تأفف العم عبد الواحد ، ومدّ يده وتناول علبة السيجائر من على الأرض ، وأشعل سيجارة ، وملأ صدره بدخانها الجاف ، تنحنح ونظف صدره ، وأحس بأنه ينفث مع الدخان هماً ملبدا في صدره ، وسُمّاً كان يسري في روحه ، حتى أحسّ براحة خاطفة ، عندما خفف الثقل الذي يجثم عليه ، وغاب عن الدنيا وهمومها في لحظة من السهوم وال نسيان ، فتصور أن حسيبة ما تزال في البيت لم تغادره ، وأن ذلك مجرد وهم ، وسوء ظن ، كما امتلأ قلبه منها في الأسابيع القليلة الماضية من رعونة وعدم اكتراث وتجاهل للمصيبة التي هي فيها . . . أو ربما خرجت حقاً ، وقد عادت الآن ، ووقعت على رأس عمتها لثماً وتقبيلاً ، مبللة إياه بدموع الندم والحسرة ، قائلة : " عمة ! كنت متضايقة فخرجت أشم الهواء وتهت في الدروب . بغداد القديمة تهدمت ، ولم يبق منها غير خرائب ، وبغداد الجديدة شوارع يتيه فيها الناس ، وداخ رأسي ، وشعرت وكأنني في ولاية أخرى " . وللحظة يصدق عبد الواحد بهذا الهاجس ، ويعطيها العذر . صحيح ! يقول لنفسه . بغداد العتيقة صارت منخلاً ، خرائب بابل . وأنا ، في هذا العمر أحس أحياناً بأن رأسي يدور مثل البروانة ! ! ويتخذ تفكير عبد الواحد مساراً آخر ، لعلها حنت إلى بيتها القديم حقاً . كم مرة حنّ هو الآخر إلى بيته القديم ، البيت الذي تربى فيه ، وتزوج ، وأنجب ، وزرع سني عمره في أرضه المتربة . رغم إنه يقضي سحابة نهاره في حي لا يختلف شخطة واحدة عن حبه السابق
في هذه القراءة العظيمة عن الهاجس الخارج عن السيطرة ، تهبنا السيدة بارتليت لمحة رائعة عن عالم الكتب النادرة والعقل الإجرامي وحدود التدخل الصحفي . أي شخص يرغب بزيارة مكتية عتيقة ويعجز عن ذلك ، سيحب . هذا الكتاب ". لين هـ نیکولاس، مؤلفة كتاب اغتصاب أوروبا " فاجأني الكتاب ، قرأت الفقرة الأولى وغاصت بي الرواية في أعماقها ، سحرني أسلوب المؤلفة المريح والهادئ الذي يستحضر أعمال دافا سوبيل وجانيت مالكوم. وجدت السرد مقنعاً، وأحببت الحكايات عن الكتب القديمة "
منذ أن صفّقت (نورا) الباب وراءها منطلقة إلى الحياة الواسعة خارج أسوار (منزل الدمية) في مسرحية الكاتب (ابسن) – وعدد لا يحصى ولن يحصى من الأبواب تصفِّقها الحريم وراءهن يومياً في عملية إزدهار مثابر لا رجعة فيه.
«ما يمتازُ به فوليت هو قُدرتُه على سردِ الحكاياتِ ففي حبكاته المتداخلة مُتعةٌ كافيةٌ لأسرِ القارئ لواحدٍ وتسعين فصلاً... لن تكون قادراً على وضعِ الكتابِ من يدكَ». الإندبندنت «هذا كتابٌ ضخمٌ بامتيازٍ، وهو شاملٌ ومُفصّلٌ في آنٍ معاً. بين دفتيه حكايةٌ عظيمةٌ تفيضُ بشخصياتٍ آسرةٍ جداً وتستَحْضِرُ بكلِّ براعةٍ حِقبةَ وباءِ الطاعون الأسود الفتّاكِ وولادةَ الطبّ الحديثِ». مجلة تشويس كين فوليت روائي بريطاني يجنح إلى التاريخ في رواياته.وكتبه من أكثر الكتب مبيعاً حول العالم حيث باع أكثر من "160" مليون نسخة. ُعدُّ ثلاثيةُ كينغزبريدج: أعمدة الأرض- عالمٌ بلا نهايةٍ- عمودُ نارٍ (صدرت ترجمتها العربية عن دار المدى)، من أكثرِ الكتبِ مبيعاً على مستوى العالم منذُ نشرِ أول جزء منها عام 1989. من رواياته المشهورة: الظلام والفجر، عالم بلا نهاية، مفتاح ريبيكا . ولد فوليت في كارديف، إنكلترا عام 1949 حصل على إجازة الفلسفة من جامعة كوليج في لندن، ثم أتبعها بشهادة جامعية في الصحافة، فتحت الطريق أمامه ليعمل محرر تحقيقات، أكسبته خبرة في نشر أول رواية له عام 1974 بعنوان" الإبرة الكبيرة " . عام 1978 ينشر روايته بعنوان "خُرم الإبرة" التي رفعتهُ إلى مصاف كبار الروائيين البريطانيين. واكتسحت أرقام المبيعات منذ تصدرها واجهات المكتبات البريطانية، لأنها عادت بالذاكرة إلى التفاصيل الدقيقة للسنة الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. عام 1989 نشر روايته " أعمدة الأرض" التي شكل صدورها حدثاً أدبياً كبيراً و"أعمدة الأرض" الجزء الأول من ثلاثية كينغزبريدج. سحرت ثلاثية كين فوليت " الملايين من القراء بدراما الحرب والعاطفة والصراع الأسري التي تدور أحداثها في بريطانيا في العصور الوسطى حيث يتصارع رجال ونساء وأطفال المدينة مرة أخرى مع الاجتياح المدمر للتغيير التاريخي. يتحدث عن ثلاثيته قائلا :" قراءة الروايات هي وسيلة لتوسيع أذهاننا، والدخول في مشاعر الناس المختلفين ..إنَّها أهم من دراسة التاريخ ، لكنني أعتقد أنَّ القارئ عندما يقرأ في روايتي عن هذهِ الفترة سيكتشف بأن خرق القانون من قبل الأقوياءِ يمثل مشكلة كبيرة ، إذ لم يكن الملك في ذلك الوقت قوياً بما يكفي لدعم القانون ، وكان الحكام يفعلون مايريدون ..اليوم ، نرى قادة يخالفون القانون وحكومات تحد من سلطة القضاء ".
لا يعمل المؤلف، وهو يصف الأحداث الحقيقية، في فراغ. إن نقده للأحداث التي تتسبب في (أو أحياناً تمنع) حدوث نتائج مثيرة، يعتمد على أعمال من سبقوه، ابتداءً من الكتبة اللاتينيين القدماء إلى المراسلين الصحفيين في وقتنا الحاضر، على الرغم من تعرضهم إلى محاولات التقليل من شأنهم أو قمعهم في كثير من الأحيان. وم ع ذلك، فقد تم سرد كل شيء جرى بعد الحدث! يمكن مقارنة التأثير التاريخي الذي أحدثته بعض الأحداث، على الرغم من أنها كانت صغيرة نسبياً، بتأثير المعارك الضخمة التي لا تزال تختزنها الذاكرة الحديثة. وعلى سبيل المثال، في حين أن معركة غابة تويتوبورغ، الحاسمة بين الألمان والرومان التي جرت وقائعها في سنة 9 م شهدت مواجهة بين حوالي أربعين ألف محارب قاتل بعضهم البعض الآخر، لكن معركة موسكو في عام 1941، شهدت تدمير أربعين ألف مدفع، وموت الملايين من الجنود. ومع ذلك، وسواء كانت تلك الأحداث كبيرة أم صغيرة، فإن كل واحد منها شكل منعطفاً تاريخياً. لقد طلبت النصيحة من المؤرخين البارزين في الوقت الحاضر لتوجيهي في خياري. واعتمدت على أعمال أخرى، مثل أعمال المؤرخ الروماني تاسيتس، فهي محفوظة جيداً ويمكن العثور عليها في المكتبات الرئيسية.
عبده بشور هو "اللبناني الطائر" المغامر حول العالم، يحلم بالسفن والحب والبحر والسماء والمدن، والنساء، في النصف الآخر من الكرة الأرضية. وإذا لم يكن عبده بشور شخصيو واقعية، فإنه حتماً يشبه مهاجراً لبنانياً لا نعرفه. الفارو موتيس، صديق ماركيز، يعرف جيداً كيف يرسم اللبناني الطائر، بجاذبية واضحة، ونكهة خاصة.
موضوعات وأطروحات شتى يعالجها هذا الكتاب في سياق السعي إلى تعميق الرؤية البصرية وإثرائها في الثقافة العربية المتعطشة إلى المزيد من الأنساق النظرية الضرورية لدعم الحركة التشكيلية التي بلغ تراكم نماذجها المائزة حداً متقدماً قصر عنه الدرس النظري الموازي أو المضافر الداعم في سبيل جعل التواصل مع الفن التشكيلي تقليداً راسخاً في المشهد الثقافي الراهن. حركة الصورة من المجاز إلى توضّعها المادي، ومن الانتفاع بها في سياق جعل استعراف الشيء بصرياً مقدمة لامتلاكه. والجدل بشأن الحاجة إلى الصور ومتعة تأملها، ومحاولات شحن اللوحة بالمزيد من الحمولة الاجتماعية.. وإشكالية العلاقة بين اللوحة بوصفها جزءاً من العالم المرئي والآليات التخييلية التي تنتج حالة مزدوجة من اتجادل والتواصل العميق بين العالمين المرئي وغير المرئي. وخصوصية الضوء في الثقافة العربية، عتبات يامل الكتاب أن تمكن القارئ من تجاوزها باتجاه تلك \"الرؤية المضاعفة\" الرتجى وضعها في حيز الإنجاز.
في كل جديد يقدمه "سليم بركات" طفرة إنسياقية وراء اشتغال حداثي، ينزع إلى الغرائبية، وينهض على أساس تنويع متجدد في الآليات الصياغية القادرة على بث متعة التلقي لدى القارئ "عجرقة المتجانس" قصيدة ملحمية، يلجأ فيها الشاعر إلى اللغة اليومية، وغلى نسق من العفوية والكشف في آن معاُ بكل ما تحمله اللغة الشعرية من البناء والنظم التي تميزت بها شعرية سليم بركات