في زمن طغت فيه السياسية والإيديولوجيا على الرواية، تطالعنا خماسية الأحياء والأموات بطيف ألوان من شخصيات واحدة الهوية متعددة الأبعاد: الجنس، الحب، الفن والمعرفة، كلها أبعاد استخدمتها الروائية كوسيلة إيحائية لعالم تريده ألا "يموت". حيث أنها استخدمت خمسة نماذج لشخصيات تحكم وتعترف وتتوهم وتشك في محاولة لقراءة العيون وجغرافية الوجوه والأجساد في مرايا مقعرة أو محدبة أو متعاكسة، من خلال أربع وخمسين لوحة منفردة تتقاطع لتشكل في النهاية لوحة جدارية واحدة منقوشة بأصابع امرأة تعرف ماذا تريد، والمفاجئ في هذه الرواية هو تلك السردية الرهيفة المتحررة من سطوة الأسلوبية المشاعرية الرخوة والغنائية الهشة، ومن مرض سرطانية اللغة وهيمنة الصوات الواحد.
ومن أجواء الرواية نقرأ: “أين تقودُنا خطواتنا في هذه الحياة؟ ما هو هذا الذي يصدُمنا بقوّة بغتةً لنتحوّل إلى كتلةٍ من إشعاع، ما بين دهشةٍ وحُزن وفرح وانعقادِ لسان؛ اللّحظة التي تجسِّد وجودنا!”. لغالي إصدارات أُخرى، منها: “منازل الوحشة” (2013)، و”لا تقصُصي القصص يوم الأربعاء” (2016)، و”بطنُها المأوى” (2017).
خمسة أصوات هي بمثابة خمسة نداءات استغاثة أطلقها هؤلاء المبتلون بهمومهم الإنسانية والإبداعية وبشغفهم بالحياة التي تخبو حماسته بسبب العوز المادي أحياناً أو بسبب المثال السياسي الذي لم يحقق ما كانوا يحلمون به أو بسبب حاجات الجسد المأزومة.
ما ترجم من الشعر الإنجليزي، لإي مختلف مراحله المتقدمة والمتأخرة، إلى العربية، قليل جداً مقارنة بالشعر الفرنسي مثلاً. وإذا استثنينا شكسبير، ومن الشعراء المعاصرين تي.اي.اليوت، لا نجد أن شاعراً قد ترجمت أعماله الكاملة، ولا نقرأ سوى قصائد متفرقة لهذا الشاعر أو ذاك منذ الشعراء الرومانتيكيين حتى يومنا هذا. وأكثر من ذلك، لا يكاد القارئ العربي يعرف شيئاً عن الشعر الإنجليزي بعد الحرب العالمية الثانية. فقد توقفنا عند وليم بتلر بيتس، ازرا باوند، وتي. اس. اليوت، وبعدهم عند ستيفن سبندر ودبليو. أتش. أودن بشكل خاص، وكانت في ذلك خسارة كبيرة، غذ حرم القارئ، والشاعر بشكل خاص، من الإطلاع على تجارب شعرية، هي من الأغنى عالمياً، في تصورنا، في النصف الثاني من القرن العشرين، وهي ربما تكون الأقرب، كما نحسب، إلى طبيعتنا ووجداننا وتجاربنا الحياتية والشعرية، من الشعر الفرنسي.
في خواطر الشاعرة "عزة منفرد على وتر الذات، وحيرة شاعرة أضاعت الجهات، فلاذت بصمت هادئ/ انتهى بتساؤل دال على نفس مزيزة بالحزن، مشحونة بهم صارخ متوحد يعبر عما في نفسها: "... "أنا"، أنا حين تحضنني؟/ أم حين أراقص في أمسٍ/ قريب/ أحبائي البعيدين؟/ لم يعتب أمسنا على غدنا؟/ فيعتب حاضرنا على حاضرنا/ تصبح مشاعرنا/ التقاءات دقائق/ ذكرى تنمق الغضب(...)". وهكذا في بقية قصائد المجموعة كلمات تدفقت من نبض القلب، وانحدرت مع ومع العين، وفي ذات الوقت تفتح شباكها للحلم وتنتظر الانطلاق فالرحلة بدأت مع عزة، ولما تنته، وهي مملوءة بكل شائق آسر. توزع الكتاب على سبعة عناوين هي: 1- المدينة، 2- المعركة، 3- الهند، 4- خواطر مصرَفة بين النَحن والأنا، 5- من الغزل، 6- النساء، 7- السنونو، ويفصل بين القصائد رسوم للشاعرة نفسها بالأبيض والأسود "... كانت نتيجة خلط استوحيته من أسلوب المنمنمات الهندية، المطبوعات اليابانية للفنان هيروشيفة، الصور السوريالية لأوديلون رودون، والسَرد الصوري في "ويلات حرب" للفنان فرانسيسكو غويا" هكذا تقول الشاعرة في مقدمة كتابها
ليس الجديد في هذا الكتاب هو طرح مواضيع جديدة، بل كيفية طرحها ومعالجتها الجديد هو تناول الحكايات كتعبير عن مجتمع معين ومن ثم دراسته: -دور الحكاية في هذا المجتمع: الفهم الخاطئ للمرأة والجنس، والخوف من المرأة. -مفهوم الجمال، مفهوم الحب، والموقف الإيجابي من الجنس، أثنية (أقوامية) الدين، ودينية العصبية. -الإستبداد الشرقي ونمط الإنتاج الآسيوي. -الطبقات الإجتماعية؛ ومع ذلك فما زالت بعض الجوانب القليلة التي يمكن أن يضيفها الباحث، والمناسبات، بما فيه العادات والأزياء وآداب الحياة، وغيرها. والباحث هنا يتمنى على المثقفين العرب أن يتابعوا تسجيلاتهم للحكايات الشعبية في شتى مناطق الوطن العربي ونشرها بشكل موثوق وبأقرب ما يكون من الأصل، لأن إنجاز هذه المهمة يعد خطوة من الخطوات المتأخرة للنهضة العربية.
هذه الرواية هي أبرز أعمال الكاتب العراقي الراحل حسن مطلك الذي أُعدِم شنقاً سنة 1990، وكانت (دابادا) قد أثارت الاهتمام والجدل منذ صدورها لأول مرة عام 1988 وإلى اليوم، لما فيها من فرادة في الحداثة واللغة، وصعب على الكثيرين فهمها، بحيث تم اعتبارها عملاً للنُخبة أو لنخبة النخبة، لذا قدمنا لها، في هذه ال طبعة، بمحاولة تلخيص قام بها الدكتور محسن الرملي، شقيق المؤلف، إضافة إلى حوار مهم وخاص بالرواية مع المؤلف نفسه. «دابادا: هي صَرخَة في الفراغ... تَشهَد نضال الإنسان ضد الموت التدريجي... إنها رَفسَة مُوَجَّهَة قبل حُلول الزَوال، لبعض الناس الذين يَرفَعون إنسانيتهم إلى الأعلى فيَخرُجون عن إطار الجَذب الاجتماعي ويَدخُلون في صفحات الأسطورة. إنها لا تُرَسِّخ اتجاهاً مُعيَّنَاً ولا تُدافِع عن مَدرَسَة أدبية، وإنما تتحَدّى قُدسية التراث الروائي بأكمَله، وذلك، فهي تشبه قصيدة غليظَة مَشحُونَة بِحِس الفَجِيعَة المُضحِك، غائرة في التراث الاجتماعي لسُكان وادي الرافدين حتى عَصر آشور بانيبال، وربما كانت «تَمريناً شاقَّاً لِتَعَلُّم الخطأ» كما يصفها كاتِبها الذي يقول أنه كَتَبها ليحمي نفسه من القُراء». قال عنها جبرا إبراهيم جبرا:«إنها رواية غير عادية، فهي جديدة وكاتبها شاب جريء». وقال الروائي عبدالرحمن الربيعي:«لقد أحببت هذه الرواية العصية، إنها رواية مختلفة، لا يمكن أن تذكرنا بأي عمل روائي آخر ولم تتعكز على إنجاز روائي سابق.. إنها رواية وحيدة ومكتفية بما حملت». وقال القاص محمود جنداري:«إن دابادا هي الكتابة بشروط الحياة». وقال الناقد د.عبدالله إبراهيم:«إنها رواية تستفز القاريء وتتصدى لقضايا كبرى، إن هذه الرواية ستثير إشكالات في مستوى القراءة ومستوى التأويل وستختلف الآراء حولها».
الكتاب يأخذنا في رحلة لليلة واحدة مع دانتي حيث ينزل من الفردوس ليتجول في فلورنسا، يشاهد مشهد النساء المارة. في الليلة الثامنة عشرة، أعطته غريس، وهي طالبة أجنبية شابة، لأول مرة انطباعا بأنها تشعر بوجودها. لذلك كان يتبعها في سلسلة مبهجة من اللقاءات ويخبرها، كما لو كان يسمعها، عن حبه لبياتريس وتجربته السرية كمؤمن للحب. ثم دعاها للذهاب في رحلة حب معا على متن السفينة السحرية التي أرسلها الساحر ميرلين.
على رصيف الشارع المعبد تمددت داخل قشرتي السميكة. بسطت أغصاني الخضراء لألتقط بأطراف حواسي ذرات الشجن التي فاحت في الشارع، خارجة من نوافذ الشقق المجاورة. خفضت بصري لأرى جذعي، هل هو بنّي أم أخضر أم غير ذلك؟ كم دائرة داخله؟ كم دودة تسعى فيه؟ وكم حشرة تلوذ به؟ راحت بشرتي تجف، وأوراقي تفقد رطوبتها. عرفت أني سأفقد أوراقي قريباً من دون أن يأبه أحد لعريي، وأن طفلة ستهرس أوراقي الأرجوانية اليابسة، مستمتعة بخشخشتها في ذهابها الى المدرسة، وقد تختبىء بي من صديقها، الذي قد يبول عند قدمي... لكن ألماً مفاجئاً
غاية فوكنر في هذه الرواية أن يصور من خلالها الجنوب الاميركي وما حصل فيه من تغيير وهو موضوع فوكنر، و"الشرف والإباء" كلمتان تترددان في اكثر كتبه، الشرف والإباء والحب والشجاعة، وقد أحاطت بها قوى الفساد والجريمة والمادية والجشع والخسة
في هذا الكتاب فقد تصدرت ثلاث دراسات رئيسية تناولت فيها الإسهامة النظرية والمنهجية للدكتور علي الوردي. سجل الوردي بجهوده العلمية بداية ظهور علم الاجتماع في العراق مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وساهم مساهمة لا يمكن تجاوزها بشأن التعريف بهذا العلم وتقديمه في العراق. لم يكن قد مضى على ظهور علم الاجتماع كعلم معترف به عالمياً أكثر من عشرين عاماً عندما ظهر علي الوردي في العراق. ساهم تالكوت بارسونز (أمريكي) وبيتريم سوروكن (روسي) بتأسيس أول قسم لعلم الاجتماع في العالم في جامعة هارفارد الأمريكية عام 1924. أثارت كتابات الوردي ودراساته وآرائه ومحاضراته آنذاك نقاشات حامية على مستوى الحياة العامة في العراق وشجعت كثيرين للدخول في مضمار العلم الجديد بدراسته والتخصص فيه.