يصف جينيه أجواء باريس بعد هزيمة النازية، حيث خرج أهالي باريس خرج الناس إلى الشوارع يرددون: ما زلنا أحياء ونتتبع حياة شاب يريد التحرّر من النازية، وفي الوقت نفسه من كل القيود الإجتماعية والسياسية والأخلاقية حتى يعيش اختلافه. يقول جان جينيه: ”على الرغم من أن الهدف المُعلن أن يحكي هذا الكتاب تألق جان، فإن له أهدافًا ثانوية أخرى أكثر غموضًا، و إن تكتب يعني أن تنتقي من بين عشرات مواد معروضة عليك، أتساءل لماذا كنت راغبًا في أن أثبت بكلمات حقيقة ما جرى” يقول سارتر إن المكانة التي يجب أن تعطى لجان جينيه بفضل هذه الرواية التي تنتمي إلى أدب الإعتراف، مكانة رفيعة بالتأكيد، تضعه في الصف الأول من أدباء هذا الجيل“ لا يمكن في هذه الزاوية الصغيرة استعراض أحداث الرواية، ولكنها في النهاية تحفة أدبية عن عالم الإنسان، وكشف لأنواع الكذب والزيف في حياة الإنسان.
لقد تمثلت شعرية الحداثة الشعرية العربية في نهاية الأربعينيات ومطلع الخمسينيات على أيدي المثلث العراقي "نازك الملائكة"، بدر شاكر السيَاب، البياتي " في تأسيس بنية شعرية شمولية متماسكة تميل إلى الإنسجام والتماسك وتفارق التقاليد الشعرية للشعر الكلاسيكي والكلاسيكي الجديد والرومانسي في الأدب العراقي خاصة الأدب العربي يصورة عامة.محاولتنا هذه تهدف إلى مساءلة الحراك الشعري الراهن وإعادة قراءة النقلات المفصلية والأنساق الثقافية في حركة الحداثة الشعرية في الشعر العراقي بشكا خاص والشعر العربي بشكل عام، وينطلق في ذلك من رؤيا منهجية "سوسيو-شعرية" هي جزء من مشروع المؤلف النقدي الذي يزاوج بين الفحص الداخلي النصي للخطاب الشعري ومناهج التحليل الخارجي ولكنه لا يتعالى على الساقات الثقافية والتاريخية والنصية والسيكولوجية التي تحيط بالإنتاج الأدبي بوصفه معطى إجتماعياً وتاريخياً يرتبط بوعي إنساني في مرحلة تاريخية محددة ويحمل دلالاته ومعطياته السيمائية الخاصة.
حين يُذكر شعر الحرب العالميّة الأولى، يبزغ في الذّهن حالاً، الشّعر الإنجليزي، وتتّضح تلك المجموعة المعروفة في العالم من الشعراء الإنجليز الشباب، حتى لكأنّهم المقصودون بتسمية «شعراء الحرب الأولى». ولا يبدو هذا غريباً إذا علمنا بأن عشرات وربما مئات القصائد كتبت بالإنجليزية خلال الحرب العالمية الأولى. وإذا كان شعراء العالم الآخرون ممّن دخلوا تلك الحرب كانوا إما متطوّعين، فدخلوها مختارين، أو أنهم دخلوا الحرب مراسلين أو معالجين طبيـين، والقليل منهم جداً كانوا جنوداً مقاتلين. أما الشعراء الإنجليز فبعضهم جاء موعد تجنيدهم فالتحقوا بالجيش، والآخرون شملتهم التعبئة العسكرية فارتدوا الكاكي وحملوا السلاح. وقد عرف أولئك الشعراء الحرب في البحر أو في الخنادق، والباقون منهم المراسلون والمعالجون الطبيون.
"ماذا تسمّي الالتماعات الشجاعة، حين يأنس المرء بلحظته دائماً، ولا يأسف على ما فات، ويقتحم ما سيأتي به الغد من دون خشية؟ هي دهشة الطفولة في أول العمر، والحلم الرومانسي لتغيير العالم وبنائه من جديد، في وسط العمر، والومضات الشحيحة للسعادة مثل غمزات النجوم في ليل غائم، آخر العمر، شعرية العمر هي في ديموم ة الدهشة، وهي الشباب الذي لا يشيخ، فليس الشباب زمناً معيارياً للعمر تحدّده السنوات، إنما الشباب حقاً رؤية متقدمة للعالم تتجاوز إحباط السنوات التي تخترقك، ومن هنا، ما لم يخضع العمر لقانون الشعرية بهذا المعنى، فإن المرء سيتثاءب حياته ويبصقها من الضجر. "كنا صغاراً نمتطي قصبة لا نتخيلها حصاناً إنما نراها حصاناً حقاً نرفع أعجازنا عن القصبة حين نسرع، ونقعدها حين نتريث في السير، وبعد جولتنا، نُركن القصبة الحصان عند جدار، نشدّ مقدمها بالحبل بحنوّ بالغ.. هذه هي الشعرية الأولى من عمرنا.
هنا ينشر للمرة الأولى السجل الخاص لصداقة عميقة وعلاقة حب رومانسي مع الأدب استمرت على امتداد المسار الطويل لحياة كاتبين ، رغم الظروف كلها . بدأت بغداء تم مصادفة في محيط مدينة باريس في أواخر عام ۱۹۳۱ ، وذلك عندما تعرفت أنييس نن ، زوجة هيو بارکر غويلر ذات الثمانية والعشرين عاما ، وكانت في ذلك الوقت امرأة شابة على أهبة الاستعداد للانطلاق في مغامرة عقلية وجسدية ، إلى هنري ميللر ، « الكاتب المتشرد » ، کما لقبه أحد الأصدقاء ، الذي كان سيبلغ الأربعين من العمر في السادس والعشرين من شهر كانون الأول ( ديسمبر ) التالي . وكانت الظواهر كلها تدل على أنهما متنافران ، لكنهما كانا يشتركان في أمر واحد : کلاهما كانا كاتبين ناشئين وعاشقين شغوفين للكلمة . وبعد مضي بضعة أشهر من تبادل الأحاديث الفكرية العنيفة - على طاولات المقاهي الفرنسية ، وفي منزل آل غويلر في لوفسيين ، وعبر سيل من الرسائل - انفجرت العلاقة لتغدو علاقة . عنيفة . على مدى السنوات العشر التالية حاول المفلس دائما الذي لقب نفسه « فتی بروکلن » و « المرأة الطفلة » الإسبانية المفرطة الحساسية ( كما اطلق عليها إدموند ولسون ) أن يؤسسا حياة معا . وعندما فشلت تلك المساعي ، لأسباب اتضحت من خلال المراسلات ، استأنف هنري ميللر وأنييس نن ، في أوائل الأربعينيات ، حياتيهما المنفصلة . لكنهما بقيا مرتبطين برباط أساسي . وبعد أن تخلصا من العواطف العابرة ، ومن تلبية كل منهما للآخر حاجاته المادية والعاطفية ، ومن طابع الرفقة الخطرة في كسر المحرمات الاجتماعية ، بقيت علاقتهما قائمة بثبات على أساس حاجتهما المشتركة إلى خلق نفسيهما عبر الكتابة . وكما كتب هنري ميللر لاحقا ، كانت سعياً « إلى إدراك نفسي بالكلمات » . بالنسبة إليه ، كانت بحثا مهووساً ، بروستياً في ماضيه والدور المريب الذي لعبته النساء فيه . وبالنسبة إلى أنييس نن ، في يوميات واظبت على تدوينها منذ الطفولة ، كانت السعي الذي لا يكل إلى حاضر عاطفي متملص . وفي شهر شباط من عام ۱۹۳۲ ، کتب میللر إلى أنييس نن « یا الله ، أكاد أجن عندما أفكر في أن يوما واحدا يجب أن يمر من دون أن أكتب . لن أستطيع أبدا أن أسرع . ولا شك في أن هذا هو السبب في أنني أكتب بحماس ، و تحریف . بيأس » . بعد مضي بضعة أشهر كتبت أنييس نن في يومياتها : « إن الشيء نفسه الذي يجعل هنري صامداً يجعلني أنا كذلك ، هو أن ما يوجد في أعماقنا هو كاتب ، وليس كائناً بشرياً.
جميع صحف اليوم التالي الصباحية أشارت إلى السرقة الفاشلة، الجميع فوجئ، مفاجأة النفاق، بأنّ أسطورة غايتان ما تزال تُلهِبُ العواطفَ بعد ستّ وستين سنة من الأحداث وقارن بعضهم للمرّة الألف بين مقتل غايتان ومقتل كِندي، الذي أتّم في العام الماضي نصف القرن، دون أن يكون قد تقلّص الذهول أدنى تقلّص. الجميع تذكّروا، عندما دعت الحاجة، ظروفَ القتل غير المتوقَّعة: المدينة التي أحرقتها الاحتجاجات الشعبية، القنّاصة الذين اتخذوا مواقعهم على السطوح، الذين كانوا يطلقون النار من دون أوامر ولا تمييز، البلد في حرب السنوات اللاحقة. المعلومة ذاتها كانت تتكرّر في كل مكان، بتنويعات أكثر أو أقل وبكثير أو قليل من الميلودراما، مرفقة بكثير أو قليل من الصور بما فيها تلك التي انتقمت فيها الشرذمة الغاضبة توًّا من القاتل، وراحت تجرّ جسده شبه العاري وسط الطريق السابع باتجاه القصر الرئاسي.
في جديده الشعري "شمال القلوب وغربها" يقحم سليم بركات نقاط الضعف في قلوب العاشقين هم برأيه (عشاق لم يحسموا أمرهم) عشاق مذهولون، حائرون ومحيرون كالقصيدة ذاتها: "عثروا على الحب قبل العثور على قلوبهم / هم أهواءُ كلماتٍ تسابقهم حباً بالكلمات / هم أهواء الومضةِ في خيال الكرزِ، / وحظوظاً لا يثق بسَندِها التفاحُ، بل التوت / همُ البداية مدهشةً مُذْ لا نهاية مدهشة ...". وبهذا المعنى هو كتاب عن العشاق بطبائع مختلفة، وطبائع محتملة،وطبائع إفتراضية. عشاق بحب مؤجل، وقلوب مؤجلة في اللعبة الشعرية، مع خطط كثيرة للإيقاع بهم في مفاجآت قلوبهم: "ولكل عاشق عشرة قلوب، تسعة مفقودة إذا عُثر عليها حسم أمره عاشقاً" هو شعر محيّر، يلقي بقارئه كإلقائه بعشاقه في الحيرة، هو محاولة من الشاعر لاستنطاق القلوب وفتح مفاليقها. وكل ذلك يأتي في نسيج شعري شفاف وجميل لا يقف عند حدود غجتراح الفكرة والإيقاع البصري والإيقاع الدلالي، وإيقاع التجربة نفسها، لكنه يخرج بكل هذه المؤتلفات إلى اجتراح خطاب متمرد تشكل في أعماق اللاوعي وتمظهر عبر المرونة الشعرية في قالب دينامي وبهيكلية خطاب شعري تحديثي. و "شمال القلوب أو غربها" هي قصيدة طويلة مؤلفة من مقاطع شعرية تمتد على طول صفحات الكتاب
ولد آل سكورتا ملطخين بالعار لأن سلالتهم نشأت من اغتصاب شقي لعانس. في مونتيبوتشيو، بلدتهم الصغيرة في جنوب إيطاليا، يحيون في عوز، ولمن يموتوا أثرياء، غير أنهم عاهدوا أنفسهم على توارث القليل الذي منت به الحياة عليهم من جيل إلى جيل. لذا كانت ثروتهم، ما عدا دكان التبغ المتواضع الذي أنفقوا عليه "نقود نيويورك" ثروة لا مادية قد تكون تجربة في الحياة، أو ذكرى أو حكمة أو لحظة فرح عابرة. وقد تكون سراً كالسر الذي تبوح به كارميلا العجوز لكاهن مونتيبوتشيو السابق، خشية أن تفقد ملكة الكلام.
يدرس هذا الكتاب الشروط التي تنتج "الاستشهادي" و/أو "الانتحاري". إنه يدرس ذلك في مستويات مختلفة، وفي بلدان متعددة: البسيج الإيراني، حزب الله اللبناني، حماس، القاعدة، منفذو العمليات الانتحارية في إنجلترا وفرنسا. يدخل الكتاب في النسيج المجتمعي والنفسي لبيئة الانتحاري كإطار خارجي، ثم ينفذ إلى بيئته الجوانبة، أي بواطن أناه كإنسان، ومواطن، ومهاجر. هنا تتكشف كل الخيوط الدنيوية، الخفي منها والظاهر، لما يسميه أنصاره "الموت المقدس" ويسميه خصومه "الإنتحار الإرهابي". والمؤلف فرهاد خسرو خافار سوسيولوجي ينتمي إلى حقلنا الحضاري، ويفهم بواطن النص المقدس والسيكلولوجيا الاجتماعية المؤولة له، وهو يخوض في ثنايا موضوع يلم به إلماماً جلياً. كتاب لا غنى عنه لفهم ظاهرة العنف الجديد من داخلها.
تدور الرواية حول الفتى الطيب والطفلة الخبيثة. الفتى الطيب هو ريكاردو الذي يعمل مترجمًا لدى الأمم المتحدة، أما الطفلة الخبيثة فأسماؤها كشخصياتها لا تُحصى. عرف ريكاردو الطفلة الخبيثة في مدينة ليما، لكنها بعد فترة قصيرة اختفت نهائيًا، لتظهر بعد عشرة أعوام في باريس حيث باتت تعمل في السياسة، ثم تتكرّر اللقاءات بحكم عمل الفتى الطيب الذي يسافر كثيرًا، ويلتقيان في بلدان متعددة، فرنسا وإسبانيا وبريطانيا. على مدار صفحات كتاب شيطنات الطفلة الخبيثة تسير حياة الشخصيتين من زمن المراهقة إلى الشيخوخة، ويترافقان في رحلة أربعين عامًا، تصرّ الأقدار فيها على أن تجمعهما من جديد، وكل مرة في مكان مختلف، محافظين على علاقة غير عادية، تجمع الحب وجنون الرغبات، وعلى خلفية تلك العلاقة وتفاصيل مجنونها وجنونها تمر في الخلفية كل أحداث القرن العشرين.