نّ التحدّي الماثل أمام الروائي العالمي يكمن - على النحو الذي يراه كيرش - في أمور كثيرة هي في جوهرها مسألة أسلوب وتقنية: «كيف يتأتّى لكاتب متجذّر في ثقافة ما أن ينقل حقيقتها إلى قًرّاء من أماكن وثقافات شديدة التباين؟» هكذا يتساءل كيرش. وفي خضمّ محاولته الحصول على إجابة مناسبة يمضي في مساءلة أعمال ثم انيةٍ من الكّتّاب: باموك، موراكامي، روبرتو بولانيو، تشيماماندا نغوزي أديتشي، محسن حميد، مارغريت آتوود، ميشيل ويليبيك،. يكتب كيرش بخصوص هؤلاء الكتّاب والكاتبات قائلاً: «هم يتوزّعون على ستّ لغات: التركية، اليابانية، الإسبانية، الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية»، ويضيف كيرش «وثمّة إتفاق مقبول على الصعيد العالمي بأنّ هؤلاء يمثّلون الشخصيات الروائية التي تقود عربة الرواية في (بانثيون) الأدب العالمي». لو شئنا الحديث بدقة أكبر لقلنا أنّ نوعية الأعمال التي يبدو أنها جذبت كيرش إلى العديد من هذه الأعمال هي الوقع الرنيني الذي لاقته في الغرب. الرواية الأولى التي يتناولها كيرش بالتحليل المطوّل هي رواية (ثلج) لأورهان باموك: تحكي الرواية عن شاعر يدعى Ka يعود لتركيا بعد إثنتي عشرة سنة قضاها في الخارج، ويسافر إلى بلدة Kars - التي تمثل إحدى البلدات المهمّة في مقاطعة تركية - للبحث والكتابة عن ظاهرة (الفتيات المنتحرات) اللواتي هنّ شابات يافعات يمكن أن يمثّلن (وربّما لايمثّلن) شهيدات من أجل عقيدة دينية، وقد حصل أن إنخرطت إحداهنّ في تظاهرة مدرسية رفضت فيها خلع وشاح رأسها مثلما طلب إليها مدير مدرستها علماني النزعة الذي يتمّ إغتياله لاحقاً على يد متطرّف إسلامي تحت دعوى أنه يقمع المعتقدات الدينية. بالنسبة إلى كيرش فإنّ هذا الأمر يرينا الكيفية التي تعرض فيها رواية (ثلج) وبطريقة دراماتيكية الحالة الصراعية «بين تركيا وأوربا، بين الإسلام والغرب »، وهكذا يوضع باموك في هذه الرواية في سياق الغرب وأفكاره الراسخة بشأن الإسلام بعد 11 أيلول 2001.
لقد بحث رواية أبو كاطع الباهرة الرباعية في جذور التكوين الأسري للعائلة العراقية في الريف ، وكيف يحتدم الجدل الداخلي في النفس العراقية ، جدل القوي الغالب ، وجدل الضعيف ، وجدل الثوري المتمرّد والخانع الجبان . . وكانت الشخصيات التي جسّدتها الرواية تقترب مناً ، ونتعرّف عليها ، ونتسمّع وجيب قلوبها ، أو ن شم عطر البخور الذي كانت العرائس تعطرُ مخادعها به . . أما الجزء الخامس من روايته ، والذي صدر عام 1982 تحت اسم ( قضية حمزة الخلف ) بعد وفاة الكاتب ، فقد مدّد زمن الرواية لما بعد زمن الجمهورية الأولى ، إذ عاثت قوى الظلام الخراب في العراق بعد شباط / 1963 ، وعندها تبدلت قضية حمزة الخلف ) من شق جدول يروى أرضه الى شق طريق الخلاص للعراق . لقد أكمل أبو كاطع في ( قضية حمزة الخلف ) ، الأهم منها ، والذي روى قصة اغتيال الجمهورية الأولى ، ونشوب مخالب القتلة في الوطنيين والأبرياء . أما الطبعة الثانية من قضية حمزة الخلف فقد صدرت عام 2005 في بغداد .
إنّ الرواية تسرد وقائع سيرتين متوازيتين يفصل بينهما قرن ونصف من الزمان: واحدة خيالية مبنيّة على شخصية حقيقية، والثانية خيالية بحتة. - سيرة خوسيه ماريا هيريديا (1803 - 1839)، وهو شخصيّة كوبيّة حقيقية، تاريخية وأدبية، تصرّف المؤلف، كما اعترف هو نفسه في مقدمته، في سرد وقائع حياتها وتكييفها بما يخدم الخطاب الروائي: «مع أنّ هذا النصّ مبنيٌّ على أحداثٍ تاريخيّة يمكن التحقق منها، ومع أنّه مدعومٌ بنصوص مأخوذة من رسائل ووثائق شخصيّة، فإنّ علينا أن ننظر إلى قصّة حياة خوسيه ماريّا هيريديا، مرويّة على لسان بطلها، على أنّها قصّة من نسج الخيال .» - أمّا شخصيّة فرناندو تيري، فهي، كما قلنا، محض خيال، والرواية تضعها زمنيّاً في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته وتسعينياته. - ومع أنّ السيرتين مختلفتان كينونة وزماناً ووظيفة (الجامعي فرناندو يدرس الشاعر هيريديا ويبحث عن رواية حياته المفقودة) فقد عقد المؤلفٍ بينهما شبهاً في العديد من ظروفهما: الملاحقة السياسيّة والنفي والصداقات المزروعة بالخيانة والعداوات والحنين إلى الوطن الذي نفيا منه. الرواية نصّ في الحنين إلى الوطن والشوق إلى العطن، بعدما اضطرتْ كلتا الشخصيتين إلى ترك البلد والتنقّل بين المنافي: فقد اضطرّ خوسيه ماريّا هيريديا إلى الهرب بعد أن تآمر على المحتلّ الإسباني ونادى باستقلال بلده، واضطر فرناندو تيري إلى ترك كوبا بعد أن فُصل من عمله في الجامعة لأنّه «تكلّم» بما لا يعجب «النظام» ولا يرضيه. وهي لذلك تستعرض الكثير من مشاعر الإنسان المنفي المعذّب الذي يحلم بالعودة إلى وطنه وعناق أهله وأحبته وأصدقائه، وهم أحياناً على مرمى حجر وبصر منه. وأخيراً فإنّ هذه الرواية توصف بأنّها أكثرُ روايات پادورا طموحاً وتعقيداً وأتقنها بناءً. قال الناقد الكوبي أبيليو استيبيث عنها إنّها: «رواية حياتنا كلّنا. فهي مبنيّة على ألم، علينا أن نتجاوزه، وتقدم لنا عرضاً لما كنّا عليه وما نحن عليه». وتنبأ لها أن تكون «علامة مضيئة في طريق الرواية الكوبية المعاصرة». أقل
وفي هذا الكتاب يجمع "شاكر لعيبي" مختارات من الأعمال الشعرية الكاملة المكتوبة بالفرنسية مباشرة للشاعر الألماني (رايتر - ماريا ريلكه) وينقلها إلى لغة الضاد / العربية مع مقدمة بعنوان (شعرية التنافد) يفتتح بها الكتاب وهي شطر أساسي من دراسة للأعمال الكاملة التي كتبها ريلكه كانت قد صدرت بعنوان "شعرية التنافذ ريلكه والتقاليد الشعرية العربية". هذا، ويضم الكتاب بالإضافة إلى القصائد المترجمة عن الفرنسية دراسة نقدية عن الشاعر "ريلكه" ورأي غيره من الشعراء في أعماله مما استوقف العديد من الشعراء والباحثين من الناطقين بالفرنسية والإنكليزية، كما سيبدو للقارئ في هذا الكتاب. محتويات الكتاب: قصيدة الوردة، مجموعة تتمات مختصرة، مجموعة الفرائض الحتون إزاء فرنسا، مجموعة حدائق، مجموعة المشعبذون، مجموعة إهداءات وشذرات... إلخ. إن غالبية نصوص ريلكه الفرنسية، خاصة (الوردة) التي يجدها القارئ كاملة في ترجمتها، هي شهادة دالة على أن شعر ريلكه الفرنسي يمتُّ بصلة وثيقة إلى جوهر أعماله الأساسية المكتوبة باللغة الألمانية، خاصة "أناشيد أورفيوس".