قال لي الحسن البصري: تعال أقم في بيتي, هنا في هذي البلدة بين النخل والبحر تعلم الزهد وانتظر الرؤيا. ولا تفزع إذا اختطفتك واحدة من حسان الجن وغيبتك في مدائنهم. فسيعود بك الباز وقد صرت كل جمال غاب.
هذه القصص التي اختيرت من أربع مجموعات صدرت إحداها في الستينيات، والثلاث الأخرى في السبعينيات من القرن العشرين، كُتبت أو صدرت كلها، خلال النصف الأول من القرن العشرين. ومن المعروف أن هذا النصف الأول الذي نشبت فيه حربان عالميتان هو زمن الحداثة (Modernism). وبما أن هذه الحركة كانت قطيعة مع التراث، مع ما ترسّخ فيه من أفكار سياسية واجتماعية ودينية وأدبية، فإن الثقافة الغربية عموماً- والقصة القصيرة بالطبع- قد شهدت تغيرات عميقة. يرى مؤرخو الأدب أن القص قديم ومتنوع بالأصل، إلا أن القصة القصيرة التي يعتبر إدغار ألان بو (Edgar Allan Poe) (1809-1849) مبتكرها، لم تصبح نوعاً أدبياً إلا في القرن التاسع عشر. ومنذ مطلع القرن العشرين حتى منتصفه، برز مئات الكتاب، وكتبوا آلاف القصص القصيرة التي اتصفت بالتنوّع والتعقيد. وكان لأهمّ الدوريات في بريطانيا وأمريكا دور كبير في ترويج هذا الفن الحديت وتشجيع مبدعيه. وفي هذه المرحلة، أهمل الكتّاب أساليب الكتابة المتواضَع عليها في القرن التاسع عشر (الواقعية والطبيعية)، وعكفوا على ابتكار أساليب جديدة، وعدل أكثرهم- وربما أبرزهم- عن استكشاف عالم الواقع إلى استكشاف عالم النفس، أو عن تصوير الصراع الخارجي إلى تصوير الصراع الداخلي، متأثرين باكتشافات علم النفس في المقام الأول. غير أن أعمال أولئك الكتاب لم تلْقَ اهتماماً متساوياً من القراء في مراحل لاحقة. وفي هذه المجموعة المختارة سوف يكتشف القارئ نماذج من القصة النفسية، والقصة المتخيَّلة، أو الفنتازية، والقصة المحليّة، والقصة التربوية، إضافة إلى قصص أخرى لم تقطع صلتها تماماً بالتراث التقليدي (الرهينة، إشعال نار، حب الحياة). كما أنه سوف يطّلع لا على بعض ما أنجزه تجريب كتّاب هذه القصص في الشكل فحسب، بل على ملامح من رؤيتهم الجديدة للحياة أيضاً.
روديارد كبلنغ (1865 - 1936) "Rudyard Kipling" كاتب وشاعر وقاص بريطاني ولد في الهند البريطانية. من أهم أعماله "كتاب الأدغال" 1894. مجموعة من القصص، تحوي قصة "ريكي تيكي ريڤي"، و"قصة كيم" 1901 "عبارة عن مغامرة". كما ألف العديد من القصص القصيرة. منها الرجل الذي اصبح ملكاً 1888. من لا يعرف من العرب الشاع ر والقاص والكاتب البريطاني راديارد كيبلينغ، يعرف مقولته الشهيرة: «الشرق شرق والغرب غرب، ولن يلتقيا أبدا ». هذا الحسم الأيديولوجي من جانب صاحب «كتاب الأدغال ، جعلته في نظر الكثيرين الناطق الثقافي باسم النزعة الإمبراطورية (الاستعمارية) البريطانية، وبسبب مواقفه المستمدة من هذه المقولة أطلق عليه جورج أورويل لقب «نبي الإمبراطورية»، وإن كان قد أبدى احترامه الشديد له في وقت لاحق بسبب موهبته الأدبية التي لا تضاهى. كيبلينغ هذا، وبهذا الوصف تحديداً، يعود حالياً –عودة الابن غير الضال– ليتصدر الاهتمام الأكاديمي البريطاني، وكأنه يخضع لاكتشاف جديد. فالنزعة الممتدة إلى خارج حدود الجزيرة الإنجليزية، وما تواجهها من تحديات تجعل من المتحمسين لها يبحثون عن مبرر ثقافي يسوّغ لهم توجهاتهم، أو أيقونة يرصعون بها مراميهم التي أصيبت بالضمور خلال العقود الماضية ولعل الصدفة وحدها، هي التي جعلت كيبلينغ قبل عامين يعود إلى صدارة الاهتمام، فمن دون سابق تصميم عثر الباحث الأميركي توماس بيني على نحو 50 قصيدة لراديارد كيبلينغ في محفوظات عائلته أثناء أعمال الترميم في أحد منازله في مانهاتن، وقد تم كتابة بعض هذه القصائد خلال الحرب العالمية الأولى والتي خسر كيبلينغ بسببها ابنه.
"توماس وولف" كاتب أمريكي ولد في اليوم الثالث من شهر تشرين الأول عام 1900 في آشفيل بنورت كارولينا. وقد عالج وولف بأسلوبه المميز موضوعاته التي يلتقطها من الواقع، حيث يلمس القارئ أن هناك صراعاً في الأفكار في أعمال وولف كما أن الحافز الملحمي والرغبة في أن يعرف الشخصية والتجربة الأمريكية كانا ظاهرين بصورة حادة في مؤلفاته. كما تتجلى في مؤلفاته أقوى ميزاته وهي تعبيره البلاغي في رصد السلوك الذاتي.
رواية "مدار الجدي" هي ثالث ثلاثيّة ميللر الأولى: "مدار السرطان"، و"ربيع أسود" وأخيراً "مدار الجدي"، صدرتْ في عام 1939، وبقيَتْ ممنوعة من النشر في الولايات المتحدة الأميركية على مدى ثلاثين عاماً، بسبب ما تحتوي من تفصيلات جنسية. هذا التوأم لرواية "مدار السرطان" يؤرِّخ لحياته في حقبة العشرينات من ال قرن العشرين في مدينة نيويورك، وأبرز ما تتصف به هو طريقته الغريبة في الكتابة، وأسلوبه الذي يقترب كثيراً من السرد السريالي لحياته في حي بروكلن، الذي يعجّ بالجنسيات المتباينة من الناس. يتميِّز ميللر بأسلوب تيار الوعي الذي يُطلق العنان للذكريات والأحاسيس والإنطباعات بالتدفٌّق دون كابح،، والنتيجة قصيدة من السرد تحكي عن إنحطاط الحلم الأميركي في أحياء نيويورك الخلفية، بلغةٍ شديدة الحيوية وبصورة إبداعيّة تعكس عبقرية هذا الكاتب.
رواية "مدار السرطان" هي العمل الأول والأبرز "لهنري ميللر" وفيه تتمثل كل مقومات أدب ميللر. بل إن أجود ما كتبه هذا المؤلف وأسوأه موجودان جنباً إلى جنب في الكتاب، وبذلك يكون ميللر قد حقق ما نادى به دائماً وهو أن يقدم الحياة كما عرفها دون تشذيب أو زخرفة، وأن يترك نفسه على سجيتها لكي تنطلق وتعبر عن ذاتها في شطحات تحتوي الغث والنفيس. والرواية هي خيال أكثر منها حقيقة. وهذا طبعاً، لا ينتقص من قيمتها، بل لهذا السبب أضحت الرواية أعلى قيمة. فقبل كل شيء، نحن لا نكتب لنستعيد تجربة، بل نكتب لنقترب منها قدر استطاعتنا.
هي رواية للكاتب الفرنسي جوستاف فلوبير (1821 – 1880). صدرت في العام 1857 وقد تعرّض الكاتب بسببها لتهمة الإساءة إلى الأخلاق العامة وخدش الحياء والدين وعندما طرح على الكاتب الفرنسي غوستاف فلوبير سؤال: من هي إيما في رواية مدام بوفاري؟ وجد من الجيد له أن يقول الحقيقة وأجاب باختصار وكل صراحة: هي أنا. لم يكن لاعبًا بالكلمات، ولا محاولًا استفزاز من يستمع إليه. كان يؤمن بذلك حقاً: ذلك أن تلك الشخصية التي ألحت عليه طويلاً بعدما استقاها من الواقع وصاغها طوال خمس سنوات، اثر قراره النهائي جعلها بطلة روايته - وكان حين اتخذ القرار يزور مصر ويتأمل في مساقط مياه النيل عند أسوان. تلك الشخصية سرعان ما تملكته وغيّرت حتى من أسلوب حياته وتعامله مع البشر، علماً بأن جزءاً كبيراً من عالم الرواية، إضافة الى كونه استقي من الواقع بحيث أن كل شخصية يمكن أن تحيل الى شخصية حقيقية عرفها فلوبير وعايش حكايتها، بني على أساس علاقة فلوبير نفسه بواحدة من فاتناته الأول: لويز كوليه. أيما امرأة وغوستاف رجل؟ لا بأس، ليس هذا مهماً. المهم أن شخصية ايما، خلال سنوات صياغتها تملكت فلوبير تماماً واستحوذت عليه، بحيث أنه لم يتوان عن أن يكتب لصديقه الناقد تين قائلاً:"عندما كنت أصف، كتابة، تسميم ايما بوفاري لنفسها، كنت أحس طعم الآرسينك في فمي. إن شخصياتي المتخيلة هذه تفعل فيّ كلياً وتطاردني
مراجعة/ فريدة الانصاري يبدأ كتاب مدخل الى الأدب لروسي في القرن التاسع عشر لمؤلفيه د. حياة شرارة ود. محمد يونس الصادر عن دار المدى بمقدمة (توطئة ) يبين فيه المؤلفان كيف أثرت الحياة الاجتماعية المتناقضة والمتدنيه في روسيا ،وعدم سعي القياصرة لحلها ،بخلاف اوربا التي اقامت فيها الطبقة الوسطى دولاًبرجوازية على انقاض الأنظمة الإقطاعية. بعد هذه المقدمة وتحت عنوان (ملامح الادب الروسي في نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر )
يركز هذا الكتاب على دراسة مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والعلاقات المختلفة ضمن دائرة الأفراد، وبين الطبقة الحاكمة والشعب. ويعطي اهتماماً خاصاً بالحياة الروحية والمعتقدات الدينية. كما يقدم لمحة شاملة عن الجوانب الإبداعية الثقافية، في منهج تحليلي علمي مقارن.