نظر الناقد الإنكليزي المرموق \"ف.ر.ليفيز\" إلى رواية \"الأوروبيون\" التي نشرت عام 1878 على أنها عمل هام جداً، فقال: \"هذان الأوروبيان، ابنا العمة القادمان في زيارة. موجودان ليكونا النقيض المميز الذي يكشف حقيقة الأسرة الأمريكية. كان الغرض الرئيسي لهنري جيمس هو تقديم دراسة في أخلاق وعادات نيو إنغلند.. . وعلى أي حال، فإن روح التهكم عند جيمس ليست إطلاقاً من النوع القاسي، فهو يى الكثير مما يثير إعجابه في الأخلاق والعادات التي ينتقدها ليدينها... لا يدين جيمس نيو إنغلند وأوروبا كما لا يؤيدهما... هذه الرواية الصغيرة التي كتبها جيمس في بداية سيرته الأدبية تحفة فنية ذات قيمة كبيرة .
قدم آنا غريغوريفنا في مذكراتها فكرة وافية عن دستويفسكي الإنسان، وكيف أنهما عاشا حياة صعبة مليئة بالأحداث والصعوبات ورغم ذلك عاشا حياة مليئة بالمشاعر النبيلة والعميقة. كما تتحدّث عن مشاريع دستويفسكي الروائية وأسفاره خارج روسيا، وتعرض لعلاقته بأدباء عصره ونقاده ومنهم تورغينيف وتولستوي وبيلينسكي وبوشكين، وصولاً إلى اللحظات الأخيرة في حياته.
رواية بوليسية تدور أحداثها في أمريكا اللاتينية تبحث عمن قتل موليرو، الفتى البسيط الذي وجد جثته أحد الرعاة وقد شوهت بشكل مخيف، فما هي الأسباب الحقيقية التي أدت إلى مقتل موليرو، ذلك الفلاح ذي الأصول الهندية .. ربما يكون الشاب قد انتهك حرمة تابو إجتماعي سياسي حتم على أهل البلاد إصدار حكم جعل قتله مباحا ً لا يعاقب عليه مرتكبوه. هذا ما سوف يتابع التحقيق فيه "يوسا" وهو يتحرى الكثير من خصائص المجتمع الريفي في أمريكا اللاتينية.
"ملحمة القرن العشرين" هذه، كما سمّيت، في غاية الصعوبة، ومغاليقها مستغلقى لدرجة اليأس والإحباط وانقطاع النفس مرة بعد مرة. العزاء الوحيد أن القارىء الإنكليزي ليس أكثر خطأ. لتكن هذه الرواية – الأعجوبة، امتحاناً لقدراتك على الصبر والجلد، ومحكاً لقابلية إصغائك الكامل وبكل الجوارح والحواس، إنها مثل مرا قبة نمو نبتة. عملية بطيئة بلا شك، أي أنك لا تستطيع أن تقرأها دفعة واحدة أو بدفعات كبار فتصاب بالتخمة. لا مفر من التعامل مع هذه الرواية، على أنها مركبات أدوية، الإكثار منها يؤدي إلى عطبك. قراءة مقطع، التأمّل فيه، التمعّن في أبعاده، ثم إعادة قراءته مرات ومرات. لا يمكن الإنتقال إلى مقطع آخر من دون التأكد من هضم المقطع الأول وتمثّله، أي أن هذه الرواية تتطلب تغييراً أساسياً في العادات التي تعوّدناها في القراءة سابقاً. لا بد للقارىء الذي وطن نفسه على قراءتها من تخصيص وقت ينقطع فيه إليها انقطاعاً كاملاً، كما لا بد له من الإطلاع على أوديسة هوميروس، بالدرجة الأولى وعلى التوراة والإنجيل، وقصص “DUBLINERS” القصيرة لجيمس جويس نفسه
سبع عشرةَ قصة كردية قصيرة بدأت بالروّاد ولم تخلُ من تجارب الشباب، بهدف إيصال شيءٍ غير قليل من السرد الممتع الممزوج بالمعرفي والسياسي والتاريخي والواقعي واللاواقعي والفتنازي من الأدب الكردي الذي يكاد يكون مجهولاً للقارئ العربي، باستشراف جوانب مبتورة من الحياة الاجتماعية والمشهد الثقافي للشعب الكردي ف ي فترات زمنية مختلفة. يقول هربرت أرنست بيتس (يمكن للقصة القصيرة أنْ تكون أيَّ شيء يقرِّره كاتبها) والقارئ كاتبٌ ثانٍ للقصة، وبهذا تصير عملية قراءة قصة ظاهرة إنتاج ثقافي فكري سيكولوجي، تعمل على ترسيخ انفعالات مختلفة تنتجُ عن نصوصٍ هي الأقصر والأقل تعقيداً، تدفع إلى التفكير واستنتاج أسبابٍ مختلفة: لماذا يبدو الطفل الكردي عنيداً في يوم مثلج؟ لماذا يهتم الغرب بمقهى للعميان في مدينة صغيرة؟ لماذا ينزعج الشرطي من ابتسامة مواطن في ليلة المطر؟
ساعد الأعمال المختارة بترجتها الجديدة من الروسية مباشرة على الاقتراب أكثر من عالم بولغاكوف الغرائبي المشحون بالغموض والتورية والإيمائيات واستخدام أدوات السرد المتنوعة والحبكة الفنية، ليتيح للقارئ تفسير أعماله المثيرة للجدل على عدة مستويات
إنّ رواية «المعلم ومارغريتا» تجسّد الواقع الروسي في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين حين أنجز الكاتب تأليفها وصوّر فيها صراع الشر مع الخير، وانتصار سلطة الموظَّفين الحزبيين والباعة الفاسدين في مؤسسات التجارة والوشاة ورجال «الجولاج القساة»، وأحداثها الواقعية تصوِّر الواقع منذ عام 1928 حينما بدأ الكاتب في تدوين أولى نصوصها والتي أحرقها في عام 1930. ولكنه ندم على ذلك وبدأ بإعادة كتابتها من الذاكرة في الأعوام التالية وكتب لها عناوين مختلفة «جنون فاريبوندا» و«حافر المستشار». وتركزت الفصول الأولى على رواية أحداث اليوم الأخير قبل صلب المسيح حين جرى حواره مع الوالي الروماني بونتي بيلاطس. وقد تعب بولغاكوف كثيراً في مراجعة المصادر الدقيقة عن الحياة في أورشليم – القدس ونفوذ الأحبار اليهود آنذاك. ولكنه كتب مع ذلك في عام 1934 إلى صديقه بافل بوبوف: «تدور في رأسي مارغريتا والقط والطيران...». وعندئذ ظهر المسار الثاني للرواية والمكرّس لعلاقة الكاتب بالسلطة. لكن الغريب في الأمر أن "إحقاق الحق" في الانتقام من الذين أساؤوا إلى الشاعر–«المعلم» يتولّاه الشيطان وزبانيته، وبهذا يستعيد بولغاكوف مقولة غوته في فاوست حول الشيطان الذي قال: «أنا جزء من القوة التي تريد دوماً عمل الشر لكنها تعمل الخير دائماً». وواضح أن بولغاكوف أراد القول إن الشيطان موجود هنا بين ظهرانينا دوماً ويصدر أحكامه كما يشاء.
صحفي ألكسندر كريفيتسكي مراسلٌ حربيٌّ لجريدة "كراسنايا زفيزدا" ("النجم الأحمر"). وهو أول من تحدث في عام 1941 على صفحات جريدته عن مأثرة الـ 28 محارباً من فرقة الجنرال بانفيلوف الذين كانوا يدافعون عن طريق فولوكولامسك العام عند مشارف موسكو. وقد حظي هذا "الأوتشراك" بشهرة، وطبع عدة مرات بطبعات مستقلة. وأل كسندر كريفيتسكي مؤلف كتب شعبية عن أحداث الحرب الوطنية العظمى: "الليل والفجر"، "لن أنسى إلى الأبد" وغيرهما. هناك شيءٌ مشتركٌ في هذه الأعمال التي تؤلف المجموعة، وهو أن مؤلفيها وجدوا أبطالهم من صميم الحياة، وكل ما عاشوه كأنما عاشوه بصورة مشتركة. ولن تجد في أي مكان تأملاً فارغاً. ولكن لم ذاك؟ لأن كلَّ إنسان سوفييتي التقى بفكرة ممارسة صداقة الشعوب السوفييتية لقاء عيان، وكان في استطاعته أن يتحدث عن هذه الظاهرة العظيمة للحياة الاشتراكية بشيء يخصه، وقريب إليه.
لا يمكن الحديث عن مسرح الأديب الروسي إيفان سرجييفيتش تورغينيف دون التعرُّض إلى دراسته الأكاديمية وكتاباته الشعرية والروائية والقصصية. إذ أنهى دراسته الثانوية على أيدي مدرِّسين خصوصيين، والتحق بجامعة موسكو في العام 1833 درس فيها عاماً واحداً بكلية الآداب، ثم انتقل إلى جامعة بطرسبرغ حيث درس اللغات الأ جنبية، وأنهى دراسته الجامعية باكتساب حاسة التذوق الأدبي. سافر إلى برلين في العام 1838 لإتمام معارفه بالتاريخ والفلسفة، وتعرَّف على فلسفة هيغل، وعند عودته إلى موسكو تابع دراسته للحصول على ماجستير بالفلسفة، وكان يداوم على حضور الندوات الأدبية ويكتب الشعر. ورغم حصوله على ماجستير في الفلسفة من جامعة بطرسبرغ إلا أنّه لم يسلك الطريق الأكاديمي، فقد غلبت عليه موهبته الأدبية، فاتجه إلى الكتابة، وتعرَّف على الأدباء الروس مثل بيلنسكي، نيكراسوف، ودوستويفسكي. تولَّع إيفان الصغير بحب الأدب والقراءة وتذوق اللغة الروسية عن طريق بونين العامل في منزل العائلة بالقرية. بالإضافة إلى أنّ مكتبة القرية سباسكي كانت زاخرةً بأمهات كتب الأدب الفرنسي والأوروبي. يتميز مسرح تورغينيف بالتصوير الواقعي للحياة اليومية الروسية، والأخلاق وطباع البشر، والحوار الذي ينبض حياةً، وبقدرة الشخصيات المسرحية في التعبير عن أنفسهم بصدق ووضوح.
تدور احداث هذه الرواية في احدى دول اوروبا الشرقية في الفترة التي تلت هزيمة النازيين في ستالينغراد وانسحابهم امام الجيش السوفييتي الذي عزم على مطاردتهم حتى برلين… ومن الخنادق مباشرة.
رسول السحاب نموذج شعري رائع وبالغ الكمال للشاعر السنسكريتي كاليداسا (القرن الخامس الميلادي)، وتعتبر إحدى روائع الأدب العالمي. قصيدة تتألف من 111 مقطعاً Stanza، وذات موضوع واحد محكم: بسبب تقصير في واجب داخل البلاط لم يوضَّح في القصيدة، أُبعد «ياكشا» سنةً إلى المنفى، في جبال الهند الوسطى، بعيداً عن زو جته الحبيبة المقيمة على جبل «كَيْلاسا» في الهِمالايا. في مطلع القصيدة، يفتح «ياكشا» قلبه، الغارق في ذهوله وتعاسته في أفق ممطر وسماء معتمة قاتمة ملبدة، إلى سحاب محاذ لقمة الجبل. يسأل مجموع الضباب، البرق، الماء، والريح التي في السحاب أن يوصل رسالةَ تعزية إلى حبيبته وهو يأخذ طريقه إلى الشمال. حكاية ساﭬتري الشعرية قصة حب فريدة في الأدب العالمي. وهي بالغة الشهرة بين الهنود حيث يكونون على امتداد شبه القارة. تعرفها النساء خاصة، على مختلف انتسابهن الطبقي؛ وفي ليلة بعينها من السنة تجتمع ملايين من النساء الهندوس لإحياء شعائر تكريم للمرأة التي انتصرت، بفضل حبها، على الموت. ترجمةُ فوزي كريم حاذتْ في العربية هاجسَ اللغة الشعرية للقصيدتين.
لستُ أُخفي رغبتي المقترنة بأملي في أن يكونَ هذا الكتابُ- السيرةُ الذاتيّة نوعاً من مرجعيّةٍ تخدمُ طيفاً واسعاً من القرّاء المُحبّين للأدب والفلسفة، وقبل هذا أولئك الّذين يّحرصون على متابعة نتاجات الكُتّاب ذوي الإشتغالات المعرفيّة الكثيرة و المشتبكة مع بعضها و الّذين يصلحُ وصفهم بِـ (الهايدرا المعرفي ّة) كما وصفتْهم إحدى مقالات هذا الكتاب، و تملأني رغبةٌ جامحةٌ في أن يكون هذا الكتابُ بمثابة مرثيّة وداعٍ جميلةٍ لكاتبٍ سيثْبِتُ مع الأيّام أنّ أعمالهُ- وبخاصّة الفلسفيّة منها- تستحقُّ الإشادة الكاملة و التقدير الواجب و بطريقةٍ تليقُ بكاتب وفيلسوف إنكليزيٍّ متفرّد تمرّدَ على التّقاليد الثّقافيّة الأنكلوسكسونيّة والفرانكوفونيّة السّائدة وَإمتلك رؤيةً بطوليّة لعصرنا ولم يتخاذل أمام الصّعاب وحافظ على روح التفاؤل الشّجاعة تحت أقسى الظّروف حتّى غدا رمزاً يستحقُّ البحث المُعمّق و القراءة الجادّة