لأعترفْ من البداية أنني دخلت إلى الترجمة من الباب الخلفي. ولم يدُرْ بِخَلَدي أنني سأمارسها في يومِ ما بأية صورة. أوّلاً لأنني كنت أثق ثقة عمياء. بما كنتُ أقرأ من ترجمات يوم كنتُ وحيد اللغة. لكنْ بعد سنين طويلة من العيش بهذه الجزر البريطانية، ومتابعة اللغة ومداخلها، شرعت بقراءة نصوصٍ باللغة الأمّ وتع مدت أن تكون من النصوص المترجمة إلى العربية. كان همّي تعلّم اللغة لا ترجمتها. حتّى هذا الحدّ، وما كانت ترجماتهم موضع نقاش قطّ. المصادفة وحدها هي التي رمتني في هذه المعمعة الغريبة. فبعد أن أنهيت دراستي العليا في جامعة لندن، انتدبت لإلقاء محاضرات في الترجمة في دورة خاصة بإحدى الجامعات الأسكتلندية. أعددت العدّة وتأبطت بعض النصوص الانكليزية وما تيسر لديّ من ترجمات لها. ولأنني سأناقشها مع الطلبة، طفقتُ أقرأها بتمعن ومسؤولية هذه المرّة، آخذاً الحيطة لكل سؤال قد يعنّ بأذهان الطلبة. هنا تكشفت لي اجتهادات في الترجمة غير مستساغة تبلغ درجة الأخطاء. إنها أخطاء حقيقية لا يستقيم معها المعنى. صلاح نيازي
الشعر الروسي غور لا يسبر ولا يمكن أن يحتويه كتاب واحد بين دفتيه، شأنه شأن الشعر القومي في أي بلد يمتلك تراثاً شعرياً ضخماً. ومع شعورنا أن هذه المختارات غيض من فيض، فإننا عقدنا العزم على ترجمتها لتوفير انطولوجيا في الشعر الروسي الذي يشغل منزلة رفيعة بين عيون الشعر العالمي، ولإطلاع القارئ العربي على نماذج تعتبر- حسب رأينا - من غرره. القرن التاسع عشر هو الفترة الزمنية التي توخينا الترجمة لشعرائها، لكن وجدنا لزاماً علينا العودة إلى بداياته ومعرفة امتداداته القديمة التي لعبت دوراً كبيراً أو قليلاً في تطوره وبلورته. لذلك صارت «أغنية حملة إيغور» وأشعار البيليني والأشعار الدينية وبعض شعراء القرن الثامن عشر؛ نقطة البدء في ترجمتنا، لكي نستطيع أن نعطي صورة تاريخية واضحة عن نشوئه. وقد نقلنا «أغنية حملة إيغور» عن ترجمة أبولون مايكوف الشعرية لها إلى اللغة الروسية مع مقارنتها- بقدر ما استطعنا- مع النص الأصلي الذي كان مكتوباً نثراً. ترجمنا لسبعة عشر شاعراً يمثلون مختلف الاتجاهات والمراحل التي شهدها مسرح الحياة الشعرية. ومع ذلك لم يتسع أمامنا المجال لتقديم شعراء آخرين مثل كريلوف Krylov وفيازيمسكي Vyazemsky وكارولينا بافلوفا Karolina Pavlova وغيرهم ممن كان لهم نصيب في رفد الشعر الروسي ونمائه.
يهيمن الرجال على التاريخ لأنهم يكتبونه. لطالما تم التقليل من شأن دور المرأة الحيوي في تشكيل العالم أو تجاهله. تقدم روزاليند مايلز في كتابها (تاريخ العالم كما ترويه النساء) وبعنوان فرعي من طبخت العشاء الاخير، الصادر عن دار المدى بترجمة د. رشا صادق،إعادة تقييم أساسية تضع الأمور في نصابها الصحيح. مذهل في نطاقه وأصالته ، يتحدى تاريخ المرأة جميع تواريخ العالم السابقة ويحطم الأوهام في كل صفحة. بدءًا من النساء في عصور ما قبل التاريخ ، ينظر المؤلف إلى ما وراء أسطورة "الرجل الصياد" ليكشف عن الدور المركزي للمرأة في بقاء وتطور الجنس البشري. إنها تتابع تقدمهم من الأيام التي كان الله فيها امرأة وحتى انتصارات الأمازون وملكات الحرب الآشورية: إنها تنظر في صعود الدين المنظم والقمع المتزايد للمرأة: ترسم النضال البطيء الطويل من أجل حقوق المرأة والذي بلغ ذروته في الحركات النسائية في القرن العشرين: وأخيراً تقدم رؤية للمرأة تتحرر.
إن كثيرا من مصطلحات تاريخنا مشوشة الحضور في اذهاننا ويختلط فهمنا لها بإسقاطات معاصرة، منها الاستشراقي الاورومركزي ومنها السلفي والعرقي. فضلا عن الانقطاع الذي يفصلنا عن عصور الإسلام بعصور الايلخانيين والمماليك والعثمانيين، بما يقتضينا للوصول إلى تراث الإسلام ان ننفذ اليه من وراء تراث آخر قد يحمل اسمه لكن بمضمون غير متماثل بالضرورة.
رواية بوليسية تدور أحداثها في أمريكا اللاتينية تبحث عمن قتل موليرو، الفتى البسيط الذي وجد جثته أحد الرعاة وقد شوهت بشكل مخيف، فما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى مقتل موليرو، ذلك الفلاح ذي الأصول الهندية .. ربما يكون الشاب قد انتهك حرمة تابو إجتماعي سياسي حتم على أهل البلاد إصدار حكم جعل قتله مباحا ً لا يعاقب عليه مرتكبوه. هذا ما سوف يتابع التحقيق فيه "يوسا" وهو يتحرى الكثير من خصائص المجتمع الريفي في أمريكا اللاتينية.
الرواية السادسة للكاتبة العراقية سميرة المانع بعنوان «من لا يعرف ماذا يريد» تدور احداثها ما بين العراق ولندن من خلال شخوصها وحوادثها بعد سقوط النظام السابق سنة 2003 وما جرى بعد ذلك للشعب العراقي، سواء داخل العراق او خارجه، ويأتي على لسان احد شخصيات رواية سميرة المانع: الجميع يحلم بزيارة العراق، البارحة في السوق من بعيد، رأت زوجين عراقيين مغتربين كانا يزورونهما في السابق، تجنبت لقاءهما او السلام عليهما، لماذا ابتعدت عنهما حتى غابا في زقاق جانبي؟ هل كانت خجلة من نفسها او خجلة منهما؟ «لا تعرف».
أكون أم لا أكون، هذه هي المسألة أيهما الأنبل في العقل: أن يتحمل قوس ونشاب ربَه الحظ الطائشة أو يجرد السلاح بوجه بحر من المصايب وفي كليهما موت يريحه من متاعبه أن نموت – أن ننام، لا أكثر من ذلك وبالنوم ننهي وجع القلب تلك نهاية نتمناها بخشوع أن نموت، أن ننام، أن ننام، ربما أن نحلم..." مناجاة هاملت هذه، أصبحت جزءاً أكيد من اللغة الإنكليزية، ومن الثقافة الإنكليزية، ومن الحياة اليومية في المجتمع الإنكليزي. كاب عنها النقاد بشغف وفضول عشرات الدراسات، وكل دراسة تختلف عن صويحباتها، وهذا لا ريب دليل عناها الباذخ. المناجيات التي شاعت في العصر الإليزابيثي عموماً، ومناجيات شيكسبير خصوصاً، نوع فريد من التأليف المسرحي، وحيلة أدبية بارعة لاستقطار أدق العواطف. يرى النقاد المتخصصون أنهه من أعمق الخلجات النفسية وأحكمها بناء. مرد ذلك: طبيعة المناجاة ذاتها، إذ ينفرد البطل ( في معظم الحالات) بنفسه على خشبة المسرح، يروي خلجاته بصوت مسموع لا لأحد. لنفسه فقط. لا يكتم شيئاً لأن ما من أحد يسمعه. المناجاة إذن صادقة كل الصدق وما من مزيد. لكن رغم تلك الأهمية التي تتمتع بها مناجيات شكسبير عالمياً إلا أن ما من أحد من الأدباء العرب –كما يبدو- حلل تلك المناجيات.
في رواية من يرث الفردوس, ثمة حصن أثري مهجور ينطوي على أسرار ومفاجآت يلاحقها عاشقان ويكشفان غموض الأحداث والأسرار الخفية, فقد تشكل في الحصن النائي منذ ثلاثين عاماً مجتمع عشوائي قوامه نساء ورجال فرّوا من مدنهم لأسباب تتعلق بالضغوط الاجتماعية والسياسية والدينية للبحث عن حريتهم في العيش والعشق والفكر وا لفن ويقيم العشاق والشعراء الهاربون ما حسبوه فردوساً يوتوبيا يعتمد اقتصاداً بدائياً وأسلوب عيش متّسم بالزهد ويجري تقسيم العمل فيه حسب التكوين البيولوجي للأفراد, من دون الاعتداد بالأبعاد الثقافية التي اكتسبتها الإنسانية عبر العصور مما أنتج مجتمعاً تغلي فيه الصراعات الثقافية المختزنة في الذاكرة, تحت سكونه الخادع وأسراره, ويتوهم القائمون على إدارة الحصن أنهم حققوا العدالة وهي في الحق عدالة زائفة مسخت الفرد وحوّلته الى نبرة واهنة في النشيد الجمعي وأهملت أشواق الروح وصادرت خصوصية الحب وسخرت الفن تسخيراً ذرائعياً فظّاً, لتتفجر التناقضات التي حملها الرجال والنساء من مجتمعاتهم السابقة عندما يتسلًل نظام السوق ويخترق منظومة الحصن فتجري أحداث متلاحقة وتنكشف الأسرار والألغاز التي يصدم الكثيرون لدى افتضاحها.
تُعرف الكاتبة الأمريكية جودي بيكولت بأنها الكاتبة الأكثر مبيعا. وفقا لصحيفة نيويورك تايمز، باعت رواياتها اكثر من 35 مليون نسخة وترجمت الى العديد من اللغات، نشرت روايتها “منقذة أختي” عام 2004 وحققت نجاحا كبيرا حتى انها تصدرت قائمة الكتب الاكثر مبيعا لعدة اسابيع، حولت هوليود الرواية إلى فيلم ضخم انتج عام 2009، ادت النجمة كاميرون دياز دور البطولة فيه.. توصف روايات جودي بيكولت بانها ملاحم عائلية، وقد تناولت بيكولت خلال مسيرتها الادبية الكثير من القضايا المثيرة للجدل، بما في ذلك العلاقات العرقية والاجهاض والانتحار والعنف الذي يسود المجتمعات الغربية.
وهكذا يا وليدي، على امتداد البصر، امتدت أمامهم الرمال الكاوية، صفراء بغبرة تميل إلى الاحمرار، لا يكسر العين فيها سوى انحناءات الكثبان وتراكب أهلتها بعضها فوق بعض مثل مويجات النهر. كانت السماء زرقاء... زرقاء صافية مثل فص عقيق أزرق في محبس عروس. الريح ساكنة كأنها هي الأخرى تعيش حالة تأمل وتفكير. انتشرت هنا وهناك أزهار الدودحان الحمراء والحلبلاب البيضاء أو الدعداع الصفراء. تنام مسترخية، كسلى؛ سحالٍ، يرابيع وأفاع تحت ظلال العوسج، العرد، الحميض والطرطيع المنتشر هنا وهناك. فرَّ ضبّ عجوز من تحت لفة شوك متيبسة دحرجتها الرياح من البعيد... البعيد إلى هذا المكان المقفر، الموحش وراح يزحف، متثاقلاً، متمايلاً باحثاً عن مخبأ له، وقد فاجأته حوافر الخيل التي أنهكها مسير ساعات. حسب فواز آل تركي في باله أن الوصول إلى قرية البيضاء سيكون مع صلاة المغرب.