وفي لحظة يحدثُ الشيءُ. يحدث صدفة: كأن تتحاشى طرأ في الكتابِ الذي كنت تقرأه أملاً بالتوافق. فتأخذ ركناً بحجة أن تتأملَ، أو حاجةٍ أن تُعيد انسجام المغنين والعازفبن بداخل أوركسترا كيانك.. وإذ بكَ، لا عن إرادة تقاومُ لحناً نشازاً بدا على آلةٍ، لم تكن في الحساب. تقاومه، أوّل الأمر، عن رغبة في العتاب، ولكنه يتفشى بلون الوشاية بين صفوف المغنين والعازفين...! وإذ بك تدخلُ لا عن يقين، خيوط الشرك وتهلك، فيمن هلك!
نشر الشاعر العراقي الراحل مظفر النواب الذى وافته المنية أمس بأحد مستشفيات الإمارات قصيدة "الريل وحمد" في ديوان يحمل الاسم نفسه فوجد النقاد أنفسهم أمام نوع من الأدب الجديد المكتوب بالعامية، لكنه مختلف عن القصيدة العامية التقليدية أو الكلاسيكية حيث امتازت بلغة آسرة ومفردات جديدة، بل إن بعضها يستخدم لأول مرة، بعيدة عن الوصف المباشر، وهو ما استشهد به الشاعر سعدي يوسف لدى تقديمه الشاعر الراحل مظفر النواب في ندوة بديوان الكوفة جاليري في لندن أواسط التسعينيات، خصوصا قصيدته للريل وحمد. وهنا المفارقة التي يذكرها الناقد والكاتب الدكتور حسين سرمك حسن في كتابه "الثورة النوابية" الصادر عن دار الينابيع في دمشق عام 2010 حيث يعتبر أن النواب كان "رائد الثورة العامية الحديثة في الشعر الشعبي".
( ليل ابي العلاء ) الصادرعن دار المدى 2007 ، وهو مجرد انموذج مستل ، لا على التعيين ، من جملة عنوانات ، كلها على هذه الشاكلة الآسرة ؛ فهو مصر ، حتى في عنوانات قصائده ، على مد شجرة نصه الحديث بنسغ من روح الجملة العربية الكلاسيكية ، في بهائها الطالع ... ثمرا يانعا ، امتلأت به سلال كلُّ من قرأه . كل عنوان ، في قصائد المجموعة ، هو تمهيد لمطلع شعري يفضي بذاكرة القاريء الى مطالع شعرناالعربي الكلاسيكي ، ففي قصيدة ( قلعة النسيان ) نقرأ هذا المطلع ، الموحي بخيبة الشاعر ، العائد ، من بلاد زارها بعد طول اغتراب وحنين ، الى قلعة نسيانه في لندن : العائدون رأوا مرابعهم مراقد . كنت بينهم اسيرَ الشوقِ ثم عدَلتُ ، عدت لقلعة النسيانْ .
هذه هي أول انطولوجيا شاملة بالعربية عن الشعر الكولومبي حيث تعطي هذه المختارات صورة وافية عن الشعر في كولومبيا، باعتباره أحد أهم أبرز الفنون التي تنتجها هذه الثقافة كما ونوعا، فثمة العديد من الأجيال والتيارات والأسماء الشعرية التي ظهرت فيها على امتداد قرن كامل ومن بينها أسماء بارزة تنحدر من أصول عربي ة. يبدأ الكتاب بمقدمة تعريفية عن مسيرة ومراحل الأدب الكولومبي عموما والشعر بشكل خاص كونه يمثل انعكاسا لصورة مسيرة ثقافة وأمة بكاملها، فيعطي لمحات عن هذا الشعر بما تضمنه من أجيال وجماعات ابتداء من مرحلة التأسيس وصولا الى الوقت الحاضر. يضم الكتاب أكثر من مائة قصيدة من أعمال 35 شاعرا تم اختيارهم بعناية وتقديم نبذة تعريفية موجزة عن كل واحد منهم، أعدها وترجمها الكاتب والمترجم والأكاديمي العراقي د. محسن الرملي، وهو متخصص باللغة والآداب الاسبانية وتربطه علاقات مباشرة وشخصية بالوسط الشعري الكولومبي كما أنه أحد أعضاء هيئة تحرير مجلة (آركيترابه) الشعرية الكولومبية المعروفة.
مثل البحارة غابوا في الموج وراء الضوء النائي أنا أمضي حياتي انتظر الوجه اللمع، الرؤيا. من أين أتت هذي القَمَريةً تمشي بين خرائبنا؟ انبثقت من غيم حياتي أم من صخب الشارع أو من بين بيوتِ خرباتِ خلّفها الاعصار؟ لكن الشارع أعرفه والناس عليه أعرفهم - خلّ الأفكار ينبثق الشعر من الحزنِ والوردةً من بين صخور وحجاز. . سيدتي أنهكنا خزياً ومتاعب وجنون الموت يواصل في الارض حرائقه لم يسلم " قفر، لم تسلم غابات لم يسلم حجر. . .، نوشك نحن ؟. .. المحنة اكبر منا نحن نعيش بمدائن تاكل لحماً نيئاً ويرتَلُ فيها العميان تراتيل. .. من قصيدة الوهم والمعجزة
قال لي الحسن البصري: تعال أقم في بيتي, هنا في هذي البلدة بين النخل والبحر تعلم الزهد وانتظر الرؤيا. ولا تفزع إذا اختطفتك واحدة من حسان الجن وغيبتك في مدائنهم. فسيعود بك الباز وقد صرت كل جمال غاب.