بعد النجاح العالمي لرواية (ساعي بريد نيرودا) أبحر الكاتب التشيلي أنطونيو سكارميتا في قص ملحمة فريدة: ملحمة سكان ساحل مليسيا على البحر الأدرياتيكي الذين هاجروا إلى تشيلي هرباً من الحروب والعنف. في روايته السابقة (عرس الشاعر)، روى أسباب ذلك الهروب. والمصير الغريب للأخوين كوبيتا: فأولهما ألقى بنفسه إلى البحر عندما لمح منهاتن، وواصل الثاني الرحلة إلى أن رست به السفينة في تشيلي. وفي روايته الجيدة الآن، (فتاة الترومبون)، يواصل القصة في الأراضي التشيلية، حين يسلم عازف ترومبون إلى استيبان طفلة في الثانية من عمرها مؤكداً له أنها حفيدته.
"وأنا لا أحب أن أتزين، أو أستعمل الماكياج، لكنه أحب أن يراني متزينة، بشكل صارخ، مومسي، كما اقترح. قال: "أريدك، يا حبيبتي، أن تتصرفي في اللقاء القادم كمومس". فاستجبت له، واشتريت في الطريق إليه أدوات زينة. وفي غرفة الفندق بدأت أتزين، لأول مرة في حياتي، وهو ينظر إليَّ، ويقول: "أكثر، أكثر، يا حبيبتي، كوني بغياً رخيصة. إغ، ما أجمل ذلك!" وأنا أضحك، وأقول له: "إلى أي درك أنزلتني، يا جون". فيقول: "إن في تحقيق النزوات لسعادة، لا تفوقها سعادة". ثم قلت له، وأنا لا أدري كيف واتتني الفكرة: "إعطني، إذن، عشري
يهدف كتاب "فعل العمارة... ونصّها: قراءة في عمارة الحداثة... وما بعدها" إلى تجسير الهوة بين الفعل المعماريّ المتحقّق، وبين مستغلّي هذا العمل ومتلقّيه، وصولاً إلى تبيان قيمته وأهميّته المعرفيّة. من ناحية، ومن ناحية أخرى، إثراء معارف المستخدم والمتلقي لذلك الفعل بدرايات إضافية، يشتمل الكتاب على ثلاثة فصول، تضمَّنت مواضيع معماريّة شتى، إنها تسعى وراء إضاءة منجز معماريّين مهمين، يرى المؤلِّف في مقاربتهم التصميميّة أهميَّة خاصة، أغنت المشهد المعماريّ بتصاميم مميّزة. كما يعرض الكتاب "مروحة" واسعة لنماذج معماريّة مستلّة من البيئة المبنيّة، وقضايا مهنيّة متداولة في الخطاب، وفي كلّ الأحوال يحرص المؤلف على تقديم نصوصه، للقارئ، ناظراً إليها نظرة خاصة، نابعة عن قراءة ذاتية، تشي بأنَّ المنجز الإبداعي يستبطن وجهات نظر عديدة، مثلما يكتنز قراءات متنوّعة، بمعنى آخر، يتوق مؤلِّف الكتاب، لأنَّ تكون قراءته للنماذج المعماريّة المصطفاة، حافزاً لقراءات أخرى، يمكن لقارئ الكتاب أنْ يجترحها أو يستدل عليها.
لا ينفتح بالعادة شباك بيتها ، ولا يجد شرار النار خبراً أو أثراً لأصبع واحد يظهر منه ، غير أن هذا الشح لم يدفعه أبداً إلى الشكوى من سوء حظه ، أو الانقطاع عن مروره اليومي من هناك ، فهو لا يملك إلا أن يتداعى عندما يصل بابها ، ويقف ساكناً كالتمثال ليرهف السمع لصوتها العذب البعيد ، أو يشم بنهم رائحة الهواء الذي تنفسته قبل قليل . . وماهي إلا لحظات حتى تدب الروح في التمثال ، ويغدو أسداً حقيقياً يهجم على الأرض ، فيفترسها في الحال ، ويترك باب البيت ، وقد آمن بالقدر ، وأدرك أن المكتوب على جبينه هو أن يكتفي من ريحانة بهذه المسافة من القرب . فهو لا يعرف حتى لون عينيها . . ولم يصادف منها سوى صفحة وجهها الذي يتلألأ تحت شيلة سوداء ، وقد حالفه الحظ لكي يراه ، عندما أطلت من باب البيت لمناداة طفلتها آسيا ، الوحيدة التي تبقت من صغارها على قيد الحياة .
إن الدراسة النقدية العميقة للتصورات المختلفة التي رسمها الغرب المسيحي في تفكيره حول الشرق، والشرق الإسلامي خاصة، تجد جذورها دائماً، وبشكل مثير، في إرث فلسفي ولاهوتي عتيق وقاتم، قائم في الجوهر على إفتراضات ذاتية مؤسسة عن سبق إصرار بدورها على بعض المعلومات الإنتقائية دائماً والشوهاء غالباً، وخلاصة ذلك الإرث، إن الغرب كعالم متحيز ومركزية ذاتية، لم ينظر ولم يفكر بالشرق إلا بإعتباره "الآخر" أي "الغير" بل "الضد"، وبالتالي نسب إليه كل مثالبه هو ذاته، معتبراً نفسه كــ"ضدّ" هو أيضاً لذلك "الآخر"، ما أفضى إلى الإستنتاج بأن المركزية الذاتية الغربية تصورت الشرق وخاصة الشرق الإسلامي بإعتباره "الغرب مقلوباً"، وفي كل مميزاته وخصائصه ونواقصه كما لاحظ ذلك من قبل المفكر الفرنسي جان بول شار ناي.
كان البحث في تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني، بارتباطه مع الكومنتون، (الأممية الشيوعية) قد شدّ في عقد السبعينيات، اهتمام عدد من الباحثين الذين توفرت لهم فرص الاطلاع على أرشيف وزارتي الخارجية والمستعمرات في لندن، وعلى أرشيف الدولة الإسرائيلية والأرشيف الصهيوني المركزي في القدس. ومع أن تقدماً كبيراً قد أحرز على طريق كشف خفايا تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني؛ إلا أن تزكية النتائج العلمي التي تمّ التوصل إليها، بفضل هذا الجهد الجماعي، بقيت، في الواقع، مرهونة بتوفر فرصة الاطلاع على الأرشيف السري للكومنترن، باعتباره المرجع العلمي الأهم لدراسة تاريخ الحزب الشيوعي الفلسطيني، وتاريخ مجمل الأحزاب الشيوعية، في الفترة الممتدة من تأسيس الكومنترن في عام 1919 إلى حلّه في عام 1943. فطوال تلك الفترة، لم يكن للكومنترن تحالفاً بين الأحزاب الشيوعية في البلدان المختلفة فحسب، بل كان كذلك حزباً شيوعياً عالمياً، يقوده مركز واحد، على أساس مبادئ المركزية الديموقراطية، وتحدد سياساته العامة المؤتمرات والاجتماعات الموسعة للجنة التنفيذية، التي كان يعقدها بصورة دورية. هذا وبعد اطلاع ما هو الشريف على ما جاء في ذاك الأرشيف عمد إلى إعداد كتابه هذا والذي اقتصر فيه على نشر كل المواد الصادرة عن الحزب الشيوعي الفلسطيني، أو عن قيادة الكومنترن بخصوص فلسطين، والتي حملت طابعاً سرياً، أو سرياً جداً في بعض الأحيان. وقد غطى الأرشيف الخاص بفلسطين الفترة ما بين عامي 1920 و1973.
الحب ليس مصادفة سعيدة، ولا هبة من القدر، بل هو فن رفيع يتطلب من الإنسان سعياً إلى الكمال الذاتي، وإبداعاً، وحرية داخلية. إن الحب الحقيقي المشبع بالقيم السامية ما زال نادراً، وذلك لأن الكثيرين ليسوا مهيئين له بعد، بل إنهم يخافونه؛ فهذا الحب يتطلب "روحاً حية" ، ونكراناً للذات، واستعداداً للفغل والقلق والاهتمام. كما أن عمق الحب، وكثرة أنواعه لا يتحددان بموضوع الحب وحده، إنما أيضاً بتهذيب القدرة ذاتها على الحب، وتطور الصفات الإنسانية لدى المحب.