القصة الفلسفية "الأرانب والثعابين" آخر قصص الكاتب الروسي الأبخازي الأصل فاضل إسكندر التي انتقد فيها فترة البيريسترويكا في أيام غورباتشوف وأعقبها انهيار الاتحاد السوفيتي.
كتاب " تاركو الاثر.. حوارات مع مبدعين عراقيين" للكاتب والناقد السينمائي علاء المفرجي الذي يؤكد من خلاله على اهمية السيرة الذاتية للمبدع بل وخصبها وانتفاع المثقف المنتج منها، باعتبارها الطريق الضروري والمهم للدخول الى سيرة المبدع ووضع اليد على عدد من خباياه واسرار سيرته وحياته، الكتاب مجموعة حوارات ثقافية ومعرفية مع شعراء ومعماريين وروائيين وفنانين. الكتاب (الذي كتب مقدمته سهيل سامي نادر) يعد دليلا او سجلا معرفيا لقارئه للتواصل ومعرفة عدد من المبدعين العراقيين الذين ساهموا بجدية ابداعهم في توضيح سمات الشخصية العراقية.
أقفل ( زيا ) الباب من دون أن يضع المفاتيح في جيبه وتوجه بخطى مسرعة نحو المصعد الكهربائي . في تلك الأثناء كانت هنالك حالة غريبة تسود ردهة الممشی برغم وجود المصابيح الصفراء المضيئة والتي كانت تضاء بالتناوب معلقة كالعادة في مكانها ذاته في السقف ، إلا أن الجو كان يعد مظلماً بعض الشيء ، تخيم على الأرجاء حالة من الهدوء محيرة . إلا أنها لم تدم طويلا ، إذ بدّدها صوت ارتطام قوي قادم من الطابق السفلي. يفيد أن بابا من تلك الأبواب الفولاذية ذوات اللون البني أغلفت فجأة. لم يعرف من الذي قام بغلق بابه ، ولكن الفعلة انتهت بسرعة وكأنها مزحة لطيفة . حيث إن ( زیا ) اختفى خلالها في ذاك الممر الواسع . بعدها سمع صوت طفل صغير ذي حلق كبير يتردد عبر السلالم من جوف ذلك الظلام الدامس .
في العراق يحتاج الصحفي الـمُجدّ والمثقّف إلى أن يستدخل شيئاً من أخلاق رواقية تنأى عن التراجيديا ولا تتبنى الآمال ولا اليأس بل تثابر بتقليل الألم، وعدم الابتلاء بمرض الإنجاز والدخول بسباقات متهورة. إذا ما كان المرء صحيح القلب والعقل فإنه ما إن ينجو حتى يكون عليه أن ينسى. وبافتراض إنه لا ينسى، والآلام لا تُنسى، وطموحات الشباب المغدورة تظل تلدغه حتى بوصوله لعمر الشيخوخة، فسيكون سجين آلامه وآماله المحبطة إذا لم يقاومها بالفكاهة. أنا وقلة من الأصدقاء الموهوبين استبدلنا أحزان الشفقة على النفس بالقدرة على الاختراعات، وبناء صيدلية تحوّل السم الذي يفور في أمعائنا إلى ترياق.
يتحدث هذا الكتاب عن بعض الرجال والنساء الذين خاطروا بحياتهم، وعن شجاعتهم في مواجهة تحديات مذهلة، وحول طبيعة الصدفة؛ حول الظلم الكبير الذي يتعرض له بعض الأشخاص حين يتمّ جعل المآسي التي واجهتهم من أسرار الدولة؛ حول الأحداث المأساوية، والروايات المتعددة للحقيقة. في كثير من الأحيان، تنبع البطولة من الأف عال التي تتمّ بطريقة غريزية وسط سخونة الحدث، وتسببها ظروف خارجة عن السيطرة. هناك فكرة تقول: «لقد قاتلوا حتى آخر رجل وإلى النفس الأخير »، حيث يفتدي الأفراد حياتهم بأغلى ما يملكون على أمل أن يعيشوا براحة، وعندما تبدو الإبادة أمراً حتميّاً، فلن يكون أمامهم إ التضحية بكل ما يملكون لأجل أن يحصلوا على أدنى فرصة لأن يعيشوا يوماًًً واحداً زيادة. شهد التاريخ أمثلة عدة عن رفض الكثير من الأفراد الاستسلام. في الحرب العالمية الثانية، قرّر اليابانيون الانتحار بسبب إيمانهم الديني بأن حياتهم كانت ملكاً لإمبراطورهم. كان منتشراً بين مقاتليهم ما يعرف بـ «السلوك القتالي الجدير بالثناء »،
في نهاية هذا الطريق الطويل يوجد المستقبل. الغد لا يزال حافلاً بالأحلام مثله مثل الأمس واليوم. العودة إلى ناپولي، مدينتي المحبوبة، إلى ناسي، الذين يُحيوني ببهجة من الشرفات، يجعلونني أشعر أني أشبه بفتاة صغيرة ثانية، يجعلونني سعيدة. إنما إذا كنتُ راضية تماماً، عندئذ سأشعر أن الحياة شكّلت عبئاً عليّ. بد لاً من ذلك، العيش يعني أن نضع نصب أعيننا أهدافاً جديدة نكافح من أجلها يومياً وبلا هوادة
لا ريب في أن شخصية ليف تولستوي من أكثر شخصيات الأدب الروسي غرابة وتناقضاً. فقد جمع هذا الكاتب العبقري في شخصيته عمق الإبداع السردي وجرأة الفيلسوف وفي الوقت نفسه الإيمان الديني الراسخ. وكان منذ عودته من رحلته الأوروبية الشهيرة واعتكافه في ضيعته ياسنايا بوليانا قد غير بشكل جذري نظرته إلى الحياة والموت ورسالة الأديب وكيفية تحقيق العدالة الاجتماعية في روسيا القيصرية التي كانت ترزح تحت نير نظام القنانة (العبودية الإقطاعية) الذي تخلصت منه أوروبا الغربية في أعقاب الثورة الفرنسية الكبرى 1789. وتعتبر رسائله ويومياته خير سجل لتطوره الفكري والإبداعي ولاستكشاف المواد التي استقى منها مواضيع رواياته وقصصه ومسرحياته وكذلك دراساته الفلسفية ولاسيما حول الحياة والموت وملكية الأرض والعدالة الاجتماعية، وحول الفنون والتعليم الشعبي. وقد رأيت من المناسب انتقاء الرسائل التي لها علاقة بهذا الإبداع والدراسات ومنها رسائله إلى الكتّاب تورجينيف وأوستروفسكي وجوركي وأندرييف وستاسوف وتشيرتكوف ورومان رولان والفنانين جي وريبين والموسيقار تشايكوفسكي ورسالتاه إلى القيصر ألكسندر الثالث والقيصر نيقولاي الثاني ورسائله إلى برنارد شو والمهاتما غاندي. لكن لا تتوفر مراسلات له مع بعض معاصريه من الكتّاب المعروفين ومنهم دوستويفسكي وتشيخوف. وركزت على نشاطه الاجتماعي والتربوي في مجال التعليم وافتتاح المدارس الشعبية وعمله في التدريس فيها. إن السمة الرئيسية لأدب تولستوي تقترن بحرصه على إظهار الشخصيات والأحداث بصدق وبالتفصيل. وقد انعكس ذلك في مراسلاته الكثيرة مع مختلف الشخصيات والدوائر الرسمية للحصول على مواد أرشيفية تتعلق بما يكتبه. ويلاحظ ذلك من متابعته للأحداث التاريخية وسير الشخصيات وتفاصيل الحياة اليومية في فترة الحرب الوطنية لعام 1812 حين كتب رواية «الحرب والسلام»، ولحياة السجناء لدى كتابته لرواية «البعث» وذكريات المشاركين في حركة الديسمبريين (في رواية لم يتم تأليفها) وحياة حجي مراد والمحيطين به لدى كتابة رواية «حجي مراد» وغير ذلك. ولهذا كان يبعث الرسائل إلى جميع الأشخاص المعنيين راجياً تزويده بالمعلومات حول تلك الأحداث.
صدر للكاتب زهير الجزائري كتاب بعنوان " يوميات الالم والغضب " يروي فيه حكاية انتفاضة تشرين في ضوء مشاركته ومراقبته ومعايشته لساحات الاحتجاج، وفي الكتاب يشير زهير الجزائري الى العوامل التي ادت الى اندلاع الانتفاضة متسائلا؛ما الذي أشعل الانتفاضة؟ وأجاب، هنالك عدد من العوامل مثلت مقدمات لاندلاع الانتفاضة ، ويرى المؤلف ان مستقبل التظاهرات الاحتجاجية بالعراق سيظل مرتبطًا بمدى تطبيق مقتضيات الدستور والعدالة الاجتماعية في توزيع الثروة والعدالة الانتقالية عـلى وجـه صحيح؛ ووجـود إرادة حقيقيــة مــن الدولــة إزاء مكافحــة الفســاد ، ودعــم اســتقلالية القضــاء وتجــاوز تحكم الفصائل المسلحة وتدخل القانون العشائري .
غراتسيا ديليدّا 1871 - 1936 روائيّة وشاعرة ومؤلّفة مسرحيّة، اشتهرت بخصوبة إنتاجها الأدبي. ذاع صيتها في إيطاليا وفي أنحاء العالم، حتّى إنّها أصبحت في عام 1926 ثاني امرأة في العالم تحصل على جائزة نوبل العالمية للآداب، وذلك تقديراً لأدبها الذي «أبرز بشكل متميز مُثلاً سامية وقدرةً على تصوير واقع الحياة والإنسان بعمق وحرارة ». وقد جاء في سياق خطاب تقديم الجائزة: «نجد في روايات ديليدّا أكثر ممّا نجد في غيرها وحدةً فريدة بين الإنسان والطبيعة. حتّى قد يمكن للمرء أن يقول إنّ البشر في رواياتها هم نوعٌ نباتيّ ينمو في تراب جزيرة سردينيا. كانت غراتسيا ديليدا امرأة قوية مبدعة، لا تخاف الأحكام المسبقة، ومؤلفة لنوع خاص من الكتابة، يضرب جذوره في أعماق معرفتها بتقاليد موطنها جزيرة سردينيا وثقافتها. إن هذا الرباط الوثيق بين الأدب والموطن، الذي تمكّنت على كلٍّ من التحرر منه، يسري عبر إنتاجها على هدى أنموذج مشحون بقوة استثنائية وبقدرة تعبيرية فائقة، كما يحمل بين طياته نغماتها الغنائية وسيرتها الذاتية، ويمثل شخصيات تعكس غالبا الحياة التي كانت تحلم بها. لقد ترجمت ديليدا مشاعر القلق الوجودية التي ميزت القرن التاسع عشر، وتمكّنت من الدخول بكل جدارة في أوليمبوس المشهد الأدبي العالمي. وكان ذلك بفضل أصالة إنتاجها، ونفاسة أعمالها الأدبية، هذا رغم انحدارها من منطقة ريفية من مناطق بلادنا. في رواياتها نستطيع أن نشاهد الأثر الحاسم للمذهب الروائي الواقعي الذي رسم نقطة تحول أساسية في طراز كتابتها، ومكّنها من أن ترسم بيد بارعة شخصيات تعاني من صراعات باطنية عميقة. إن أعمالها تمثل حجر الأساس في بناء تاريخ الأدب، وإن إعادة نشر الكثير من أعمالها اليوم، ليشهد بالاهتمام المتزايد بإنتاجها. وهذا يساهم في نشر ثقافتنا داخل إيطاليا وفي الخارج، ويعمل كذلك على تمثيل أنموذج لا شك في قيمته بالنسبة للأجيال الجديدة.
ليس المقصود بالثقافة الثالثة - كما قد يتبادر إلى ذهن المرء أوّل الأمر - أن تكون تركيباً تخليقياً يجمع الثقافة العلمية مع الأدبية ليخرج منها بخلطة ذات عناصر متوازنة من تينك الثقافتين؛ بل يجادل بروكمان في أطروحته الفكرية بأنّ نموذج المثقف الشكسبيري الذي عُدّ النموذج الأعلى للمثقف الموسوعي حتى خواتيم العصر الفكتوري لم يَعُد صالحاً ليكون النموذج المبتغى في عصر مابعد الثورة التقنية الثالثة التي نشهد مفاعيلها في حياتنا الحاضرة، ولم تعُد الثقافة تمتلك دلالاتها المرجعية بمقدار التمرّس في الدراسات الإغريقية واللاتينية والتواريخ الكبيرة، وكذلك لم تعد الثقافة دلالة على الإنعطافات الثقافية المبتكرة حتى لو تلبّست بمسوح الثورية المتطرفة التي شهدنا آثارها في حركات الحداثة ومابعد الحداثة إلى جانب الحركات الفرعية التي تفرّعت منها أو إعتاشت على نسغها مثل: البنيوية واللسانيات والسيميوطيقا وتحليل الخطاب،،، إلخ من مفردات السلسلة الطويلة؛ بل صار العلم وعناصره المؤثرة في تشكيل الحياة البشرية وغير البشرية هو العنصر الحاسم في الثقافة الإنسانية بعد أن غادر العلم مملكة الأفكار والرؤى الفردية والآيديولوجيات وصار قوة مرئية على الأرض بفعل مُصنّعاته التي لامست أدقّ تفاصيل الحياة البشرية
بعد أن نالت ليدي سالفير جائزة غونكور عن روايتها (لا تبكي) عام 2014 طافت شهرتها، بوصفها جوهرة صغيرة تستحق القراءة. تتحدث الرواية هذه عن الحرب الإسبانية وعن نفي أبويها إلى فرنسا. وقد لعبت حالة المنفى في البدء في حياتها ثم في هذه الرواية دوراً أساسياً. إلى جانب ذلك، فإن إعادة بناء حياة أمها، قد فكك رم وز الذكريات، وقد يكون إحياء هذه الرموز وبناؤها بأسلوب أدبي أمراً صعباً، وعليه تراجعت الكاتبة بخطوة إلى الوراء لتروي عن منفى الأم وتجربة التحرر الإسبانية. ربما لهذا السبب كان عنوان روايتها «لا تبكي»، ثم إن العبارة المقتبسة من دون كيشوت لميغيل سرفانتس، في صدر الرواية توضح فكرة الكتاب «ما خطبك، أيها المخلوق الجبان؟ ما الذي يبكيك، يا رقيق القلب؟ » لأنها كانت تريد التعبير عن حالتها الذهنية في وقت تصور الرواية، متجنبة السرد المؤلم والمثير للبكاء عن المنفى
إنّ رواية «المعلم ومارغريتا» تجسّد الواقع الروسي في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين حين أنجز الكاتب تأليفها وصوّر فيها صراع الشر مع الخير، وانتصار سلطة الموظَّفين الحزبيين والباعة الفاسدين في مؤسسات التجارة والوشاة ورجال «الجولاج القساة»، وأحداثها الواقعية تصوِّر الواقع منذ عام 1928 حينما بدأ الكاتب في تدوين أولى نصوصها والتي أحرقها في عام 1930. ولكنه ندم على ذلك وبدأ بإعادة كتابتها من الذاكرة في الأعوام التالية وكتب لها عناوين مختلفة «جنون فاريبوندا» و«حافر المستشار». وتركزت الفصول الأولى على رواية أحداث اليوم الأخير قبل صلب المسيح حين جرى حواره مع الوالي الروماني بونتي بيلاطس. وقد تعب بولغاكوف كثيراً في مراجعة المصادر الدقيقة عن الحياة في أورشليم – القدس ونفوذ الأحبار اليهود آنذاك. ولكنه كتب مع ذلك في عام 1934 إلى صديقه بافل بوبوف: «تدور في رأسي مارغريتا والقط والطيران...». وعندئذ ظهر المسار الثاني للرواية والمكرّس لعلاقة الكاتب بالسلطة. لكن الغريب في الأمر أن "إحقاق الحق" في الانتقام من الذين أساؤوا إلى الشاعر–«المعلم» يتولّاه الشيطان وزبانيته، وبهذا يستعيد بولغاكوف مقولة غوته في فاوست حول الشيطان الذي قال: «أنا جزء من القوة التي تريد دوماً عمل الشر لكنها تعمل الخير دائماً». وواضح أن بولغاكوف أراد القول إن الشيطان موجود هنا بين ظهرانينا دوماً ويصدر أحكامه كما يشاء.