة بقلم بو علي ياسين لقد تقصدت أن تكون السيرة ضاحكة، غير متحرج من الضحك حتى على نفسي. ذلك لأنني رغبت مرة أن لا يزيد مع الزائدين بؤسي وغمي على بؤس القراء وغمهم. فللحياة، كيفما كانت، وجهان: وجه عابس طاغي الصورة والصوت، ووجه باسم خجول. في الأحوال العادية لحياتنا يختفي الوجه الباسم وراء الوجه العابس، بقدر ما تتغلب العلاقات الطبقية الكريهة على علاقات التعاون والتضامن والتآلف الإنسانية. فإذا كانت الأمور هكذا، قلت لنفسي، لماذا لا أقوم –على مبدأ السحر- بقلبها ثقافياً؟ وهكذا فعلت، فقمت قسرياً بإبراز الوجه المشرق الضحوك ما منع قط معرفة ولا قصّر في تقديم فائدة، ومع ذلك فهو الجميل والأليف والمحبوب. أردته أن يضحك تيّمن الإيحائي بالخير وتسلّح العلمي بما يعينه على صنع حياة أفضل.
يهدف كتاب "فعل العمارة... ونصّها: قراءة في عمارة الحداثة... وما بعدها" إلى تجسير الهوة بين الفعل المعماريّ المتحقّق، وبين مستغلّي هذا العمل ومتلقّيه، وصولاً إلى تبيان قيمته وأهميّته المعرفيّة. من ناحية، ومن ناحية أخرى، إثراء معارف المستخدم والمتلقي لذلك الفعل بدرايات إضافية، يشتمل الكتاب على ثلاثة فصول، تضمَّنت مواضيع معماريّة شتى، إنها تسعى وراء إضاءة منجز معماريّين مهمين، يرى المؤلِّف في مقاربتهم التصميميّة أهميَّة خاصة، أغنت المشهد المعماريّ بتصاميم مميّزة. كما يعرض الكتاب "مروحة" واسعة لنماذج معماريّة مستلّة من البيئة المبنيّة، وقضايا مهنيّة متداولة في الخطاب، وفي كلّ الأحوال يحرص المؤلف على تقديم نصوصه، للقارئ، ناظراً إليها نظرة خاصة، نابعة عن قراءة ذاتية، تشي بأنَّ المنجز الإبداعي يستبطن وجهات نظر عديدة، مثلما يكتنز قراءات متنوّعة، بمعنى آخر، يتوق مؤلِّف الكتاب، لأنَّ تكون قراءته للنماذج المعماريّة المصطفاة، حافزاً لقراءات أخرى، يمكن لقارئ الكتاب أنْ يجترحها أو يستدل عليها.
إن الدراسة النقدية العميقة للتصورات المختلفة التي رسمها الغرب المسيحي في تفكيره حول الشرق، والشرق الإسلامي خاصة، تجد جذورها دائماً، وبشكل مثير، في إرث فلسفي ولاهوتي عتيق وقاتم، قائم في الجوهر على إفتراضات ذاتية مؤسسة عن سبق إصرار بدورها على بعض المعلومات الإنتقائية دائماً والشوهاء غالباً، وخلاصة ذلك الإرث، إن الغرب كعالم متحيز ومركزية ذاتية، لم ينظر ولم يفكر بالشرق إلا بإعتباره "الآخر" أي "الغير" بل "الضد"، وبالتالي نسب إليه كل مثالبه هو ذاته، معتبراً نفسه كــ"ضدّ" هو أيضاً لذلك "الآخر"، ما أفضى إلى الإستنتاج بأن المركزية الذاتية الغربية تصورت الشرق وخاصة الشرق الإسلامي بإعتباره "الغرب مقلوباً"، وفي كل مميزاته وخصائصه ونواقصه كما لاحظ ذلك من قبل المفكر الفرنسي جان بول شار ناي.
كان البحث في تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني، بارتباطه مع الكومنتون، (الأممية الشيوعية) قد شدّ في عقد السبعينيات، اهتمام عدد من الباحثين الذين توفرت لهم فرص الاطلاع على أرشيف وزارتي الخارجية والمستعمرات في لندن، وعلى أرشيف الدولة الإسرائيلية والأرشيف الصهيوني المركزي في القدس. ومع أن تقدماً كبيراً قد أحرز على طريق كشف خفايا تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني؛ إلا أن تزكية النتائج العلمي التي تمّ التوصل إليها، بفضل هذا الجهد الجماعي، بقيت، في الواقع، مرهونة بتوفر فرصة الاطلاع على الأرشيف السري للكومنترن، باعتباره المرجع العلمي الأهم لدراسة تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني، وتاريخ مجمل الأحزاب الشيوعية، في الفترة الممتدة من تأسيس الكومنترن في عام 1919 إلى حلّه في عام 1943. فطوال تلك الفترة، لم يكن للكومنترن تحالفاً بين الأحزاب الشيوعية في البلدان المختلفة فحسب، بل كان كذلك حزباً شيوعياً عالمياً، يقوده مركز واحد، على أساس مبادئ المركزية الديموقراطية، وتحدد سياساته العامة المؤتمرات والاجتماعات الموسعة للجنة التنفيذية، التي كان يعقدها بصورة دورية. هذا وبعد اطلاع ما هو الشريف على ما جاء في ذاك الأرشيف عمد إلى إعداد كتابه هذا والذي اقتصر فيه على نشر كل المواد الصادرة عن الحزب الشيوعي الفلسطيني، أو عن قيادة الكومنترن بخصوص فلسطين، والتي حملت طابعاً سرياً، أو سرياً جداً في بعض الأحيان. وقد غطى الأرشيف الخاص بفلسطين الفترة ما بين عامي 1920 و1973.
الحب ليس مصادفة سعيدة، ولا هبة من القدر، بل هو فن رفيع يتطلب من الإنسان سعياً إلى الكمال الذاتي، وإبداعاً، وحرية داخلية. إن الحب الحقيقي المشبع بالقيم السامية ما زال نادراً، وذلك لأن الكثيرين ليسوا مهيئين له بعد، بل إنهم يخافونه؛ فهذا الحب يتطلب "روحاً حية" ، ونكراناً للذات، واستعداداً للفغل والقلق والاهتمام. كما أن عمق الحب، وكثرة أنواعه لا يتحددان بموضوع الحب وحده، إنما أيضاً بتهذيب القدرة ذاتها على الحب، وتطور الصفات الإنسانية لدى المحب.
الحب ليس مصادفة سعيدة، ولا هبة من القدر، بل هو فن رفيع يتطلب من الإنسان سعياً إلى الكمال الذاتي، وإبداعاً، وحرية داخلية. إن الحب الحقيقي المشبع بالقيم السامية مازال نادراً، وذلك لأن الكثيرين ليسوا مهيئين له بعد، بل إنهم يخافونه؛ فهذا الحب يتطلب \\\"روحاً حية\\\"، ونكراناً.